( مختصر فقه المعاملات ) [ 16 ] ( كتاب البيوع ) [ 16 ] (باب الحوالة – باب الوكالة )

( مختصر فقه المعاملات ) [ 16 ] ( كتاب البيوع ) [ 16 ] (باب الحوالة – باب الوكالة )

مشاهدات: 381

( فقه المعاملات )

( 16 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

( كتاب البيوع )

( 16 )

 (باب الحوالة – باب الوكالة )

 

الحوالة ليست بيعاً ، وإنما هي نقل حق .

الشرح :

فالحوالة على الصحيح هي نقل حق وليست بيعاً ، النبي عليه الصلاة والسلام قال : كما في الصحيحين:

( إذا أحيل أحدكم على مليء فليتبع ) .

مسألة :

 شروط الحوالة :

أولاً :

 [ أن تكون على دين مستقر ]

الشرح

 أن تكون على دين مستقر ، وقد سبق معنا ذكر هذا في السلم ، قلنا إن السلم لا تصح فيه الحوالة ، لأن العقد عرضة للفسخ فإذا لم يحضر السلعة فإنه مخير بين أن ينتظر وبين أن يفسخ العقد ، فلا بد أن يكون على دين مستقر .

مسألة :

 ليس للابن أن يحيل على أبيه المدين له لأن الابن لا يحق له المطالبة فالفرع كذلك إلا إن رضي الأب .

الشرح :

فإذا كان في ذمة أبيك دين فلا يجوز لك أن تطالبه به حتى يأتي به ، ومن باب أولى أنه إذا جاءك شخص يطالبك بدين من باب أولى أن لا تحيله على أبيك لأنه لا يجوز لك ابتداءً أن تطالبه فكذلك لا يجوز أن تحيل عليه إلا إن رضي الأب بالحوالة .

ثانياً :

 [ اتفاق الدينين جنساً ووصفاً ومقداراً ]

الشرح :

 فلا بد أن يتفق الدينان فلو كان لديك على شخص ليرات , وشخص يطالبك بريالات فلا تصح الحوالة لأن ، الدين غير متفق ، وكذلك لو كان هذا الشخص يطالبك بمائة وأنت تطالب ذلك الشخص بخمسين لا يصح في ذلك التحويل ، وكذلك الوصف فلو كنت تطالب شخصاً بكيلو من الذهب ( التبر ) وهذا الشخص يطالبك بكيلو من الذهب ( المصنع ) فلا تصح الحوالة لأنه لم يتفق الدينان في الوصف .

ثالثاً :

 [ رضى المحيل فقط ، أما المحال عليه فلا وكذا المحال إلا إذا أُحيل على معسر أو مماطل ، وإن رضي المحال بمن ذكر فليس له الرجوع إلا إذا اشترط الرجوع ]

الشرح :

لا بد من رضى المحيل فلو أن شخصاً طالبك بالدين لا بد من رضاك أنت المحيل لأن لك الحق أن تقول أنا أسدد ما علي من دين ولا يلزمني أن أحيلك على الشخص المدين لي فلابد من رضى المحيل ، عندنا المحال عليه الذي عليه الدين لك فلا يشترط رضاه لأن المال مالك ، وأنت مخير بين أن تستوفي منه هذا المال بنفسك أو بوكيلك

وهو الذي بمنزلة المحال ،

لكن المحال الذي له الدين عليك على الصحيح لا يشترط رضاه :

لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا أحيل أحدكم على مليء ـ يعني على غني باذل ـ فليتبع )

وهذا هو القول الراجح فلا يشترط أن ترضى إذا كنت محالاً فلا يلزم رضاك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن تتبع إذا كان المحال غنياً باذلاً ،

لكن إن كان معسراً فلا يلزمك ، أو كان غنياً مماطلاً فلا يلزمك ،

لكن لو أن المحال رضي أن يحيله هذا الشخص على معسر أو على المماطل فرجع إلى صاحبه الأول فلا يلزم صاحبه الأول بشيء إلا في حالة واحده إذا قال هذا المحال : يا فلان أحلني على ذلك المعسر أو ذلك المماطل ، لكن إن لم استطع أن أخلص الحق فسأعود عليك فيصح هذا الشرط .

