الشرح الموسع لكتاب التوحيد ـ الدرس ( 136 )
قوله تعالى ( قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال المصنف :
ــــــــــ وقوله تعالى :
((قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ{22} وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــــ
هذه الآية سبق ذكر طرف منها في الباب السابق :
وذلك لأن قوله : ((وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ))
بعدها :
((حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ{23} ))
قوله : [ قلْ ] :
ـــــــــــــــــــــــــ
خطاب للنبي عليه الصلاة والسلام يخاطب بهذا الأمر من دعا غير الله
وقوله : [قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم ] :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
” زعموا “ أن هنا معبودات من دون الله
فهذه المعبودات أروني ماذا لها من الملك ؟
ما الذي لها ؟
قال في بيان هذه المعبودات :
قال :
((لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ))
هذا هو الأمر الأول لبيان ضعفهم
الأمر الثاني :
ـــــــــــــــــــ
((وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ ))
يعني : ليس لهذه المعبودات نصيب في هذه السموات والأرض فكيف يشفعون ؟!
الأمر الثالث :
ــــــــــــــــــــــــــــ
((وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ ))
فلم يستعن بهؤلاء في خلق السموات والأرض
ومن ثم :
ــــــــــــــــ
فإن من له حق في الشفاعة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ إما أن يكون مالكا لهذا الشيء
ـــ أو شريكا لكم يملك هذا الشيء
ـــ أو يكون معينا له في تدبير ، وفي امتلاك هذا الشيء
ومن ثم :
ـــــــــــــــــ
فإن هذه المعبودات لا تملك شيئا في السموات ولا في الأرض ، ولا تملك مثقال ذرة ،فيكون ما هو أعظم من الذرة من باب أولى
وكما قلنا لكم :
[[ إن النص إذا جاء لبيان المبالغة فلا مفهوم له ]]
فلا يفهم من أنهم لا يملكون ما هو دون الذرة فإنهم لا يملكون شيئا ، وذلك لأن المفهوم لا يُعتد به إذا كان السياق سياق مبالغة
ـــ ثم هم لم يشاركوا الله في خلق السموات والأرض
ـــ ثم إن هذه المعبودات لم تُعن الله في خلق السموات والأرض
فأنى لهم أن يشفعوا ؟!
ولذا قال بعدها :
((وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ))
ولذا : لو تأملنا لوجدنا أن السياق في نص الآية الأولى أنه ” للنفي ” :
((لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ))
ما الذي بعدها ؟
((وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ ))
هذا نفي ويفيد العموم
((وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ ))
وهذا أيضا يفيد العموم لأنه [ نكرة في سياق النفي فتعم ]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقوله : ((وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن ثم : فإن هذه الآية ذكرت شرطا من شرطي الشفاعة ، وهو : ” إذن الله للشافع أن يشفع “
وهناك آيات أخرى ذكرت الشروط
ومن تأمل كتاب الله وجد :
كقوله تعالى عن الملائكة :
((وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ))
وقال :
((مَا مِن شَفِيعٍ إِلاَّ مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ))
والنصوص في هذا المعنى كثيرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال المصنف :
قال أبو العباس : [ هي كنية شيخ الإسلام ابن تيمية ، فشيخ الإسلام يعلق على هذه الآية الأخيرة ]
(( نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون ، فنفى ان يكون لغيره ملك أو قسط منه أو يكون عونا لله )) :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــ
فقوله : (( نفى أن يكون لغيره ملك )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما في قوله تعالى :
((لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ ))
وقوله : (( أو قسط منه )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قسط : أي نصيب
((وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ ))
وقوله : (( أو يكون عونا لله )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما قال تعالى :
((وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ ))
وقوله : (( ولم يبق إلا الشفاعة فبيَّن أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب كما قال : ((وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
، فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن ، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه يأتي ويسجد لربه ويحمده لا يبدأ بالشفاعة أولا ثم يقال : [ ارفع رأسك ، وقل يسمع ، وسل تُعط ، واشفع تشفع ]))
وقال له أبو هريرة : من أسعد الناس بشفاعتك ؟
قال:(( من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــــــــ
جاءت رواية :
(( إن الله يأمر جبريل أن يقول للنبي عليه الصلاة والسلام هذا القول ))
فيكون قول الله عز وجل بناء على هذه الرواية يكون قولا لله باعتبار أنه قد أمر جبريل ، والآمر كالقائل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