الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (134) قوله تعالى (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس (134) قوله تعالى (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)

مشاهدات: 456

الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس ( 134 )

قوله تعالى (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال المصنف :

ــــــــــــــــ وقوله تعالى :

((مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ))

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرح :

ـــــــــــ

هذه جزء من آية ، وهي [ آية الكرسي ] ذكر فيها قوله تعالى : ((مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ))

ــــ وآية الكرسي – كما جاء في الصحيح : (( أعظم آية في كتاب الله ))

وكانت أعظم آية لما احتوته من ذكر أسماء الله وصفاته

وقد ذكرها شيخ الإسلام في العقيدة الواسطية مبينا معتقد أهل السنة والجماعة في التوحيد ، وأن هذا التوحيد فيه ” نفي ” و ” إثبات “

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فقوله عز وجل : ((مَن ذَا الَّذِي …….. )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[ مَن ] اسم استفهام

وهذا الاستفهام خرج عن أصله

ولا يخرج الاستفهام عن أصله إلا لغرض معتبر

هذا الغرض الذي يراد منه في هذا الاستفهام في هذه الآية ، هذا الغرض هو [[ التحدي والتعجيز ]]

((مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ))

الجواب :

ــــــــــــــ

لا أحد

ـــ وذكر هنا شرط من شرطي الشفاعة ، وهو :

ــ الإذن

وقد سلف معنا أن الشفاعة نوعان :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــ شفاعة منفية : وهي الشفاعة الشركية

ـــ شفاعة مثبتة : وهي التي خلت من الشرك ، ويشترط فيها شرطان :

الشرط الأول :

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

إذن الله للشافع أن يشفع

الشرط الثاني :

ـــــــــــــــــــــــــــ

رضاه عن المشفوع له

وذلك بأن يكون هذا المشفوع له من أهل التوحيد

فذكرت هذه الآية الشرط الأول وهو [[ إذن الله للشافع ]] لأنه جل وعلا ملك الأملاك ، فلِكماله وغناه عز وجل لا يتعدى أحد في شأن الشفاعة إلا بإذنه ليس كملوك الدنيا :

الملك من ملوك الدنيا قد يشفع عنده من غير إذنه كان يشفع الوزير أو القريب ، وذلك لأن الملك من ملوك الدنيا بحاجة إلى هؤلاء الأعوان والوزراء فلربما لو رد شفاعتهم أو نقم منهم من غير أن يستأذنوا في الشفاعة لربما ما دبروا له مملكته

فيخشى من تلكؤ هؤلاء أو من الغدر به ،

وذلك لأن الشفاعة مبناها :

ـــ إما على جلب منفعة

ـــ أو دفع مضرة

والله عز وجل هو الغني

ولذا :
لما ذكر الشفاعة في الآية السابقة :

(( قل لله الشفاعة جميعا ))

ماذا قال بعدها ؟

(( له ملك السموات والأرض ))

وقال قبلها :

{أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاء قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلَا يَعْقِلُونَ }

الشرط الثاني :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

رضاه عن المشفوع له :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذان الشرطان أتت آية بذكرهما ذكرها المصنف

ـــ * : فإذن الله للشافع أن يشفع ، حتى ولو كان هذا الشافع كريما عند الله كالأنبياء ، بل إن إمام الأنبياء إذا أراد أن يشفع لا يشفع إلا بعد أن يسجد ، وأن يحمد الله ، وأن يثني عليه ، ثم بعد ذلك يوضع له حد ” ــــــــ كما ذكرنا

فيوضع له حد فيخرج من النار من شاء الله

ثم يأتي ويسجد مرة أخرى

[ أربع مرات ] وهو يأتي ويسجد ، ويستأذن في الشفاعة

مما يدل على عظمة وكمال الله عز وجل

ـــــ وهنا فيه أسلوب من أساليب البلاغة :

وهو أسلوب ( [ الحصر ] )

لأن وجود الاستفهام المشرب بالنفي مع وجود الأداة يدل على الحصر

لأن الاستفهام هنا مشرب بالنفي فيكون بذلك حصر

وأعظم أدوات الحصر :

ـــ النفي والاستثناء ، كما سبق

فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون هناك شفاعة من غير إذنه

ـــ ثم إن قوله : (( عنده )) :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العندية : تفيد القرب

حتى من كان قريبا فإنه لا يملك شيئا من أمر هذه الشفاعة