الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر ـ الجزء الثامن

الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر ـ الجزء الثامن

مشاهدات: 54

الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر (( 8 ))

أبو مسلم الخرساني ونهاية دولة وبناء أخري

نتف من الفوائد حول تلك الأحداث

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

هذه هي الخطبة الثامنة والأخيرة التي تتحدث عن الأسئلة والفوائد والأحداث والعبر

لما قضى أبو مسلم الخراساني على مروان بن محمد انتهت الدولة الأموية فجاءت الدولة العباسية بإمارة أبي العباس السفاح وهذه الدولة العباسية جاء في كتب التاريخ جاء في ذكرها أحاديث :

حديث :

( إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة فإن الخلافة تؤول إليك يا عباس وإلى ولدك منهم السفاح والمهدي والمنصور )

لكن أفاد الألباني رحمه الله بأنه حديث موضوع

هناك حديث آخر :

(( الخلافة تؤول إلى العباس ثم إلى ولده فلم يزل أولاد العباس ينتظرونها ))

قال الذهبي  في سير أعلام النبلاء :  هو حديث لا يصح

هناك حديث في أبي العباس السفاح :

جاء في المسند من حديث أبي سعيد رضي الله عنه :

(( يخرج رجل عند انقطاع من الزمن وظهور الفتن يقال له السفاح يكون إعطاؤه للمال حثيا ))

أخرجه الإمام أحمد

قال السندي رحمه الله : الأظهر أنه هو الخليفة العباسي الأول

لكن قال ابن كثير في البداية :

هذا الحديث في إسناده عطية العوفي وقد تكلموا فيه وفي كون أن هذا الحديث وارد في السفاح العباسي قال رحمه الله فيه نظر

 

انتهت الدولة الأموية وأتت الدولة العباسية

 

فخذوا ما فيها من العبر على وجه الاختصار :

 

من الذي أقام الدولة العباسية ؟

هو أبو مسلم الخراساني

قال الذهبي كما في سير أعلام النبلاء في ترجمة هذا الرجل :

قال : هو عبد الرحمن بن مسلم كان اسمه إبراهيم بن عثمان لكن الإمام العباسي الذي هو إبراهيم قال إن هذا الاسم لا يتوافق مع ما نقرؤه من أن يكون هناك شخص يقيم دولتنا فغيرْ اسمك

فقال : أنا عبد الرحمن بن مسلم

قال الذهبي في السير : هو صاحب الدعوة وهو هازم الجيوش الأموية والقائم بأمور الدولة العباسية

 

صفة أبي مسلم الخراساني :

 

” قصير أسمر حلو البشرة ..

بعض  الناس قد يكون أسمر لكنه نقي البشرة

” عريض الجبهة حسن اللحية فصيحا إذا تكلم مجيدا للغة العربية وللغة الفارسية هو رواية للشعر لم ير ضاحكا قط إلا في موضعه وفي وقته لا يكاد يقطب بوجهه في شيء تأتيه الفتوحات العظام فلا يسر ولا يفرح بها تنزل به الفوادح الكبار فلا يهتم لها لا يستفزه الغضب في وقت الغضب لا يأتي النساء في السنة إلا مرة واحدة لشرف نفسه “

 

قال الذهبي :

يذهب أبو مسلم الخراساني على حمار من الشام حتى دخل خراسان ثم ملك خراسان بعد تسعة أعوام ويعود بكتائب كالجبال فيقلب دولة ويقيم أخرى

 

قال الذهبي في السير :

أرسله إبراهيم بن محمد الإمام العباسي إلى خراسان وعمره تسع عشرة سنة

هذا السن الذي هو في زماننا كما يقال هو سن المراهقة انظروا إلى القوة مع أن هذا التصرف الذي صدر من خلفاء بني مروان وأعمارهم قصيرة  أو هذا التصرف وما سيأتي من تصرف من أبي مسلم الخراساني يدل على أن الشاب يتأثر ببيئته إما سلبا وإما إيجابا

 

قال رحمه الله :

أرسله وعمره تسع عشرة سنة

قال الذهبي في أبي مسلم الخراساني :

