الخطبة الثالثة من أحاديث ومسائل وفوائد نادرة عن شهر شعبان

الخطبة الثالثة من أحاديث ومسائل وفوائد نادرة عن شهر شعبان

مشاهدات: 560

بسم الله الرحمن الرحيم

 الخُطبة الثالثة من: أحاديث ومسائل وفوائد نادرة عن شهر شعبان

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحريّ

https://youtu.be/N_43w-2Oa7o

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذه هي الخُطبة الثالثة

 مِن المسائل والفوائد المتعلقة بشهر شعبان:

[[ شعبان ]] قال ابْنُ حجر – رحمه الله – كما في الفتح: سُمِّيَ بِهذا الاسم عند العرب

⇐ قيلَ: لأنّهم بَعدَ رجب يتشَعَّبُون في الأَودِية وفي الشِّعاب لِطَلَبِ المِياه

⇐ وقيلَ: لِتَشَعُّبِهم في الغَزْو؛ لأنّ رجب مِن الأشهر المُحَرَّمة التي يَحرُمُ القِتال فيها.

 قالَ – رحمه الله – وهذا أَولَى: ⇐ قال: وقِيلَ غيرُ ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مِنَ المسائل المتعلقة بشهر شعبان:

 

الـبَـعـضُ قد يَستَدِلّ بحديثٍ ضعيف علىٰ فضيلةِ سلامةِ الصَّدرِ وخُلُوِّهِ مِنَ المُشاحَنةِ، وهو حديثُ أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عِندَ ابنِ ماجَه، وهو:

” إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِن “

وقد سَبَقَ تفصيلُ الحُكمِ على هذا الحديث مِن أنّه ضعيف في غَيْرِ هذا المَوطِن.

  • فهذا الحديثُ عند ابن ماجه مِن حديث أبي موسى وفيه ابْنُ لَهِيعَة
  • وحديثُ مُعاذ فيه إرسال
  • وحديث أبي هُرَيرَة، وحديثُ غَيْرِ هؤلاء كَأبي بكر وغَيرِه ⇐

 كُلّ الأحاديث الوارِدة في أنّ ليلة النصفِ مِن شعبان يطّلع الله عزّ وجلّ على عِبادِه فَيَغفِرُ لهم إلّا لمُشرِك أو مُشاحِن، أحاديثُ ضعيفة مِن حيثُ السَّنَد، ولا يَسنُدُ بعضُها بعضًا، حتّى تَصِلَ إلى مَرتَبةِ الحَسَنِ لِغَيرِهِ.

  • فَهِيَ أحاديثُ ضعيفة، وممّا يدلُّ على ضعفها:

أنّه قال في بعض الروايات ( لَيَنزِل )

وقال في بعض الروايات وفي بعض الأحاديث ” يغفِرُ اللهُ لِجَميعِ خَلقِهِ ” هكذا مطلقة

ممّا يدلّ على أنّ في المَتنِ اضطرابًا واختلافًا

وفي بعضها: ” يغفرُ لِجَميعِ خَلقِه عَدَدَ شَعرِ غَنَم كَلْب ” وهي قبيلة كلب

وفي بعضها ” يغفرُ الله عزّ وجلّ لِجَميعِ خَلقِه إلّا لِمُشاحِن أو قاتِل نفس ” كما عند أحمد، وهو ضعيف. فأينَ المُشرِكُ هُنا؟! فدَلَّ هذا على أنّ هذا الحديث ضعيف.

