الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (93) قوله تعالى ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي )

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (93) قوله تعالى ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي )

مشاهدات: 451

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ درس (93)

قوله ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باب ما جاء في الذبح لغير الله :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أي ” باب ما جاء من الأدلة في حكم الذبح لغير الله “

المصنف رحمه الله هنا لم يذكر الحكم فمثل هذا العنوان قد يظهر منه أن الذبح لغير الله فيه تفصيل ، وقد يلمح منه أنه ليس هناك تفصيل ، وإنما أراد المصنف رحمه الله أن يستنبط طالب العلم الحكم بنفسه ، لأن مثل هذا الأمر لا يحتاج إلى تفصيل

ـــ فإما أن يكون هذا العنوان تفصيل

ـــ وإما أن يكون ترك التفصيل منه رحمه الله لتمرين ذهن طالب العم على استنباط الحكم

والوجه الثاني : هو الصحيح ، وذلك لأن الذبح لغير الله شرك أكبر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ قال المصنف رحمه الله :

وقول الله تعالى : ((قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{162} لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ{163} )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

((قُلْ )) :

ـــــــــــــــ

الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم

ما المقصود من هذا الخطاب ؟

المقصود منه : أن يعلنها عليه الصلاة والسلام في ملأ المشركين أن قوله وأن فعله وأن حياته ومماته كلها في لغة لهاديهم

ويستفاد من هذا :

ــــــــــــــــــــــــــــــ

أن الموحد يجب عليه أن يظهر أن مخالفيه من وقع في الشرك أنهم على ضلال :

ولذا قال تعالى كما سبق معنا : {قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }

مجملة : ((وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ )) تدل على عموم التبرؤ من المشركين في أقوالهم وأفعالهم ومآكلهم ومجالستهم ، والمكث معهم

فالأمر هنا يقتضي التبرؤ مما عليه الكفار ، ولذا أكده بمؤكد ، وهو ” إن “

وقوله : ((صَلاَتِي )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصلاة هنا مفرد أضيف إلى ضمير المتكلمين

وضمير المتكلم معرفة فيدل على العموم فجميع صلواته عليه الصلاة والسلام لله عز وجل سواء كانت صلوات بمعنى الدعاء أو هي الصلاة المعروفة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم

وقوله : ((وَنُسُكِي )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أي ذبحي ، ولذا قال تعالى : ((وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ))

والقول فيها كالقول في قوله : (( صلاتي ))

نسك : مفرد أضيف فيشمل جميع نسكه عليه الصلاة والسلام الواجبة والمندوبة

فعندنا هي التمتع

عندنا هي القران

عندنا الأضحية

عندنا العقيقة

كل هذه يجب أن يخلص فيها لله عز وجل حتى في إكرام الضيف

فلو قال قائل :

حينما يقدم ضيف أذبح له ، فهل هذا داخل في الحكم ؟

نقول :” لا ” ، لأن هذا من باب إكرام الضيف

قال عليه الصلاة والسلام : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ))”

فهذا الذبح إنما يراد منه الإكرام

فلو أريد منه التعظيم لكان شركا

وعلامة الفرق بينهما أنه لو قدم ضيف فذبح له وأكل فإن هذا هو الإكرام

لكن لو ذبح عنده وترك هذا من باب التعظيم فيكون شركا هذه العلامة الفارقة

ولذا النبي عليه الصلاة والسلام لما قدم على بعض أصحابه ذبحوا له 

فالمراد منه التكريم

وذكر الصلاة  والنسك يدلان – كما قال شيخ الإسلام رحمه الله – على العبادة البدنية والمالية

ويكون هذا الذكر من باب ذكر عموم الشيء بمثاله

فالصلاة تدل على العبادة البدنية

أما النسك فعلى العبادة المالية

قال شيخ الإسلام رحمه الله : ” والناظر في الصلاة يجد أنه إذا دخل في الصلاة حصل له من الخشوع والخضوع لله عز وجل ما ليس في غيرها ، وهذا يدل على مكانتها

ولذا النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا حزبه أمر كما جاء عند أبي داود يقول : (( أرحنا بها يا بلال ))

عند النسائي قال عليه الصلاة والسلام : (( وجُعلت قرة عيني في الصلاة ))

والنبي عليه الصلاة والسلام لم يتركها حتى في حال الخوف :

وقال تعالى : ((فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً ))

وهذا يدل على مكانتها

بل لمكانتها أن الله عز وجل فرضها في السماء منه جل وعلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من غير واسطة

وأما الذبح فإنه عبادة مالية

ومن ثم فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان أعظم الناس ذبحا لله عز وجل

فهو عليه الصلاة والسلام ساق معه في حجته مائة بدنة مع أنه يكفيه سبع بدنة

هو عليه الصلاة والسلام أخذ قطيعا من الغنم وذبحه ووزعه

هو عليه الصلاة والسلام نحر عن نسائه البقر

ومن ثم صار النسك من أعظم العبادات المالية

وذلك لأن العبد إذا ذبح هذا المال النفيس عنده دلّ على حسن ظنه بربه عز وجل ، وأن الله سيخلف عليه

