( مختصر فقه المعاملات ) [ 25 ] ( كتاب البيوع ) [ 25 ]  (باب اللقطة – باب اللقيط )

( مختصر فقه المعاملات ) [ 25 ] ( كتاب البيوع ) [ 25 ]  (باب اللقطة – باب اللقيط )

مشاهدات: 767

( فقه المعاملات )

( 25 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

( كتاب البيوع )

( 25 )

 (باب اللقطة – باب اللقيط )

 

 [ اللقطة ] بضم اللام وفتحها ولا تخلو من ثلاث حالات :

أولاً :

[ ما لا تتبعه همة أوساط الناس فينتفع به بلا تعريف ولا يلزمه رد بدله إلا إن كان معه باقياً فيرده لصاحبه ].

الشرح :

[ الحالة الأولى ] : مثل سوط مثل تمرة تمرتين مثل ريال مثل خمسة ريالات في هذا العصر فله أن يأخذها ولا يلزمه أن يعرفها وله أن ينتفع بها في الحال ولو جاء صاحبها بعد ما أنتفع بها فإنه لا يردها ولا يرد بدلها إلا إن كانت موجودة معه وأتى صاحبها فصاحبها أحق بها ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لما رأى تمرةً قال ( لولا إني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتهما ) .

ثانياً :

[ ما يمتنع من صغار السباع كالثعلب إما لضخامته كالإبل والبقر أو لطيرانه كالطيور أو لسرعته كالضبا ء ويحرم التقاطه ولا يملكه ولو عرّفه ويلحق بهذا الآلات الكبيرة التي يصعب نقلها فإن تلف هذا النوع عنده ضمنه إن لم يكتمه فيضمنه ومثله معه وإذا أراد التخلص فيسلمه للحاكم وله أن يلتقط إذا خاف عليه ] .

الشرح :

ما يمتنع من صغار السباع، والسباع منها صغار ومنها كبار ، من الكبار الأسود ، من الصغار الثعالب ، فالإبل تمتنع لضخامتها من الثعلب

وكذا البقر والطيور لطيرانها والظباء لسرعتها فهذه الأشياء

ومثلها الأواني الكبيرة التي يصعب نقلها لا يجوز أن تلتقط تترك في مكانها ولذا في الصحيحين

لما سئل عليه الصلاة والسلام عن ضالة الإبل غضب حتى احمرت وجنتاه قال :

( مالك ولها معها حذاؤها وسقاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربها )

فإذا التقطها لا يملكها حتى ولو عرّفها ويكون بمثابة الغاضب ولا يسلم من التبعية إلا إذا سلمها إلى الحاكم ولا يجوز أن يلتقطها إلا إذا وجدها في هلكة وخشي عليها فيجوز في هذه الحال فإذا لم توجد ضرورة لأخذها فأخذها فإنه إن لم يكتمها فتلفت ضمنها وإن كتمها فتلفت ضمنها ومثلها معها لقوله عليه الصلاة والسلام

( في ضالة الإبل المكتومة ومثلها معها )

فإذا التقط بعيراً وأخفاه فتلف هذا البعير فيلزم مع هذا البعير آخر .

ثالثاً :

 [ ما لا يمتنع من صغار السباع وكذا سائر الأموال فيجوز التقاطه لمن قدر على تعريفه وهو ثلاثة أنواع ] :

الشرح :

هذا هو النوع الثالث الذي يجوز أن يلتقط لكن لا بد مع التقاطه من التعريف وهو ما لا يمتنع من صغار السباع مثل الشاة قال النبي صلى الله عليه وسلم عن ضالة الغنم قال ( خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب ) وكذلك الأموال تلتقط لمن عرف من نفسه القدرة على تعريفها فإن أخذها وهو لا ينوي تعريفها فهو غاصب وسبق معنا حكم الغصب ومن أخذها وهو يعرف من نفسه عدم القدرة على التعريف فهو غاصب .

[ وهو ثلاثة أنواع ] :

[ أ ] حيوان مأكول فيلزم فيه الأنفع لمالكه إما أكله وعليه قيمته في الحال أو بيعه بعد ضبط صفاته وحفظ ثمنه أو يحفظه وينفق عليه بنية الرجوع .

الشرح :

هذا الملتقط الذي يجوز التقاطه ويجب تعريفه لا يخلو ، إما أن يكون حيواناً مأكول ، فإذا وجده فهو مخير في حال وجوده له بين ثلاثة أشياء :

[1] إما أن يذبحه ويأكله وعليه قيمته في الحال لأن السعر قد يختلف فيما بعد .