 

وإذا أُريدَ أن يُوَجَّهَ الناسُ إلى سلامَةِ الصَّدرِ كما قالَ بعضُ السلفِ:

” أفضل الأعمالِ سلامةُ الصُّدور، وسَخاوَةُ النفوس “

إذا أُريدَ أن يُوَجَّهَ الناسُ إلى سلامَةِ صُدورِهم فَلا يُربَط بِالنصفِ مِن شَهرِ شعبان؛ لأنّ الحديثَ الواردَ فيه ضعيف، وهناك أحاديث تُغني عنه في مثلِ هذا الباب وهو سلامة الصدر، منها:

ما جاء في صحيح مسلم، قولُه ﷺ:

” تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا

فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ ” -أخيه: يَعْنِي المُسلِم-

” فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا “

أَنْظِرُوا: يَعْنِي أَمهِلُوا.

وهذا متى؟ ج/ في كلّ أسبوع

بَل جاء عند مسلم: ” تُعْرَضُ الْأَعْمَالُ فِي كُلِّ يَوْمِ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ، فَيَغْفِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِكُلِّ امْرِئٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا امْرَأً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، ارْكُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا “

معنى ” ارْكُوا ” يَعني: أَخِّروا.

وفي رِواية: ” ذَرُوهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا “

فالأحاديث في مثل هذا الباب كثيرة، ولا نحتاج إلى مِثلِ هذا الحديث الضعيف.

 

ومِنها، ما جاء في المُسنَد: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: ” يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ “، فَأُبصِرَ حالُه في بَيته، فمَا رُئِيَ في بيته أنّه كثيرُ عَمَلٍ، ما عِندَهُ كثيرُ عَمَلٍ، لا قيامُ ليلٍ، ولا صيام! فلمّا سُئِلَ، قال: ” لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ ” كما ثبتَ عنه في مُسند الإمام أحمد

 

والحديث عند ابن ماجه كمَا ثَبَت: أَخبَر النبيُّ ﷺ أن أَفضَلَ الناسِ ” كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ “، كما جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ:

قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ” كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ، صَدُوقِ اللِّسَانِ “. قَالُوا: صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ؟ قَالَ: ” هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ “

المخموم: مَأخُوذ مِن تنظيف القلب، مِثل ما يُقال في الدارج عندنا: هذا خِمام، يعني بَقايا أشياء مُتَّسِخَة، ” مَخْمُومِ الْقَلْبِ “

قال ﷺ: ” هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ، لَا إِثْمَ فِيهِ، وَلَا بَغْيَ، وَلَا غِلَّ، وَلَا حَسَدَ “

فدَلَّ هذا على أنّ المُسلِمَ مُطالَبٌ، بِماذا؟ بِسلامةِ صَدرِه

ولذلك مِن أَعظَم ما تَكونُ السلامةُ لِلصُّدُور: أنْ يَسلَمَ قَلبُكَ مِن الـبِـدَعِ والأَهْواء.

ولذلك الحديثُ الّذي عند مسلم الّذي أَورَدتُه:

” تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا “.

ماذا قال الأَوزاعيّ؟

قال الأوزاعيّ رحمه الله: الشحناء الّتي في قُلُوب أَهْل الأَهواء والبِدَع.

وهُم لا شكّ أنّهم يختلفون.

⇐ مَن في قَلبه حِقدٌ على أَهل السُّنَّة، فإنّهم مَحرُومُون مِن هذا الأَمْر.

⇐ كذلك قد يَكُونُ بَينَ الإنسان وبَينَ شخصٍ آخَر شجارٌ ونزاعٌ وخِلافٌ، فيقول له: يا أخي هذه سُنّة، ما أنتَ عليه أو ما تَنشُره مِنَ البدع!

فإذا بِهذا الشخص الّذي نُقِلَت إليه السُّنَّة، يوغِرُ صَدرَه علىٰ أخيه المسلم الّذي نَقَلَ إليهِ هذه السُّنَّة،

هذا كما قال ابْنُ رجب رحمه الله: أهلُ الأهواء وأهلُ البِدَع أَعظَم الناس الّذِين لا يَدخُلون في هذا

” فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا “

⇐ ويَدخُل في ذلك ما يَجرِي بَينَ عُمُوم الناس مِمَّن هُم مِن أَهل السُّنَّة

فدَلَّ هذا على أنّ سلامة الصَّدر أمْرٌ مطلوب.

