( مختصر فقه المعاملات ) [ 41 ] (كتاب الإيلاء – كتاب الظهار )

( مختصر فقه المعاملات ) [ 41 ] (كتاب الإيلاء – كتاب الظهار )

مشاهدات: 859

( فقه المعاملات )

(41)

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

( كتاب الإيلاء – كتاب الظهار  )

 

مسألة .الإيلاء هو أن يحلف الزوج على ترك وطء زوجته مدة تزيد على أربعة أشهر

الشرح

الإيلاء :

هو أن يحلف الزوجُ على ترك وطء زوجته مدةً تزيد عن أربعة أشهرٍ ، فلا يصحُّ هذا الإيلاء ، وهو محرَّمٌ ولا يصحُّ إلا بشروطٍ .

الشرط الأول :

أن يكون الزوج ممن ايصحُّ طلاقه

 – كما سبق – هو العاقل المميز والعاقل المختار المميز الذي يعقله وأن يكون قادرًا على الوطء ، فإنه إن حلف على ترك الوطء وهو عاجزٌ لِعِنَةٍ به فإنه لا يكون إيلاء .

مسألة :

 ثانيًا :

 أن يحلف بالله على تركِ وطئها في قُبُلِها أكثر من أربعةِ أشهرٍ مِمن يمكن وطؤها .

الشرح :

 ولا بد أيضًا أن تكون الزوجة ممن يمكن وطؤها ، وهي بنت تسع سنين فأكثر . فإذا حلف بالله عز وجل أو بصفةٍ من صفاته على ترك وطء زوجته مدةً تزيد عن أربعة أشهرٍ فهو مُولي .

مسألة :

 لو علّقَه بشيءٍ لا يُتَوَقَّعُ حصوله أو بمحرمٍ أو بترك واجبٍ فإيلاء .

الشرح :

فإن علَّق إيلاءً على غير مدة وإنما علَّقه على أن تفعل محرماً ، كأن تشرب الخمر أو  علقة على ترك واجبٍ – أو علَّقه بأمرٍ كأن يترك الصلاة  لا يتوقع حصوله قريباً كأن يُعَلِّقَه ويربطه بخروجِ المسيح الدجال فإنه يُعَدُّ مولياً حتى لو لم يذكر مدةً .

مسألة :

 حكم الإيلاء محرم .

الشرح :

قال تعالى :

{لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }  فلما ختم الآية بهذين الاسمين الدالين على المغفرة والرحمة دلَّ على أنه محرم فمن تاب منه تاب الله عليه .

مسألة :

 لا تُحسَب من المدة أيام النفاس .

الشرح :

لو أنه حلف على ترك وطئ زوجته أربعة أشهر وعشرة أيام، وصادف في هذا الوقت أنها نفست أربعين يوماً ،

 فإنه لو قال : ظلمت . بمعنى أن أيام النفاس أريد أن تسقط ، فإذا أسقطت فإن المدة ستكون ثلاثة أشهرٍ ، وهذه أقل من أربعة أشهرٍ فيحق له ويمهل إلى أن يتجاوز أربعة أشهرٍ ، لكنَّ أيام الحيض تُحسب عليه ، لأنه أمرٌ معتادٌ ليس بأمرٍ طارئ .

مسألة :

 الفيء هو الجماع سواءً كان ناسياً أو جاهلاً ، ويكفي تغييب الحشفة ، ويُكَفِّر عن يمينه .

الشرح :

 قال تعالى :

{ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }البقرة226

والفيء هو الجماع ، فإذا جامعها سواءٌ كان ناسياً أو جاهلاً أنها زوجته بتغييب الحشفة ، ولو لم يغيّب الذكر كله فإن الزوج يكون بهذا قد فاءَ ، وعليه أن يكفِّرَ كفارة يمين .

مسألة :

لا يُلْزَمُ بطلاقٍ إلا بطلبها .

الشرح :

قال عز وجل:

{ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } {وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة227 ،

 بمعنى : أنه إذا مضت المدة . يعني : تجاوزت أربعة أشهر فإنه يوقف المولي ويقال له : يا فلان هذا إضرارٌ بالمرأة إما أن تطلِّق وإما أن تفيء بالجماع ، ولا يُلزَم بطلاقٍ إلا بطلبها ، لأن ترك الوطء ضررٌ عليها ، فإذا رضيت بهذا الضرر فإنه لا يُلْزَمُ بطلاقٍ .

