أيهما أفضل التكبير أم قراءة القرآن في عشر ذي الحجة ؟

أيهما أفضل التكبير أم قراءة القرآن في عشر ذي الحجة ؟

مشاهدات: 722

بسم الله الرحمن الرحيم

[أيهما أفضل، التكبير أم قراءة القرآن في عشر ذي الحجة]؟

فضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري

 

” لا شك أن المسلم إذا أتته المواسم ينبغي له أن يحرِصَ على أن يجمعَ بقدر المستطاع بين العبادات، لكن إن أراد الأفضليةَ من حيثُ هذه الأعمال فليُعلَم أنه من حيث الأصل أن أفضلَ الأعمال القوليّة:

الدرجة الأولى: قراءةُ القرآن الكريم، يلي ذلك: ذِكرُ الله تعالى، يلي ذلك: الدعاء

إذًا/ قراءةُ القرآن ثم الذكر ثم الدعاء

هذا من حيثُ الأصل، لكن ربما يكونُ الدعاء أو الذكر أفضل من قراءة القرآن بحسب الأشخاص؛ وبحسب الأحوالِ والأزمان

مثالُ ذلك/ من حيث ما يقتضيه حالُ الشخص:

لو أن الإنسان رأى من نفسه أنه في تلك اللحظة أن الأنفعَ لقلبه: أن يدعوَ الله أو أن يذكرَ الله، فهنا نقول:

في مثل هذه الحال التي ينتفع قلبُك بها يكونُ الذكر أو يكونُ الدعاء الذي ترغبُ فيه أفضل من قراءة القرآن، لهذه الحيثيّة، لا من حيث الأصل، فالأصل أن قراءة القرآن أفضل من الذكر وأفضل من الدعاء.

مثال من حيث ما يقتضيه حالُ الزمن:

فإن الذكرَ المربوطَ بزمن، فإن الذكر يكونُ فيه أفضل من قراءة القرآن، ولذلك هنا:

لو أن الإنسان مثلا كان يقرأ القرآن، وأذن المؤذن، أيهما أفضل؟

الأفضل كما هو قال شيخُ الإسلام رحمه الله: أن تقِفَ عن قراءة القرآن وأن تُتابِعَ المؤذن.

(سبحان الله متابعة المؤذن ذِكر، وهي أقل في الدرجة من قراءة القرآن، لمَ؟

لأن هذا الذكر يفوتُ بفواتِ هذا الزمن، بينما قراءة القرآن يمكن أن تُقرأ فيما بعد ذلك)

كذلك الشأن في العشر الأوائل من شهر ذي الحِجة:

الأفضلُ فيها أن يُكثرَ الإنسان من التكبير مع تلاوة للقرآن،

أن تكون السِّمَة أو العمل الأظهر والأكثر له: التكبير، يكون أفضل في هذا الزمن من قراءة القرآن.

لو قال قائل: لماذا؟ نقول للأمور الآتية:

الأمرُ الأول/ لحديث، قال النبي ﷺ: ” مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنَ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ”، ما تتمةُ الحديث؟ قال ﷺ: ” فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ “.

عندنا الآن ظرف زمان ووقت، وهي هذه العشر، فما أكثر ما نوقِعُه؟

قال ﷺ: ” فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ “

لم يقل أكثروا فيهن من قراءة القرآن، ولا يعني أن قراءة القرآن ليس لها قدر أو قيمة! لا، هي من حيث الأصل في المقام الأعلى، كما أسلفنا، لكن فضُل التكبيرُ وعظُم باعتبار الزمن الذي حدده الشرع بندبِه وباستحبابه لكثرة التكبير.

الأمرُ الثاني/ التكبير في هذه الأيام أفضل لأن الناسَ قد غفلوا عنه! بل تكاد أن تندَثِرَ هذه السنة، وبالتالي:

فإن إحياء هذه السنة والإكثار منها، ولو تُرِكَ كثير من قراءة القرآن فإنه هو الأولى والأجدر بالمسلمين حتى لا تضيع هذه السنة وحتى لا تموت

وهذا ما نشاهده الآن في مثل هذا الزمن! فإننا نرى أن كثيرا من الناس لا يُكبر!

مع أن الصحابةَ رضي الله عنهم كانوا يُشيعونها كما جاء عند البخاري، كان أبو هريرة وابن عمر رضي الله عنهم يخرجان إلى السوق في أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.

وما نلحظُه الآن: نرى أن هذه السنة ماتت أو تكاد أن تموت

وبالتالي: حتى نُحيي هذه السنة نُكثر من التكبير في هذه الأيام، حتى لا تموتَ السنن.

سبحان الله! الناس وحتى الصالحون منهم إذا كبروا كبروا على استحياء!

غيرُهم يُجاهر بالفسق والغناء دون حياء وهم على باطل، ونحن على حق أفلا نجهرُ بالتكبير في بيوتنا؛ في أسواقنا؛ في مساجدنا؛ في مجتمعاتنا؟!

الأجدرُ بالمسلم أن يُكثرَ من التكبير؛ وكما أسلفت:

قراءةُ القرآن الكريم هي المُقَدَّمَة؛ ثم يلي ذلك: الذِكرُ، ثم يلي ذلك: الدعاء

فإن كانت هناك حيثيّة: من حيث انتفاع القلب بالذكر أو بالدعاء هنا يكون الفضل للذكر وللدعاء

وإن كانت هناك حيثية: من حيثُ فضل هذا الذكر في هذا الزمن؛ فكذلك الشأن؛ ولذلك يقولُ شيخُ الإسلام رحمه الله لما سئل – واختلف العلماءُ في ذلك -: أيهما أفضل: طول القيام في الصلاة؟ أم السجود؟

فقال رحمه الله: طول القيام أفضل باعتبار الذكر الذي فيه وهو (قراءة القرآن)

وإطالة السجود أفضل باعتبار هيئته؛ من أن فيه خضوعا لله عز وجل ” ا.هـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