الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر (1 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه الخطبة هي خطبة الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر
خطبة ماذا ؟
خطبة الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر
سؤال :
لماذا يقتص بعض الناس من كتب التاريخ بعض القصاصات العلمية ثم يبنون عليها أحكاما ثم لا ينظرون إلى ما كتب ذلك المؤرخ في أول ما قال وفي آخر ما قال في ذلك الحدث
كيف ؟
انتشرت رسالة عبر وسائل التواصل تلك الرسالة تقول :
” في عام ثلاثمائة وستة وتسعين للهجرة كان أهل مصر إذا ذكر الحاكم في خطبة الجمعة قاموا له تعظيما بل سجدوا له احتراما وتعظيما ثم قال : ما ظنكم لو وقعت هذه الرسالة في يد جامي لطار قلبه فرحا بها “
هذا الأمر جد خطير من وجهين :
الوجه الأول : أنه ليس كل من ذكر معتقد أهل السنة والجماعة فيما يخص الولاة لا يجوز أن يعتقد أنه من تلك الطائفة أو من تلك الطائفة فيقال أنه جامي أو أن هؤلاء من غلاة الطاعة
هذا جد خطير على معتقد الإنسان :
لم ؟
لأنه أولا لا يجوز أن يصنف شخص وأن ينسب شخص إلى طائفة أو إلى أي حزب هذا ليس من منهج أهل السنة والجماعة
ومن صنفك فقل : حسبي الله ونعم الوكيل وأنا خصيمك أمام الله يوم القيامة فلا أنتسب إلا لمحمد عليه الصلاة والسلام
ولذا : كل من تكلم في أمور تخص الدين أصبح كثير من آحاد الناس بل كثير وللأسف ممن ينسب إلى الخير يصنف : هذا رجل قال هذا القول صنف
عبدَ الله تبرأ إلى الله من كل حزب ومن كل طائفة سواء كانت تلك الطائفة موجودة في الواقع أو أنها وهمية (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ))
حينما تعامل أخاك المسلم خذها قاعدة :
وضعها النبي عليه الصلاة والسلام أقول : إن من يصنف الناس على حسب ما يقولون والله إنه خائن خائن خائن لأمانة الله وأمانة رسول الله عليه الصلاة والسلام
كيف ؟
تعامل مع الناس بمقتضى القاعدة النبوية : أنت مسلم بقطع النظر إن كانت هناك أخطاء ولا يسلم أحد من الأخطاء لأن هذه هي طبيعة البشر فكل يؤخذ منه ويرد إلا النبي عليه الصلاة والسلام ماذا قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث أنس عند البخاري : هذا هو المعيار حتى تنجو :
قال : ” من صلى صلاتنا ــ انتبه ــ من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا تخفروا الله في ذمته “
يعني : لا تخونوا الله في شرعه
حينما يصنف بعضكم بعضا سبحان الله الأمم والدول الكافرة يخططون لتحقيق مصالحهم الدينية والدنيوية ونحن نخطط ليل نهار صباح مساء في تحطيم مصالحنا فلا نحن ظفرنا لا في تقدم في الدين في إصلاح الناس وفي توجيه الناس وفي بعث رسالة الإسلام إلى الغرب
ولا نحن ظفرنا في التقدم في الدنيا فخسرنا
أي شخص يتكلم في حقوق الولاة فيما ذكره الشرع أو فيما ذكره السلف من معتقد أهل السنة والجماعة ينسب إلى أنه جامي أو أنه من غلاة الطاعة جد خطير
هذا اللفظ جد خطير
بل والله يخدش بل يخرق عقيدتك
غلاة الطاعة !
إن كانوا يقولون : إن الولاة يطاعون مطلقا هذا الوصف يصدق عليهم غلاة الطاعة
لكن إن هم بينوا معتقد أهل السنة والجماعة في طاعة الولاة إلا فيما يغضب الله فهذا هو قول الله قول رسول الله عليه الصلاة والسلام
قول السلف
فاحذر من أن يمر على لسانك أي لفظ دون أن تمعن فيه
يعني : عندما يتحدث شخص مثلا عن منهج الخوارج يقال : إنه من المرجئة
أتدرون أن الألباني وابن باز وابن عثيمين وغيرهم ممن ساروا على منهج أهل السنة والجماعة في بيان معتقد الخوارج أتردون أن هناك طائفة تزعم أنها هي الموحدة وهي أهل التوحيد تقول : هؤلاء مرجئة
دع عنك الألباني وابن باز وابن عثيمين فهؤلاء مرجئة
سبحان الله!