مسألة :

 إن تنازعا في الوطء ، فقوله بيمينه .

الشرح :

 لو قالت الزوجة : لم يطأني . وقال الزوج : وطأتها . فالقول قوله مع يمينه ، لأنه يشبه الغارم ، (فكل غارم فالقول قوله مع يمينه ).

مسألة :

 إن كان بأحدهما عذرٌ فاء بلسانه ، ويطأ بعد العذر .

الشرح :

 لو كان بأحدهما عذرٌ ، كأن تكون المرأة حائضاً و  بعد المدة ، وقال : أريد أن أطأها لكنها حائضٌ والوطء في الحيض محرم ، فإنه يفيء بلسانه ، بأن يقول : سأطؤها بعد زوال العذر أو كان مريضًا في ذَكَرِهِ ، فإنه يقول : أفيء بعد زوال هذا المرض .

مسألة :

 يُلْحَق بالإيلاء من ترك وطئها إضراراً بلا يمين .

الشرح :

لو أنَّ شخصًا ترك وطأ زوجته من غير أن يحلف ومن غير أن يعلِّقَه بأمرٍ محرَّمٍ أو بفعلِ أمرٍ محرَّم أو تركِ واجبٍ أو بأمرٍ لا يتوقع حصوله ، فإنه بعد أربعة أشهرٍ يوقف ويُقال له : حكمك كحكم المولي ، إما أن تطلِّقَ وإما أن تطأ .

( كتاب الظهار  )

مسألة :

إن قال : أنتِ مثل أمي ، وأراد الكرامة . دُيِّنَ وقُبِلَ حُكْماً .

الشرح :

لو قال لزوجته : أنتِ مثل أمي . وأراد أنها كأمه في التكريم والتقدير فيُدَيَّنُ ويُقبَلُ حكماً حتى لو رَفَعَت الأمرَ إلى الحاكم ، فإنَّه يُقبَلُ حُكْمُاً .

مسألة :

 لو قال : يلزمني الظهار ، فلا يقع إلا بنيَّة أو قرينه .

الشرح :

لو قال : يلزمني الظهار ، فإنه لا يقع إلا بنيَّةٍ . يريد بذلك الظهار من هذا اللفظ أو بقرينةٍ . ما هي القرينة ؟ كأن تكون في حال خصومةٍ أو في حالة غضبٍ أو في حال سؤالها له المظاهرة ، وإلا فلا . وهذا يدل على رجحان قول شيخ الإسلام – رحمه الله – في جملة قول الزوج : الطلاق يلزمنى ، فإنه يرى أنها يمين . والمذهب يرى : أنها تطلق منه ثلاثًا . وفرّقوا بين الجملة التي في الطلاق وبين الجملة التي هنا في الظهار .

مسألة :

 حكمه حرامٌ ، ويصحُّ ممن يصحُّ طلاقه منجزًا أو معلَّقًا أو محلوفًا به ، فيقع إن وُجِدَ الشرط أو المحلوف عليه .

الشرح :

حكمه حرامٌ ، لقوله تعالى:

{الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ }المجادلة2

والظهار يصحُّ ممن يصحُّ طلاقه ، والذي يصِحُّ طلاقه هو العاقل المختار المميز الذي يعْقِلُ ، والظهار يصحُّ منجزًا كأن يقول : أنتِ عليَّ كظهرِ أمي . أو يكون معلَّقًا ، كأن يقول : أنتِ عليَّ كظهرِ أمي إذا جاء رمضان . أو محلوفًا به ، كأن يقول : عليَّ الظهار إن فعلتِ كذا . فإذا وجدَ الشرط أو وَجد المحلوف عليه ، فإنه يصحُّ الظهار .

مسألة :

 الظهار المؤقّت إن التزم به فلا كفارة .

