الشرح الموسع لكتاب التوحيد ــ الدرس ( 66 )
حديث ( بعث معاذا إلى اليمن) الجزء الثالث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهنا مسألة مهمة جدا :
وهي مسألة اختلف فيها :
وهي مسألة قبول الخبر الواحد :
هل يقبل الخبر الواحد أم لا يقبل ؟
وهو ما يسمى عند العلماء بالمتواتر والآحاد
وهذا الحديث من الآحاد .
فهذا الحديث ، وهو حديث ابن عباس : في بيان إرسال النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن
هذا الحديث من أوضح وأعظم الأدلة على جواز العمل بخبر الآحاد في العقائد .
وأحاديث الآحاد تختلف عن الأحاديث المتواترة :
فالمتواتر كما هو عند المحدثين : (( ما رواه جماعة عن جماعة يستحيل أن يتواطئوا على الكذب وأسندوه إلى أمر محسوس )) :
وذلك كحديث النبي عليه الصلاة والسلام : (( من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ))
فقد رواه : ” خمسون صحابيا أو أكثر ” فهذا الحديث يعد من أمثلة المتواتر
والمتواتر نوعان :
ــــ متواتر لفظي :
كما مثلنا بحديث : (( من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ))
وذلك أن الرواة اتفقوا على لفظه ومعناه
وأما المتواتر المعنوي :
” هو ما اتفق الرواة على معناه واختلفوا في لفظه “
فهم متفقون على أصل المعنى :
وذلك كأحاديث المسح على الخفين :
قال الإمام احمد : ” ليس في قلبي شيء من المسح على الخفين ، فيه أربعون حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم “
فيكون الآحاد بخلاف المتواتر
فتعريف المتواتر كما سلف ، فيكون مقابله الآحاد ، فإذا اختل شرط من شروط المتواتر كما جاء في بيان معنى المتواتر ، فغنه يعد من قبيل أحاديث الآحاد
وهذا الحديث دليل قوي على وجوب العمل بخبر الآحاد
وقد اختلف العلماء :
هل خبر الآحاد تثبت به الأحكام أم لا تثبت ؟
الصحيح أن خبر الآحاد تثبت به الأحكام ، وكما تثبت الأحكام بخبر الآحاد تثبت العقائد بخبر الآحاد
وذلك لأن المعطلة للأسماء والصفات يقولون : ” إن أسماء الله وصفاته لا نثبتها ـــــــــــــــــــــــ لم ؟
قالوا : لأن دليلها خبر الآحاد ، وخبر الآحاد لا يفيد القطع ، وغنما يفيد الظن
ولكن الصحيح : أن خبر الآحاد تثبت به الأحكام الفرعية كذلك تثبت به الأحكام الأصولية من العقائد
والدليل :
أن النبي عليه الصلاة والسلام أرسل معاذا ، وهو فرد واحد ، وأول ما قال له : (( فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ))
وهذا يتعلق بالعقائد
ومن الأدلة أيضا :
ــــــــــــــــــــــــــــ
إرساله عليه الصلاة والسلام لأبي موسى الأشعري
ومن الأدلة أيضا :
ـــــــــــــــــــــــــ
قوله عز وجل : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ))
فيفهم منه : أنه إذا جاءنا ” عدل ” غننا نأخذ برأيه وبكلامه
ومن الأدلة أيضا :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
في الصحيحين :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
أن أحد الصحابة صلى مع النبي عليه الصلاة والسلام ، وكانت الصلاة آنذاك تجاه بيت المقدس ، فصلى مع النبي عليه الصلاة والسلام إلى الكعبة ، فنُسخ الحكم فمرّ رضي الله عنه على أهل ” قباء ” وهم يصلون تجاه بيت المقدس ، فقال لهم : ” لقد صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو الكعبة ، فحولوا وجوههم إلى الكعبة “
فأخذوا بخبر واحد
وهذه مسألة مهمة :
” وهي مسألة العمل بخبر الآحاد “:
هل يُعمل به أم لا ؟
الصحيح : أنه يعمل به حتى في العقائد ، وإلا لم تثبت لله أسماء وصفات كثيرة لأن معظم ذلك يأتي عن طريق خبر الآحاد
ولن الأخبار المتواترة قليلة جدا بالنسبة للآحاد
وهناك رأي ” للشنقيطي ” قال : ” إن خبر الآحاد ينظر إليه من جهتين : من جهة النقل ، ومن جهة العمل به ” :
فأما من جهة النقل :
ـــــــــــــــــــــــــ
فإنه ظني :
يعني : ليس بقطعي لأن الرواة قد يخطئون :
ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام في حق المتخاصمين كما في حديث : ” أم سلمة ” في الصحيحين ،قال : (( إنما أقضي على نحو ما أسمع ))
ولذا قد تكون هذه الشهادة فيها شيء من الكذب
وأما من جهة العمل بخبر الآحاد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإنه قطعي :
يقول رحمه الله : ” فإنه قطعي ، ومن ثم فغن القصاص إذا ثبت بشهادة عدلين يكون العمل بتنفيذ القصاص قطعيا ، لأننا نعمل به بمقتضى الشرع “
وأما من جهة ما أخبر به الشهود يكون ظنيا لن هؤلاء الشهود قد يخطئون ، فهم عرضة للخطأ “
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله : (( أخرجاه )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي البخاري ومسلم :
وهذه صيغة اختصار ، وهي رمز وعلامة على أن الراويين لهذا الحديث هما ” البخاري ومسلم “
كما يقال : ” لهما “
وكما يقال : ” وعندهما “
وكما يقال : ” أخرجاه “