الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر ـ الجزء الخامس

الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر ـ الجزء الخامس

مشاهدات: 465

الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر ( 5 )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تلاحقت بنا الأسابيع وها نحن على مقربة من ذي الحجة لكن لدينا اتصال بموضوع هام سبق وأن تحدثنا عنه في الأربع الجمع الماضية وحتى  لا نفصل ذلكم الموضوع والمصلحة يتعين فيها أن نستمر مع وجود أو قرب موسم الحج والأضحية فإني أعرض على أسماعكم هذا الأسبوع والأسبوع القادم حتى يكتمل موضوع هذه الخطبة أو حتى تكتمل هذه السلسة أو من الأحداث المؤلمة من التاريخ الإسلامي

أبدأ فأقول موضوعنا في هذا اليوم هي الخطبة الخامسة المسماة بخطبة الأحداث والأسئلة والفوائد والعبر

عباد الله :

عبرة من فتنة المختار بن أبي عبيد الثقفي :

الذي خرج على عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ، هذا الرجل وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي بايع لعبد الله بن الزبير

لما اكتمل الأمر لعبد الله بايعه هذا الرجل وهو في مكة

وكان يقاتل مع عبد الله بن الزبير وكان يمدح عبد الله علانية لكنه يذمه سرا وهكذا هم أهل الأهواء .

فمضت الأيام وإذا بالمختار بعد ما مات يزيد بن معاوية وتفرق أهل العراق

لأنه بعد يزيد بن معاوية كما أسلفت تولى بعده ذلكم الابن الصالح الذي لم تدم  خلافته طويلا وأراد أن يبايع لابن الزبير كما أراد مروان بن الحكم أن يبايع لابن الزبير حتى أثناه النميري وعبيد الله بن زياد كما مر .

لأنه بعد يزيد بن معاوية خرج هذا الرجل إلى الكوفة في العراق لأن أمورها قد اضطربت وتشتتت فدخل في يوم الجمعة وكلما مر عليه ملأ أو مر على ملأ قال : أبشروا بالنصر 

حتى أتى الخطيب واستمع للخطبة وبعد ما فرغ من صلاة الجمعة جلس يصلي إلى العصر عند سارية من سواري  مسجد بالكوفة وجعل هذا الرجل ينضم إليه أشخاص ويقول : أبشروا بالنصر فإن معي كتابا من محمد بن الحنفية المهدي

محمد بن الحنفية :

هو ابن لعلي بن أبي طالب وهو أخ للحسين بن علي بن أبي  طالب  من جهة الأب لا من جهة الأم

فاستقر الأمر كما سلف لمروان بن الحكم

أين ؟

في الشام وفي مصر

أما الأقاليم الأخرى فهي تحت عبد الله بن الزبير

فما الذي جرى ؟

أتى أهل الكوفة إلى سليمان بن صرد وكان واليا عليها وقالوا: لنأخذ بثأر الحسين فاجتمع عنده سبعة عشر ألفا ليأخذوا ثأره ممن ؟

من الأمويين من عبيد الله بن زياد الذي قتله

فقالوا : نخرج إلى عبيد الله بن زياد

كيف  تخرج وقتلة الحسين موجودون بالكوفة

فقال لهم : نخرج فإذا قتلنا بن زياد رجعنا إلى من في الكوفة ثم قتلناهم

فقالوا : الأمر كما ترى

فانطلقوا وإذا بهم يلتقون بجيش مروان بن الحكم الأموي التقوا بجيشه وكل منهم يقول للأخر :

يقول الشاميون الأميون : لتبايعوا أمير المؤمنين مروان

وأهل الكوفة يقولون : أسلموا لنا ابن زياد حتى نقتله بابن بنت رسول الله عليه الصلاة والسلام الحسين

فلم يسمع أحد للآخر فجرت المعركة وقتل خلق كثير في تلك المعركة وكانت أمارة النصر للعراقيين أكثر من الشاميين الأمويين وكادوا أن ينتصروا حتى أتى مدد من الشام للأمويين

فما الذي جرى ؟

لما اضطربت الأمور على سليمان بن صرد نزل عن فرسه فترجَّل وكسر جفن سيفه وقال مناديا في قومه وفي جيشه يعظهم بالآخرة : من كان منكم يريد الرواح إلى الجنة والمغفرة من ذنبه فليتبعني

