الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر (4 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه هي الخطبة الرابعة المسماة بخطبة الأسئلة والفوائد والمواعظ والعبر
عباد الله :
عظة وعبرة بل عظات وعبر من خروج أهل المدينة على يزيد بن معاوية تلك العبر يذكرها لنا ابن كثير رحمه الله كما في كتابه البداية والنهاية
قال رحمه الله :
” دخلت سنة ثلاث وستين من الهجرة فقام أهل المدينة على يزيد بن معاوية فقام عبد الله بن مطيع فأراد أن يتنصب أميرا على قريش وقام عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر وأراد أن يتنصب أميرا على الأنصار
وكان عبد الله بن حنظلة وأبوه هو غسيل الملائكة ، كان عبد الله سيدا شريفا أتى إلى يزيد ومعه أبناؤه الثمانية فلما أتوا إلى يزيد في الشام أكرمه يزيد فأعطاه مائة ألف وأعطى كل واحد من أبنائه عشرة آلاف
فلما رجع إلى المدينة قال لأهل المدينة : والله لو لم أجد إلا أبنائي هؤلاء لقاتلته بهم
قالوا : كيف وقد أكرمك ؟
قال : إنما أخذت ما عنده لكي أستعين به على قتاله
فقام أهل المدينة وأخذ أحدهم عمامته وقال : أخلع يزيد كما أخلع عمامتي هذه
وقام آخر وقام : أخلع يزيد كما أخلع نعلي هذه
حتى اجتمعت عمائم كثيرة عند المنبر
فتصدر ابن مطيع لإمارة قريش وتصدر عبد الله بن حنظلة لإمارة الأنصار
ولو قيل : بصحة ما خرجوا به على يزيد فإن هذا أمر يخالف الشرع أنه لا يمكن أن يحكم بلدا أميران
ولذلك :
في سقيفة بني ساعدة لما مات النبي عليه الصلاة والسلام واجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة أتاهم أبو بكر وعمر ومعهم من المهاجرين فقال بعض الأنصار : منا أمير ومنك أمير
فقالوا : لا إن هذا الأمر لا يصلح إلا في قريش
يعني :
لا يمكن أن يصلح أمور الناس في بلدة إلا بأمير واحد
مع هذا كله مع أنهم أخطئوا في الخروج على يزيد
إلا أنهم أخطئوا في هذا الأمر الثاني
فما الذي جرى ؟
الذي جرى أنهم خرجوا على عامل يزيد في المدينة وهو عثمان بن محمد بن أبي سفيان وهو ابن عم يزيد فقاموا فأجلوا بني أمية وهم قرابة يزيد أجلوهم إلى دار مروان بن الحكم وحاصروهم
فما الذي جرى ؟
الذي جرى أن عبد الله بن عمر بن الخطاب لم يرض بهذا
سبحان الله !
مع أنه ابن عمر
في منظور الواقع لو نظرنا إلى الأحقية لوجدنا أن ابن عمر أجدر من هؤلاء كلهم حتى من يزيد
لم ؟
لأنه ابن للخليفة عمر بن الخطاب
وما جرت الفتن إلا بعد مقتل عثمان
فقام عبد الله بن عمر وأتى إلى عبد الله بن مطيع كما جاء في صحيح مسلم
فقام ابن مطيع ليكرمه فوضع له وسادة
فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ما أتيتك لكي أجلس ولكن لأنصحك لقد سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول : (( من نزع يدا من طاعة جاء يوم القيامة ولا حجة له ، ومن فارق الجماعة مات ميتة جاهلية ))
ثم انطلق ابن عمر إلى أبنائه وجمع أهل بيته وقال : والله لو خرج أحد منك على يزيد والله إن هذه هي الفيصل بيني وبينه
يعني : القطيعة بيني وبينه
هذا هو موقف ابن عمر رضي الله عنهما
وهذا واجب أهل العلم فيما يجري من فتن:
أن يصدعوا بالحق ولا يلتفتوا لما يقال فيهم ربما يُصنَّفون ربما ينسبون أنت لا تتعامل مع البشر أنت تتعامل مع الله على ما قاله الله على ما قاله رسول الله عليه الصلاة والسلام لأن هؤلاء البشر لن ينفعوك
خذها مني فائدة :
إذا انطلقت في كلامك على ما قاله الله وقاله رسول الله عليه الصلاة والسلام وكان ذلك مبينا على ما فهمه السلف فلا تلتف لموقف أي أحد ولا لأي قول لأي شخص كائنا من كان
فما الذي جرى ؟
علي بن الحسين المسمى بزين العابدين اعتزل تلك الفتنة
أتوا إلى محمد بن الحنفية لأنه أخو للحسين لأنه ابن لعلي بن أبي طالب من تلك المرأة الحنفية فأتوا إليه لأنه ابن لعلي بن أبي طالب لكي يخرج معهم على يزيد فجعل يناظرهم ويحذرهم من فعلتهم هذه
بنو عبد المطلب كما قال ابن كثير لم يخرج منهم أحد
سبحان الله !
