شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 38 ) حديث ( 41 ) (أتي بثلثي مد فجعل يدلك ذراعيه)

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 38 ) حديث ( 41 ) (أتي بثلثي مد فجعل يدلك ذراعيه)

مشاهدات: 1406

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ـ الدرس 38 حديث 41

( باب الوضوء )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

( أما بعد )

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه  أن  النبي صلى الله عليه وسلم :

(  أتي بثلثي مدٍّ ، فجعل يدلك ذراعيه)  

أخرجه : أحمد ، وصححه ابن خزيمة .

( من الفوائد )

بيان فضل التقليل من الماء في الوضوء ، وقد مر معنا ذكر ذلك في دروس شتَّى ، وقد تنوَّع مقدار الماء الذي استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم ، هنا ذكر  ” ثلثا مدٍّ ” وذكر في الصحيحين ( مدّ )

و ( الغسل ) : جاءت أحاديث بأنه :

( صاع ) وأنه يصل إلى ( خمسة أمداد )

وأنه يصل إلى ( ثلاثة أصواع ، من إناء يقال له ” الفَرَق ” )

فما هو ضابط هذا الماء ؟

ضابط هذا الماء كما قال العلماء : رحمهم الله ، ضابطه / ألا يكثر بحيث يصل إلى الإسراف ، ولا يقلل بحيث لا يأتي بالإسباغ الواجب .

فهذان طرفا هذا الضابط في القلة وفي الكثرة .

وما ذُكر هنا ( ثلثا مد ) يعني ليس مدًّا كاملا ، وإنما الثلثان ، يعني أقل من المد .

والمد : يعدُّ ربعا مما يساوي صاعه عليه الصلاة والسلام ، فالصاع أربعة أمداد.

ومقدار المد : هو ما يملأ الكفين الممدودتين من متوسط الخِلْقة ، هذا هو مقدار المد .

وأما ضابطه بالوزن الحالي : فهو يختلف باختلاف تقدير العلماء لصاع النبي صلى الله عليه وسلم .

منهم من قال إنه : كيلوان وأربعون جراما

ومنهم من قال إنه : ثلاثة كيلوات .

ومنهم من قال إنه : كيلوان ونصف الكيلو

فيمكن أن يقال تقريبا : إنه يصل إلى ستمائة جرام ويزيد عليه شيئا قليلا .

وقد قال الصنعاني رحمه الله في سبل السلام : ” هذا أقل من الماء الذي توضأ به النبي صلى الله عليه وسلم ، وما ورد أنه ( توضأ بثلث مد  ) فلا أصل له .

( ومن الفوائد )

بيان فضل الصحابة رضي الله عنهم ، إذ نقلوا لنا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا قدح في هؤلاء رضي الله عنهم ، كما تزعم بذلك الرافضة ، فإنه يقدح في الشرع ، فإن هؤلاء إذا كانوا غير مرضيين وغير مأمونين فكيف يقبل منهم الشرع ؟!

وإن سلمنا بعدم قبول الأحاديث كيف تقبل آيات القرآن التي نقلوها ، لأن هذا القرآن نقل بالتواتر منهم رضي الله عنهم إلى من بعدهم ثم إلى من بعدهم حتى وصل إلى هذا الزمن ، وهكذا دواليك ، فإذا قدح في الصحابة رضي الله عنهم وفيما نقلوه ، ومما نقلوه الكتاب والسنة ، فيكون في ذلك قدح في الشرع ، بل قدحٌ في الله عز وجل ، لم ؟

لأنه لم يختر عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم صحابة مأمونين ، بل قدح في النبي صلى الله عليه وسلم ،لأنه لم يحسن الاختيار لمن يصحبه ، وكل هذا من ضلالات هؤلاء الروافض أزالهم الله عز وجل .

( ومن الفوائد )

أن النبي صلى الله عليه وسلم دلك ذراعيه .

والذراع : يبدأ من المرفق إلى الرُّسغ”

فكان يدلكهما عليه الصلاة والسلام ، وهل هذا الدلك واجب أم سنة ؟

خلاف بين أهل العلم : المالكية يرون أنه واجب ولابد منه في الوضوء ، استدلالا بهذا الحديث .

والصواب / ما قاله الجمهور من أنه ” سنة” لم ؟

لأن هذا الفعل من النبي صلى الله عليه وسلم فعل مجرد لا يدل على الوجوب ، ولو سلمنا بهذا الحديث ، فإن الأحاديث الأخرى أتت بالغسل ، وأتت بسيلان الماء ، ولا يلزم من السيلان والإفاضة الدلك .

فالصواب / أن الدلك سنة في الغسل وفي الوضوء .

اللهم إلا في حالة واحدة : إذا تيقنا أن الماء لم يصل إلى البشرة ، هنا يكون الدلك واجبا ، لا لذات الدلك – لا – وإنما لعدم وصول الماء إلى البشرة .

ولماذا  الدلك السنة ؟

لأن الماء بطبعه سيَّال فيصل إلى البشرة فلا يحتاج إلى الدلك ، لكن الدلك لا شك أنه أفضل وأحسن .

سؤال:..كيف نعالج  الموسوسين…؟

الجواب / أمثال هؤلاء يعالجون ، ومعالجة هؤلاء يكون بمخالفة ما يريدون فعله ، أي موسوس إذا أردت أن تعالجه فانصحه بمخالفة ما يريد ، إذا أتاه الشيطان وقال إنك لم تغسل هذا العضو ، فهو في مثل هذه الحال يريد أن يغسله ، نقول له خالفه ولا تغسله ، إذا خرج منك شيء فلا تعد ، وهذه هي المراغمة ، ولذلك لها أدلة من بينها قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين : ( ليستعذ بالله ولينته )

وقال ابن القيم رحمه الله ” إن أعظم الأعمال عند الله عز وجل أن يُراغم الشيطان ” قال تعالى :

{وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً }النساء100.

ولذلك السجدتان اللتان للسهو ترغيما للشيطان ، وسميت في بعض الروايات بـ ( المرغمتين )

لأنهما ترغمان الشيطان ، فالشيطان لما أراد أن يدخل عليه في صلاته يريد أن يوسوس له ويفسد عليه صلاته ، هنا أتت عليه السجدتان  مراغمة للشيطان .