( أما بعد :
فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وَعَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ:
{ لَقَدْ نَهَانَا رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم “أَنْ نَسْتَقْبِلَ اَلْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِالْيَمِينِ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ, أَوْ أَنْ نَسْتَنْجِيَ بِرَجِيعٍ أَوْ عَظْمٍ” }
رَوَاهُ مُسْلِم ٌ
( من الفوائد )
أن الراوي له هو ” سلمان الفارسي ” لأنه كان رضي الله عنه من الفرس ، وكان ممن يعبد النار مع قومه ، وكان من سدنة هذه النار التي كانت تُعبد من دون الله ألف سنة ، حتى أطفئت يوم أن انتصر المسلمون في معركة القادسية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقيادة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، وتلك المعركة ظهرت فيها كرامات من الله عز وجل للصحابة ، فلما دخل سعد رضي الله عنه قصر كسرى أمر رضي الله عنه أن يُؤذن فيه ، فلما صدع بالأذان أطفئت نار فارس التي لم تطفئ من ألف سنة .
فقذف الله عز وجل في قلب سلمان أن هناك معبودا غير هذه النار ، هو الذي يستحق العبادة ، فجرت له قصص وأحداث مع رهبان مرَّ بهم ، حتى أصبح عبدا فاسترق حتى بيع رضي الله عنه كما يباع العبيد ، وقصتها مشهورة وقد أثبت إسنادها الألباني رحمه الله ، فكان رضي الله عنه نبراسا لشخص ضحى بثروته وبجاهه وبكل شيء من أجل أن يصل إلى الحق ، فخليق بكل مسلم في زمن الفتن ولاسيما في مثل هذه الأزمان إذا اشتبهت عليه الأمور واضطربت أن يبحث عن الحق ، لأنه وصوله إلى الحق هو وصول للهدى ، وإذا وصل إلى الهدى هدي إلى النعيم العظيم في جنات النعيم ، أما أن يبقى الإنسان في مثل هذه الصراعات من الأحداث والتي أدخل كل شخص نفسه فيها ، فأصبح بعض الناس يتلمس المعائب والأخطاء التي تكون من الولاة والتي تكون من العلماء فإن مثل هذا لا يغذي قلبا ولا يوصل الإنسان إلى حق ، فعليه أن يلزم ما لزمه السلف رحمهم الله ، وطريق السلف طريق واضح ، ولذا ما ينتج من تدخل بعض الأشخاص في أمور لا تعنيه ، هذا في الحقيقة يدخله في شبه وفي شكوك وفي أوهام ويدخل غيره فيها ، قال صلى الله عليه وسلم كما عند أبي داود :
( إن السعيد لمن جنب الفتن ، إن السعيد لمن جنب الفتن ، إن السعيد لمن جنب الفتن )
فكيف بمن يسعى إليها في هذا الزمن ؟!
والسلامة لا يعدها شيء .
فسلمان رضي الله عنه بحث عن الحق وتعب في ذلك إلى أن هداه الله عز وجل ، وهذا إن دلَّ يدل على أن الإنسان إذا كان حريصا على البحث عن الحق فإنه يهدى إليه ، بل إذا أهدي إليه يرفعه الله عز وجل مقامات كما رفع سلمان رضي الله عنه .
لقد رفع الإسلام سلمان فارسٍ وقد وضع الشركُ الشريف أبا لهب
فأصبح لسلمان رضي الله عنه من القدر والمكانة في الإسلام ما لا يبلغه عنه من كثير ممن عاصره .