مسألة :

إذا صحت الحوالة برئت ذمة المحيل .

الشرح :

إذا أحلت شخصاً على شخص فصحت هذه الحوالة ، فلا يلزمك شيء فإذا أحلته فلا يتعلق بذمتك شيء هو يصطفي مع الآخر حسب ما يتفقان .

مسألة :

 لا يضر تكرار المحال والمحيل .

الشرح :

لا يضر تكرار المحال والمحيل فلو أن شخصاً أحالك على شخص وذلك الشخص أحالك على شخص آخر وذلك الشخص أحالك على شخص آخر فتصح الحوالة .

مسألة :

: إذا قال أحدهما : وكلتني ، وقال الآخر : بل أحلتني ، فالقول قول مدعي الوكالة مع يمينه لأنه غارم ، لأن الأصل (بقاء ما كان على ماكان).

الشرح :

لو كان عليك مال لشخص فأحلته على شخص ، فقال : يا فلان حصل نزاع وشقاق لم أجد شيئاً عند المحال عليه ، قلت : يا فلان أنا لم أحلك وإنما وكلتك ، قال : لا بل أحلتني ، فالقول قول مدعي الوكالة لأن مدعي الوكالة الأصل فيه السلامة ، لكن مدعي الحوالة سيغرم ، هناك غرم ، وسبق معنا (أن كل غارم ، فالقول قوله مع يمينه )فالقول قول مدعي الوكالة ، لكن عليه أن يحلف ، وكل هذا ما لم لم توجد بينة لأحدهما فهي الفاصلة .

 

( باب الوكالة ) 

مسألة :

[ الوكالة : وهي جائزة ، ولابد أن يكونا جائزي التصرف ]

الشرح :

قال تعالى : { وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا  }

والنبي عليه الصلاة والسلام وكل أشخاصاً من بينهم (عروة البارقي ) كما عند البخاري ، وهي جائزة ، قلنا جائزة

وسيأتي معنا في بعض العقود أنها لازمة وفرق بين (الجواز واللزوم) في العقود ولابد أن يكون جائزي التصرف الوكيل والموكل ،

الموكل هو الأصل ، والوكيل هو الفرع ،

إذا وكلتك فأنا الموكل وأنت الوكيل فلا بد أن يكونا جائزي التصرف ، ومن هو جائز التصرف ، هو من توفرت فيه الشروط الأربعة التي مرت معنا فيجوز أن توكل صغيراً ؟ لا ولا مجنوناً .

مسألة :

 تصح الوكالة مؤقتة ومعلقة بشرط .

الشرح :

كأن تقول أنت وكيلي في شهر رجب ، فإذا انتهى شهر رجب انتهت الوكالة ، أو معلقة بشرط كأن تقول أنت وكيلي إذا قدم أبي من السفر ، فإذا قدم أبوك من السفر بدأت الوكالة .

مسألة :

يشترط أن يُعين الوكيل .

الشرح :

فلا بد أن يعين الوكيل فلو قال وكلت أحد هذين فلا تصح الوكالة ، ولابد أن يعرف الوكيل بالتعين .

قاعدة :

[ من له التصرف في شيء فله التوكيل فيه ، ومن لا فلا ]

الشرح :

 فالأشياء التي لا يستحق الموكل أن يتصرف فيها لا يجوز له أن يوكل فيها وكذلك العكس .

مسألة :

 يصح التوكيل في حقوق الآدميين وكذا في حقوق الله المتعلقة بالمال ، أما المتعلقة بالبدن فلا ، ماعدا الحج والعمرة .