[2] وإما أن يبقيه حياً وينفق عليه ويعود على صاحبه بالنفقة إذا نوى الرجوع .

[3] وإما أن يبيعه في الحال ويقبض ثمنه حتى يأتي صاحبه .

فهو مخير بين هذا الأشياء الثلاثة حسب ما تقتضيه المصلحة لهذا الملتقط .

[ ب ] ما يخشى عليه الفساد كالبطيخ وهو كالنوع الأول .

الشرح :

وهو كالنوع الأول لأنه يخشى عليه الفساد إما أن يأكله وعليه قيمته في الحال وإما أن يبيعه ويقبض ثمنه .

[ ج ] غير ما ذكر كالنقود والأواني فهذا يلزم حفظه وعليه التعريف للأنواع الثلاثة سنة كاملة حسب العرف .

الشرح :

غير ما ذكر مثل النقود، المذكور إما حيوان مأكول وإما ما يخشى عليه الفساد فإذا لم يكن حيوان مأكولاً ولم يخش عليه الفساد ، فإنه يلزمه أن يحفظه ويلزمه في الثلاثة الأنواع التي يجوز التقاطها يلزمه مع ذلك التعريف لمدة سنة حسب ما يقتضيه العرف في التعريف ، النبي عليه الصلاة والسلام سئل عن ضالة الذهب والفضة قال : ( اعرف عفاصها ) يعني الإناء الذى هي فيه ( ووكاءها ) يعني ما يربط به فم الإناء ثم عرفها سنة .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

من لا يأمن نفسه على اللقطة فهو غاصب فيضمنها ولو ردها إلى مكانها ولو عرّفها لا يملكها وكذا من أخذها ولم يعرّفها فهو غاصب .

الشرح :

من لم يعرّفها فهو غاصب ومن أخذها وهو لا يعلم من نفسه القدرة على تعريفها فعرّفها فإنه لا يملكها فهو غاصب ولو أخذها وردها إلى مكانها فكذلك .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 يستحب الإشهاد عليها ولا يعرّفها في المسجد إنما عند بابه وأجرة المنادي عليه ولا يرجع على صاحبها .

الشرح :

لقول الرسول عليه الصلاة والسلام كما عند أبي داود وابن ماجه ( من وجد لقطةً فليشهد عليها ذوي عدلاً ) وذلك حتى لا تخونه نفسه فلربما كتمها وأخفاها ،ولا يعرّفها في المسجد لأن المساجد لم تبن لهذا وأجرة المنادي على الملتقط أن التعريف واجب على الملتقط فكذلك أجرة المنادي تكون واجبة عليه فلو أنه قال لشخص عرّفها وناد عليها فقال : أنادي عليها بمائة ريال فإن هذه المائة يدفعها الملتقط فلو أتى صاحبها فلا يلزم بشيء .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 إن وصفها اثنان فالبينة ، فإن لم توجد فيقترعان ومن كانت له القرعة فيحلف .

الشرح :

لو وصفها اثنان بأوصافها الحقيقية معاً فلمن تكون ، يقال لا بد من البينة من كان لديه بينة يعني شهود فتكون له فإن لم توجد بينة معهما فيقترعان ومن وقعت عليه القرعة يأخذها بشرط أن يحلف أنها له .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 لو جاء مالكها قبل السنة أخذها مع نمائها والنفقة عليه إن نوى الملتقط فإن لم ينو  فلا ، وإن أتى بعد السنة فله النماء المتصل فقط .

الشرح :

إن جاء مالكها قبل السنة فإنه يأخذها بنمائها المتصل والمنفصل وإن كانت بهيمة فأنفق عليها الملتقط فإنه يرجع عليه بشرط أن ينوي الرجوع ، لكن لو جاء صاحبها بعد تمام السنة فإنها تدفع إليه إذا وصفها ، لكن لو أن هذه اللقطة لها نماء منفصل كأن تكون شياة فأنتجت هذا النتاج منفصل يكون للملتقط ولا يكون لصاحب المواشي .لأنها حلت فى ملك الملتقط بعد السنة

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 إذا مضت السنة بعد تعريفها تنتقل إلى ملكه حكماً لا حقيقة سواءً هذا الملتقط مسلماً أو كافراً ويتصرف فيها بعد ضبط صفتها فإن جاء صاحبها ردها وإن لم توجد رد بدلها أو القيمة وقت ملكه لها .