بنو عبد المطلب النسب يتسلسل إلى من ؟
إلى النبي عليه الصلاة والسلام ومع ذلك ما خرجوا
ما الذي جرى ؟
لما حوصرت بنو أمية في دار مروان أرسلوا إلى يزيد في الشام فأتاه البريد يعني الرسول وقد انطرح على سريره ووضع رجليه في ماء بارد بسبب داء النقرس
ومعلوم مرض النقرس فأخبره بالخبر
فقال :
سبحان الله ! أين عقلاؤكم أليس فيكم ألف رجل يستطيعون أن يقاتلوا فنادى يزيد بن معاوية نادى عمرو بن سعيد بن العاص وكان واليا على المدينة ليزيد قديما
فلما أتاه وقال : اذهب بهذا الجيش إلى أهل المدينة
فقال عمرو بن سعيد : عزلتني عنها وأمورها محكمة مستقرة مطمئنة أما والله إنها لدماء قريش تزهق في الصعيد في التراب فأرجو منك العفو والمعذرة لا طاقة لي بذلك
فنادى يزيد رجلا اسمه مسلم بن عقبة وكان كبيرا في السن ولكنه كان رجلا جبارا متجبرا متسلطا
فجعل معه عشرة آلاف أو اثني عشر ألف من الفوارس وخمسة عشر ألف ممن يمشي على أقدامهم فأعطى كل واحد مكافأة وهي مائة دينار
فقال النعمان بن بشير :
والنعمان بن بشير هو أخ لعبد الله بن حنظلة من الأم الذي ترأس على الأنصار وهو أول مولود يولد في الإسلام للأنصار بعد الهجرة
كما أن عبد الله بن الزبير هو أول مولود يولد للمهاجرين بعد الهجرة
الشاهد من هذا :
لما رأى الشدة تظهر من عينيي يزيد قال : ولني عليهم
قال : لا يصلح إليهم إلا هذه الغمشة والله لأنكلن بهم بعد عفوي مرة بعد مرة
فقال النعمان بن بشير : أنشدتك الله في عشيرتك وأنصار رسول الله عليه الصلاة والسلام
وقام عبد الله بن جعفر : أرأيت لو رجعوا أتقبل منهم ؟
فقال يزيد : نعم أقبل منهم انطلق إليهم يا مسلم وادعهم ثلاثة أيام فإن أجابوك وإلا فقاتلهم ثم أبح المدينة ثلاثة أيام اجعلها مباحة لمن يشاء أن يفعل
فانطلق مسلم بن عقبة وكان السلف يسمونه بمسرف لأنه أسرف كما سيأتي وأوصاه بعلي بن الحسين زين العابدين لأنه لم يقاتل معهم
لما علم أهل المدينة أن الجيش أتى حاصروا بني أمية في دار مروان أشد محاصرة وقالوا : والله لئن دللتم علينا مسلما لننكلن بكم
فقالوا : نفعل
فلما أتى الجيش واستقبله بنو أمية الذين هم محصورون فجعل يسألهم عن رؤساء أهل المدينة فجعل كل واحد لا يجيبه حتى تكلم عبد الملك بن مروان الذي تولى الخلافة وله قصص ستأتي معنا إن شاء الله
قال :
أنصحك بشيء أن تنزل شرقي المدينة في الحرة فإنهم إن خرجوا كانت الشمس في أعينهم والشمس في أقفيتكم ثم ادعهم فإن استجابوا لك وإلا فاستعن بالله على قتالهم فإن الله سينصرك لأنهم خرجوا على الخليفة
فحاصرهم مسلم ثلاثة أيام وكل يوم يقول : إن أمير المؤمنين قد أمرني أن أحسن إليكم وأنتم عشيرته فاستجيبوا
فقالوا : لا نريد إلا الحرب
ثلاثة أيام وهو يناديهم
فلما أتى اليوم الرابع قال لهم هذا القول وقال لهم : لنستعين نحن على قتال ذلك الملحد في مكة يقصد بذلك عبد الله بن الزبير
فقالوا : والله لا نمكن لكم يا عدو الله من حرم الله
وكان يزيد قد أمر ابن زياد الذي قتل الحسين أمره أن يذهب لحصار مكة
فقال :