الشرح :

التوكيل يكون في أمور فليس مطلقاً ، التوكيل يكون في حقوق الآدميين لأنها هي التي تكون فيها الوكالة ،

 أما حقوق الله عز وجل فلا بد أن يقوم بها الشخص ، لا يصح أن يوكل شخصاً لكي يصلي عنه أو لكي يصوم عنه فهي متعلقة بحقوق الآدميين

وأما حقوق الله فيجب أن يقوم بها الموكل إلا المتعلقة بالأموال ،

هناك حقوق لله عزوجل من جنس المال مثل أن يوكله في صرف زكاته فتصح الوكالة ، أما المتعلقة بالبدن مثل الصيام ومثل الصلاة فلا يجوز التوكيل فيها ماعدا الحج والعمرة لأن الشريعة استثنت هاتين العبادتين .

مسألة :

 لا تصح الوكالة في الأيمان والشهادات ولا في محرم .

الشرح :

لا يصح أن يقول لشخص أحلف عني أو اشهد عني ولا أن يوكله في فعل محرم كأن يقول وكلتك في بيع الخمر أو في الخمر فلا تصح الوكالة لأن بيع الخمر لا يصح من نفسه ، ولا يجوز من الشخص ذاته فنائبه من باب أولى كما مر معنا في القاعدة [ من له التصرف في شيء فله التوكيل فيه ومن لا فلا ] .

مسألة :

تصح الوكالة في اثبات الحدود وفي استيفائها .

الشرح :

لقوله عليه الصلاة والسلام : ( واغدوا يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ) فيجوز للحاكم أن يوكل شخصاً في أن يثبت هذا الحد ، وأن يقوم باستيفائه ) .

مسألة :

لا يوكل غيره إلا إذا أجاز له الموكل ، أوكان هذا العمل لا يتولاه مثله أو يعجز عنه أو لا يحسنه ولا بد أن يوكل أميناً .

الشرح :

فالوكيل لا بد أن يقوم بالعمل ولا يجوز له أن ينيب غيره لأن الموكل ما اختارك إلا لثقته فيك فلا يجوز أن توكل شخصاً آخر إلا في حالات من بينها إذا كان هذا العمل لا يتولاه مثله ،

فقد يكون الشخص عالماً فيوكله في أن يوزع مثلاً لحماً فمثل هذا لم يجري العرف بأن يقوم به

أو مثلاً أن يوكله في أن يحرج على سلعة ما فمثل هذا لا يليق به ،

فلو وكل هذا العالم الذي بهذه الصفة لو وكل شخصاً آخر فلا بأس بذلك ، لكن لا بد أن يكون من وكله أميناً أو يعجز عنه وذلك كأن يوكله في أشياء يظن أنه سيقوم بها فكثرت عليه فعجز عنها فيجوز له أن يوكل شخصاً آخر ،

أو كان لا يحسنه وكل شخصاً في أن يذبح مثلاً أضحيته وهو لا يحسن الذبح فيجوز له أن يوكل شخصاً آخر في كل هذه الأحوال إذا جاز

 

(( باب مبطلات الوكالة ))

مبطلات الوكالة

الوكالة لأنها عقد جائز لها مايبطلها .

مسألة :

 إذا فسخ الوكيل نفسه أو عزله الموكل أو بموت أحدهما أو جنون أحدهما المطبق أو بالحجر على أحدهما .

الشرح :

 فتبطل الوكالة إذا فسخ الوكيل نفسه ،

 لو قال الوكيل : لا أريد أن أتولى هذا العمل الذي وكلتني فيه

أو أن الموكل قال : يا فلان عزلتك عن الوكالة ، أو أن أحدهما مات سواء الوكيل أو الموكل فإذا مات الموكل فيجب على الوكيل أن يقف ولا يتصرف في شيء ، أو جنون أحدهما المطبق يعني جنون مستمر فإذا جن أحدهما فتبطل الوكالة ، لأن اشترطنا أن تكون الوكالة من الوكيل والموكل من جائز التصرف أو بالحجر على أحدهما فإذا حُجر على الوكيل أو الموكل ، وسيأتي معنا مسائل الحجر بإذن الله تعالى فإن الوكالة تنفسخ وتبطل .