الشرح :

إذا مضت السنة بعد تعريفها تنتقل إلى الملتقط فيملكها حكماً لا حقيقياً لقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( فإن جاء صاحبها وإلا فهي كسبيل مالك ) فيكون مالكاً لها يتصرف فيها بما يشاء ، لكنه ملكاً غير حقيقي بمعنى أنه لو جاء صاحبها دفعت إليه سواء كان هذا الملتقط مسلماً أو كافراً لعموم النص فإن جاء صاحبها بعد تمام السنة فإنه يدفعها له إن كانت موجودة وإلا رد بدلها فإن لم يكن لها بدل فيدفع القيمة وقت ملكه لها ، متى يملكها بعد السنة .

! ! ! ! ! ! !

 

مسألة :

إن تلفت بعد السنة يضمن مطلقاً وقبلها إن تعدى أو فرط .

الشرح :

 إذا تلفت قبل تمام السنة هي الآن لم تدخل ملكه متى تدخل؟ بعد تمام السنة ، فإذا دخلت ملكه بعد تمام السنة فتلفت فإنه يضمن مطلقاً فرط أو تعدى ،  أولم يفرط أما إن كان التلف قبل السنة فإنه أمين لم تدخل في ملكه بعد فلا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 لقطة الحرم الصحيح أنها لا تملك أبداً ويجب تعريفها أبداً أما لقطة الحاج فلا تملك بالإجماع .

الشرح :

لقطة الحرم اختلف فيها هل تلتقط أم لا هل تمتلك أم لا ؟

الصحيح أنها لا تمتلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ولا تحل لقطتها إلا لمنشد ) بمعنى أنه يعرفها دائماً ، وأما لقطة الحاج بإجماع العلماء لا تمتلك لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن( لقطة الحاج ).

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 المحجور عليه لمصلحة نفسه يملكها ويقوم وليه مقامه بالتعريف ولو تركها الولي في يده لضمنها الولي .

الشرح :

 المحجور عليه لمصلحة نفسه هم : (الصبي و المجنون و السفيه ) فلو التقطها أحد هؤلاء فإنه يملكها كغيره لكن لكونه محجوراً عليه لمصلحة نفسه فلابد أن يأخذها وليه فإن لم يأخذها فتلفت ضمنها الولي .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 من ترك حيواناً لعجز أهله عن النفقة عليه يملكه آخذه .

الشرح :

لقول النبي عليه الصلاة والسلام ( من وجد دابةً قد سيبها أهلها فهي له ) ولذا لو أن أناساً تركوا جملاً لعجزهم عن النفقة عليه وعرف ذلك فله أن يأخذه ويملكه .

! ! ! ! ! ! !

 

مسألة :

من أُخذ نعله ووجد في موضعه غيره فحكمه حكم اللقطة فيعرف وبعد التعريف يأخذ قدر حقه ويتصدق بالباقي .

الشرح :

هذا لما كانت النعال ذات قيمة وأهمية في القديم فلو وجدت في محل نعليك نعلين آخرين ولم تجد نعليك فإنك لا تأخذها فإنها لقطة فإن أخذتها فيلزمك أن تعرّفها وبعد التعريف تباع وتأخذ حقك والباقي تتصدق به ،

وهذا يحصل في دورات المياه بعض الناس قد يضع شماغه ويجد محله شيئاً آخر ولبعض العلماء تفصيل في هذا

وبعض العلماء يقول وهو ابن قدامة يقول : ( إن وجد في مكانه أي مكان شماغه شماغاً أثمن من شماغه فهي لقطة ، وكذلك إن وجده مساوياً ، وأما إن وجد أقل فدل على أن صاحب هذا الشماغ قد وضعه ليأخذ هذا الشماغ الأثمن، فبوضعه قرينة وإذن بالتصرف فيه فيجوز أن تأخذه ) .

! ! ! ! ! ! !