( ومن الفوائد )
أن استقبال القبلة حال قضاء الحاجة ببول أو غائط منهي عنه
ولكن وردت أحاديث تخالف هذا الحديث من حيث الظاهر ، منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما كما في الصحيحين :
( قال : رقيت بيت حفصة فوجدت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة يقضي حاجته )
وعند أبي داود من حديث جابر :
( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن استقبال القبلة ببول أو غائط فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها )
وحديث سلمان يعضده ما جاء في حديث أبي أيوب :
( لا تستقبلوا القبلة بغائط أو بول ولا تستدبروها ، ولكن شرقوا أو غربوا )
فكيف يكون التوفيق بين هذه الأحاديث ؟
لتعلموا أن المسألة مسالة خلافية بين أهل العلم :
القول الأول :
أن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط جائز
لم ؟
قالوا : أن الأدلة تعارضت ، وإذا تعارضت فإننا نأخذ بالأصل وهو الجواز .
القول الثاني :
أن استقبال القبلة واستدبارها ببول أو غائط مكروه “
لم ؟
قالوا : لأن هناك أحاديث أتت بالنهي وأحاديث أتت بالجواز فيكون الجمع بينهما أن يقال بالكراهة .
القول الثالث :
أن استقبال القبلة واستدبارها محرم في الصحراء أما في البنيان فجائز “
ما الدليل ؟
حديث ابن عمر رضي الله عنهما :
( قال : رقيت بيت حفصة فوجدت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة يقضي حاجته )
وفي حديث ابن عمر :
( أما إذا كان بينك وبين القبلة شيء فلا )
أي فلا نهي ، أما إذا كان في الصحراء فإنه يحرم
القول الرابع :
أن استقبال واستدبار القبلة حال قضاء الحاجة محرم في الصحراء وفي البنيان يحرم الاستقبال ويجوز الاستدبار “
ما الدليل ؟
حديث ابن عمر :
( فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة يقضي حاجته )
فيكون النهي في البنيان عن الاستقبال .
القول الخامس :
أن استقبال واستدبار القبلة حال قضاء الحاجة محرم في البنيان وفي الصحراء “
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله .
ما الدليل ؟
عموم الأحاديث ، ولذا قال شيخ الإسلام رحمه الله :
لو كان الحاجز هو الذي يبيح الاستقبال والاستدبار ، فكذلك في الصحراء هناك أشياء أمامك تجاه القبلة ، أمامك جبال ، أمامك أشجار ، فالحكم واحد .
وأما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد قال بعض العلماء :
إنه خاص به ، لم ؟
لأن هناك قاعدة أصولية تقول :
[ إذا تعارض قول النبي صلى الله عليه وسلم مع فعله فنقدم القول ، لأن الفعل يدل على الخصوصية ]
وهذا ما يكثر الاستدلال به الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار .
والصواب / أن الاستقبال والاستدبار في الصحراء محرم ، وأما في البنيان فالأولى تركه ، لكن لو فعل فلا إثم عليه ، لأن الأدلة جاءت بالرخصة .
ويدل على الجواز حديث جابر رضي الله عنه ، لأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم آخر حياته يستقبلها .
وجه الدلالة /
أن جابرا رضي الله عنه ما كان ليرى النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته إلا وهو في البنيان ، لم ؟
لأنه صلى الله عليه وسلم إذا كان في الصحراء يبعد حتى يتوارى عن الأعين .
وحديث جابر يفيد فائدة وهي :
أن من قال بتحريم الاستقبال في البنيان وجواز الاستدبار بناء على فعله صلى الله عليه وسلم ، نقول حديث جابر أتى بجواز الاستقبال .
ولذا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى ” التحريم في الصحراء مطلقا ، ويرى التحريم في البنيان في الاستقبال فقط ، بينما الاستدبار جائز لحديث ابن عمر ، رضي الله عنهما .
لكن نقول : حديث جابر فصل في الموضوع .
ولو قال قائل :
من يقول بجواز الاستدبار دون الاستقبال ، نقول ما هو أعظم الاستدبار أم الاستقبال ؟
نقول : الاستقبال أعظم ، لم ؟
لأنه لو استدبر ، استدبر بالغائط ، بينما الاستقبال لو أجزناه على وجه العموم سيحصل استقبال ببول وغائط ، ولذا كان الاستدبار أخف من الاستقبال .