كان سفاكا للدماء لا يتورع عنها و يزيد على الحجاج بن يوسف الثقفي

هو أول من سن لبس الثياب السوداء للدولة العباسية

أتى إلى خراسان فصنع بالعرب الذي فيها أعظم الفظائع كان بلاء وفتنة على عرب خراسان فأبادهم وأهلكهم جميعا بحد السيف

 

قال الذهبي :

لقد انتهت الدولة الأموية ففرح الناس بمصير الأمر إلى الدولة العباسية

قال رحمه الله :

قال : ففرحنا بمصير الأمر إلى بني العباس حبا في النبي عليه الصلاة والسلام

لكن يقول : لما رأينا في أوائل الدولة العباسية لما رأينا فيها النهب والسلب وقتل الأنفس قال : فإنا لله وإنا إليه راجعون

يقول رحمه الله :

فالدولة الظالمة مع الأمن وحقن الدماء ولا دولة عادلة تنتهك دونها المحارم وأنى لها العدل بل أتت دولة أعجمية خراسانية جبارة فما أشبه الليلة بالبارحة

 

قال الذهبي رحمه الله في السير :

في سنة مائة واثنتين وثلاثين لما استقر الأمر لأبي العباس السفاح شم رائحة غدر وخيانة من وزيرهم في الكوفة أبي سلمة حفص بن سليمان الخلال

فبعث أبو العباس أخاه أبا جعفر المنصور إلى أبي مسلم الخراساني ليتشاور معه في أمر هذا الوزير

فذهب أبو جعفر إلى خراسان ليأخذ رأيه في هذا الوزير

فتلقاه أبو مسلم تلقى أبا جعفر المنصور تلقاه فلما دنا نزل عن فرسه وترجل فقبل يدي أبي جعفر المنصور ثم انصرف

قال : ولم يسأله ولم يكلمه

يعني : أبو مسلم لم يكلم أبا جعفر ثلاثة أيام

فلما مرت الأيام الثلاثة أخبره أبو جعفر بما أتى إليه فقال أبو مسلم : فعلها أبو سلمة الخلال ؟ أنا أكفيكموه

فدعا عامر بن أنس الضبي فقال : اذهب من فورك إلى الكوفة فاقتله فذهب فقتله

 

فلما رأى أبو جعفر المنصور أن أبا مسلم لا يتورع عن الدماء رجع إلى أخيه وقال له : يا أخي لست بالخليفة إن أبقيت أبا مسلم الخراساني فإنه لا يفعل إلا ما يروق له

قال أخوه أبو العباس السفاح  : اسكت واكتم هذا الأمر إلى بعد حين

حتى إن كثيرا من أعوان أبي مسلم لما رأوا زهق الأنفس خرجوا عليه في خراسان

لكنه ذو قوة عظيمة إذا به يبيد هؤلاء جميعا

 

فلما جاء موسم الحج كما قال الذهبي في السير:

أتى أبو مسلم الخراساني في موكب عظيم إلى أبي العباس السفاح

فقال : إني أريد الحج

فلما رأى تلك العظمة من هؤلاء الجنود قال أبو العباس : اذهب إلى الحج ولكن الأمير هو أخي أبو جعفر ولو لم يذهب لوليتك يا أبا مسلم على الحج

فذهبا جميعا

وقبل أن يغادر أبو جعفر المنصور قال لأخيه أبي العباس السفاح هذه هي الفرصة والله إني أرى في رأس أبي مسلم غدرا

فقال أبو العباس السفاح : قال : لقد عرفت بلاءه فينا فاسكت

فسكت أبو جعفر

 

وانطلقا أبو جعفر المنصور ومعه أبو مسلم الخراساني انطلقا إلى الحج

فلما رجعا من لحج تلقاه في الطريق موت أبي العباس السفاح بالجدري

هنا :

من الذي تولى الأمر ؟

تولى الأمر بعد أبي العباس السفاح تولى من بعده أخوه أبو جعفر المنصور آلت الخلافة إلى أبي جعفر المنصور

لكن ما الذي جرى في الشام ؟

كما قلت لكم :

لما يضعف المسلمون بإضعاف أنفسهم بالخروج على الولاة لا تحصر تلك المفاسد وتلك المخاطر التي تحل بالمسلمين

إذا بعم أبي جعفر المنصور وكان واليا من قبل أخيه أبي العباس السفاح كان واليا لأبي العباس السفاح على الشام