 

ولْيُعلَم: أنّ حديثًا عند أحمد، وهو قوله ﷺ:

” إِنَّ أَعْمَالَ بَنِي آدَمَ تُعْرَضُ كُلَّ خَمِيسٍ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَلَا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ “

 أنّه تُعرَض الأعمال على الله في يوم الخميس لَيلَةَ الجمعة بَعد المغرب [موضع الشاهد] فلا يَقبَلُ الله عَمَل قاطعِ رَحِم؛ فهو حديثٌ ضعيف

 

بهذه الجملة بهذه الصيغة: ” فَلَا يُقْبَلُ عَمَلُ قَاطِعِ رَحِمٍ ” ( فلا يَقبَلُ الله عَمَل قاطعِ رَحِم)

وكذلك الوقت المحدَّد هُنا، هو حديث ضعيف.

 

لَكِن كَونُه يُقال” أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا ” فقد وَرَدَت بذلك الأحاديثُ عن النبيّ ﷺ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ولْيُعلَم: أنّ ليلةَ النصف مِن شعبان لا فَضلَ لها:

 ولَم يَرِد فيها حديث صحيح، وخُذها قاعدة

 لأنّ هناك رسائل تنتشر في هذَين اليَومَين قبل النصف من شعبان!

 

يقولون: في ليلة النصف مِن شعبان توضَّأ واغتسِل والبس أحسن الثياب وتطيَّبْ وانْوِ وقُل:

 اللهمّ إنّي نَوَيتُ أن أُصلّي لك. وذكروا عددًا مِن الركعات!

وقالوا: لِتَنْوِ مِن الليل أن تصومَ يوم الخامس عشر مِن شهر شعبان! واستَدَلُّوا بحديثٍ؛ وهو حديثٌ عند ابن ماجه؛ وقد بيّنتُ مِن أنّه ضعيف: ” إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا، وَصُومُوا نَهَارَهَا ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ : أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ ؟ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ ؟ أَلَا كَذَا ؟ أَلَا كَذَا ؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ ” الحديث، فهو حديث لا يصحّ.

 

 

خُذها قاعدة؛ حتّى تحفظَ دينَك مِن هذه البدع:

 أيُّ عِبادةٍ [صلاة معيَّنة. قالوا: قل هذا الدعاء، قالوا: صُم اليوم الخامس عشر، قالوا: قل هذا الدعاء ليلة النصف من شعبان أو في اليوم الخامس عشر مِن شهر شعبان. أو قُل هذا الذِّكر، أو صَلِّ تلك الصلوات بِهذا العَدد أو بِتِلك السُّوَر وقُل بَعدَها كذا وكذا… ]

 فَلْيُعلَم بأنّها أحاديث مُختلقَة

وزِيدَ على ذلك في هذا العصر: مِن رَواج رسائلَ لِلرافضة وغَيرِهم مِمّا زادُوه في هذا الباب.

 

ولذلك خُذها قاعدة:

⇐ أيُّ حديثٍ في فَضلِ صلاةٍ أو صَومٍ أو ذِكْرٍ أو دعاءٍ.. وقُل ما تشاءُ مِن أيِّ نَوعٍ مِن أنواعِ العِبادةِ في ليلةِ النصفِ أو في اليوم الخامس عشر مِن شهرِ شعبان ⇐ فَلْيُعلَمْ بأنّها أحاديث مُختَلَقَة على النبيّ ﷺ.

 

أمّا فَضل ليلة النصف مِن شعبان: فأَكثَرُ الأئمّة كما قال ابْنُ رجب رحمه الله في لطائف المعارف يَرَوْن أنّها أحاديث ضعيفة كما أسلَفنا ممّا ذكرناه:

” إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِن “

هذه كلّها أحاديث لا تصحّ عن النبيّ ﷺ وبها مِن الضعف ما بِها.