أما قول من يقول بالخصوصية كالشوكاني رحمه الله وغيره.
فيقال : قاعدة :
[ إذا تعارض القول مع الفعل قدِّم الفعل ]
نقول نعم هذا إذا لم يمكن الجمع ، فإذا لم نتمكن من أن نجمع بين الأدلة فنقول القول مقدم على الفعل .
كما أن القاعدة في الأصول :
[ أن الفعل مقدم على التقرير ]
النبي صلى الله عليه وسلم قد يرى بعض الصحابة يفعل شيئا فيقره عليه ، هذا أضعف من فعله صلى الله عليه وسلم
فالسنة عندنا : [ قول – فعل – تقرير ]
القول مقدم على الفعل ، والفعل مقدم على التقرير عند التعارض ولم نتمكن من الجمع .
أما قول شيخ الإسلام رحمه الله ” من أن هناك فواصل في الصحراء من جبال وأشجار “
فيقال : لم يرد الشرع هذه الفواصل ، وإنما أراد بالفاصل الشيء القريب منك أما البعيد فلا يعتد به الشرع “
لو قال قائل : ما دليلكم ؟
نقول : الدليل حديث ابن عمر الذي روى بعض أحاديث النهي عن الاستقبال والاستدبار كان إذا أراد أن يقضي حاجته عرَّض ببعيره فجعله حائلا بينه وبين القبلة .
فخلاصة القول في هذه المسألة /
أن استقبال القبلة أو استدبارها ببول أو بغائط محرم في الصحراء ، مباح في البنيان ، والأولى ترك ذلك لأن الأدلة متعارضة ، فيدخل الإنسان في الاشتباه ، ولذا قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين :
( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه )
وقال صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي :
( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )
ولتعلموا أنه لو قيل ” هذا أحوط ” فلا يدل على التحريم ، إنما يدل على الأولوية .
ولو قال قائل /
هل من المناسب في كل مسألة خلافية أن نقول هذا أحوط؟
الجواب / لا ، فالأحوط هو اتباع الدليل ، لكن متى نقول بالأحوط إذا أتت الأدلة في ظاهرها التعارض، فنقول ” الأحوط كذا “
( ومن الفوائد )
لو أن الإنسان اشترى بيتاً فوجد المراحيض تجاه القبلة فهل يهدمها ويغيرها ؟
الجواب / لا ، لأنه يتسبب في الحرج ، لكن من أراد أن يبني نقول لا تفعل .
( ومن الفوائد )
هل إخراج الريح أثناء استقبال أو استدبار الكعبة هل يدخل في النهي ؟
لا يدخل ، لم ؟
لأن الشارع نصَّ على البول والغائط .
( ومن الفوائد )
أن الكعبة تعظَّم حيث عظمها الشرع بما ورد ، ومما ورد ألا يستقبلها الإنسان أو يستدبرها حال قضاء الحاجة .
إذاً لو أنه مدَّ رجله تجاه القبلة فلا إشكال .
لو أنه كان في المسجد الحرام ومدَّ رجله تجاه الكعبة فلا إشكال .
لو أنه إذا أراد أن يخرج من المسجد الحرام فسيستدبر الكعبة لا محالة ، فلا إشكال ، ولذا ما يفعله بعض الناس من مشي ” القهقرى ” فيكون أثناء مشيه مستقبلا للكعبة ، نقول هذا ليس بمشروع .
( ومن الفوائد )
هل يجوز أن يستقبل أو يستدبر بيت المقدس حال قضاء الحاجة ؟
الجواب / جاء حديث في السنن :
( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استقبال القبلتين ببول أو غائط )
ما هما القبلتان ؟ الكعبة وبيت المقدس .
لكنه حديث ضعيف ، وبالتالي فإن حديث ابن عمر رضي الله عنهما :
( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقضي حاجه مستقبل بيت المقدس )
يدل على الجواز .