فتبعه عدد كثير يمشون على أقدامهم حتى دخلوا في صف وفي جيش الأمويين

حتى كان يسمى ذلك الجيش بجيش التوابين

فما الذي جرى ؟

قتل سليمان وقتل من معه وقتل شخص اسمه عبد الله بن والِِ وهو أحد الفقهاء

شريح القاضي:

 كان في العراق الأمة تخسر في الخروج على الولاة تخسر خسرانا كبيرا

شريح القاضي اعتزل عن القضاء في الكوفة لما رأى ما رأى

وكان الكذاب وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي يزعم أنه يأتيه شيء مما يأتي الأنبياء  وهذه كهنة يخبرهم عما وقع يخبر أهل الكوفة وهو في السجن لأنه اعتقل فكان يخبرهم بما جرى لجيش الكوفة كهانة

ولذلك : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي معنا بأن في ثقيف كذابا ومبير

رجع من رجع من أهل الكوفة

وإذا بأمر المختار من خلال ما يلقيه عليهم من سجع الكهان كما قال ابن كثير وما ذكرته هو في البداية والنهاية لابن الكثير

أتى لإبراهيم بن الأشتر النخعي كان رجلا قويا في الكوفة وطلب منه أن يأخذ بثأر الحسين

سبحان الله !

يدندنون على قضية الرءوس وعلى قضية الدماء

بثأر  وبجريمة كذا وكذا وهي بوابة لأهل الأهواء والبدع

فالشاهد من هذا :

أنه اجتمعوا على المختار فأتى المختار إلى إبراهيم بن الأشتر النخعي وطالبه بثأر الحسين وقال : إن معي كتابا من محمد بن الحنفية الذي هو أخ للحسين وهو لمهدي يطالب بدمه

فاستشار ابن الأشتر من عنده فقالوا : إن أمارات الصدق عليه واضحة غرَّه من غرَّه

فتبعه ابن الأشتر وخطب المختار خطبة ذلك اليوم وبايع له ابن الأشتر والأمراء والجنود

فما الذي جرى ؟

إذا به يغدق على الجيش العطايا ويعطي الناس من بيت المال عطاء عظيما وجعل يتتبع من قتل الحسين من شريف أو وضيع حتى أباد كثيرا  منهم

وجعل يلتقي بجيوش الأمويين الشاميين أكثر من مرة فينتصر المختار بن أبي عبيد عليهم

ابن الأشتر خرج بالجيش من لأجل أن يأخذ بثأر الحسين من ابن زياد فالتقى به

فانتصر جيش ابن الأشتر وعثر على ابن زياد فجزه نصفين وقطع رأسه

في فتن المسلمين ليس هناك إلا جز للرؤوس كما تجز رؤوس الشياه

نسأل الله السلامة والعافية ، لأن الناس لا ينضبطون إلا بشرع الله ، وإلا فتصبح الدماء رخيصة

فجزه نصفين وبعث برأسه إلى المختار

سبحان الله

أين ؟

في العراق

وأدخل في قصر الإمارة أدخل رأس ابن زياد فوضع في المكان الذي وضع فيه رأس الحسين أمام ابن زياد

فمازالت جيوش ابن الأشتر التابع للمختار تنتصر

 ابن الأشتر كان في معركة وإذا بطائفة في العراق في الكوفة تنقم على المختار فخرجت عليه فبعث بعوثه إلى ابن الأشتر أن عد عاجلا فعاد

فلما عاد تفرقت الأمة وكثر القتل ولكن في هذه المرة نجا المختار

ما الذي جرى ؟

الذي جرى :

أنه لما نبعت نابعة الفرقة في الكوفة على المختار

كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه في مكة فبعث أخاه مصعب بن الزبير لقتال هذا المختار الذي خرج على عبد الله بن الزبير وكان معه

فلما أتى مصعب إذا به يدبر مكيدة فأرسل رجلين فأتيا إلى المختار في  غفلة عنه ومنه ومن جنده فقتلاه وجزوا رأسه فسقطت إمارة الكوفة من يد المختار

سبحان الله !