فلما مات ابن أخيه أبو العباس وأتى ابن أخيه أبو جعفر المنصور إذا به يخرج على أبي جعفر المنصور من أجل أن يظفر بالخلافة

 

فما الذي جرى ؟

دعا أبو جعفر المنصور أبا مسلم الخراساني وقال : انطلق إلى عمي فاقتله

فلما ذهب والتقى الجيشان وحصل قتل كثير

إذا بأبي مسلم الخراساني إذا به يكاد أن تنزل به هزيمة المعركة ففر بعض الجيش من جيشه فارتجز وقال في شعر له :

من كان ينوي أهله فلا رجع

                           فر من الموت وفي الموت وقع

يقول :

من أراد أن يرجع إلى أهله حتى يسلم من قتل عم أبي جعفر المنصور فإنه وقع في قبضتي فالموت عندي إن رجع فمن رجع من جنوده قتله

ولذلك :

بقي الجنود لأنهم يرون الموت من خلفهم لأنه أفظع مما هو أمامهم

فكان يرتجز ويقول :

من كان ينوي أهله فلا رجع

                         فر من الموت وفي الموت وقع

 

فما الذي جرى ؟

انتصر في نهاية الأمر انتصر أبو مسلم الخراساني فانتهت المعركة فلما انتهت هذه المعركة وأحصيت الأسلحة والكنوز والأموال إذا بأبي جعفر المنصور يرسل رسولا من عنده إلى أبي مسلم الخراساني لتجمع الأموال والكنوز وليأت بها إليه

فلما أتى هذا الرسول إلى أبي مسلم الخراساني وهم بقتل رسول أبي جعفر المنصور وقال : ليس له مما غنمنا إلا الخمس

 

فما الذي جرى ؟

حينها ظهرت الغدرة التي كان أبو جعفر تفرسها في عهد أخيه تلك الغدرة رآها واضحة أمامه من أبي مسلم الخراساني

فجاء الدهاء من أبي جعفر فأرسل إلى أبي مسلم الخراساني من يلاطفه ويحببه للخليفة

ثم إذا به يقول أبو جعفر إلى أبي مسلم :

أرسل إليه رسالة وقال : وليتك على مصر والشام فانزل في الشام

فأظهر أبو مسلم غضبه قال  :كيف يؤمرني على الشام وعلى مصر وخراسان كلها لي ؟

 

حينها :

عرفت الغدرة من أبي مسلم الخراساني أكثر من ذي قبل

فشرع في الذهاب إلى خراسان ولم يلتفت إلى أبي جعفر المنصور بل إنه شتمه وسبه

لكن ما الذي جرى ؟

الذي جرى أن أبا جعفر المنصور قال لبني هاشم : عظموا أمره وحببوا إليه القدوم إلي فإني سأكرمه فإن أبى فقولوا : إن أبا جعفر يقول : والله لو خضت هذه البحار لخضتها حتى آتيك فأقتلك

فلما انسدت أذان أبي مسلم الخراساني قالوا له هذا القول

 

فما الذي صنع ؟

إذا به يعود إلى خراسان

فأرسل أبو جعفر المنصور إلى نائب أبي مسلم الخراساني في خراسان وقال : إن خراسان لك

فبعث أبو مسلم الخراساني إلى نائبه فقال نائبه : لقد أخطأت كيف تجرؤ على أن تهدد أمير المؤمنين ؟

فزاد أبا مسلم زاده خوفا من أبي جعفر المنصور

فقال : سأذهب إلى أبي جعفر وأستسمح منه

فقال له بعض أصحابه : احذره ثم إذا أتيت إليه فاقتله

بعدها ولّ من تشاء يا أبا مسلم

 

فذهب أبو مسلم الخراساني وسار فلما وصل إلى أبي جعفر تلقته الوفود وتلقاه الأمراء فانخدع المسكين بالترحيب

فلما أتى ووقف بين يدي أبي جعفر المنصور

قبل يدي أبي جعفر المنصور ثم قال له : اذهب فاسترح

وأراد أن يقتله تلك الليلة لكن وزيرا عند أبي جعفر قال  :تمهل فإنه ربما يحصل من قتل أبي مسلم من الشرور ما يحصل

فتركه أبو جعفر

 