والله لا أجمعها للفاسق مرتين أأقتل ولد بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسين وأستبيح مكة فرفض لأن أمه مرجانة ، مرجانة هي أم عبيد الله بن زياد لما قتل الحسين جعلت تتكلم عليه بأفظع الكلام : كيف تقدم على قتل ولد بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام ؟وعظمت له الأمر
فلما عرض عليه يزيد أن يحاصر مكة رفض
الشاهد من هذا :
أن الأيام لما مضت تقاتلوا فيما بينهم
فما الذي جرى ؟
أهل المدينة وضعوا خندقا بينهم وبينه وجعلوا جيشهم أربعة أقسام وجعلوا على كل قسم أميرا
فما الذي جرى ؟
ابن مطيع الذي تولى أمر قريش قتل وقتل بين يديه سبعة من أولاده
عبد الله بن حنظلة قتل وقتل معه أخوه من أمه محمد بن ثابت بن شماس
محمد بن عمرو بن حزم من العباد مر عليه مروان و هو ملطخ بدمائه فقال : رحمك الله فكم من سارية قد رأيتك تطيل السجود والقيام عندها
فأباح المدينة ثلاثة أيام
قال ابن كثير : قبحه الله من شيخ ولا جزاه الله خيرا
لم ؟
لأنه في تلك الأيام قتل كثير من الخلق
ونهبت المدينة واستبيحت
سبحان الله !
إذا أتت الفتن أعمت البصائر حتى لأقرب القريب
فأتى صديق لمسلم بن عقبة وكان قد ذم يزيد فأتى به وهو معقل بن سنان وجز رقبته بمجرد أنه قال كلاما في يزيد مع أنه صديق له
امرأة أتت وهي سعدى بنت عوف وهي ترجع لسلالة مسلم الذي هو مسرف وقالت : مر جيشك ألا يعتدوا على إبلي فإني ابنة عمتك
فقال : بإبلها فابتدءوا
أتت امرأة وقالت : أنا مولاتك وابني بين الأسارى
فقال : به أولا اقتلوا
فقتلوه
هكذا تعمى البصائر وقعوا على النساء
لأنه لما انهزم أهل المدينة صاح من ؟
صاح النساء والصبيان
صاح النساء والأطفال
هؤلاء هم الضحايا في الفتن
الضحايا في الفتن :
هم النساء والأطفال لما انهزم أهل المدينة صاح النساء والأطفال
فاستباحوا المدينة ووقعوا على النساء
قال ابن كثير :
فحملت ألف امرأة من غير زوج في تلك الأيام
استدعى مسلم زين العابدين وكان قد أتى بين مروان وبين ابنه عبد الملك بن مروان لكي يأخذوا له الأمان من مسلم وعلي بن الحسين لم يدر أن يزيد قد أمر مسلما بأن يحسن إليه
فأتى بين مروان وبين ابنه عبد الملك
فطلب مروا ن ماء فشرب من هذا الماء وأبقى منه فضلة لكي يعطيه زين العابدين لكي يأخذ له الأمان بهذه الشربة
فلما أخذ زين العابدين الإناء قال : لا تشرب من مائنا
عقله اختل هذا الرجل الذي هو مسلم الذي هو مسرف
يعني : نسي ما أمره به يزيد
قال : لا تشرب من مائنا
فوقف الإناء في يد زين العابدين من الرعب لا هو رفعه إلى فيه ولا هو وضعه على الأرض ثم كأن عقل مسلم قد رجع إليه فقال : عفوا لقد أمرني أمير المؤمنين أن أحسن إليك وإن هؤلاء أشغلوني عنك
قال : قم
وقام معه على السرير
قال : أتريد ماء آخر لتشرب منه
فقال زين العابدين : لا
بل أريد أن أشرب من هذا الماء
فشرب منه
ثم قال : لعل أهلك قد انزعجوا
قال : نعم
فهيأ له مركبا ثم ذهب إلى أهله في أحسن مركب
جابر بن عبد الله اختفى لما وقع ما وقع اختفى جابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري لأنه قد يبتلى أناس وهم لا يريدون لا مشاركة قد يبتلون بهذه الفتن
فأبو سعيد الخدري اختفى في غار
فتبعه رجل ومعه سيف ليقتله فقام أبو سعيد ورمى بسيفه
وقال : رميت به لتبوء بإثمي وإثمك لا أقاتل أحدا
فقال : من أنت ؟
قال : أنا أبو سعيد الخدري
