أما بعد : فيا عباد الله :
لا يزال الحديث متواصلا ومتتابعا عن [ العلامات الصغرى للساعة ]
فمن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يكثر الظلمة وأعوانهم ) فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند من حديث أبي أمامة رضي الله عنه ( يكون في أمتي في آخر الزمان قوم معهم سياط كأذناب البقر يغدون في سخط الله ويروحون في غضبه )
وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم عقوبتهم كما جاء عند مسلم ( صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ) وثبت عند الطبراني من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم ( يكون عليكم أمراء هم شر من المجوس )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( انتشار الزنا ) كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه ( من أشراط الساعة أن يظهر الزنا )
وظهوره : علانيته وكثرته ، كما جاء في مستدرك الحاكم ( سيأتي على الناس سنوات خدَّاعات تشيع فيها الفاحشة ) بل إن الفاحشة تكثر إلى درجة أنها تكون بمثابة الشيء المباح ، ثبت عند البخاري قوله عليه الصلاة والسلام ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ ) يعني الفرج ، وهو كناية عن الزنا .
وكلما تأخر الزمان كلما فظعت هذه الفاحشة ولم يُستحيى منها ، فعند مسلم قوله عليه الصلاة والسلام ( ويبقى شِرار الناس يتهارجون كتهارج الحُمُر ) والتهارج : هو السعة والكثرة ، يعني أنهم يكثرون من هذه الفاحشة إلى درجة أن بعضهم يأتي هذه الفاحشة علانية ، قال ( يتهارجون كتهارج الحُمُر فعليهم تقوم الساعة ) بل جاء عند أبي يعلى من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( والذي نفسي بيده لا تفنى هذه الأمة حتى يقوم الرجل إلى المرأة فيفترشها في الطريق فيقول خِيارهم لو واريتها عن الطريق ) صححه الألباني رحمه الله وضعف زيادة ( إن ذلك الرجل فيهم كأبي بكر وعمر فيكم )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( انتشار الربا ) كما ثبت عند الطبراني من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ( بين يدي الساعة يظهر الربا ) وقد قال صلوات ربي وسلامه عليه كما عند البخاري ( ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن حلٍ أم من حرام)
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( ظهور المعازف والمغنين ) الذين تُملَّح أسماؤهم ويقال ” إنهم فنانون ” وهم في الحقيقة ” مغنون ” قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند ابن ماجة من حديث سهل بن سعد ( سيكون في آخر الزمان خسف ) يعني أناس يخسف بهم تحت الأرض ( وقذف ) تقذف عليهم الحجارة من السماء ( ومسخ ) يعني يمسخون قردة وخنازير ، قالوا متى ذلك يا رسول الله ؟ قال إذا ظهرت المعازف والقَيْنات ) يعني المغنيات .
وعند البخاري يُبيِّن عليه الصلاة والسلام أن الأغاني تكون بمثابة الأشياء المباحة عند كثير من الناس ، بل كما سمعنا في هذه السنوات من أفتى – وللأسف – بإباحة الأغاني ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخمر والمعازف ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى قيام الساعة )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( كثرة شرب الخمر ) كما جاء عند مسلم ( من أشراط الساعة أن تُشرب الخمر ) وعند أحمد أن شرب الخمر يغيره أهل ذلك الزمان باسم يُروج له ، وهذا من قلب المفاهيم ، يسمونها بالمشروبات الروحية ، وهي في الحقيقة ليست روحية لأنها لا تصفي ولا تغذي القلب وإنما توجعه وتوجع الروح ، قال عليه الصلاة والسلام كما عند أحمد من حديث عبادة ( لتستحلن طائفة من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يُتباهى بالمساجد وأن يقل عُمراها ) جاء عند أحمد من حديث أنس رضي الله عنه ( لا تقوم الساعة حتى يَتباهى الناس في المساجد ) قال البخاري رحمه الله عن أنس رضي الله عنه ( يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلا ) لأن المقصود من المساجد أن تعمر بالطاعة لا أن تعمر بالزخارف ، ولذا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة من فعل ذلك كما عند الحكيم الترمذي وحسنه الألباني رحمه الله وإن كان فيه مقال ، لكن الألباني رحمه الله يميل إلى تحسينه ( إذا ذَوَّقتم مساجدكم وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( انفتاح الدنيا على الناس ) حتى على أهل البادية ، ولذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( إذا تطاول الرعاء في البنيان فذاك من أشراطها ) وعند مسلم ( وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان ) قال ابن حجر رحمه الله كما في الفتح ” إما أن يحرص أحدهم على أن يكون أرفع من بنيان الآخر ، وإما أن يحرص البعض على أن يكون بيته أجمل من الآخر ، وإما أن يكون أعم من ذلك ” ا.هـ
وليس المحصور في ذلك أهل البادية ، بل إن الناس يتباهون في البنيان كما جاء عند البخاري قوله عليه الصلاة والسلام ( لا تقوم الساعة حتى يتطاول الناس في البنيان ) وأنتم ترون ناطحات السحاب متعددة الأدوار كيف الناس يتباهون بها .