ووضع رأس المختار في المكان الذي وضع فيه رأس الحسين أمام ابن زياد والذي وضع فيه رأس ابن زياد أمام المختار

ففرح المسلمين بانتصار مصعب على هذا الكذاب :

ابن الأشتر :

دعاه الأمويون ودعاه مصعب بن الزبير لينضم إليهم

فبعد الاستشارة انضم ابن الأشتر مع مصعب فأكرمه مصعب وعظمه وجعل له قدره

الإمارة في الكوفة بيد من ؟

بيد مصعب بن الزبير الذي هو أخ لعبد الله بن الزبير

عبد الملك بن مروان :

 تولى الأمر من بعد أبيه مروان بن الحكم فأرسل الحجاج بن يوسف لقتال مصعب بن الزبير وبالفعل أتى وانتزعها منه

فقام فجز رأس مصعب  ووضع بين يديه

سبحان الله !

روءس تجز كالماشية في نفس المكان وفي نفس البلد

لأن الحجاج بن يوسف من ثقيف وهذا المختار الكذاب من ثقيف فقام الحجاج وذهب إلى عبد الله بن الزبير لكي ينتقم ويكيل بالصاع صاعين ويقتل عبد الله بن الزبير

وبالفعل حصلت هناك معركة بينهما وهي موجودة في قناتي على اليوتيوب مفصلة فقتل الحجاج عبد الله بن الزبير  وصلبه شهورا لكي ينتقم هذا الناصبي الذي هو الحجاج ممن ؟

من مصعب لما قتل المختار لأنه من ثقيف

ولذا :

جاء عند مسلم :

أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

((سيكون في ثقيف كذاب  ومبير ))

مبير : يعين مهلك مفسد

كذاب: يقول الكذب  ويدعي أنه يوحى إليه ولا يوحى إليه بشي

فمر وقد صلبه الحجاج صلب عبد الله بن الزبير صلبه عند عقبة مكة

فمرت به قريش  وينظرون إلى ابن الزبير وهو مصلوب

ومر به عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فقال : السلام عليك أبا خبيب ( يكنيه بأكبر أبنائه خبيب )

السلام عليك أبا خبيب

السلام عليك أبا خبيب  

السلام عليك أبا خبيب   ،

أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا ،

أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا ،                     

  أما والله لقد كنت أنهاك عن هذا ،                     

أما والله لقد علمتك صواما قواما وصولا للرحم أما والله لأمة أنت شرها لهي خير أمة   

ثم مضى رضي الله عنه

فعلم الحجاج بموقف  وكلام ابن عمر فقام وأمر بأخذ  جثة ابن الزبير ورماها في مقابر اليهود

ثم قال لمن عنده : ادعو لي أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها

فقالت : والله لا آتيك والله لا آتيك

قال : والله لتأينني أو لأسحبنك بقرونك

قالت : والله لا آتي حتى تبعث من يسحبني بقروني

فغضب فقام يتذلف يعني : يسرع على كبر وخيلاء

وقال : أعطوني سبتيّ

يعني : نعلين وهي النعال التي لا شعر فيها

فخرج فمضى إليها وقال : أما رأيت ما فعلت بعدو الله يقصد ابنها

قال : نعم أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك فوالله لقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :

(( إن في ثقيف كذابا ومبيرا ، أما الكذاب فقد رأيناه وهو المختار ، أما المبير فلا إخالك إلا هو ))

يعني : لا أظنك إلا هو

ثم رجع من حيث أتى

 

هذه فتنة  أخرى فتنة عمرو بن الأشدق الأموي بخروجه على عبد الملك بن مروان

القتال جار بين عبد الملك وبين ابن الزبير جار قبل أن يقتل ابن الزبير وإذا بعمرو بن الأشدق الأموي من بني أمية لما رأى غفلة عبد الملك أتى إلى دمشق وأخذ مالا عظيما من مال بيت المسلمين وجعل يغدق على الناس من أجل أن يبايعوا له

فرجع عبد الملك وقد تحصن عمر بن الأشدق الأموي في حصن في  دمشق فحاصره ستة عشر يوما

فاتفق معه عبد الملك على أنه يجعل البيعة والخلافة من بعده له فرضي

فمرت الأيام وإذا بعمرو بن الأشدق يدخل في غفلة من الجند ومعه مجموعة لكنها قليلة تدخل على عبد الملك بن مروان في مكان جلوسه فرأى أن الشر في عينيه في عيني عمرو بن الأشدق الأموي

فإذا به يشير إلى خادمه ليعلم الجند بحالة الأمر فأشار إليه ثلاث  مرات لكنه لم يفهم

فما الذي جرى ؟

لاطفه عبد الملك وقال : ما كان ينبغي لك أن تسامرني  ومعك هذا السيف فلما خلع السيف من كتفه وتحين الفرصة قبض عليه عبد الملك فلما قبض عليه إذا به أمام الملأ يجز رأسه

سبحان الله !

