الجواب عن إشكال ( هل العرش أعلى المخلوقات ) أم ( الكتاب الذي فوق العرش ) ؟

الجواب عن إشكال ( هل العرش أعلى المخلوقات ) أم ( الكتاب الذي فوق العرش ) ؟

مشاهدات: 526

الجواب عن إشكال

( هل  العرش أعلى المخلوقات )

أم

( الكتاب الذي فوق العرش ) ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

هذا سؤال يسأله بعض طلاب العلم يقولون :

  نحن درسنا ودُرسنا :

 أن العرش هو أعلى المخلوقات ، ولكن ما توجيه حديث النبي عليه الصلاة والسلام حديث أبي هريرة في الصحيحين :

(( لما خلق الله الخلق كتب في كتاب إن رحمتي غلبت غضبي فهو عنده فوق العرش ))

يقول : (( فهو عنده فوق العرش ))

إذاً :

هذا الكتاب يدل على أنه أعلى من العرش

والجواب عن هذا :

أولا :

 لم أرى فيما أعلم وحسب اطلاعي لا أعلم أن أحدا من العلماء استفاض في هذه المسألة

وهذا حسب علمي

ثانيا :

أن القاعدة فيما ذكره الله ، أو ذكره رسول الله عليه الصلاة والسلام من الأشياء التي تغيب عنا إذا ذكروها ، فالواجب أن يؤمن بها

الواجب على المسلم :

 أن يؤمن بها وألا يبحث عن تفاصيلها :

ــــــــــــ ما جاء منها على وجه الإجمال نؤمن به على وجه الإجمال

ــــــــــــ ما جاء منها على وجه التفصيل نؤمن به على وجه التفصيل

ــــــــــــ وما جهلنا نكل علم ذلك إلى الله

وهذه قاعدة في هذا الباب وفي هذه المسألة وفي غيرها

فهي قاعدة بإذن الله يسلم المسلم من الشبهات ، وما شابه ذلك ولا يدخل الإنسان عقله ؛ لأن العقليات إذا أدخلت في النصوص الشرعية يتوه الإنسان ويضل ويذل

 

ثالثا :

أن ما ذكر من هذا السؤال من أن العرش هو أعلى المخلوقات ، نعم ، هذا ما قرره السلف وذكره ابن تيمية رحمه الله وغيره

ولذلك :

 يقول شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى يقول :

 اتفقوا على أن الأرض كروية ، الشكل اليابس منها يقول : السدس ، ويزيد قليلا  ، وأن الماء محيط بها فهو مقبب للأرض من جميع جوانبها

هذا الماء بينه وبين السماء كما بيننا نحن وبين السماء مما يلي رؤوسنا لا نختلف عن هذا الماء فيما بيننا وبين السماء

قال  :  ” والسماء الدنيا محيطة بالأرض ، والتي تليها كروية ، والثالثة كذلك

والكرسي فوق الأفلاك

والأفلاك مستديرة الشكل بدلالة الكتاب والسنة والإجماع :

قال تعالى : { كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ } وفسر ذلك ابن عباس رضي الله عنهما

 قال : (( وفوق الكرسي العرش ولم يثبت أن العرش فلك أبدا لم يثبت ذلك ))

قال : ثبت في الأحاديث أنه أعلى المخلوقات  :

لما في صحيح البخاري ، قال عليه الصلاة والسلام :

(( إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط وأعلى الجن وفوقه عرش الرحمن ))

قال ابن حجر : ” الأكثر بالنصب ( وفوقَه ) بالظرفية قال : ويدل  لذلك الأحاديث السابقة

قال : وهناك من رواه بالضم ( وفوقُه ) يعني أعلاه

قال : وغلط من رواه بالضم

الشاهد من هذا :

أنه قال : (( وفوقه عرش الرحمن ))

 قال رحمه الله قال : (( وهو كالقبة على المخلوقات )) كما جاء في السنن

قال عليه الصلاة والسلام  : (( وهو ـــ يعني العرش ــــ فوق سماوته وأرضه هكذا وأشار بإصبعه على أنه كالقبة ))

قال :  ( وله قوائم  ) كما جاء في الصحيحين

قال : فتبين من ذلك مما جاء من الأحاديث (( من أن العرش له قوائم وأنه أعلى المخلوقات ))

رابعا :

أن هذا الحديث (( لما خلق الله الخلق كتب في كتاب إن رحمتي غلبت غضبي فهو فوق عرشه ))

كتب : من الذي كتب ؟

الله عز وجل ، وهذا فعل من الله ، والفعل صفة من صفاته عز وجل ولذلك :

عند الترمذي : (( كتب بيده على نفسه ))

في الصحيحين :(( لما خلق الله الخلق ))

عند البخاري : (( إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق ))

وعند الترمذي : (( إن الله حين خلق الخلق ))

فإذاً:

الكتابة من الله عز وجل منه صفة لأن هذا فعل منه عز وجل

ومن ثم : فمن قال إن هذه الكتابة لو قيل من أنها مخلوقة فقد قال قولا بلا علم

خامسا :

أنه في رواية أحمد :

وله روايات متعددة منها هذه الرواية قال : (( كتب على عرشه )) يعني الكتابة على العرش

عند ابن حبان : (( مرفوع  فوق عرشه ))

إذاً :

 الكتابة هنا كتابة على العرش فدل هذا على  (رواية أحمد : على عرشه ) تدل على أنه ليس في علو باستقلال ، طبعا الروايات الأخرى تدل على أنه مستقل فوقه ، فوق عرش الرحمن

سادسا :

أن ابن حبان لما ذكر هذا الحديث قال :( مرفوع فوق عرشه )

قال : ” كلمة مرفوع والعلو من كلمات الأضداد بمعنى أن الفوقية هنا يقول بمعنى التحت كقوله تعالى { إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا } أي فما دونها ولم يذكر دليلا

سابعا :

بعد ذكر هذه الأشياء تتبعت الروايات لهذا الحديث ، فوجدت في مسند الإمام أحمد ( فوضعه تحت العرش ) هذه تؤيد كلام من ؟  كلام ابن حبان 

ومما يؤيد هذه الرواية :

ما جاء في معجم ابن الأعرابي وتفسير عبد الرزاق :

عن عكرمة مرسلا ، وأسند مرفوعا إلى النبي عليه الصلاة واسللام من حديث  ابن عباس رضي الله عنهما (( إذا قضى الله القضاء بين الخلق أخرج كتابا من تحت العرش إن رحمتي غلبت غضبي وأنا أرحم الراحمين فيخرج الله عز وجل من النار مثل أهل الجنة أو مثلي أهل الجنة مكتوب على نحورهم  ـــ وفي رواية ـــ بين أعينهم  : عتقاء الله  )

قيل لعكرمة : الله يقول { يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا }

قال : إنما هؤلاء هم أهلها الذين هم أهلها الذين لا يخرجون

فإن ثبت هذا الحديث فهو يؤيد الرواية التي عند أحمد

إن كان هذا الكتاب هو نفس الكتاب الآخر الذي كتبه في أول الخلق

فالشاهد من هذا :

أن ما ذكر من هذه الروايات نؤمن بها

هذا ما ذكر لنا وما اطلعنا عليه في قضية هذه الأحاديث ، فالإنسان بعد ذلك لا يدخل عقله في ما جهله

 هذا ما تبين حول هذه المسالة ، فدل هذا على أن ما ذكره علماء السنة ونقل ذلك شيخ الإسلام ونقل غيره من أن العرش هو أعلى المخلوقات

(( إذا سألتم الله فاسالوه الفردوس فإنه أوسط وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن )) لاشك أن الإنسان إن أخبر عن طريق الشرع بأي شيء

فالواجب : أن يؤمن به

وإذا علم به على وجه الإجمال كما ذكره الشرع أو على وجه التفصيل كما ذكر الشرع فلاشك أنه يزيد إيمانه لأن الشرع ما ذكر شيئا إلا من أجل فائدة تعود على المكلف تعود إليه بمنفعة في قلبه وفي دينه وفي عبادته

ما لم يذكره دل على أن الإعراض عنه هو خير للعبد تسكت عما سكت عنه الشرع

 

ــــــ ما ذكره الشرع نؤمن به على وجه الإجمال إن جاء مجملا

ــــــ على وجه التفصيل إن جاء مفصلا

ــــــ ويزيد إيماننا إن علمنا بذلك لكن دون الدخول بالعقل في جزئيات وتفصيلات وتحليلات ليس للإنسان له في ذلك أي مصلحة ، وليس عند الإنسان في ذلك أي مستند شرعي

ولذلك :

بعض الناس وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام في مقدمة أصول التفسير

بعض الناس يبحث مثلا عن عصا موسى ما هي أوصافها ، وعن الكلب الذي مع أهل الكهف وعن أوصافه وربما عن اسمه

هذه أشياء لا يستفيد منها الإنسان ما ذكره الشرع هو خير لنا

ما سكت عنه لو كان فيه خير لذكره لنا

 

لذلك ماذا قال تعالى :

{ سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ }

ماذا يلزمك ؟

{ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ }

ما الذي بعدها ؟

{ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا } لا تتوقف كثيرا عند هذه الأشياء

لأن التعمق فيها ليس فيه مصلحة للعبد

وهذا يصدق على ما يأتي نحن نضع قاعدة ذكرنا عصا موسى ذكرنا الكلب الذي مع أهل الكهف

أي شيء أبهم في القرآن أو أبهم في السنة وما شابه ذلك من تفاصيل أو من أوصاف لأشياء معينة فلا تبحث عنها