فلما أصبح نادى وزيره فقال : قبحك الله والله ما نمت تلك الليلة

فدعا أبو جعفر المنصور دعا عثمان بن نهيك

 فقال أبو جعفر لعثمان : كيف بلاء أمير المؤمنين فيك

قال عثمان : أنا عبدك والله لو أمرتني أن أتكأ على هذا السيف حتى يخرج من ظهري  لفعلت

فقال له أبو جعفر : كيف لو أمرتك بقتل أبي مسلم الخراساني ؟

فوجم هذا الرجل وجمة وسكت

يعني : أمر غريب يقتل أبا مسلم الخراساني ذلكم الطاغية

فقال في نهاية الأمر : سمعا وطاعة

فأتى بأربعة أشخاص

 

فلما جاء الصباح نهار ذلك اليوم إذا بأبي  مسلم الخراساني يدخل على أبي جعفر من تلك الليلة التي نام فيها وأكرم من قبل الأمراء والوفد بالترحيب

إذا به يدخل وهو يضحك وهو مسرور

فلما التقى بأبي جعفر المنصور

قال له أبو جعفر : كيف لك أن تتقدمني في الحج ؟

لأنهما لما رجعا إذا بأبي مسلم يتقدم على أبي  جعفر

قال : يا أمير المؤمنين ما تقدمت إلا من أجل ألا يجتمع جنودي بجنودك على الماء فيصبح الناس في ضرر

فقال  له : ألست القائل أنك أنت من بني العباس ؟ ألست الذي كتبت إلي تبدأ بنفسك قبل أن تبدأ بي بالكتابة ؟

فعلم أبو مسلم أنه خدع فقال : العفو يا أمير المؤمنين

وجعل يتزلف إليه بتقبيل يديه وبالكلام الجميل

فقال أبو جعفر : اقتلوه

فضربه أحدهم ضربة بالسيف قوية فلم تصب منه شيئا

فقال أبو مسلم : أنشدتك الله استبقني لعدوك

لما ضربه تلك الضربة

قال أبو جعفر : لا أبقاني الله إن أبقيتك اقتلوه

فذبحوه وجزوا رأسه

كما هو المعتاد في فتن الخروج على الولاة

ثم رموا بجثته في دجلة

فلما قتله دخل عليه جعفر بن حنظلة

فقال له : إن هذا اليوم هو أول يوم من خلافتك  يا أمير المؤمنين

قتل أبو مسلم الخراساني وعمره سبع وثلاثون سنة

 

حتى قال الذهبي :

لقد قال بعض الزنادقة لما رأوا فظاعة قتل أبي مسلم الخراساني في الناس قالوا له : إن روح الإله قد حلت في أبي مسلم لما رأوا سفكه للدماء

 

قال الذهبي :

فأخبار هذا الطاغية يطول شرحها

وذكر حديثا في سنده أبو مسلم الخراساني

قال الذهبي : وليس بأهل أن يحمل عنه الحديث

 

ثم لم قتل أبو مسلم الخراساني قام رجل يقال له : سنباذ وهو مجوسي أراد أن يأخذ بالثأر لأبي مسلم الخراساني لكن أبا جعفر المنصور قتله فاستقرت الأمور في الدولة العباسية

 

فمضت السنوات ……

وتمتحن هذه الدولة في محنة خلق القرآن التي عذب فيها الإمام أحمد

فظلت هذه الفتنة وتلك البدعة أربع عشرة سنة والناس يقهرون

يقهر الأئمة ويقهر المؤذنون حتى يعلنوا في الناس أن القرآن ليس بمنزل من عند الله وإنما هو مخلوق من مخلوقات الله

 

ظلت هذه البدعة أربع عشرة سنة حتى أتى المتوكل كما قال الذهبي في تاريخ الإسلام بعد أربع عشرة سنة أتى المتوكل بعد ذلك فقضى على هذه البدعة

فاستقرت أمور الدولة العباسية

 

إذاً :

والله لا استقرار لأي أمة وأي دولة إلا بالرجوع إلى شرع الله

فلما أتى هذا المتوكل الذي نصر السنة إذا بالدولة العباسية تكاد أن تسقط من جديد

 

لكن ما الذي جرى ؟

 أتى رجل من بني العباس يقال له المعتضد حتى لقب بالسفاح الثاني لأن الدولة قويت فأعاد الأمن إلى البلد لأنه رفع الظلم عن الناس

فطابت للناس تلك الأيام في عهد هذا المعتضد الملقب بالسفاح الثاني

 

مرت السنوات …..