الشرح :

لو قال لها : أنتِ عليَّ كظهرِ أمي شهر رمضان . يريد أن لا يجامعها خيفةً من أن يقع في الجماع في نهارِ رمضان ، فقوله هذا محرَّم لكن إن مضى شهر رمضان ولم يطأ فلا شيء عليه ، ولو وطِأ بعد ذلك ،وأما إن وطِأ زوجته في رمضان فإنه مظاهر .

مسألة :

يحرمُ عليه الاستمتاع قبل الكفارة .

الشرح :

لقوله تعالى :{ من قَبْلِ أنُ يتماسَّا } فأمر بالكفارة من قبل أن يحصل تماسٌّ وهو الجماع ، وهل يجوز أن يقبلها أو يباشرها . الصحيح : أنه لا يجوز ، لأنَّ النبي r قال : ( لا تقربها حتى تفعل ما أمركَ اللهُ به ) وهذا شاملٌ للجماع وما دونه .

مسألة :

تثبت الكفارة بالوطء ولا تضعَّف به وتسقط قبل الوطء بموت أحدهما .

الشرح :

فإذا ظاهر من زوجته فوطأها ، والوطء قبل التكفير محرمٌ ، لكن لو أنه وطِئها ثبتت في ذمته ، فلا تثبت في ذمته إلا بالوطء ، ولذا لو أنَّ أحدهما توفي قبل الوطء زال حكم الظهار ، ولو أنه وطِئها عدة مرات قبل أن يُكفِّرَ فكفارة واحدة.

مسألة :

 إن ظاهر منها مرتين فكفارتان إن كفَّرَ عن الأول ،وإن ظاهر منهنَّ بلفظ واحدة فكفارة واحدة .

الشرح :

لو أنه قال : أنتِ عليَّ كظهر أمي . ثم كفَّر ،

 ثم قا ل: أنتِ عليَّ كظهر أمي . فتلزمه كفارة أخرى . لكن لو قال : أنتِ عليَّ كظهر أمي ، أنتِ عليَّ كظهر أمي . ولم يكفِّر عن اللفظ الأول ، فإنه لا تلزمه إلا كفارة واحدة . وكذلك لو قال لزوجاته : أنْتُنَّ عليَّ كظهر أمي ، وكنَّ أربع نسوة . فلا يُلْزَمُ إلا بكفارةٍ واحدة أما إن ظاهر من كل واحدةٍ بعينها : يا فاطمة أنتِ عليَّ كظهر أمي ، يا عائشة أنتِ عليَّ كظهر أمي ، يا زينب أنتِ عليَّ كظهر أمي . فإنه تلزمه كفارةٌ لكل واحدةٍ منهُنَّ .

مسألة :

كفارة الظهار على الترتيب ، كما في الآية ، فيلزمه ثمن شراء الرقبة إن كان فاضلاً عن قوته وقوتِ من يعول .

الشرح :

 لقوله تعالى :

{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }المجادلة3

مسألة :

إنْ شَرَعَ في الصيام فله الرجوع إلى الأصل .

الشرح :

 لو أنه لم يُعْتِق رقبة لعدم وجود مالٍ ، فَشَرَعَ في الصيام وفي أثناء الصيام وَجَدَ المال ، فأحَبَّ أن يعود إلى الأصل وهو عتق الرقبة ، فله ذلك ولا يلزم.

مسألة :

 يشترط في الرقبة أن تكون مؤمِنَةً سالمةً من العيوبِ التي تضرُّ بالعمل ضرراً بيِّنًا .

الشرح :

فإذا أراد أن يعتق فلا بد في هذه الرقبة من شروط أن تكون مؤْمِنَةً . قياساً على كفارة قتل الخطأ ، وأن تكون هذه الرقبة سالمةً من العيوب التي تضرُّ بالعمل ضررًا بيِّنًا ، فلو أنه أعتق رقبةً أو أعتق عبدًا وإحدى يديه مشلولة ، فلا يصحُّ . لِمَ ؟

لأن الشلل في اليد يؤثر في عمل هذا العبد ، لأن المراد من عتق هذا العبد أن يكتسب ولذا مرَّ معنا أنه يكره أن يُعْتِقَ عبدًا ليس له كسبٌ ، فلا بد أن تكون سليمةً من العيوب التي تضر بالعمل ضرراً بيِّنًا أما لو كان عيبًا يسيرًا لا يؤثر في كسبه وفي عمله فيصح العتق .