فتن عظيمة

ولذلك يقول سعد بن أبي وقاص كما في تاريخ الإسلام للذهبي لما قالوا له شارك فقال سعد بن أبي وقاص : ” أشارك شريطة أن تأتوا لي بسيف له لسان وشفتان يقول : هذا مسلم فلا تقتله وهذا غير مسلم فاقتله

ثم قال علي بن أبي  طالب : (( لمنزل نزله سعد بن أبي وقاص وابن عمر .. ))

يعني  : بعدم الدخول في الفتن (( إن كان هذا المنزل ذنب إنه لذنب صغير ، وإن كان غير ذنب فإنه لشرف عظيم لهما  ))

ولذلك جعل  عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخلافة  في ستة من بعده من بينهم سعد بن أبي وقاص وقال : إن لم يكن خليفة فليستعن به

ومع ذلك ما دخل

ولذلك كما في سير أعلام النبلاء للذهبي قال له ابنه :

((شارك يا أبت

فقال : سبحان الله أبعد هذا العمر أشارك يا بني أشارك حتى يؤتى لي بسيف إذا ضربت به مسلما تنحى عنه وإذا ضربت به كافرا ضربه

ثم قال : ” إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن الله يحب العبد التقي النقي الخفي ))

خفي لا ينظر له ولا ينظر إليه

سبحان الله !

ولذلك يقول الحسن : فقد علت منزلة سعد بن أبي وقاص فلا أحد يسأل في الفتن إلا دل على سعد بن أبي وقاص

 

فتنة أخرى

هذه أعظم الفتن التي مرت بالمسلمين إذ لم يستقم لهم حال بعدها :

وهي فتنة الخروج على الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الفاسق كما قال الذهبي  في تاريخ الخلفاء

سبحان الله !

يقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث في المسند سيأتي له إن شاء الله تفصيل  هل هو صحيح أم لا هل يقصد به هذا أم هذا؟

(( إنه سيكون في أمتي رجل يقال له الوليد إنه لأشقى على الأمة من فرعون على قومه ))

سيأتي له حديث إن شاء الله في الخطبة القادمة

من هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم ؟

احتضر أبوه يزيد كان الوليد صغيرا فولى الخلافة لأخيه هشام بن عبد الملك ، وجعل الولاية من عبد هشام لابنه إذا كبر

من هو ابنه ؟

الوليد وكان فاسقا لا يتورع من أي منكر يشرب الخمر ويزني  ويحب اللواط أمور فظيعة جدا

فما الذي جرى ؟

الزهري نصح هشام قال له : اخلعه

فلا يظن أن الزهري أراد أن يخلعه لأنه ليس بوالي لكن قال  : اخلعه وعين غيره حتى لا يكون خليفة في المستقبل فيتأذى المسلمون منه

ولذلك أراد هشام أن يفعل وأن يولي الأمر من بعده إلى ابنه مسلمة واتفق  معه الجند والأمراء لكنه ما فعل

يقول ابن كثير رحمه الله : ليته فعل ليته فعل

وكان الوليد يعرف كلام الزهري وسمعه وكان يتحين الفرصة أن يتولى الخلافة فينتقم من الزهري

فقال الزهري : والله لا تتسلطن علي يا فاسق

وبالفعل لما تولى الوليد مات قبله الزهري فسلم الزهري  من شره

فما الذي جرى ؟

الذي جرى أنه كان يشغف حتى بالنصرانيات ولا يتورع من أي منكر كما قال ابن كثير والذهبي

فقال له عمه هشام : اتق الله وأراد أن يؤنبه

فأراد أن يلين قلبه لعله يعود فقال : أرسلك أميرا على الحج هذا الموسم

فأرسله

فأراد هذا الوليد مع أنه شاب أراد من جنوده أن يبنوا له قبة على مقدار سطح الكعبة ليجلس عليها وأن يؤتى إليه بالخمور لكي يشرب  والناس تحته

فهمَّ بعض القوم أن يقتلوه وكان معه خالد بن عبد الله القسري الذي قتل الجهم بن صفوان ذلكم المبتدع