(ومن الفوائد )
أن الاستنجاء باليمين أتى النهي عنه :
( ولا يتمسح من الخلاء بيمينه )
وهذا يشمل الاستنجاء والاستجمار
وهنا في الحديث ذكر ( الاستنجاء ) لأن الاستنجاء يطلق على الاستجمار ، ولذا قال ( أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار )
وهل الاستنجاء يكون بالحجارة ؟ لا ، وإنما يكون بالماء ، فدل على أن الاستجمار يصح أن يطلق عليه استنجاء .
فلفظ الاستجمار أو الاستنجاء إذا اجتمعا افترقا وإذا افترقا اجتمعا .
فإذا قلت ” باب الاستنجاء والاستجمار ” فيكون المقصود من الاستنجاء الماء ، والمقصود من الاستجمار الأحجار .
أما لو قلت ” باب الاستنجاء ” أو ” باب الاستجمار “
فيدخل فيه الأمران .
( ومن الفوائد )
أن الاستجمار لا يحصل إلا بثلاثة أحجار فأكثر “
لقوله :
( أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار )
وهذا هو الصحيح ، وهناك قول لآخر للحنفية ، يقولون :
ما أنقى ولو بأقل من ثلاثة أحجار فيجزئ ، ما الدليل ؟
قالوا : إن المقصود من الاستجمار الإنقاء ، وإذا حصل الإنقاء حصل المقصود .
ولكن نقول :
لا شك أن المقصود ما ذكرتم ، لكنَّ الشرع نصَّ على أن الاستجمار لا يكون بأقل من ثلاثة أحجار ، فمتى ما جاء النص فلا يلتفت إلى الآراء .
قالوا عندنا دليل آخر وهو :
في حديث ابن مسعود رضي الله عنه لما كان مع النبي صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيح – قال :
( أمرني –أن آتيه بثلاثة أحجار ، فوجدت حجرين ولم أجد الثالث ، فأتيته بروثة ، فأخذهما وألقى الروثة وقال إنها ركس ) يعني نجس ، ولم يأمره أن يأتي بحجر ثالث .
فيكون النبي صلى الله عليه وسلم – على قولهم – استجمر بحجرين .
فنقول : تتبع الروايات مطلب مهم ومفيد لطالب العلم ،نقول جاءت رواية أحمد والدارقطني قال ( ائتني بغيرها )
فيكون الراجح في هذه المسألة :
أن الإنسان لو تطهر بحجر واحد فحصل الإنقاء فيقال له زد ثانية وثالثة حتى تكمل الثلاث .
( ومن الفوائد )
أن ذكر الحجارة هنا لا يدل على تخصيص الحجارة ، بل كل ما ينقي سواء كان بحجر أو بورق أو بتراب أو أي شيء إلا ما نهي عنه ” الرجيع والعظم “
ما هو الرجيع ؟ ” الروث ” والعظم معروف .
وهناك أشياء أخرى نهى الشرع عن الاستجمار بها ، سيأتي بيانها إن شاء الله .
( ومن الفوائد )
جاء في الصحيحين قوله صلى الله عليه وسلم :
( من استجمر فليوتر )
ولا بد في الوتر من ثلاث فأكثر ، لو حصل الإنقاء بأربعة أحجار نقول زد خامسة ، حصل الإنقاء بستة أحجار نقول زد سابعة ، حتى تقطعه على وتر .
وفي هذا القطع على وتر الرد على من قال إن الزيادة على الواحدة أو الاثنتين عبث ، فنقول أين العبث ؟ بل قولوا إن العبث في قطعه على وتر لأن الإنقاء حصل بأربع فلماذا يأتي بخامسة !
فهذا أمر شرعي فيجب التقيد به .