قال : صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام
قال : نعم
فتركه
أتي بسعيد بن المسيب العالم الجليل
فقال : بايع
قال : أبايع على بيعة أبي بكر وعمر
فأراد أن يجز رأسه فقام رجل فقال : إني أشهد أن هذا الرجل مجنون فلا تأبه بكلامه
أراد أن يخلص رقبته فتركه
يقول الزهري :
” قتل سبعمائة من المهاجرين والأنصار وقتل من غيرهم عشرة آلاف ووصل الخبر إلى أهل مكة مستهل المحرم فحزنوا حزنا شديدا
يقول ابن كثير :
لقد أخطأ يزيد خطأ فاحشا في استباحة المدينة مع ما جرى في عهده من قتل الحسين
ولذلك يقول ابن كثير :
ووقع في هذه الأيام الثلاثة ما لا يوصف وقد أراد يزيد من مسلم أن يوطن ملكه لكن الله عامله بنقيض قصده
لم ؟
لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما عند البخاري :
(( لا يكيد أهل المدينة أحد إلا أذابه الله كما يذاب الملح في الماء ))
وعند مسلم : (( إلا أذابه ذوب الرصاص ))
قال ابن كثير :
والإمام إذا فسق لا يجوز الخروج عليه لما يترتب من الخروج عليه من الفتن والقتل والنهب وفعل الفواحش مع النساء ومع غيرهم وما كان واحدة من هذه المفاسد التي وقعت في المدينة
يقول رحمه الله :”
إن واحدة منها لهي في الفساد أضعاف أضعاف فسق يزيد كما تقدم
وأما ما يروى أنه لما فعل مسلم ما فعل بالمدينة وصل الخبر إلى يزيد استشهد بأبيات ابن الزبعرى :
هو عبد الله بن الزبعرى :
كان هذا من قرشي وكان يقاتل مع الكفار ضد النبي عليه الصلاة والسلام وكان أشد العداوة للمسلمين وتعلمون أن قريشا انهزمت في غزوة بدر لكن صار لهم النصر في آخر غزوة أحد وقد أسلم يوم الفتح
فقال ابن الزبعرى هذه الأبيات في أحد
يقولون :
إن يزيد استشهد بهذه الأبيات لأن يزيد يرجع إلى من ؟
يرجع إلى أبي سفيان الذي فعل ما فعل في غزوة أحد فكأنه رضي ما فعل مسلم في أهل المدينة لأن ابن الزبعرى يقول :
ليت أشياخي ببدر شهدوا جزع الخزرج من وقع الأسل
قد قتلنا الضعف من أشرافهم وأقمنا مثل بدر فاعتدل
يقول ابن كثير :
فبعض الروافض قال : زاد بيتا قال :
لعبت هاشم بالملك فلا ملك جاءهم ولا وحي نزل
قال ابن كثير :
فإن كان يزيد قد قال هذا القول فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
وإن لم يكن فلعنة الله على من قاله ليشنع بأمر يزيد
قال شيخ الإسلام رحمه الله : ” الشيخ لابن كثير ابن كثير تلميذ شيخ الإسلام
قال كما في جامع المسائل قال :
” وما يروى أنه استشهد بأبيات ابن الزبعرى فإنه كذب
ثم قال :
فلا يجوز لأحد أن يغلو لا في يزيد ولا في غيره
بل لا يجوز لأحد أن يتكلم في أحد إلا بعلم وعدل
ما الذي جرى بعدها ؟
كان يزيد قد أمر مسلما
إن أصابك حادث الموت فول عليهم لقتال أهل مكة الحصين بن نمير
فلما رأى من نفسه الضعف قال : سأوليك مع أني لو كان الأمر إلي ما وليتك أبدا لكن ولاه فمات مسلم بعد خروجه من المدينة وبعد فراغه من قتال المدينة
سبحان الله ! أخذه الله وهو في طريقه إلى مكة
فتولى بعده حصين بن نمير
الشاهد من هذا :
أنهم انطلقوا انطلقوا إلى من ؟
انطلق إلى مكة
انطلق بهم حصين بن نمير الكوفي انطلق بهم إلى مكة لقتال ابن الزبير
فلما علم أهل مكة بهذا الخبر استعدوا
سبحان الله !