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن تلد الأمة ربتها ) كما جاء في الصحيحين ، وعند مسلم
( أن تلد الأمة ربها )
ما معنى هذا الحديث ؟
معناه كما قال الخطابي رحمه الله ” أن الفتوحات الإسلامية تكثر فتكثر الإماء فيتسرى السيد بأمته ، يعني يجامعها ، فتلد منه ولدا ، هذا الولد من هذه الأمة يعد سيدا ، لأنه ولد سيد ، وبذلك ( تلد الأمة ربتها ) قال النووي رحمه الله ” وعلى ذلك أكثر العلماء ” وبعَّد هذا ونظره ابن كثير وابن حجر فلم يرتضيا هذا القول .
وإما أن السيد إذا جامع زوجته وولدت منه ولدا باع أم ولده ، فيدور بيعها إلى أن تصل إلى ولدها من حيث لا يشعر من أنها أمه .
وإما كما قال ابن حجر رحمه الله في الفتح ، قال ” إن المقصود من ( أن تلد الأمة ربتها ) أن يكثر العقوق بين الناس ، فيعق الولد أمه ، فيتسلط على أمه كما يتسلط الرجل على أمته بالسب والشتم والإهانة وما شابه ذلك ” يقول رحمه الله “وهذا أليق ” لم ؟ لأن هذه الشيء لا يحدث إلا عند انعكاس الأمور وعند تغير الزمان ، ولذا قرن بينه وبين ما قال عليه الصلاة والسلام ( وأن ترى تصير الحفاة ملوك الأرض )
وقال ابن كثير رحمه الله في النهاية ” وإما أن يكون الناس في آخر الزمان يتسرون الإماء ويدعون الحرائر “
وأوجه ما قيل في هذا هو كلام ابن حجر رحمه الله ” من أن العقوق يكثر في آخر الزمن فيهين الولد أمه كما يهين أمته “
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يكثر القتل ) وهذا شيء مشاهد في عصرنا ولاسيما في السنوات المتأخرة ، قلما تفتح إذاعة أو أي مصدر إعلامي إلا وتسمع خبرا عن قتل أو موت ، جاء عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( لا تقوم الساعة حتى يكثر الهرج ، قيل ما الهرج يا رسول الله ؟ قال القتل ) وفي المسند ( قالوا يا رسول الله إننا نقتل في العام الواحد أكثر من سبعين ألفا ، فقال عليه الصلاة والسلام ليس بقتلكم المشركين وإنما يقتل بعضكم بعضا ، قالوا يا رسول الله أيقتل بعضنا بعضا ومعنا عقولنا يومئذ ؟ قال إنه لتنزع عقول أكثر أهل ذلك الزمان يحسب أكثرهم أنهم على شيء وليسوا على شيء ) بعض الناس يُقدم على القتل ويظن أنه على خير وعلى هدى وهو في الحقيقة ليس على خير ولا على هدى ، ولذا بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيما قتل ولا يدري المقتول فيما قُتل ، فقالوا كيف يا رسول الله ؟ قال الهرج ، القاتل والمقتول في النار ) لأنهما لم يقتتلا على خير وإنما على فتنة ، ولذلك تجدون أن هناك حروبا طاحنة وأن هناك قتلا لا تعرف أسبابه ولا مسبباته .