 

ولكن الفسق و الفجور إذا حل بأمة حل بها الدمار والعار والشنار

إذا بالدولة تضعف لما أضعفت دين الله

 

أين ؟

في العراق

لأنه لما ضعفت السنة ولي أهل البدع

 

فالخليفة العباسي إذا به يولي  وزيرا له يقال له : ابن العلقمي وكان رافضيا إذا به يولى وزيرا في أواخر الدولة العباسية فجعل يعبث في البلاد حيثما يشاء حتى كان عدد جيش  المسلمين مائة ألف فجعله عشرة آلاف وحل بالناس الفقر

 

وجعل الرجال والنساء يطوفون في البلاد والمساجد يتكففون الناس

سبحان الله ! بغداد تلك الدولة العظيمة الثرية الغنية يتسول أهلها بسبب هذا الرجل الوزير الرافضي

 

وكان على اتفاق لأنه يريد أن يولي خليفة من الفاطميين وكان على اتفاق من التتر إذا ضعفت الدولة العباسية في العراق

وبالفعل ضعفت وإذا بالنساء الرواقص يرقصن أمام الخليفة العباسي وتشرب الخمور ويعصى الله جل وعلا

 

إذا بهذا الرافضي يخرج من العراق ومعه أهله حتى أتى إلى التتر وأخبرهم بضعف الدولة العباسية فدخلوها من غير مقاومة فرمي بسهم حتى دخل في قصر الخلافة إذا بهذا السهم يدخل في قصره فأتي بالخليفة العباسي ومعه سبعمائة رجل فلم يستبق منهم إلا القليل وقتل الجميع

 

هال الأمر هذا الخليفة العباسي وإذا بالناس لما دخل التتر في بغداد إذا بهم يختفون في الحشوش وفي أماكن القاذورات لأن التتر لم يراعوا فيهم إلا ولا ذمة

 

فخرج التتر من العراق وخرج الناس من الحشوش وأماكن القاذورات وكل منهم أنكر نفسه وأنكر أهله

نسأل الله السلامة والعافية

ومن كثرة القتلى تلوثت العراق وكذلك سرى هذا التلوث في الجو من كثرة القتلى ومن كثرة النتن سرى ذلك إلى الشام فمات خلق كثير

وهذه هي سنة الله جل وعلا في أي دولة وفي أي أمة لا تراعي حق  الله

 

والآن في هذا المقام أتذكر مقالة أبي العباس السفاح لما ذهب إلى الكوفة  وخطب وقضى على مروان بن محمد

وخطب وقال  : إن هذا الأمر سيكون في أيدينا حتى نسلمه لعيسى بن مريم

حتى يستلمه عيسى بن مريم

أين هو ؟

ذهبت هذه الخلافة لما أذهبت أحفاده وأضاعت أحفاده شرع الله

وبهذا تنتهي هذه الأحداث المريرة التي حلت  بالمسلمين

 

وهنا نتف من الفوائد المتفرقة حول هذا الأمر :

تحدثت عن كلام الأئمة في الخروج على الولاة لكن هناك عالم ينقل عنه أمر وعلم عن الولاة وفي الحقيقة بعض الناس وللأسف يقرأ أول الكلام ولا يقرأ آخره

قالوا : إن النووي يجوّز الخروج على الولاة إذا عصوا الله ولم يظهر منهم كفر

لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (( إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان ))

في لفظ براحا بدل بواحا

 

الشاهد من هذا :

أنقل إليكم ما قاله النووي رحمه الله في شرحه على صحيح مسلم :

قال : (( إلا أن تروا كفرا بواحا )) يعني ظاهرا  ، قال : والمراد بالكفر هنا المعاصي  ))

بعض الناس وقف ولم يكمل

قال النووي رحمه الله: والمراد بالكفر هنا المعاصي أي  لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرا محققا تعلمونه من قواعد الإسلام فإذا رأيتم ذلك فأنكروا عليهم وقولوا بالحق أينما كنتم

أكمل :