كانت الوقعة في أواخر ذي الحجة
ومات مسلم في شهر محرم
ومات بعده يزيد في شهر ربيع\هذه هي الدنيا
يعني : لا يُحرص لا على ولاية ولا على إمارة لا على سلطان
الدنيا هذه ذاهبة
ذهب حصين بن نمير الكوفي ذهب وحاصر مكة فلما حاصر مكة إذا بالخبر يشاع ويذاع من أن يزيد مات وأنه قد خلفه ابنه معاوية
يزيد هذا له ابن اسمه معاوية وكان رجلا به خير به صلاح كما سيأتي بيان ذلك فلما أتى الخبر قال حصين لعبد الله بن الزبير إن كان كما وصل إلينا الخبر فأنت الخليفة
فوصل الخبر إليه وقال : تعال معي لأهل الشام ليبايعوك
فأغلظ ابن الزبير عليه القول غلظة شديدة
فرجع حصين بن نمير ، ندم عبد الله بن الزبير أنه تكلم عليه بهذا الشيء فأرسل إليه يقول : أنت رسولي إلى أهل الشام لكي أكون الخليفة عليهم وخذ البيعة منهم فإني سأحسن بهم فقال : ليس ذلك لك ، إن بني أمية فيهم عدد كبير يطلب هذا الأمر
فرجع وفي رجوعه من طريق المدينة أراد أهل المدينة أن ينتقموا لكن زين العابدين هيأ له الأمر فخرج حصين بن نمير ومعه بنو أمية من بين أمية مروان بن الحكم
انتبه مروان بن الحكم
هنا يأتي سؤال :
هل عبد الله بن الزبير خرج على الولاة ؟
عبد الله بن الزبير لم يخرج على يزيد وكما وضح ذلك أئمة الإسلام لأن معاوية بن أبي سفيان جعل الولاية من بعده ليزيد فغضب من ؟
غضب عبد الله بن الزبير والحسين فخرجا
فخرج عبد الله بن الزبير إلى مكة لما أراد معاوية أن يرغمهما على مبايعة يزيد لأن يزيد لا يستحق هذا الأمر
فالشاهد من هذا :
لما مات معاوية وأتى يزيد
عبد الله بن الزبير أراد أن يحقن الدماء فأراد أن يبايع ليزيد على مكة
فقال يزيد : لا والله حتى يأتيني
فقال معاوية بن يزيد بن معاوية وكان رجلا صالحا قال : إنك تعلم أن عبد الله رجل قوي ولن يطيعك
خذ منه البيعة من واليك
فغضب عبد الله بن الزبير واستمرت هذه الحروب وهذه الفتن
لما مات يزيد بن معاوية دانت البلاد لمن ؟
لعبد الله بن الزبير
إذاً :
عبد الله بن الزبير لم يخرج على يزيد وأيضا لم يخرج على مروان بن الحكم لأن مروان بن الحكم أجلي مع بني أمية وقد دانت البلاد لعبد الله بن الزبير
بل إن معاوية الذي تولى بعد أبيه يزيد أراد أن يبايع لعبد الله بن الزبير لكن المنية قد أتت عليه
ولذلك ظل عشرين يوما وهو مريض لم يخرج وكان سيبايع من ؟
كان سيبايع عبد الله بن الزبير
مروان بن الحكم لما أتى إلى الشام :
بعد أن توفي معاوية بن يزيد بن معاوية هذا الرجل الصالح أراد أن يذهب إلى مكة ليأخذ الأمان لبني أمية لعبد الله بن الزبير لأن البلاد دانت حتى المدينة دانت وكذلك الشام في معظمها ومصر واليمن والبصرة والكوفة دانت لعبد الله بن الزبير
لكن لما أراد أن يذهب أتاه حصين بن نمير الكوفي وقال ومعه ابن زياد الذي قتل الحسين لأنه يخشى إن تولى غير بني أمية أن ينتقم من ابن زياد لأنه هو الذي قتل الحسين
قالوا : كيف وأنت شيخ قرشي وأنت أحق بهذا الأمر ؟
فملحوا له الأمر وأتى أهل اليمن وبايعوا له بايعوا لمروان بن الحكم كما سيأتي معنا
هنا :
يقول ابن كثير : ” كان عبد الله بن الزبير أحق بالخلافة من مروان بن الحكم وما ذكر أكبر دليل
سبحان الله !