 

 

وَلْيُعلَم: أنّ إحياء ليلة النصف مِن شعبان أوّل ما ظهرَت -كما قال ابْنُ رجب رحمه الله في لطائف المعارف- عند أهل الشام، واستَنَدُوا على آثار إسرائيليّة

لمَ؟ لأنّه لَم يَفعل ذلك لا رسول الله ﷺ ولا أصحابه رضي الله عنهم، وإنّما استَدَلُّوا بآثار إسرائيليّة، فَأَحيَوا ليلة النصف مِن شعبان

 

وفِعلُ كُلِّ شخصٍ يُعرَض على الكتاب والسنّة

ولذلك لمّا انتشرَت وعَرَفَ بها عُلماءُ أَهلِ الحِجاز أنكَروها وحَكَموا على أنّ إحياءَها مِن البدع،

بل أنّ أهل الشام في أنفسِهم اختَلَفوا؛ ممّا يدلّ على ضَعف ما ذهبوا إليه، لأنّه لا أدلّة عندهم فيما مضىٰ، فهُم في أنفسهم انقسموا: أنّ بعضهم قال، بل وفَعَل:

مِن أنّه يحيي هذه الليلة في المساجد، مِن أنّه يَغتَسِل ويتنظّف ويتطيّب ويحيي هذه الليلة، من أهل الشام، هم في أنفسهم انقسموا!

وبعضهم قال لا، وقالوا: هذا مِن البدع، بل تحييها في بيتك!.

 

إذًا/ لِتَعلم أنّ إحياء مِثل هذه الليلة لا فضلَ لها

لذلك ماذا قال شيخنا ابن باز رحمه الله:

قال: لو كانَ هناك فَضلٌ تَختَصُّ به ليلةٌ مِن سائر الليالي، لَكانت ليلة الجُمُعة، ومع ذلك ماذا قال النبيّ ﷺ عند مسلم: ” لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي “

فَلْيُعلَم أنّ ما يُفعَل، كُلّ هذا ليس عليه دليل لا مِن الكتاب ولا مِن السنّة ولا مِن فِعْلِ الصحابة رضي الله عنهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وَلْيُعلَم أنّه ما يُنشَر مِن أحاديثَ في فضل ليلة النصف من شعبان فهي أحاديث ضعيفة

 [[ وهذه قاعدة قعّدتُها لك ]]

 

لكِن أذكُرُ بعضًا ممّا يُذْكَر ويَروج:

” إذا كانَ ليلةُ النِّصفِ مِن شعبانَ؛ دُفِعَ إلى ملَكِ الموتِ صحيفةٌ، فيُقالُ: اقْبِضْ روحَ مَن في هذهِ الصَّحيفةِ؛ فإنَّ العبدَ لَيَغْرِسُ الغراسَ ويَنْكِحُ الأزواجَ ويَبْني البُنيانَ وإنَّ اسمَهُ قد نُسِخَ في الموتى، ما يَنْتَظِرُ بهِ ملَكُ الموتِ إلَّا أنْ يُؤْمَرَ بهِ فيَقْبِضَهُ “!

هذا لا يصحّ، بل ليس بحديث عن النبيّ ﷺ، ليس بحديث ومع ذلك فهو ضعيف

 

وكذلك ما يُروى عن كعب، ليس بحديث عن النبيّ ﷺ، ومع ذلك فهو ضعيف:

” إنّ الله تعالى يبعث ليلة النصف من شعبان جبريل عليه السلام إلى الجنّة، فيأمرها أن تتزيّن، ويقول:

 إنّ الله تعالى قد أعتق في ليلتك هذه عدد نجوم السّماء وعدد أيّام الدّنيا ولياليها، وعدد ورق الشّجر، وزنة الجبال، وعدد الرّمال “

فإنّ هذا ليس بحديث، ومع أنّه ليس بحديث، فليسَ عن النبيّ ﷺ، ومع ذلك فهو لا يصحّ.

