الدرس ( 79 )باب شروط الصلاة ( 1)( تعريف شروط الصلاة ـ حكم صلاة من صلى خارج الوقت متعمدا من غير عذر)

الدرس ( 79 )باب شروط الصلاة ( 1)( تعريف شروط الصلاة ـ حكم صلاة من صلى خارج الوقت متعمدا من غير عذر)

مشاهدات: 482

بسم الله الرحمن الرحيم

باب شروط الصلاة:

الدرس التاسع والسبعون من الفقه الموسع

لفضيلة الشيخ زيد البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشرط لغة: هو العلامة.

قال تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُم بَغْتَةً ۖ فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [محمد:18] أي: علاماتُها.

وأما في الاصطلاح: فهو ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود.

وإيضاح هذا التعريف يكون بالمثال:

فمثلا: الوضوء، شرط من شروط صحة الصلاة (فيلزم من عدمه العدم) فإذا لم يوجد الوضوء لم توجد صلاة شرعيّة، وقد يوجد الوضوء ولا توجد الصلاة لعدم الإتيان بواجبات أخرى،

فقد يوجد الوضوء ولا توجد الصلاة، أو يوجد الوضوء ولا يصلي، ولذا قلنا:

(ولا يلزم من وجوده وجود) فلا يلزم من وجود الوضوء أن توجد الصلاة.

 

والشروطُ تختلفُ عن الأركان وعن الواجبات:

فالشروط: هي الواجبات التي تسبقُ الصلاةَ، ويُشترَطُ استمرارُها إلى الفراغِ من الصلاة،

 فمثلا: الوضوء واجب، ومَحَلُّه قبل الصلاة، ولا بد أن يستمر هذا الوضوء إلى الفراغ من الصلاة، ولذا ولو أنه أحدثَ قُبيلَ سلامَه بَطَلَت صلاتُه، لعدم وجودِ الشرط.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

وشروطُ الصلاة تسعةُ شروط، والمذكورُ في كتُبِ الفقهاء ستةُ شروط، بناءً على ان هناك ثلاثةَ شروط يلزم وجودها في كل عبادة وهي [ الاسلام – التمييز – العقل ] ويُستثنى الحجُّ في شرطِ  [ التمييز ]

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

وجميع هذه الشروط التي سنذكُرُها تسقطُ مع العذر، ما عدا شرطين وهما [ النيةُ –ودخولُ الوقت ]

فلو استبان له أنه صلّى قبل دخولِ وقتِ الصلاة، فإن صلاتَه لا تصِح، بينما الشروط الأخرى ما عدا هذين الشرطين يُتسامَحُ فيهما مع العذر، وسيأتي بيانُ ذلك بإذن الله عندِ كلِّ شرط

 

 والمرادُ مِن الشروط: الشروط الستة، أما الشروط الثلاثة التي هي مُشتَرَطَة في كل عبادة فلا تدخُل هنا، وهذا يدلُّ على اهمية الوقت بالنسبة للصلاة، وإن كان الفقهاء قد أغفلوا شرطا آخَر يُدرَجُ مع هذين الشرطين، لكن لعل لهم عذر، وتوجيهُ ذلك عند وصولِ ذلك الشرط.

 

 وقد سبقت مسألةٌ وهي مسألةُ ما لو صلّى خارجّ الوقت متعمدا مِن غير عذر، وهو ما يسمى عند البعض بـ (القضاء) فهل تصِحُّ صلاتُه مع انه اوقَعَها بعد خروج وقت الصلاة؟

هذا موضِعُ بيانها، وقد اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأول: وهو قولُ جمهورِ العلماء، على ان من ترك الصلاة حتى خرجَ وقتُها يجبُ عليه ان يقضي ويستدلون بأدلة:

  • منها قول النبي ﷺ كما في صحيح البخاري ولمسلم نحوه: : ” مَننام عن صَلاةٍ أو نَسِيَها فلْيُصَلِّها إذا ذَكَرَها “، وهذا في حق المعذور، فغير المعذور من باب اولى.
  • ما جاء عند البخاري: ان امرأة سألت عن واجبٍ كان على امِّها وقد توفيت، فقال النبي ﷺ: ” أرأيتِ إنْ كان على أمِّكِ دَيْنٌ؛ أكنتِ قَاضِيَةً؟ اقضُوا اللَّهَ، فاللَّهُ أحقُّ بالوفاءِ ” فقد سما النبي ﷺ حقوق الله ديونا، والديون تُقضى سواء في وقتِ حِلِّها او بعد حِلِّها، فشَبَّه حقَّ اللهِ جل وعلا بمثابة دَين الآدَمِيّ.

القول الثاني: اختيار بعض العلماء وهو رأي شيخ الإسلام: انها لا تُقضى ولا تصح منه

ويستدل على ذلك:

  • بقوله تعالى:{إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} [النساء:103]، فالوقتُ وَصْفٌ لها، وهذا الوصفُ مُعتَبَر بدليل ان النبي ﷺ ما تركَها في حالِ الخوف بعدما شُرِعَت عليه صلاة الخوف مع ان الحاجة داعية الى تأخيرها
  • قول النبي ﷺ عند مسلم: “مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ “(1) والعمل هنا نكرة في سياق الشرط فتعُم أي عمل.
  • ان تارِكَ الوُضوء لا تصحُ صلاتُه، فكذلك تارِكُ الوقت، فما الفرقُ بينهما!؟ فكلاهما شرطان،