فقال : لا

فقالوا : إذاً اكتم علينا

فدخل خالد بن عبد الله القسري  إلى الوليد وقال : أحذرك من الخروج إلى مكة

قال : أعلمني ممن ؟

قال : لا أعلمك

فأخذه إلى بعض جنده فجز يديه ثم قدميه ثم ساقيه ثم فخذيه

فلم يستطع أن يتكلم بكلمة حتى مات

فوقعت وحشة بين هشام بن عبد الملك وبين ابن أخيه الذي هو هذا الفاسق

وجعل يتراسلان فخرج الوليد في البرية مع أصحابه لشرب الخمور والزنى واللواط وجعل بينه وبين عمه هشام وحشة وجعلا يتراسلان بالذم حتى مات هشام فجاء الخبر إلى الوليد فأتى واستولى على الخلافة ولما استولى على الخلافة  هذا الوليد له ابنان الحكم وعثمان

فولاهما من بعده

وكان يجاهر بالفواحش

قال ابن كثير : وربما اتهمه بعضهم بالزندقة ولكنه يقول : الأظهر أنه فاسق ماجن

ولذلك قال الذهبي في  تاريخ الإسلام : لم يصح عنه كفر ولا زندقة لكنه كان فاسقا ولا يستحي من أحد لا قبل الخلافة ولا بعدها وكان يحب اللواط حتى إنه راود أخاه سليمان على أن يفعل به فاحشة اللواط

حتى هم أخو ه سليمان أن يقتله

لكنه لما تولى الخلافة أغدق على الناس أعطى الناس العطايا وجعل لكل بيت خادما وأخرج التحف والألعاب ووزعها على الأطفال

وكان كريما شاعرا

فما الذي جرى ؟

الذي جرى أن جنده كرهوه أشد ما يكون وكان من أشدهم فيه قولا هو ابن عمه يزيد بن الوليد

هذا الفاسق هو الوليد بن زيد

هذا الذي كان في  نفسه شئ عليه هو يزيد بن الوليد كل منهم سمي على أب الآخر سمي على عمه

وكان هذا الوليد الفاسق له ابن العم يزيد بن الوليد الذي يلقب بالناقص

يزيد بن الوليد :

هذا الذي سيأتي ذكره الذي يلقب بالناقص وكان الناس إلى قول يزيد أميل لأنه صاحب طاعة وصاحب خير وكان يظهر ذلك كما قال ابن كثير رحمه الله ويظهر العبادة والتواضع

فبايعه الناس مع وجود الوليد فأتى العباس الذي هو أخ لهذا الرجل المسمى بيزيد الملقب بالناقص قال : اتق الله لا أطاوعك على هذا لا تخرج على ابن عمك الوليد

ثم قال العباس أخو هذا الرجل الناقص : والله لولا أني أخاف عليك لقيدتك وأرسلتك  إليه

وجعل أخوه ينهاه أشد النهي  وينهى من معه

ثم لما عزم هذا الأخ يزيد بن الوليد الناقص الخروج عليه قال العباس منشدا بعض الأشعار ومن ضمنها من حيث النثر :

إني أعيذكم بالله من فتن كالجبال 

                                       فاستمسكوا بعمود الدين وارتدعوا

لكن لم يسمعوا له  أحد

انضم من انضم إلى يزيد الملقب بالناقص انضم إليه من انضم

فوقع وباء ومرض في  دمشق فخرج الوليد الملقب بالفاسق  هذا

فدخل يزيد بن الوليد الملقب الناقص دخل في دمشق ليلا فبايعه أكثر أهلها بالليل وأمر بإغلاق الأبواب ولا يفتح إلا لأحد يعرفه

فكثرت الجيوش  حول يزيد بن الوليد الملقب الناقص

فما الذي جرى ؟

العباس الذي هو أخو يزيد الذي عظم أمره الآن

قام بجيش من أجل أن يناصر ابن عمه على أخيه لأنه يريد أن يناصر الحق لأن الخروج على الولاة ظلم

الشاهد من هذا:

أن أخاه تمكن منه وأرغمه على أن يؤتى به ثم بايع لأخيه رغم أنفه فبايع له رغما عنه

فلاحقوا الوليد بن يزيد الملقب بالفاسق  فانفض من حوله فأخرج السيف ورمى بسيفه وقال : أنا أثب على الأسد وهؤلاء الرجال يثبون علي والله لا أمكنهم من ذلك إلا بشرف فأخرج المصحف  وقال : أقتل كما قتل عثمان بن عفان