ففيه هذا المعتقد ما ليس في غيره

ولذا مر معنا قوله عليه الصلاة والسلام : (( فوالله لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ))

يدل على أن الحيوانات هي من أعظم الأموال عندهم

ولذا قال عز وجل : {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ }

يعني تركت وأهملت مع أنها لو كانت في غير هذا المكان ما عطلت

ولذا قال تعالى : {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ }

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله : ((وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحيا هو الحياة

والممات هو الموت

ويكون المقصود من هذا عطف عام على خاص

وذلك لأن صلاة النبي سواء كانت صلاة شرعية أو صلاة بالمعنى اللغوي دعائية ، وكذلك الذبح وهاتان عبادتان من أجلِّ العبادات هذه تعد بعضا مما يفعله العبد المسلم

فجاء قوله : (( ومحياي ومماتي ))  من أجل أن يعمم الأمر كله لله فليس الأمر محصورا على الذبح ولا على الصلاة إنما على الكل .

فقوله : ((وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أي تصرفاتي كلها ، وما يحصل في حياتي أو بعد مماتي لله رب العالمين

ــــــــ ((لِلّهِ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

كلمة ” لله ” تفيد الإخلاص في العمل كما مر معنا في قوله تعالى : ((قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ))

فقوله : (( لله )) تفيد الإخلاص لله في جميع الأعمال

ـــــــــ وقوله : ((رَبِّ الْعَالَمِينَ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

” رب “ ـــ تعد عند أهل اللغة بدل من لفظ الجلالة الله

ولو كان في غير القرآن لكان : ((وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{162} ))

ــــ (( والرب )) : هو الخالق المالك المدبر المتصرف في جميع الأمور

وقد مرَّ معنا في مقدمة الكتاب أنواع التوحيد :

ـــ توحيد الربوبية

ــــ توحيد الألوهية

ـــــ توحيد الأسماء  والصفات

ـــــ (( والعالمون )) ــــ كل ما سوى الله فيطلق عليه عالم

وهذا هو الأعم والشهر

ويمكن أن تطلق هذه الكلمة على ما هو أضيق من هذا

فــ ” رب العالمين ” تأتي في كتاب الله ، ولها أنواع :

ــــ 1 ــــ الربوبية العامة الشاملة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لجميع العالمين من إنس وجن وحيوان وطيور وكل  مخلوق

كما هنا

وكما في قوله تعالى : {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }

ـــ 2 ـــ وتطلق على الإنس والجن فقط :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال تعالى : {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً }

فالعالمون هنا : ــــــــ الإنس والجن لأن النبي عليه الصلاة والسلام أُرسل إلى الجن والإنس

ــــ 3 ـــ وتطلق على كل مخلوق في زمن معين ليس في جميع الأزمان :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال تعالى : {وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ }

أي عالم ذلك الزمن

قال تعالى : {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ }

المراد : عالم ذلك الزمن

ــــ 4 ـــ وتطلق على الإنس فقط :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال تعالى في قصة لوط : {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ }

ومعلوم أنهم يأتون الإنس ولا يأتون سائر المخلوقات

لكن الأصل في العالم هو كل ما سوى الله في جميع الأحوال والأزمان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله : ((لاَ شَرِيكَ لَهُ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(( لا )) :

ـــــــــــــــ

هنا كما سلف نافية للجنس

و (( شريك )) ـــ نكرة في سياق النفي فتعم أي شريك

وبهذا نفي لجميع الشركاء الذين يعبدون من دون الله

والملاحظ أن النبي عليه الصلاة والسلام أُمر في هذه الدعوة أن يقول : ((إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{162}  ))

فقوله : ((  لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))

ومجيء نفي الشريك بعدها يدل على أن التوحيد لا يتم إلا بنفي الشريك والتبرؤ منه

وهذا كثير في كتاب الله :

قال تعالى : ((وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً ))

وقال تعالى للنبي عليه الصلاة والسلام : ((  قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ ))

إلى الله : ـــــــــ تقتضي التوحيد

قال تعالى : {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }

وتقتضي هذه الجملة : ((اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ )) تقتضي بأنكم مشركون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقوله : ((وَبِذَلِكَ )) أي المذكور

((أُمِرْتُ )) :

ــــــــــــــــــــــــ

وهذا فعل لما لم يسم فاعله

ويطلق عليه بعض النحويين : ” فعل مبني للمجهول ”

((أُمِرْتُ )) فأخفى الآمر

وقد يخفى الفاعل لأغراض ذكرها البلاغيون من العم بالفاعل كما هنا :

((وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ{163} ))