وهذا هو القولُ الراجح، ويؤيد رُجْحانه ان العلماء اجمعوا على ان الصلاة قبل دخولِ وقتِها باطلة، فلمَ لا يسري هذا البُطلان الى هذه الصلاة اذا وقعت بعد خروجِ وقتِها؟ إلا إن كان معذورا، والمعذورُ جاء الدليلُ باستثنائه، ومِن ثَم /

فإن هذه الصلوات لو صلّاها الفَ مرة ما قُبلت منه وما صَحت، وعليه إذا تاب ان يُكثِرَ مِن النوافل فهي تُرَقِّعُ الخلل الذي يحصُلُ في الفرائض، لحديث ابي هريرةَ وتميمٍ الدارِيّ رضي الله عنهما كما جاء في مسندِ الإمام أحمد والسنن: ان النبي ﷺ قال:

” أول ما يحاسب عنه العبد من عمله صلاته فيقول الله لملائكته وهو اعلم انظروا الى الصلاة عبدي هل اتمها ام انتقصها فإن كانت تامة كتبت تامة وان كانت ناقصة قال الله انظروا هل لعبدي من تطوع؟ ” الحديث:

” أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ صَلَاتُهُ، فَإِنْ كَانَ أَكْمَلَهَا وَإِلَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ وُجِدَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ: أَكْمِلُوا بِهِ الْفَرِيضَةَ “.

” يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلَائِكَتِهِ، وَهُوَ أَعْلَمُ: انْظُرُوا فِي صَلَاةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا؟”

كما في الرواية قال: ” وَهُوَ أَعْلَمُ ” هو عالم عز وجل.

 ” وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا ” وفي رواية أخرى: ” ضَيَّعَ مِن فريضته “

يقول الله عز وجل: ” فَأَكْمِلُوا بِهَا مَا ضَيَّعَ مِنْ فَرِيضَتِهِ “؛ ” أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ “

 

 

وما يفعلُه البعض من اعادة الصلاة مرةً أخرى -أعني صلاةَ الفرض- فإنه مُخالِفٌ لقول النبي ﷺ الثابتِ عند أبي داود: ” لا تُصَلُّوا صلاةً في يومٍ مَرَّتَيْنِ “

 

وهذه فائدة خرجنا بها عن صُلب المسألة وصورتُها:

 أن البعض يصلي مثلا صلاةَ الظهر، ثم بعد الفراغِ منها يُعيدُها مرةً أخرى، بحجة إتمامِها وترقيعِ ما بها! وقد جَهِلَ مِثلُ هذا أن السنن الرواتب تُرَقِّعُ الفرائض.

 

وأما ما استدل به الجمهور فإن قوله ﷺ: ” مَن نام عن صَلاةٍ أو نَسِيَها فلْيُصَلِّها إذا ذَكَرَها “، هذا في حق المعذور، والمعذورُ وقتُه من حين استيقاظه إن كان نائما، أو من حين تَذَكُّرِه ان كان ناسيا،

 وإسقاطُها او عدمُ الزامِ غيرِ المعذورِ بأدائها ليس تخفيفا عنه وانما عقوبةً له، وذلك انه إذا حيل بينه وبين هذه العبادةِ عظيمة الشأن عند الله وعند رسوله ﷺ، شَعُرَ هو وغيرُه بمكانَتِها،

وأما تشبيه الرسول ﷺ حقَّ الله جل وعلا بِدَين الآدَمي: فهو قياسٌ مع الفارِق، لأن دَين اللهِ عز وجل مبنيٌّ على المُسامحة، وأما دَين المخلوق فمبنيٌّ على المُشَاحّة؛ بل إن المخلوقَ إذا تأخرَ المَدينُ عن وقتِ السداد تابَعَه لِيُسَدِّدَ ما عليه، ثم إن القاعدة اللُّغوية تقول:

( لا يلزم ان يكونَ المُشَبَّهُ كالمُشَبَّهِ به، وانما يحصل التشبيه ولو بصورةٍ واحدة، فقد يكونُ قولُك ” زيدٌ كعمرو، تشبيهٌ لزيد بعمرٍو في صفةٍ معينة، ولا يلزم ان يكون زيدٌ مِثلَ عمرو في جميع الصفات )

 

سؤال/ كيف لا يصلي بعد خروج الوقت مع انه لو صلى وأخطأ في صلاته لأمِر بالإعادة ولو بعد خروج الوقت؟

الجواب / لأنه معذور، لكن لو أخطأ متعمدا فإن صلاتَه لا تصح، لو أخطأ متعمدًا ثم خرج الوقت فإنه ليس بمعذور.

 

سؤال/ لو أني لم أصلِّ الظهر متعمدا حتى دخل وقت العصر، هل أصلي؟

الجواب/ لا تصلِّ، وعليك بكثرة النوافل،

فتَرْك الصلاة وإخراجها عن وقتِها كمن حَجَّ بعد خروجِ شهرِ ذي الحِجة! فلا يصِحُّ مِنه حَج.

 

سؤال/ ذُكِرَ أن مَن ترِكِ الصلاة متعمدا يُصليها في النار على حجر، فهل هذا صحيح؟

الجواب/ ليس هناك تكليف بعد دخول أهل الجنة الجنة، ودخول أهل النار النار.

 

سؤال/ لو أن شخصا نام الساعة الواحدة ليلا فلم يستيقظ إلا بعد العشاء فهل يصلي الصلوات؟

الجواب/ نعم يصلي لأنه نائم.

 

(1) ــ متفق عليه البخاري معلقا:  بَابُ النَّجْشِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَدِيعَةُ فِي النَّارِ وَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ، ومسلم باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور برقم / 1718