مسألة :

 تصرفات الوكيل قبل علمه بالعزل صحيحه .

الشرح :

 لو أن الوكيل قد عزله الموكل ولم يصل إلى الوكيل خبر عزله ، فيصرفان هذا الوكيل من بيع وشراء ونحو ذلك صحيحه .

مسألة :

 لا يجوز للوكيل أن يبيع لنفسه ، أو يشتري لنفسه ، وكذا من لاتقبل شهادتهم له إلا إن كان ينادي عليها وزاد في ثمن النداء .

الشرح :

لا يجوز أن يبيع لنفسه ، أو يشتري لنفسه ،

فلو قال الموكل : بع لي هذا الجهاز فلا يجوز أن يشتري هذا الوكيل هذا الجهاز لوجود التهمة لأنه سيحابي نفسه لأنه لن يبيعه بسعر زائد لأنه هو المشتري وكذلك لو قال الموكل : يا فلان  أريد جهاز جوال وكلتك في شرائه ، وكان عند هذا الوكيل محل فلا يجوز أن يبيع لنفسه من أجل التهمة

وكذلك من لا تقبل شهادتهم له ، مثل أبيك لا يجوز له أن يشهد لك ،

مثل ابنك لا يجوز له أن يشهد لك

مثل زوجتك لا يجوز أن تشهد لك وأن تشهد لها فكذلك لو وكلك شخص في بيع جهاز فلا تبعه إلى هؤلاء لوجود التهمة أو وكلك في شراء جهاز فلا تشتريه من هؤلاء لوجود التهمة ، إلا في حالة واحده استثناها بعض العلماء ،

والمسألة فيها خلاف قال بعض العلماء: إذا كان ينادي على السلعة والمنادي غيرك ، وتزايد الناس فيها وزدت في ثمن النداء فهنا بعدت عنك التهمة .

مسألة :

 لا يصح أن يوكل في كل كثير وقليل بل يحدد .

الشرح :

 لا يجوز أن يقول وكلتك في كل كثير وقليل ، لأنه ربما يكون هذا الوكيل قد اشترى شيئاً كثيراً فيعجز هذا الموكل عن السداد فيحصل النزاع والشقاق .

مسألة :

 الوكيل أمين ولو بأُجرة .

الشرح :

الوكيل أمين لو أخذ السلعة ليبيعها فتلفت من غير تعدي ولا تفريط فلا يضمن ، أو أخذ النقود ليشتري بها شيئاً فتلفت أو سرقت فلا يضمن حتى ولو كان بأجره لو كنت قد أعطيته أجرة على أن يشتري لك أو يبيع لك فإنه أمين وعندنا قاعدة : أن الأمين لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط .

مسألة :

 لا تصح الوكالة بأداء حقوق الزوجة .

الشرح :

فلا يصح أن يوكل شخصاً لكي يؤدي الحقوق التي عليه لزوجته من قسم ومبيت وغير ذلك .

مسألة 

من حدد له البيع بثمن معين فباعه بأكثر فقد زاد خيراً ، وإن باعه بأقل فيضمن ، وإن لم يحدد فباعه بأقل من ثمن المثل فيضمن ، وعليه أن يلتزم بشروط الموكل كبيعه في سوق معين ونحو ذلك .

الشرح :

إذا قال لك يا فلان بع هذا الجهاز بألف فبعته بألف ومائه ، زدته خيراً فهذا خير على خير ،

لو قال يا فلان بعه بألف فبعته بتسعمائة ، فإنك تضمن ما نقص ،

لكن إن لم يحدد لك فلا بد أن تبيعه بمثل ثمنه المتعارف عليه في السوق ، إن بعته بأقل فإنك ضامن ، وإن بعته بمثل ثمن المثل فإنك لا تضمن ، وإذا قال لك الموكل بعه في السوق الفلاني ، أو لا تبعه على فلان فيجب عليك أن تتقيد بشروطه ، فإن لم تتقيد فحصل تلف أو تفريط فإنك ضامن.