تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس السابع والستون حديث 486 -488 الجزء الثاني

تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس السابع والستون حديث 486 -488 الجزء الثاني

مشاهدات: 409

تعليقات على سنن أبي داود ـ الدرس السابع والستون

حديث 486 -488 الجزء الثاني

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

( باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد )

حديث رقم – 486-

( صحيح ) حدثنا حدثنا عيسى بن حماد ثنا الليث عن سعيد المقبري عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك يقول : دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال أيكم محمد ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم فقلنا له هذا الأبيض المتكئ فقال له الرجل يا بن عبد المطلب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قد أجبتك فقال له الرجل يا محمد إني سائلك وساق الحديث )

( حسن ) نحدثنا محمد بن عمرو ثنا سلمة حدثني محمد بن إسحاق حدثني سلمة بن كهيل ومحمد بن الوليد بن نويفع عن كريب عن بن عباس قال : بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عليه فأناخ بعيره على باب المسجد ثم عقله ثم دخل المسجد فذكر نحوه قال فقال أيكم بن عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا بن عبد المطلب قال يا بن عبد المطلب . وساق الحديث .

 

( من الفوائد )

” أن معرفة روايات الحديث تجعل طالب العلم على دراية كاملة بأحكامه وبفوائده “

فإنه ما أبهم في الرواية الأولى من دخول هذا الرجل وُضِّح أن اسمه ” ضمان بن ثعلبة “

ووضح أن سبب مجيئه أن قومه بعثوه ليسأل النبي صلى الله عليه وسلم .

وأن ما ذكر في الرواية الأولى من  أنه أناخ الجمل في المسجد مبين في هذه الرواية أنه:

( أناخه عند باب المسجد )

مما يدل على أن القرب من الشيء كأنك داخل ضمن هذا الشيء فجعل قرب هذا الرجل لجمله عند باب المسجد كأنه داخل في المسجد .

ولذلك قال عز وجل :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ }التوبة28

فهو نهي عن دخول المشرك للحرم ، لأن من دخل الحرم أوشك أن يدخل في المسجد .

قال عز وجل  :

{وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى }الإسراء32

من نظرة أو قبلة أو نحوها ، لأن من فعل هذا أوشك أن يقع في الزنا الأكبر .

( ومن الفوائد )

أنه نادى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ” يا محمد “

وهذا لا يجوز في حق الصحابة رضي الله عنهم ، بل عليهم أن يقولوا ” يا سول الله ” أو ” يا نبي الله “

قال تعالى :

{لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً }النور63

هذه الآية لها معنيان وكلاهما صحيح .

المعنى الأول :  لا تجعلوا دعاءكم للنبي صلى الله عليه وسلم كدعاء بعضهم لبعض في المناداة ، كما تقول ” يا زيد – يا خالد ” لا إشكال في هذا ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لا ، فلا تقل ” يا محمد “

المعنى الثاني : لا تجعلوا استجابة النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعاكم كاستجابة بعضكم لبعض ، فله أن يجيب من دعاه وله ألا يجيب ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لا ، فمن حين ما يدعو  يستجاب له ولو كنت على أي حال ، ولهذا أُبي رضي الله عنه لما كان يصلي ، فناداه النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يجبه ، فلما فرغ من الصلاة ، قال يا رسول الله كنت أصلي ، فقال عليه السلام والسلام ألم تسمع قول الله تعالى :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ }الأنفال24 ؟

فهذا الرجل نادى النبي صلى الله عليه وسلم باسمه لأنه كان حينها كافرا .

( ومن الفوائد )

أن من صفاته صلى الله عليه وسلم في وجهه أنه ” أبيض “

وليس بياضا أمهق ، فليس بياضا مبالغا فيه ، وإنما مشرب بحمرة ، وما جاء في الصحيحين :

( كان صلى الله عليه وسلم أسمر اللون )

لا تعارض بين كونه أبيض وبين كونه أسمر اللون ، لم ؟

لأن بياضه ليس بياضا زائدا عن الحد ، وإنما مشرب بحمرة ، وهذا يدل على أن الأسمر يطلق عليه عند أهل اللغة ” على الأبيض المشرب بحمرة “.

ولذلك في ضمن ما قالوه عن آدم عليه السلام ، بعضهم قال ( إنه أبيض ) ولكن الأدمة سمرة ، قالوا لأن الأسمر يطلق في اللغة ويراد منه الأبيض ليس بناصح البياض .

حديث رقم – 488-

( ضعيف ) حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري ثنا رجل من مزينة ونحن عند سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال : اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه فقالوا يا أبا القاسم في رجل وامرأة زنيا منهم )

هذا الحديث ضعيف ، وإيراده هنا من قِبل أبي داود رحمه الله من باب أن يبين حكم دخول المشرك للمسجد ، وقد مرت معنا هذه المسألة في الدرس الماضي وخلاف أهل العلم فيها .

ولعل ذكر اليهود من باب أن المشركين يتساوون في هذا الحكم – لو صح هذا الحديث – خلاف لمن فرَّق ، وقد مر معنا قول من فرق بين اليهود وبين غيرهم ، فلا فرق بين المشركين سواء من أهل الكتاب أو من غيرهم .

فهذا الحديث ضعيف والضعيف لا تقوم به حجة .