البلاغة
علم المعاني 4
ثانيا : المسند (1 )
أحكام تتعلق بالمسند
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبق وأن قلنا :
إن علم المعاني يتركب من أصلين :
مسند ومسند إليه :
فالمسند :
هو المحكوم به
بينما المسند إليه :
هو المحكوم عليه
وإذا أعييت بمعرفة المسند إليه فلديك ما ذكر من مواقعه الإعرابية
حديثنا في الدروس الماضية كان عن المسند إليه وتطرقنا إلى مسائل وفوائد متعددة
فلما فرغنا من هذا الأصل سنشرع بإذن الله في الأصل الثاني وهو المسند :
وتقريب ضبط المسند كما سبق :
أنه في حالة الحاكم لا المحكوم
فإذا أشكل عليك / عليك أن تنظر إلى مواقعه الإعرابية
والمسند يقع :
خبر المبتدأ
ويقع:
فعلا تاما
نحو :
جاء زيد :
فإذا أرنا أن نعرف المسند نظرنا إلى تقريبه :
يعني : إلى تقريب ضابطه
من هو المحكوم عليه ؟
زيد محكوم عليه بالمجيء
فإذاً: أين المسند ؟
جاء
ويكون :
اسم فعل :
نحو :
هيهات
وأيضا المسند :
هو المبتدأ الوصف المستغني عن الخبر بمرفوعه :
كلمة ” قائم ” وزنها : اسم فاعل
والمشتقات مرت بنا من بينها :
اسم الفعل فهو وصف
فإذا وقع اسم الفاعل مبتدأ واستغنى بمرفوعه بأن اسم الفاعل كما أخذ في النحو يأخذ حكم الفعل :
بمعنى :
أنه يطلب فاعلا ومفعولا
فهنا إذا كان المبتدأ وصفا استغنى عن الخبر بمرفوعه فيكون هذا المبتدأ هو ” المسند “
نحو : أقائم الزيدان ؟
قائم : مبتدأ
الزيدان : فاعل سد مسد الخبر
واستغني به عن الخبر
أيضا المسند هو :
” أخبار النواسخ ” :
كان زيد قائما :
أين المسند ؟
قائما
إن زيدا قائم
أين المسند ؟
قائم
إذً أخبار النواسخ هي المسند
أيضا هو:
المفعول الثاني لظن وأخواتها :
ظننت زيدا مجتهدا
أين المسند ؟
مجتهدا
لأنه وقع مفعولا به ثانيا لظن
أيضا المسند هو :
المفعول الثالث لـ ” أرى ” وأخواتها
نحو :
أرأيتَ زيدا عمروا قائما
أرأيت زيدا عمروا مجتهدا
المسند :
قائما / ومجتهدا
ويكون المسند :
المصدر النائب عن فعل الأمر :
ضرب ما مصدره ؟
ضرب يضرب ضرباً
فإذا قلت : ضربا في الأعداء
بمعنى : اضرب في الأعداء
أين المسند ؟
ضربا
هذه مواقعه الإعرابية
وتقريبه :
هو المحكوم به
نأتي إلى إحدى المسائل البلاغية المتعلقة بالمسند :
الأصل في المسند : أن يكون مذكورا
حضر زيدٌ
وهو يذكر لأغراض :
وهي نفس الأغراض التي سبقت في ذكر المسند إليه :
فمن هذه الأغراض :
كون ذكره هو الأصل :
نحو :
زيد مجتهد
أين المسند ؟
مجتهد
أين المسند إليه ؟
زيد
وحتى لا يطول بنا الحديث أرى أن يرجع إلى الأغراض التي من أجلها ذكر المسند إليه لأغراض سبق وأن أشير إليها
يمكن أيضا إن شئتم أن نذكر بعض الأمثلة :
فذكره هو الأصل والأغراض التي تدعو إلى ذكره هي نفس الأغراض التي تدعو إلى ذكر المسند إليه
لكن نأتي إلى المسألة المهمة :
وهي مسألة الحذف :
حذف المسند هو خروج عن الأصل :
ويحذف لأغراض من بينها :
إذا دلت عليه قرينة :
نحو : قوله تعالى :
((وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ))
ليقولن : خلقهن الله
فأين المسند إليه ؟
الله
وأين المسند ؟
محذوف
لدلالة القرينة عليه
ومن الأغراض :
الاحتراز عن العبث :
قال تعالى :
((وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ))
((أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ ))