وقوله : (( أنا )) : البعض من الناس إذا أراد أن يتحدث وينسب شيئا على نفسه من قول أو فعل قال : (( أنا )) ويعقبها بقوله : ” وأعوذ بالله من كلمة أنا “

وهذه الكلمة قالها النبي عليه الصلاة والسلام

ونظيرها قول النبي عليه الصلاة والسلام : (( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب  ))

وكلمة ” أنا ” قال ابن القيم : ” احذر الطواغيت الثلاثة : أنا ، وعندي ، ولي  “

ـــ وذلك لأن إبليس قال : ((قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ))

قالها من باب التكبر والترفع على آدم

ــــ وأما كلمة ” عندي ” فقد قالها قارون : ((إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ))

وهذا من باب الترفع والتعالي

ــــ وأما كلمة ” لي ” قالها فرعون : ((قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ))

أما إذا قيلت هذه الكلمات من باب الافتقار والتواضع إلى الله فهي محمودة كما قال رحمه الله

كما لو قال العبد :

أنا مذنب

أنا مفرط

أنا مقصر

عندي الذنوب

وكان من دعاء النبي عليه الصلاة والسلام : (( اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله أوله وآخره علانيته وسره ، وخطئي ، وعمدي وهزلي وجدي وكل ذلك عندي ))

فأضاف هذه الذنوب إلى النفس من باب الافتقار والتواضع لله

ولو قال قائل :

هل يجوز أن تقال هذه الكلمات من باب الترفع في بعض الحالات ؟

أهي مذمومة في جميع الحالات الترفع والتكبر أم انها تقيد في بعض الحالات ؟

الجواب :

ــــــــــــــــــ

تقيد في بعض الحالات :

فما كان ممنوعا في حال يجوز في حال آخر

والدليل :

ــــــــــــــ

أن النبي عليه الصلاة والسلام افتخر بنفسه أمام الأعداء فقال : (( أنا النبي لا كذب ، أنا ابن عبد المطلب ))

ولماذا جاز هذا الافتخار والترفع مع أنه مذموم في غير هذه الحال ؟

فالجواب :

ــــــــــــــ

أُجيز لأن في ذلك مصلحة كبرى ، تلك المصلحة هي إغاظة الأعداء :

قال تعالى : ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ))

وقال تعالى : ((وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ ))

ولذا :

ــــــــــــ

يجوز في الحرب أن يقوم الجنود على رؤوس الأمير :

مع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار ))

ومع ذلك قام ” المغيرة بن شعبة ” كما في صلح الحديبية ، وهذا ثابت عند البخاري : (( قام على رأس النبي عليه الصلاة والسلام ))

ــــ الخيلاء :

قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( وإن من الخيلاء ما يحبه الله ـــــــــ إلى أن قال : (( وأما الخيلاء الذي يحبه الله اختيال الرجل في الحرب ، واختياله عند الصدقة ))

فقوله : (( أنا )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

فكلمة (( أنا )) لا يحكم عليها بحكم مطلق ، وإنما ينظر إلى مقاصدها

وقوله : ((وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

” ال ”

ــــــــــ

إذا دخلت على الكلمة تعم أي مسلم سواء كان في عصره أو في غير عصره

والأولية هنا : ــــــــ إما أن تكون أولوية زمنية أو أولوية معنوية

فهذا محتمل ، وهذا محتمل

فالأولوية الزمنية :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن يكون النبي عليه الصلاة والسلام هو أول المسلمين من أمته ، ولا شك ، ولا ريب في ذلك

لكنه لا يكون بهذه الأولوية هو أول عموم المسلمين لأنه سبقه أنبياء

وإما أن تكون :

أولوية معنوية :

ـــــــــــــــــــــــــ

فيكون هو أول من أسلم إسلاما عظيما كبيرا يفوق غيره

فهو أكمل الخلق إسلاما وإيمانا

ولو قال قائل :

ـــــــــــــــــــــ

لماذا لم يقل المؤمنين ؟

الإيمان على مرتبة من الإسلام ؟

نقول : نعم الإيمان أعلى مرتبة من الإسلام لكن هذا إذا اجتمعا

أما إذا تفرقا فإن الإسلام يراد منه الإيمان ، والإيمان يراد منه الإسلام

ولذا :

ـــــــــــــ

وفد عبد القيس – كما عند مسلم – لما أتوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام : (( أتدرون ما الإيمان ؟ ))

لو قلت لكم : ما هو الإيمان ؟

الجواب :

ــــــــــــــــ

(( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره ))

قال : أتدرون ما الإيمان ؟

قال : (( شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وأن تؤدوا خمس المغنم ))

لو نظرت إلى هذه المذكورات لوجدتها أنها تتعلق بالإسلام

فدل على أن الإسلام إذا أُفرد يدخل فيه الإيمان ، وان الإيمان إذا أفرد يدخل فيه الإسلام

ما أتت كلمة الإيمان هنا أتت كلمة الإسلام لوحدها يدخل فيها الإيمان