 

وكذلك ما يُقال: ” ما مِن ليلةٍ بعدَ ليلةِ القَدرِ أفضلُ من ليلة النصف من شعبان ” هذا لا يصحّ ولا يَثبُت،

بل في تفسير قوله تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) } قال بعضهم هي ليلة النصف مِن شعبان. وهذا خطأ

بل جمهور المفسِّرين مِن أنّها ليلة القدر.

 

إذًا/ خُلاصَة الخُلاصَة:

أيُّ حديثٍ في فضل ليلة النصف من شعبان فهي أحاديث ضعيفة.

أيّ حديثٍ حثّ فيه على ⇐ عِبادة، أيًّا كانت تلك العبادة على أن تُفعَل أو أن تُقال في ليلة النصف مِن شعبان. فلا تَصِحّ، بل هي أحاديث مُختلَقة

أيُّ حديثٍ يحثّ على ⇐ صيام اليوم الخامس عشر مِن شهر شعبان فإنّه لا يصحّ عن النبيّ ﷺ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومِنَ المسائل المتعلقة بشهر شعبان:

 النبيّ ﷺ قال كما في حديث أبي هريرة في المُسنَد والسُّنن:

” إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا صَوْمَ حَتَّى يَجِيءَ رَمَضَانُ “

هذا الحديث وإن صحّحه الترمذي والحاكم وابنُ حِبّان والطّحاويّ وابنُ عبدِ البَرِّ

قال ابنُ رجب رحمه الله: فقد ضَعّفه مَن هو أَعلَم وأكبَر مِن هؤلاء، فضعّفه الإمام أحمد رحمه الله وابنُ مَعين وأبو زُرعَة وغيرُ هؤلاء.

فهذا الحديث: ” إِذَا كَانَ النِّصْفُ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا صَوْمَ حَتَّى يَجِيءَ رَمَضَانُ “هو حديث ضعيف

 

إذًا/ فَمَن شاء أن يصوم ولَو بَعدَ النصف مِن شعبان: فَليَصُم ولا إشكالَ في ذلك،

 لو صام فلا إشكالَ في ذلك.

هذا الحديث (لو ثَبَتَ) فهو محمول على بعض الأشخاص:

بعض الأشخاص لو صام بعد النصف مِن شعبان، فَلَرُبَّما يَضعُفُ عن صيام رمضان، لأنّ بعضًا مِن الناس قد يُصيبه المَلَل؛ فَمَن كانت هذه الحالة كَحالتِه، فإنّ الحديث يُحمَل عليه

قال ابن حجر رحمه الله كما في الفتح: وهو جَمعٌ حَسَن.

 

فدَلَّ هذا على أنّ لكَ أن تصوم ما بعدَ النصف مِن شعبان، يعني في اليوم السادس عشر

حتّى لو صُمتَ الخامس عشر، لَا لِأنّه هو النصف مِن شعبان، لا

وإنّما المقصود أنّك تصوم الخامس عشر باعتِبار أنّه مِن بَينِ مَثَلًا أيّام البيض، فلا إشكال في ذلك

لَكِن الصيام بِنِيّة الخامس عشر وما بعده؛ حتّى تُطبِّق هذا الحديث الّذي هو حديث ضعيف في فَضل الصيام في النصف مِن شعبان: فَلَا.

لَكِن لَو شاء أن يصوم الإنسان بِاعتبار أنّه مِن أيّام البِيض، وبِاعتبار أنّه يريد أن يستغلّ أيّام شعبان؛ لأنّ النبيّ ﷺ حثّ على الصيام في شهر شعبان. فلا إشكال في ذلك.

 

ولِلحَديث إن شاء الله تَتِمَّة في الخُطبة الرابعة من المسائل المتعلقة بشهر شعبان.