شرح كتاب ( بلوغ المرام ) ـ الدرس 65 حديث 74
( باب نواقض الوضوء )
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :
( أما بعد )
فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
عن عائشة رضي الله عنها أن سول الله صلى الله عليه وسلم قال :
” من أصابه قيء أو رعاف ، أو قلْس ، أو مذي فلينصرف فليتوضأ ، ثم ليبن على صلاته ، وهو في ذلك لا يتكلم “
أخرجه : ابن ماجه ، وضعفه أحمد وغيره .
(من الفوائد )
هذا الحديث استدل به الحنفية على أن من خرج منه شيء من هذه الأشياء:
” الرعاف ” الذي هو الدم .
و ” القلْس ” ويصح ” القَلَس ” وهو أقل من القيء ، واشترطوا أن يكون ملء فم الإنسان ، وأما ما زاد على ذلك فيعتبر قيئا .
و ” المذي ” مر معنا .
فالحنفية استدلوا بهذا الحديث على أن من خرج منه شيء من هذه الأشياء وكان في الركعة الأولى – مثلا – يقولون ليذهب فليتوضأ ،ولكن دون أن يتكلم ، ودون أن يأكل أو يشرب ، ثم ليعد فليبن على صلاته ، فلو صلى ركعة فإن ركعته تكون صحيحة ، ويكمل الصلاة .
ولكن جمهور العلماء / يرون أن هذا الحديث ضعيف ، ومعارض للأحاديث الأخرى ، كقوله عليه الصلاة والسلام عند أبي داود :
( إذا فسا أحدكم في صلاته فلينصرف وليعد الصلاة )
فيكون هذا الحديث ضعيفا ولا يكون دليلا للحنيفة على ما ذهبوا إليه .
لكن هل هذه الأشياء المذكورة ناقضة للوضوء أم لا ؟
” الرعاف ” وهو ما يخرج من الأنف .
” القيء ” وهو ما يخرج من المعدة .
” القلس ” وهو ما يخرج من المعدة بمقدار ما يملأ الفم .
” المذي ” معروف .
هل هذه نواقض للوضوء ؟
” المذي ” مر معنا ، انه ناقض للوضوء .
ومر معنا ” أن الخارج من السبيلين ” ناقض للوضوء ، بقطع النظر عن هذا الخارج ، سواء كان دما أو صديدا أو بولا أو غائطا .
لكن لو خرج غير البول وغير الغائط وغير الريح من بدن الإنسان ، كما لو أن الإنسان جُرح وصب منه دم ، أو نزل من أنفه دم ، أو تقيأ أو احتجم وكان على وضوء ، هل ينتقض وضوؤه ؟
رواية في مذهب الإمام أحمد تقول : إنه إن كان كثيرا ينقض الوضوء ، وإن كان قليلا فلا ينقض الوضوء .
ولكن القول الراجح / أنه ليس بنواقض للوضوء كثر أم قلَّ ، لم ؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أصحابه يصابون في المعارك وتتصبب منهم الدماء ، ومع ذلك ما كانوا يتوضئون ، قال الحسن رحمه الله كما عند البخاري :
( ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم )
أما ما جاء عند الترمذي / أن النبي صلى الله عليه وسلم:
( قاء فتوضأ )
فهذا مختلف في ثبوته ، وعلى اعتبار أنه ثابت – كما رأى ذلك بعض أهل العلم – فإن هذا مجرد فعل ” ومجرد الفعل لا يدل على الوجوب “
ولذا لو أن الإنسان احتجم فنزل منه دم أو تقيأ، نقول :الأفضل أن تتوضأ ، لكن أيلزمك ذلك ؟ الجواب / لا .
ولذا لو كان الإنسان في صلاته ، فنزف منه دم ، وهذا الدم ليس بكثير يؤثر على بدنه فاستمر في صلاته فصلاته صحيحة .
وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند أبي داود :
( إذا أحدث أحدكم في صلاته فليأخذ بأنفه ثم لينصرف )
فهذا يشمل من وقع منه الحدث في ثنايا الصلاة أو قبل الصلاة وتذكر في ثنايا الصلاة .
هذا الحديث كما قال العلماء ” تورية ” لأن الإنسان يستحي أن يخرج من الصلاة ، فقد يصيبه نوع من الحياء أنه لو خرج قيل في حقه أنه ” فسا أو ضرط” مع أنه طبيعي ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين :
( علام أحدكم يضحك مما يفعل )
وقد وعظهم في ” الضرطة ” يعني لو ضرط أخوك المسلم في مجلس من المجالس فلا تضحك، لأن هذا مما يحصل لك ، لكن الإسلام أراد أن يهون عليه ، حتى يخرج فيظن من خلفه أو من عمن يمينه أو شماله ، يظن أنه رعاف فخشي على نفسه لو استمر في الصلاة فوضع يده على أنفه حتى يخرج من هذا الحرج .
ولا يدل على أن خروج الدم ناقض للوضوء .
سؤال : …بلع الريق في الصلاة………………….
الجواب / ما أحد يسلم من بلع الريق ، ولذا لو أن الإنسان وضع في فمه علك ” اللبان ” وهو يصلي ، ولم يحرك فمه وإنما وضعه في جانب من الفم ، فلا يؤثر ، لم ؟
لأنه إذا كان لا يؤثر في الصوم فمن باب أولى في الصلاة .