لاشك أن هناك فروقا عظيمة ولا مقارنة بينه وبين عثمان

لكن سبحان الله هذه الكلمة بقدر من الله جرت على لسانه قال : أقتل كما يقتل عثمان بن عفان

عثمان لما قتل دب الخلاف والشر والدم في المسلمين

هذا الرجل بالذات من بين الخلفاء السابقين الذين خُرج عليهم هذا الرجل بالذات حصلت بعده فتن عظيمة هرج ومرج كما ذكر العلماء عن حاله بعد خروج الناس عليه

فالتفوا حوله فقتل الوليد بن يزيد قتلوه واحتزوا رأسه وبعثوا به إلى ابن عمه يزيد فسجد شكرا لله

فأمر بنصب رأسه وأن يطاف به في البلدان

ثم بعث به إلى أخيه سليمان

فقال سليمان لما رأى رأس أخيه : أشهد أنك كنت شروبا للخمر ولقد راودتني عن نفسي

سبحان الله !

خلفاء بني أمية :

أعمارهم ليست بتلك الأعمار هؤلاء المتأخرون منهم

يعني ما بين الثلاثين إلى الأربعين فعمره ست وثلاثون أو ثلاث وثلاثون سنة هذا الوليد الملقب بالفاسق لما قتل

ما الذي جرى ؟

الخلافة الآن بيد من ؟

بيد يزيد بن الوليد الملقب الناقص

لماذا لقب بالناقص ؟

سماه ابن عم أبيه مروان بن محمد ليس مروان بن الحكم الذي مضى لا بل مروان بن محمد ابن عم أبي هذا المسمى بالناقص لأنه لما تولى الخلافة أنقص على الناس أعطياتهم وضيق على الناس في معايشهم

قال ابن كثير : وكان قبل ذلك به صلاح وورع

القضية ما هي قضية أشياء نظرية يعني المال والخلافة والرئاسة

إذا وقعت في يد شخص تمحصه تلك الأموال وتلك الرئاسة

لا أحد يقول : والله لو أن لي من الأمر شيئا  لفعلت وفعلت

فمن كان في عافية فليحمد الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخطبة الثانية :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموضوع يتواصل بنا إن شاء الله في الجمعة القادمة لعلنا ننجز إن شاء الله ولو باختصار حتى ننهي هذه السلسلة من باب أن نبين أن ما ذكره الشرع فيما يخص الخروج على الولاة أن أمره عظيم وشره مستطير .

فالنصوص الشرعية بين أيدينا والعبر والمواعظ من التاريخ الذي سمعتموها في هذ الخطب الخمس والخطب الآتية  والله لو أن الوقت يسعفني لذكرت ما جرى بعد مقتل هذا الوليد المسمى بالفاسق

لكن لعلي إن شاء الله في الجمعة القادمة نذكره

بل إن أعظم الفتن كما سيأتي فتنة أبي مسلم الخراساني

الناس يقولون : الله يحلل الحجاج عنده ولده

عامة الناس يقولون : الله يحلل الحجاج عنده ولده

هذا  مثل أسمعه يقولون : إن الحجاج لما كان في  مشارف الموت قال : اذهب بي من بيتي في طريق مستقيم إلى المقبرة فلما مات وجد أن الطرق كلها ملتوية فهدم هذا الابن كل بيت أمامه لكي يوصل أباه الحجاج إلى المقبرة من طريق  مستقيم

هذا يذكر وبحثت عنه وبحثت عن هذا الولد الذي الناس يقولون : إنه أعظم من أبيه الحجاج

ما وجدت شيئا حسب اطلاعي وبحثي

لكن أقول : الناس يقولون : الله يحلل الحجاج عند ولده

أنا أقول : الله يحلل الحجاج عند أبي مسلم الخرساني

ليس معنى ذلك أنه يغتفر الذنوب الفظايع التي تقع من الولاة السابقين لا  لكن المقصود من هذا أن ما وقع ممن جاء بعدهم من الظلم والجبروت والطاغوت أنهم أعظم بالنسبة إلى ما فعله السابقون

حتى إن بعضهم ظن أن أبا مسلم الخرساني قد حلت فيه الألوهية فجعل يفعل ما يشاء

انظروا

إن شاء الله الحديث له تتمة وصلة