مختصر فقه العبادات
[ 44 ]
( كتاب الصيام )
[ 2 ]
( المفطرات )
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
المفطرات أعظمها الجماع وهو تغييب الحشفة فيجب مع القضاء الكفارة المغلظة على الترتيب : عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ، ولا تلزم الكفارة في غير رمضان ولوكان يقضي أياما ً منه . وكل يوم له كفارة .
الشرح :
أعظم المفطرات الجماع في نهار رمضان .
والجماع يحصل بتغيب الحشفة ، ولو لم ينزل . فمتى غيب حشفته فإنه قد جامع .ويجب عليه مع القضاء أن يكفر الكفارة المغلظة .
وهي : عتق رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع لكبر أو نحوه وليس معنى ذلك المشقة لأن الصيام يشق على كل أحد فإن لم يستطع فيطعم ستين مسكيناً وإنما وجبت هذه الكفارة المغلظة لعظم حرمة نهار رمضان . ولذا لو كان عليه صيام من رمضان وقضاه في ذي القعدة فجامع . فإنه آثم لأنه أفسد صيامه الواجب . لكن لا تلزمه الكفارة المغلظة .
وكل يوم له كفارة فلو أنه جامع في يومين فعليه كفارتان على القول الصحيح .
مسألة :
خروج المني عمداً ، أما المذي فلا . ويجوز له أن يقبل ويباشر إن أمن وإلا فيحرم .
الشرح :
من المفطرات المني .
لقوله تعالى في الحديث القدسي :
[يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ]
أما المذي فلا يقاس على المني لأن الشهوة الكاملة لا تحصل به . ولذا لو أمذى متعمداً فلا يبطل صومه . وله أن يقبل زوجته وأن يباشرها وأن يضمها شريطة أن يتمكن من نفسه . فإن خاف على نفسه من أن يقع في الجماع . فإن التقبيل والمباشرة حرام . وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام
[أنه كان يقبل ويباشر وهو صائم ]
مسالة:
ثالثاً : التقيؤ عمداً .
الشرح :
لقوله عليه الصلاة والسلام في السنن :
[ من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ومن استقاء عمداً فليقض ] .
فإذا خرج القيء من غير عمد فصيامه صحيح وإن حصل بعمد فإنه يقضي .
رابعاً : مسألة:
الأكل والشرب بأن يدخل عن طريق الفم أو الأنف إلى الجوف بغض النظر عن المأكول أو المشروب إلى فيلحق به حقن الدم والإبر المغذية التي يكتفا بها عن الأكل والشرب .
الشرح :
هذا من المفطرات
لقوله تعالى :
{ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ }البقرة187
ويكون بإدخال المأكول أو المشروب عن طريق الفم أو الأنف إلى الجوف .بقطع النظر عن هذا المأكول والمشروب .سواءً كان هذا المأكول والمشروب ضاراً أم نافعاً .ويلحق بذلك الإبر المغذية التي يستغني بها عن الطعام والشراب
.أما الإبر التي لا يستغني بها عن الطعام والشراب
وإنما تعطى الجسم قوة ونشاطاً فإنها لا تفطر لأنها لا تعد أكلاً ولا شرباً ، ولا في معناهما .
وكذلك حقن الدم فلو كان الإنسان صائماً ثم احتاج إلى دم فحقن جسمه فإن صومه يبطل وذلك لأن الدم هو غاية الغذاء ، ومن ثم فلو أنه اكتحل أو قطر في عينه أو قطر في أذنه فلا بأس بذلك ولو وجد طعم ذلك في حلقه ،
لكن إن قطر عن طريق أنفه فنزلت هذه القطرة إلى جوفه فإن صومه يبطل .لأننا قلنا إن الأكل والشرب : هو إدخال المأكول والمشروب عن طريق الفم أو الأنف ،لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال في حديث لقيط [وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً ] فدل على أن الأنف له أثر في الفطر.
مسألة:
خامساً / الحجامة
الشرح :
لقوله عليه الصلاة والسلام :
[ أفطر الحاجم و المحجوم ]
وهذا هو القول الصحيح .في أن الحجامة مفطرة .خلافاً لمن قال إنها لا تفطر .
فلوقال قائل :
المحجوم افطر لخروج الدم منه لكن ما بال الحاجم ؟
نقول :
لأنه يمص الدم فربما نزل في جوفه شيء من هذا الدم .
والعلة إذا لم تكن ظاهرة فإن الحكم يعلم بمظنتها .مثل النائم قلنا إن النوم ناقض من نواقص الوضوء ، فقد ينام ولا ينقض وضوءه لكن لما كانت العلة خفية علق الحكم بمظنتها ، ولذا لو جزمنا كما هو الآن أن الحاجم لا يمص الدم وإنما بالآلة فإن صومه صحيح .
مسالة :
هذه المفطرات معتبر ة إذا كان عالماً ذاكراً مختاراً :
الشرح
لكن لابد في هذه المفطرات السابقة :
1- أن يكون الإنسان عالماً فإن كان جاهلاً فلا شيء عليه فصيامه صحيح .
2- أن يكون ذاكراً فلو كان ناسياً فصيامه صحيح لقوله عليه الصلاة والسلام [ من نسي و هو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ] وأما الجهل فلقوله تعالى :
{ َربَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا }البقرة2863- [أن يكون مختاراً كأن يكره زوجته ]
على الجماع فإن صيامها على الصحيح صحيح ولا يبطل لقوله عليه الصلاة والسلام[عفي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ].
مسالة :
له أن يأكل بالليل ما لم يتيقن طلوع الفجر وله أن يفطر إذا تيقن أو غلب على ظنه غروب الشمس .
الشرح :
عندنا قاعدة وهي :
[ الأصل بقاء ما كان على ما كان]
فالأصل بقاء الليل فإذا لم يجزم بأن الليل قد ذهب فله أن يأكل وأن يشرب حتى لو غلب على ظنه أن الفجر قد طلع وأن الليل قد ذهب . لم يتقن وإنما غلب على ظنه فله أن يأكل وله أن يشرب .
وأما بالنسبة للنهار فالأصل بقاء ما كان على ما كان لكن يجوز له أن يفطر إذا غلب على ظنه أن الشمس قد غربت
وفرقنا بين مسألة الليل والنهار:
مع أن الأصل بقاء ما كان على ما كان . لوجود الدليل عند البخاري وهو حديث أسماء قالت [ أفطرنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم غيم ثم طلعت الشمس ] ولم يأمرهم النبي عليه الصلاة والسلام بالقضاء . وهذا هو القول الراجح في المسألتين .
مسالة :
يجب على الصائم اجتناب المحرمات . فإن خوصم سن له جهراً أن يقول( إني صائم) .
الشرح :
يجب عليه أن يجتنب المحرمات من غيبة وشتم وقذف ونميمة ونحو ذلك .وهي تنقص الصوم ولا تبطله لعدم وجود الدليل في بطلانه .
وأما ما ورد من دليل [ من أن النبي عليه الصلاة والسلام أمر امرأتين اغتابتا أمرهما بأن يستفرغا قيحاً ودماً ]فإنه حديث لا يصح . ولذا قال عليه الصلاة والسلام:
[ إذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخط فإن سابه أحد أوشاتمه فليقل إني صائم ] والسنة أن يجهر بها على القول الصحيح . لبيان أنه صائم وأن الصائم لا ينبغي له أن يشاتم فهو لم يدع مخاصمته لضعف ولجبن فيه وإنما لكونه صائما .