الإرجاء أتدرون ما هو ؟
المرجئة طائفة تقول : لا يضر مع الإيمان ذنب افعل ما شئت من الذنوب فإيمانك وإيمان غيرك سواء
بل بعضهم قال : إنهم جهمية
معتقد الجهمية في الإيمان هو معرفة القلب فقط
على معتقد الجهمية إبليس مؤمن لأنه يعرف الله
فلماذا هذا ؟
فلنتنبه لخطورة هذا الأمر
يا إخوان علينا أن نتقي الله عز وجل وألا نحكم على الناس إلا بعلم وبعدل
ابن تيمية لما تكلم الناس في يزيد بن معاوية
يزيد بن معاوية هو ابن معاوية بن أبي سفيان وردت منه أمور عظام
الشاهد من هذا :
أن يزيد بن معاوية وقصته معتقد أهل السنة والجماعة فيه موجود على قناتي في اليوتيوب بتوضيح مفصل من أراد الرجوع إلى قصته وإلى معتقد أهل السنة فيه فليرجع
المهم بعضهم قال كما قال ابن تيمية قال : إنهم يعني تلك الطائفة تقل هو من الصحابة ورفعوا منزلته
وقال بعضهم : هو كافر
لما بين رحمه الله بين أنه من ملوك المسلمين وبين الذهبي ذلك وله أخطاء شنيعة
وهناك مسائل اسمها ” جامع المسائل لابن تيمية “
ابن تيمية رحمه الله له مسائل له كتب مخطوطات في بعض المكتبات غير المكتبات العربية لم تظهر إلى الآن بل إن بعضها وجد ولكن لم يعرفوا خطه حتى من يعرف الخط لم يتيسر له
حتى إن بعض طلابه يقول : لو شاء ابن تيمية أن يحصر كتبه ورسائله ما استطاع لكثرتها
فلم يظهر الشيء الكثير من رسائله
الشاهد من هذا :
أنه قال في تلك المسألة :
قال رحمه الله :
والواجب اتقي الله في تصنيف الناس ولا ترضى أن تصنف إذا صنفت قل : أنا خصيمك أمام الله وعند الله تجتمع الخصوم
ماذا قال ؟
قال : يجب على من تكلم في أي شخص سواء كان يزيد أو في غيره عليه أن يتكلم فيه بعلم وعدل
بعلم وعدل
بعض الناس يتحدث في بعض الناس حينما يسمع ظنون فيحكم على الناس بالظن
قال : فليتكلم وليحكم على الناس بعلم وعدل ثم إذا علمت اعدل اتقي الله
يا أخي حتى الكفار يجب أن تعدل في الحكم عليهم
فكيف إذا كانوا من أهل الملة ؟
((وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ ـ يعني لا يحملنكم ــ شَنَآنُ قَوْمٍ ــ يعني بغض قوم ــ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ ))
فإذا ً :
قال رحمه اله فليحكم على الناس بعلم وعدل
ثم لو اطلعت فلماذا تتعب نفسك فيما قاله فلان وفيما فعله فلان
عليك بمعتقد أهل السنة والجماعة
الأمر الثاني : الذي هو خطير أيضا في هذه القصة :
الذي قيل إن الخطيب إذا ذكر الحاكم في مصر في سنة ثلاث وستمائة للهجرة قال : قام أهل مصر تعظيما واحتراما لما ذكر الحاكم بل إنهم يسجدون لهو يسدون له في الأسواق
هذه جناية على أهل مصر من حيث لا يشعر هذا الناقل
هذه هي جناية على أهل مصر
لم ؟
لأن ابن كثير رحمه الله لما ذكر هذه القصة قال : كان هذا الأمر واقعا على أهل مصر بسبب الحاكم العبيدي الفاطمي الموالي للرافضة وكان يخطب وكان إذا خطب أو غيره أن يخطب أمر الناس إذا ذكر اسمه أن يقوموا احتراما له وأن يسجدوا له وأن يسجد من في السوق لما يسمع اسمه
ماذا قال ابن كثير في ختام ما قال ؟
قال : ” لعنه الله وقبحه “
انتهى كلامه رحمه الله
يعني : هؤلاء أهل مصر يكفيهم ما يأتيهم فيما مضى من أحداث وفيما يأتي الآن فينقل الخبر هكذا أين العلم
أين التقى ؟
أين الإيمان الذي يمنعك أن تتحدث في شيء دون علم
أو تنقل شيئا من غير علم