قال رحمه الله :

” وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين “

فقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته وأجمع أهل السنة هذا كلام النووي وأجمع أهل السنة أنه  لا ينعزل السلطان بالفسق

وأما الوجه المذكور في كتب الفقهاء لبعض أصحابنا من أنه ينعزل وحكي عن المعتزلة فغلط من قائله مخالف للإجماع

قال العلماء ـ وهذا النقل من النووي ـ وسبب عدم انعزاله وسبب تحريم الخروج عليه لأنه يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء وفساد ذات البيت فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في إبقائه

هذا هو كلام النووي رحمه الله

 

والخوارج لا يزالون يخرجون حتى يخرج الدجال

في حديث ابن عمر رضي الله عنهما كما عند ابن ماجه :

أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ” ينشأ نشء يقرءون القرآن ــ شباب يقرءون القرآن لكن العلم لم يصل إليهم ـ ينشأ نشء يقرءون القرآن لا يتجاوز تراقيهم كلما خرج قرن قطع “

يعني : أبيد

كلما خرج قرن قطع

قال ابن عمر : فسمعتها من النبي عليه الصلاة والسلام عشرين مرة

وفي رواية احمد :

فسمعت ذلك عشرين مرة أو أكثر

وهو حديث صحيح

وقد صححه الألباني رحمه الله

 

ليعلم :

أن الخوارج ليسوا بكفار ولذلك ذكرت ذلك في خطب سالفة عن شيخ الإسلام رحمه الله من أن عليا رضي الله عنه  لم يقاتلهم لأنهم كفار وإنما قاتلهم لأنهم استباحوا دماء المسلمين

ولذلك ذكر ابن حجر رحمه الله عن علي أنه قيل له هم كفار ؟

فقال علي رضي الله عنه : هم من الكفر فروا

 

قال ابن حجر :

لماذا تركوا قتال المشركين واستباحوا دماء المسلمين ؟

قال ابن حجر : وهذا كله من آثار عبادة الجهال

ولو كانوا عبادا قد يكونون في ذروة الشباب ولكن ليس عندهم من العلم شيء

قال رحمه الله : وهذا كله من آثار عبادة الجهال الذين لم تنشرح صدورهم بنور العلم ولم يتمسكوا بحبل وثيق من العلم ويكفي أن رأسهم قد أنكر على النبي عليه الصلاة والسلام ونسبه إلى الجور

انتهى كلام ابن حجر من الفتح

 

الخوارج كما ذكر ابن حجر  عن ابن هبيرة قال : ” قتالهم هو حفظ  رأس المال “

قتال الخوارج هو حفظ رأس المال

قال ابن هبيرة كما في الفتح قال  : قتال الخوارج أولى من قتال المشركين

 

قتال المسلمين للخوارج أولى من قتال المسلمين للمشركين

والحكمة :

أن في قتال الخوارج حفظا لرأس مال الإسلام بينما قتال أهل الشرك هو من أجل طلب الربح وحفظ رأس المال أولى من طلب الربح

 

قال ابن حجر :

الإسلام شريعة سمحة أمر بالشدة على الكفار وبالرحمة على المسلمين لكن الخوارج عكسوا هذا الأمر فجعلوا الشدة على أهل الإسلام وجعلوا الرحمة لأهل الشرك

انتهى كلامه رحمه الله

 

وهذه هي الخطبة الثامنة والأخيرة عن الأحداث والأسئلة والفوائد والعبر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخطبة الثانية :

ـــــــــــــــــــــــــــ

 

أذكركم سريعا بصيام يوم عاشوراء فإن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما عند مسلم يكفر السنة الماضية

إن ضممت إلى صيامه اليوم التاسع أو اليوم العاشر فهذا خير وبركة إن لم تستطع فعليك بالتاسع إن أفردت عاشوراء فلا كراهية في ذلك فقد صامه النبي عليه الصلاة والسلام وحده وإنما قبل أن يقبض بعام قال _(( إن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع ))

 

وليعلم :

أن الصيام في شهر المحرم مندوب إليه بل أفضل الصيام التطوعي بعد رمضان هو الصيام في هذا الشهر :

قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( أفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم ))

أسأل الله لي ولكم الإعانة على ذكره وشكره وحسن عبادته