مسألة :

وقت وجوب الكفارات في الظهار بالوطء ، و في الجماع نهار رمضان : من وقت الوطء ، وفي القتل : وقت زهق الروح ، وفي اليمين : من الحنث .

الشرح :

 هذا وقت وجوب الكفارات : تجب الكفارة في الظهار بالوطء . وفي نهار رمضان : من وقت الوطء , وفي القتل : وقتَ زهق الروح ، وفي اليمين : من الحنث . بمعنى : أنها إذا وجبت عليه الرقبة ، مثلاً : الرقبة في كفارة الظهار بالوطء . فلما وطِأ إذا به رجل غنيٍّ قادرٍ على ثمن الرقبة ، ثم تَعَاجَزَ في إخراجها فافْتَقَرَ ، فإنها تبقى في ذمته وكذلك الشأن في كفارة الجماع في نهار رمضان وفي قتل النفس .

مسألة :

يلزمُ التتابع في الصيام إلا إن صادف صوماً واجبٍاً أو فِطْرٍاً واجبٍاً أو عُذْرٍاً شَرْعِياً .

الشرح :

إذا لم يستطع على ثمن الرقبة أو لم يجد الرقبة ، فإنه يصوم شهرين متتابعيْنِ ، فإنُ أفطر من غير عُذْرٍ ، فإنَّه يلزمه أن يستأنف وأن يعيد من جديد . لكن لو أنه يوم العيد مرَّ به فإنه يفطِرُ ولا شيء عليه ، ويستمر ولا يستأنف وكذلك لو مرَّ به صومٌ واجبٌ كصوم رمضان فإنه لا ينقطع التتابع وكذلك لو كان هناك عذرٌ ، كأن يسافر أو يمرض فهذا عذرٌ شرعيٌّ ، فلو عاد يعود من غير استئناف .

مسألة :

إن قالته لزوجها ، فلا ظهار وعليها كفَّارة يمينٍ على الصحيح .

الشرح :

لو قالت هي : أنتَ عليَّ كظهر أبي . اختلف العلماء في ذلك ، والراجح : أنه ليس بظهارٍ ، لأنَّ الظهار من الرجال لا من النساء وعليها كفَّارة يمين . لِمَ ؟

 لأنها منعت نفسها من أن تمكِّنَ زوجها من الجماع ، فأشبه ما يكون بالحدث فى اليمين.

مسألة :

المسكين هو المسلم الحُرُّ الذي يجوز دفع الزكاة إليه .

الشرح :

 قال تعالى { فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينا }

من هو هذا المسكين ؟

ما صفاته ؟

أن يكون مسلمًا وأن يكون حرًا . يجوز أن تُدْفَعَ الزكاة إليه . ومن يجوز دفع الزكاة إليه ؟ مرَّ معنا .

مسألة :

 إن جامعها في النهار ناسيًا ، وكذا بالليل متعمدًا . فالراجح : أنه لا ينقطع التتابع .

الشرح :

 لو أنه كان يصوم شهرين متتابعين فجامعها ناسيًا في نهار رمضان . فهل ينقطع التتابع أم لا ؟ الصحيح : أنه لا ينقطع التتابع . لِمَ ؟

لأن النسيان عذرٌ في رمضان ، فكيف بغيره . قال r كما في الصحيحين : ( من نَسِيَ وهو صائم ، فأكل أو شرب فليُتِمَّ صومَه . فإنما أطعمه الله وسقاه ) وكذلك لو أنه جامعها بالليل متعمدًا ، فإنَّه آثمٌ . لكن هل ينقطع التتابع ؟ الصحيح : أنه لا ينقطع التتابع . لِمَ ؟ لأن الليل ليس محلاً للصيام .

مسألة :

لا يشترط في الإطعام التتابع .

الشرح :

 لا يشترط في الإطعام التتابع ،  قال تعالى: (( فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً }

فلو أطعم في هذا اليوم عشرة مساكين وبعد يومين أطعم عشرة مساكين ، وفرَّق فلا حرج ، لأن الله عز وجل لم يذكر التتابع في الإطعام إنما ذكره في الصيام .