ما الذي جرى ؟
الذي جرى أنه مات معاوية بن يزيد بن معاوية فاضطربت أمور المسلمين
وإن كان في معظمها قد دان الأمر في أواخره لعبد الله بن الزبير
أهل خراسان:
وكانوا تحت البيعة ليزيد بن معاوية خرجوا ، وولوا عليهم رجلا يقال له : سلم بن زياد أغدق عليهم من المال
والله ليست القضية قضية إغداق مال لاشك أن على الولاة أن يحسنوا كما أسلفت في الخطبة السالفة أن يحسنوا إلى رعياهم :
(( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق به ))
هذا لا نزاع فيه لكن إذا أتت الفتن لا تنظر إلى كثرة المال
بعض الناس يقول :
” لو أغدق علينا
الفتن إذا لم تسير بالمنهج الصحيح فإن شرها سيعظم
كان سلم هذا أغدق عليهم من الأموال ما أغدق وأحبوه إلى درجة أنه في تلك السنة وولد في تلك السنة ألف غلام سموه باسمه
لكن مع هذا الرخاء ومع هذا الرغد إلا أنهم خرجوا عليه في خراسان
ما الذي جرى في البصرة ؟
الذي جرى أن القراء خرجوا في البصرة وعليهم نافع ابن الأزرق وطردوا ابن زياد الذي خرج بعد ذلك والتقى بمروان بن الحكم وزين له أن يبقى خليفة على المؤمنين
وكتبوا إلى ابن الزبير : ” إنا قد بايعناك
فأمر أنس بن مالك أن يصلي بهم شهرين
وبايع أهل لحجاز عبد الله بن الزبير وأجلى عبد الله بن الزبير بني أمية من المدينة ومعهم مروان بن الحكم وبايع أهل البصرة والكوفة ومصر واليمن ثم خراسان ثم الضحاك بن قيس بايع لمن
لابن الزبير
وبايع النعمان بن بشير بحمص بايع ابن الزبير
وبايع أهل فلسطين لابن الزبير
لكن كما أسلفت جمَّل ابن زياد وحصين بن نمير لمروان جملا له فأراد أن يكون له الأمر
هنا :
ما الذي جرى ؟
الذي جرى أنه لما زينوا له أتى أهل اليمن ونقضوا بيعة ابن الزبير وبايعوا مروان بن الحكم وبايعه أهل اليمن فقويت شوكة مروان
فكتب إلى الضحاك
الضحاك بن قيس أتدرون من هو هذا الرجل ؟
هذا الرجل كان وزيرا لخلفاء بني أمية من عهد معاوية ثم في عهد يزيد بن معاوية ثم في عهد معاوية ذلكم الرجل الصالح كان إذا ذهبوا وخرجوا كان ينوب عنهم في تيسير أمور الدولة
لكن أزه الشيطان
بايع من ؟
ابن الزبير
لكن ابن زياد هو موالي لبني أمية والضحاك أيضا موالي لكن النفوس تتحرك من أجل الدنيا
فزين له أن يتولى الأمر فتولى الأمر لكي يخفض منزلته عند بني أمية ففعل
ونادى أنه هو الخليفة ثلاثة أيام
لكن ما الذي جرى ؟
قام عليه من قام عليه من أهل الشام قالوا : بايعنا هذا الرجل ونصحتنا أن نبايعه ثم تخرج عليه
فأراد مروان أن يدين الضحاك له بالأمر فأرسل شخصا يقال له ناغضة بن قريظ ليقرأ على أهل الشام ليقرأ عليهم رسالة مروان بالمبايعة
لكن الضحاك رفض ودخل داره وحصل نزاع وشقاق بين الشامين منهم يريد ابن الزبير ومنهم من يريد مروان بن الحكم
وأراد ناغضة أن يقرأ الضحاك هذا الكتاب فرفض فدخل الدار
ثم لما أصبح يوم السبت ومن والى ناغضة ووالى بني أمية حبسهم الضحاك فأتى أهل من حبس فأخرجوهم من السجن بالقوة فتشتت الأمر
فما الذي جرى ؟
الذي جرى أن الضحاك اجتمع ومعه جيش بمرج راهط فصار بينه وبين مروا ن حروب فغلبه مروان وقتل من معه
سبحان الله !