لماذا يتحدث كثير من الناس في فتن المسلمين وهو لا يعرفون الفتن السابقة التي جرت بين المسلمين
لم ؟
الكل يتكلم
اسمع إلى ما قاله ابن تيمية
قال رحمه الله في كتابه : ” الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح “
وكذا قال في كتابه درء تعارض العقل والنقل
قال : ” وكثير من أهل العلم فضلا عن العامة لا يعرفون مغازي رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى المشهورة كغزوة بدر وأحد وإذا عرفوها
أو عرفوا بعضها فإنهم لا يعرفون من هو العدو فيها ولا كيفما وقعت
ثم قال : حتى عن بعض أكابر الفتيا لما ناقشه صاحب له في السياق
قال ذلك الصاحب لهذا الكبير في الفتيا قال : اسكت وإلا سألتك أمام الناس عن غزوة بدر وعن غزوة أحد فإني أعلم أنك لا تعلم الكثير منها حتى أسكته
انتهى كلامه رحمه الله
يعني بعض الناس يتحدث في الفتن :
لو سألت كثيرا من الناس ما الفرق بين غزوة بدر الصغرى وبين غزوة بدر الكبرى ؟
بعضهم ربما لا يعرف أن هناك غزوة بدر صغرى وغزوة بدر كبرى
فما ظنكم فيما جرى من أحداث بين المسلمين فيما مضى في فتن يزيد بن معاوية وابن الأشعث والضحاك بن قيس وأب مسلم الخرساني ويغرهم
كما سيأتي إيضاحه إن شاء الله تعالى وأخذ العبر والفوائد
يقول ابن تيمية رحمه الله كما في منهاج السنة قال : ” كان الحسن بن علي ينصح أباه عليا وأخاه الحسين كان رضي الله عنه ينصح أباه وأخاه ينصحهما بترك القتال لما يعلم ما في القتال في الفتن من الشرور العظيمة
قال رحمه الله : ” ولهذا كان علي في أواخر أمره أدرك كما قال رحمه الله أدرك أن المصلحة الكبرى في ترك القتال أعظم من فعل القتال
ولذا قال ابن تيمية : لما وصل الأمر ووصلت الخلافة إلى الحسن بن علي سلم الخلافة لمعاوية حقنا لدماء المسلمين فسمي ذلك العام بعام الجماعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطبة الثانية :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
من الذي يخرج على الولاة ؟
يقول ابن تيمية : كما في منهاج النبوة : إما طائفة المبتدعة كالخوارج الذين يعتقدون بأن الخروج عليهم دين وقربة يتقربون بها إلى الله
ولذلك قال : سفكوا دماء المسلمين
قال هذا وهو دأب أهل الأهواء كالجهمية فإن الجهمية لما مال إليهم بعض الولاة في فتنة خلق القرآن امتحنوا الناس امتحانا عظيما إما بالقتل وإما بالحبس وإما بالعزل عن الوظائف وإما بمنع الرزق
ثم قال :
” والرافضة إذا تمكنوا من هذا الأمر فإنهم يقاتلون المسلمين مع الكفار “
ثم قال رحمه الله : ” وطائفة تخرج على الولاة ليسوا من أهل الأهواء قال ” وطائفة خرجت إما لأن النصوص الشرعية لم تبلغ بعضهم أو أنه تأولها أو وهم الأكثرية يرون أن الخروج على الولاة من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
قلت : وهذا كما جرى في فتنة ابن الأشعث خرج معه قراء وعلماء كسعيد بن جبير والشعبي وغيرهم
قال : يخرجون على الولاة طلبا للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكن ليس من هوى
قال : ” لكن إذا لم يزل المنكر إلا بما هو أنكر منه فإن إزالة ذلك المنكر يكون منكرا “
ولذلك قال رحمه الله كما سيأتي معنا ذكر أسباب الفتن الخروج على الولاة
سؤال : هل خرج الحسين ؟
هذه أحداث ما كان لنا فيما سبق أن نتحدث عنها نهائيا وكتب العلماء وذكروها واستفدنا منها