أين المسند إليه ؟
الله
أين المسند؟
بريء
((أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ))
لو كان في غير القرآن : ورسوله بريء منهم
ومن الأغراض :
أن يضيق المقام عن ذكره
فالمقام يستدعي العجلة ، وحتى يختصر الوقت يحذف المسند
كقول الشاعر:
نحن بما عندنا وأنت بما
عندك راض والرأي مختلفُ
نحن : ضمير وقع موقع المسند إليه
لو قلت : أين خبره ؟
المسند هو الخبر :
الخبر : محذوف
لو اقتصرنا نحن بما عندنا ؟
لم تتم الجملة
والخبر في تعريفه :
هو الجزء المتم للفائدة
فلم تتم الفائدة هنا، بينما فيما بعده تمت
فإذاًُ :
هو محذوف أصله : نحن بما عندنا راضون
فحذف الخبر راضون الذي هو المسند لضيق المقام عن ذكره
ما الذي أدرانا أنه ضاق المقام ؟
لأن هذا البيت من ظاهره ومن باطنه أنه ذكر في مجال عدم وفاق وذكر في مجال خصام فقائله غضبان
انظر إلى آخر ما ذكر في البيت :
قال : والرأي مختلف
يعني :
لا تكثر الكلام أنت على طريقتك ونحن على طريقتنا
ومن الأغراض التي من أجلها يحذف :
اتباع الاستعمال :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
فمثلا :
لولا :
الاستعمال فيها : أن يحذف خبر مبتدئها :
يحذف خبر المبتدأ الذي يليها
قول الضعفاء للأكابر:
((لَوْلَا أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ ))
لولا أنتم موجودون ، فحذف المسند هنا اتباعا للاستعمال
من مسائل المسند :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه يعرف في أمور من بينها :
إفادة السامع حكما على أمر معلوم عنده بإحدى طرق التعريف
مرت معنا طرق التعريف :
الإضافة
أسماء الإشارة وغيرها
فقولك :
هذا المجتهد
أين المسند إليه ؟
هذا
أين المسند ؟
المجتهد / عرف بـ “ال
ومن الأغراض في تعريفه :
أن يقصر المسند على المسند إليه :
كما لو قلت مثلا :
زيدٌ الزعيمُ
أين المسند إليه ؟
زيد
أين المسند ؟
الزعيم
فقصرنا الزعامة على زيد كما لو قلت بعدم اعتدادك بعلم أي شخص وقلت :
زيد العالم :
فتقصر العلم الذي هو مسند على زيد الذي هو المسند إليه
هنا تقصر : سواء كان حقيقة أو مبالغة
فكان هذا المتحدث يريد أن يقصر هذا الوصف على زيد
لكنهم يشترطون :
أن يكون المسند معرفا بلام الجنس :
لأنك لو قلت : زيد زعيمٌ
هل هذا الأسلوب يفيد القصر ؟
لا
لكن لو قلت :
زيد الزعيم
فكأنك تنفي الزعامة عن غيره وتحصرها وتقصرها فيه
إذا لم يأت موجب لتعريفه ” نُكِّر ” :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وذلك لأمور :
ـــــــــــــــــــــــــ
ــ إرادة الحصر :
كقولك لشخصين :
أنت مجتهد وهو مثابر
أين المسند ؟
مجتهد ، ومثابر
فهو يريد بذلك أن يحصر أحكاما في هذين الشخصين
ومن الأمور التي يُنكَّر لها المسند :
اتباع المسند إليه في التنكير:
يعني يحذا به في التنكير حذو المسند إليه :
كقولك : كتابٌ نافعٌ للمسجدِ
أين المسند إليه ؟
كتاب
أين المسند ؟
نافع
فلما كان المسند إليه وهو “كتاب ” مُنكَّر نُكر تبعا لذلك المسند
ومن أغراض تنكير المسند :
إفادة التفخيم :
ــــــــــــــــــــــ
كقولك /:
القرآن خير للمسلمين
أين المسند ؟
خير
نكر لتعظيم وتفخيم المسند إليه ” القرآن ”
ومن الأغراض :
التحقير :
أن ينكر تحقيرا له :
كقولك :
ما زيدٌ ؟
رجلاً يذكر
هنا :
أين المسند ؟
رجلاً
ونكر تحقيرا له