)) باب أحكام اللقيط ((نأأني

مسألة :

[ اللقيط ] أخذه فرض كفاية،

ويسن الإشهاد عليه وما معه ،

وهو حر وما وجد معه من مال أو حوله أو تحته فإنه له وينفق عليه منه

وإن لم يوجد فمن بيت المال

 فإن لم يتيسر فعلى من عرف حاله من المسلمين وهو مسلم إلا إذا وجد في دار الكفار أو بلد أكثرها كفار لأنهم يتبعون آبائهم في أحكام الدنيا

فلو مات لا يغسل ونحو ذلك وحاضنه هو  واجده ، إذا كان لا يكثر التنقل ،

 وميراثه وديته لبيت المال إن لم يكن له وارث فإن قتل عمداً فوليه إمام المسلمين

 وإن جني عليه دون القتل ينتظر بلوغه ورشده ليقتص أو يعفوا ولو أقرت به امرأة أو رجل ألحق به إذا انفرد بادعائه وأمكن كونه منه ، وإن ادعاه جماعة فالبينة ، فإن تعارضا

أو لم توجد عرض على القافة ولو ألحقته بأثنين لحق بهما ، ويكفي قائف واحد عدل ذكر مجرب الإصابة ولو ادعاه كافر لحق به بالنسب لا في الدين ولا يحضنه .

الشرح :

اللقيط أخذه فرض كفاية وجد طفل لقيط لا يعرف له أهل فيجب أن يؤخذ ولا يجوز للمسلمين أن يدعوه فإن تركه الكل أثموا

وسن الإشهاد عليه وعلى ما معه من مال قد يكون معه مال أو تحته أو حوله مال فينفق عليه من هذا المال ، لكن إن لم يوجد معه مال فإنه ينفق عليه من بيت مال المسلمين ،

فإن لم يتيسر فعلى من عرف حاله من المسلمين

وهو في الأصل مسلم إلا إذا وجد في ديار الكفار أو في ديار أغلب أهلها كفار فيكون حكمه حكم الكفار في الدنيا

أما في الآخرة فقد اختلف العلماء في مصير أطفال الكفار ،

لكن في الدنيا إن كان في دار كفر أو في ديار أكثرها كفار فإنه يعامل معاملة الكفار لو مات لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ، ويحضنه واجده بشرط :

أن يكون هذا الواجد له أميناً وأن لا يكثر التنقل  لأن في كثرة التنقل ضرراً عليه ، ولأنه إن لم يكن أمين فإنه لا يأمن على هذا الطفل أن يربى تربيةً غير حسنة ،

وإذا مات وله مال فميراثه لبيت مال المسلمين

 وإن قتل فوليه ولي أمر المسلمين إن شاء أن يقتص وإن شاء أن يأخذ الدية ،

 وإن جني عليه دون القتل كقطع يده أو نحو ذلك فإنه ينتظر بلوغه ورشده فإن شاء اقتص وإن شاء عفى ،

ولو أقرت به امرأة أو رجل فإنه يلحق به أو بها بشرط أن ينفرد بإدعائه يعني لم يشاركه أحد في إدعائه وأمكن أن يكون منه ولو ادعته جماعة فيقال من لديه البينة فهو له ،

فإن جاء الكل ببينة أو لم توجد بينة من أحدهم فإنه يعرض على القافة الذي يعرفون الأنساب بطريق الشبه فإذا عرض على القافة فمن ألحقته القافة بهم لحقه ،وإن ألحقته القافة باثنين لحق بهما لأننا نسعى أن نعرف نسب هذا الطفل بقدر الإمكان ،

ويكفي قائف واحد عدل ذكر مجرب الإصابة

ولذا النبي عليه الصلاة والسلام دخل على عائشة ووجه يبرق من الفرح وذلك أن قائفاً رأى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد رضي الله عنهما قد غطيا وجوههما وأبديا أقدامهما فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض ،

وكانوا يطعنون في أسامة لأنه كان أسود وكان أبوه زيد أبيضاً،

ولو أقرت به امرأة لا يلحق بزوجها ولو أقر به رجل لا يلحق بزوجته إلا ببينة ولو ادعاه كافر لحقه في النسب لا في الدين ،ولا يحضنه لأن من شروط الحضانة أن يكون مسلماً كما سيأتى إنشاء الله تعالى

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

لو ادعى اللقيط أنه رقيق لا يقبل قوله إلا ببينة وإن ادعى أنه كافر بعد بلوغه لا يقبل ويستتاب .

الشرح :

إن ادعى اللقيط أنه رقيق فلا يقبل قوله إلا ببينة على أنه رقيق لِمَ ؟ لأن للرقيق أحكاماً تختلف عن أحكام الحر ، فإذا وافقناه على أنه رقيق أسقط أحكام الله عزوجل التى تجب عليه ،كما مر معنا أن صلاة الجمعة لا تجب عليه وغير ذلك من الأحكام ، وإن ادعى أنه كافر لا يقبل منه ويستتاب فإن تاب وإلا قتل لِمَ ؟ لأن الأصل الإسلام والكفر عارض .