لكن لما تأتي الفتن يجب أن تذكر حتى يؤخذ منها العبر بناء على ماذا ؟
بناء على ما فهمه السلف لا ما على ما فهمناه نحن
من قال أني قلت قولا أو مقالة من هذا فليضرب بها الجدران إنما هذا القول قول الأئمة
هل خرج الحسين على الولاة ؟
الناس الآن يدندنون يقولون : حجة لنا الحسين رضي الله عنه خرج على الولاة فلماذا لا نخرج ؟
يقول ابن تيمية كما في منهجا السنة قال : ” واختلف الناس هل خرج الحسين على يزيد بن معاوية ؟
أتدرون ما السبب ؟
معاوية قبل أن يموت عهد للخلافة من بعده ليزيد ابنه فغضب الحسين لماذا يقدمه ويترك من هو أولى منه
الشاهد من هذا :
هل هو خرج ؟
قال ابن تيمية : ” وافترق الناس في خروج الحسين على يزيد على ثلاث فرق :
الفرقة الأولى تقول : ” إنه أول خارج في الإسلام وحق له أن يقتل لقول النبي عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم : ” من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يضق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه “
قالوا : هو يستحق القتل لأنه أول من خرج
هذه طائفة
قال رحمه الله : ” طائفة أخرى تقول : إنه هو الوالي وهو الأمير ولا يجوز أن يفعل شيء إلا بإذنه ولا تصلى الجمعة ولا جماعة إلا عن طريقه
الطائفة الثالثة وهم أهل السنة والجماعة لم يقولا بهذا ولا بهذا
كان رحمه الله وكان تاركا رضي الله عنه الخروج من أجل الإمارة ولكنه رضي الله عنه لما بلغه أن ابن عمه مسلم لأنه لما حصل ما حصل أتى أهل الكوفة وقالوا : تعالى يا أيها الحسين فنحن نبايع لك فأرسل الحين ابن عمه مسلما لتحسس الخبر وتقدم مسلم وتقدم بعده الحسين ونصحه الصحابة ممن كان موجودا لا تخرج
فهو خرج رضي الله عنه لكن أهل الكوفة غدورا به فقتل مسلم فبلغه الخبر من أن ابن عمه قتل فأراد أن يرجع
فقال إخوة مسلم : لا والله لا نرجع حتى نأخذ بثأر أخينا فذهب فأسل يزيد إلى الحسين بقيادة عبيد الله بن زياد فلما رأى الجيش ورأى ما رأى ترك ما أراد
ولذلك لم يخرج بجيش
قال ابن تيمية قال : خيرهم بأن أن يبايع ليزيد وبين أن يرجع من حيث أتى أو يذهب إلى ثغر من ثغور المسلمين
فقال عبيد الله بن زياد : لا تبايع لي
قال : أنا لا أبايعك
فأرادوا أن يستأسروه
قال رحمه الله : لم يكن مطالبا منحيث الشرع أن يمكن هؤلاء من أن يستأسروه فحصل ما حصل وقتل رضي الله عنه
وقصة قتله مفصلة موجودة في قناتي على اليوتيوب من أراد أن يرجع إليها فليرجع
لو أتى سؤال :
وذكره ابن تيمية كما في منهاج السنة
قال :
لو قال قائل :
إنما ترك الحسين القتال لعجزه فإنه عجز لما رأى الجيوش فترك القتال من أجل المصلحة
قال بن تيمية :
وهذا إن كان كما قالوا فهو عين الحكمة والمصلحة التي أمر النبي عليه الصلاة والسلام في فتنة القتال أن تترك
يقول : هذا يدل على حكمة الحسين و ليس سوءا به
الوقت أتى علينا
ولكن كما قلت لكم :
هذه خطبة الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر
نأتي إن شاء الله ونواصل لأن هذا هو معتقد أهل السنة والجماعة حتى أبرأ نفسي حتى أبرأ ذمتي لأنه ما من خطيب يقف على المنبر يجب عليه أن يبين ما يحتاج الناس إليه من قضايا ومن أهمها ما يتعلق بعقيدة أهل السنة والجماعة
فإذا وضحت على حسب ما ذكره الأئمة فقد برئت ذمتي