لو قال قائل : هل القطع على وتر واجب لقوله ( فليوتر )
نقول : جاء عند أبي داود وحسنه ابن حجر رحمه الله في الفتح ، قال صلى الله عليه وسلم :
( من استجمر فليوتر فمن فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج )
فيدل هذا على استحباب قطع الاستجمار على وتر ولا يجب
( ومن الفوائد )
أن ذكر الأحجار الثلاثة هنا ليس المقصود الثلاثة بعينها ، وإنما المراد ” ثلاث مسحات “
ولذا نصَّ الفقهاء على أنه لو استجمر بحجر واحد له ثلاث شعب فمسح بكل شعبة الموضع فحصل الإنقاء بحجر واحد فيجزئ .
لو قال قائل / النص قال ثلاثة أحجار ؟
نقول / نعم ، ولكن نقول جاءت الروايات بأن المقصود المسح ، فمتى ما حصلت المسحات الثلاث وحصل بها الإنقاء فإنه مجزئ .
( ومن الفوائد )
أن الاستجمار يجوز بكل طاهر منقٍ إلا ما استثناه الشرع “
مما استثناه الشرع
أولا : ” الرجيع ” لم ؟
لقوله صلى الله عليه وسلم ( إنها ركس )
وهل روثة الغنم أو الإبل نجسة ؟
سبق معنا أنها طاهرة على رأي الجمهور خلافا للشافعية ، وإنما قوله ( ركس ) إذا كانت من بهيمة لا يؤكل لحمها ، ولذا في رواية ( أنها روثة حمار )
فلو قال قائل : هل يجوز أن يستجمر برجيع دابة يؤكل لحمها فإنها طاهرة كالإبل والبقر والغنم ؟
الجواب / لا ، ما العلة ؟
ما جاء عند مسلم ، قوله صلى الله عليه وسلم للجن :
( وكل بعرة علف لدوابكم )
ثانيا : مما لا يجوز الاستجمار به ولا يصح ” العظم ”
ما العلة ؟
إما لأنه طعام للجن كما جاء عند مسلم :
( لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه أوفر ما يكون لحما )
أو لأنه يكون نجساً مما مات حتف أنفه ، أو مما لا يؤكل لحمه
ثالثا : مما لا يجوز الاستجمار به ” السن “
لم ؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( كل ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل إلا السن والظفر ، فأما السن فعظم )
رابعا : مما لا يجوز الاستجمار به ” طعام بني آدم “
فإذا نهي عن الاستجمار بطعام الجن ، فطعامنا من باب أولى ، بل فيه إهانة للنعمة .
خامسا : مما لا يجوز الاستجمار به ” طعام دواب بني آدم “
لو أتى إنسان إلى حشيش أو علف لبهائمنا فاستجمر به فلا يجوز ، لأنه إذا نهي عن الاستجمار بطعام دواب الجن فطعام دوابنا من باب أولى .
سادسا : مما لا يجوز الاستجمار به ” الفحم ” وهو مخلفات النار .
جاء عند أبي داود أن الجن قالوا :
” يا رسول الله مُرْ أمتك ألا تستنجي برجيع أو بعظم أو حممة ) يعني فحما ( فإن الله قد جعل لنا فيها رزقا )
سابعا : مما لا يجوز الاستجمار به ” ما فيه شيء معظم من ذكر الله عز وجل ” لأن فيه إهانة له .
( ومن الفوائد )
أنه لو استجمر بما نهي عن الاستجمار به كحممة أو عظم أو رجيع طاهر فحصل الإنقاء ، فهل يصح الاستجمار أم لا ؟
قولان لأهل العلم :
بعض العلماء قال : إنه لا يصح الاستجمار به ، لأن في هذا مصادمة للنهي .
وقال بعض العلماء : إنه آثم ويكون الاستجمار صحيحا .
والأقرب هو الأول ، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه )
فدل على أن أقل من ثلاثة أحجار لا يجزئ ، وأن ما استجمر به من غير الأحجار وما يتبعها فإنه لا يكون مجزئاً .
ويترتب على الخلاف بين القولين : أن من قال بالصحة مع الإثم صحت صلاته ، ومن قال بعدم الصحة فإن صلاته لا تصح لأنه حامل للنجاسة .