لما تنتهي الفتن ويأخذ الشيطان نصيبه هنا تعود العقول
يقول مروان بن الحكم بعد مرج راهط يقول :
أما بعد ما كبرت سني وضعف جسمي صرت إلى أ ن أقتل بالسيوف على هذا الملك
وكان يقول :
” قرأت القرآن أربعين سنة فأصبحت فيما أصبحت فيه حتى فعلت وزهقت الأرواح
ومع ذلك لم تطل مدة خلافته فلم يبق إلا تسعة أشهر
يعني :
يزيد أراد أن يوطن مسلم الذي هو مسرف أراد أن يوطن له الملك فمات بعده لما فعل ما فعل بالمدينة
هنا استقر الأمر لمروان هنا ما الذي جرى
مات مروان بعد تسعة أشهر
فلما انتصر على أهل الكوفة
النفوس تحب الدنيا
أراد ألا تفوت الإمارة
فبايع بالخلافة من بعده لابنه عبد الملك بن مروان
هذا مروا ن بن الحكم :
بايع لابنه عبد الملك ثم لابنه عبد العزيز بن مروان و جعل ابنه مروان على مصر لأن مصر أيضا في تلك اللحظة رجعت لمروان بن الحكم
تشتت الأمة في ذلك
الذي جرى :
أن النعمان بن بشير كان على حمص فلما رأى ما رأى من فعل بني أمية أراد أن يخرج منها وأن يدعها الذي هو النعمان لكنه في أثناء هروبه تمكن منه شخص يقال له خالد الكلاعي فقتله
إذاً : قتل النعمان بن بشير
الأمة افترقت فرقة مع ابنه عبد الملك وفرقة مع ابن الزبير
أتت فتنة المختار بن عبيد الثقفي
أتى الآن من أهل البدع
له فتنة حصلت بعد ذلك
لما بويع لعبد الله بن الزبير هذا المختار أظهر البيعة لابن الزبير جهارا لكن سرا له شأن
الشأن هذا لا يمكن أن يذكر الآن لأنه طويل و الوقت قد داهمنا
نسأل الله أن يلطف بالمؤمنين وأن يجمع كلمتهم على الحق المبين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطبة الثانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا عباد الله :
هذه هي الخطبة الرابعة عن الأحداث و العبر لكن لا يأتي شخص حضر معنا هذا اليوم ويظن أننا لم نسبق هذه الخطب عن كلام لأئمة المسلمين فيما جرى
فمن لم يحضر فيما مضى فعليه أن يعود فيما خطبنا عنه في الخطبة الأولى والثانية مما ذكرناه عن أئمة الإسلام كتمهيد للدخول في هذه الفتن
لأن الحديث في الفتن إذا لم تجمل وتحاط بكلام هؤلاء الأئمة وإلا فإن المتكلم قد يزل ويخطئ
ولذلك قد يتكلم شخص في الفتن من جراء ما يفهمه هو
لذلك عليك ألا تنطلق كما انطلق السلف ففهموا ذلك فمن أراد فليرجع إلى قناتي في اليوتيوب فيها الخطبة الأولى والثانية والثالثة وهذه الرابعة إن شاء الله ستكون في القناة ليكون المسلم على دراية فيما قلنا
لأنه ربما يسمع المسلم هذا الكلام في هذه الخطبة يحضر أول خطبة والخطبة السابقة ويقول : الشيخ مع الولاة
ارجع إلى ما سبق واسمع حتى تفهم وتعرف وتأخذ العبر