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يتقارب الزمان ) كما جاء عند البخاري من حديث أبي هريرة ( لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان ) كيف يتقارب الزمان ؟
قال ابن حجر رحمه الله ” أن البركة تنعدم من الزمن ” وهي منعدمة في الحقيقة ، وهذا شيء مشاهد ، منعدمة في بعض من الأولاد ، منعدمة في الأموال ، منعدمة في الأمطار ، إذا نزل المطر لا ينبت شيئا ، فتمحق البركة من ذلك الزمن ، قال ابن حجر رحمه الله ” ولذا نرى سرعة مرور الزمن واليوم عندنا مما ليس في عصرنا السابق ” هذا في عصره رحمه الله فكيف بعصرنا ؟
وإما أن يكون تقارب الزمان : وقت استلذاذ الناس بالمعيشة في زمن المهدي ، لأن الأيام إذا احلوت تقصر ، ولو طالت في الحقيقة ، لكن إن كانوا في لذة وفي نعمة فإن الزمن يمر عليهم من غير شعور ، بينما أيام الشر والمحن تطول على أصحابها ، نسأل الله السلامة والعافية .
وإما أن يكون معنى تقارب الزمن : أن أحوال أهله يتقاربون في قِلة الدين وذلك لكثرة المعاصي ولغلبة أهل الذنوب حتى يُترك العلم ويكثر الجهل ويتساوى الناس في الجهل .
وإما أن يكون تقارب الزمن : بسبب توفر وسائل التقنية من الاتصالات والمراكب السريعة ، ولذا ترون في مثل هذه السنوات ولاسيما في مثل هذه السنة بالأخص ترون أن الشباب والشابات لا يجلسون مجلسا إلا ومعهم جهاز الجوال ، فتجد أنه منشغل به ، ألا تذهب أيامه وسنواته من غير ما يشعر ؟ بلى تذهب ، لأنه أفنى عمره وزمنه فيما لا طائل من ورائه ، إلا ما رحم ربي من هؤلاء الشباب .
وإما أن يكون تقارب الزمن حقيقة ، ويمكن أن يكون هذا في وقت الدجال، حينما يخرج أربعين يوما ، كما سأذكره إن شاء الله تعالى فيما سأذكره في علامات الساعة الكبرى ( أن يومه كسنة وكشهر وجمعة وسائر أيامه كأيامنا )
ويدل لذلك ما جاء عند أحمد والترمذي قوله عليه الصلاة والسلام ( لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة ) يعني كالأسبوع ( والجمعة كاليوم واليوم كالساعة والساعة كالسعفة ) وهو نبت سريع الاشتعال متى ما أحرقته اشتعل بسرعة ، مما يدل على سرعة الزمن ، ولذا يتفطن المسلم إلى حقيقة هذا الأمر فيستغل وقته فيما هو نافع له في أخراه .
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن تتقارب الأسواق ) كما جاء في المسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( لا تقوم الساعة حتى تتقارب الأسواق )
كيف تتقارب الأسواق ؟
نحن نرى في مثل هذه السنوات أن الأسواق تقاربت في بلدنا هذا ، لا تسير ثلاثة كيلوات أو أقل أو أكثر بشيء قليل إلا وتجد سوقا آخر ، ويمكن أن يكون ذلك بسبب توفر الاتصالات والتقنية ، ولذا يمكن أن تجلس على جهاز الكمبيوتر وتشتري ما تشاء مما هو في أقصى العالم في ثواني .
ويمكن أن يكون – وفيه حديث ضعيف – يمكن أن يكون هذا صادقا على الأسهم ، لأنه جاء في حديث فيه ضعف ( أن تقارب الأسواق كسادها وقلة أرباحها ) فتجد أن الأسهم كاسدة وأرباحها قليلة ، وإذا ربحت سُرعان ما تنخفض ، يمكن أن يكون هذا – والعلم عند الله – لكن الحديث ضعيف .
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يظهر الشرك في جزيرة العرب ) كما جاء في حديث ثوبان عند أبي داود ( لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان ) ووقع هذا كما جاء عند البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة ( لا تقوم الساعة حتى تضطرب أَليَات نساء دَوْس حول ذي الخَلَصَة )
الألية : هي العجيزة ، مؤخرة المرأة .
( حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة )
ذو الخلصة : صنم لدوس ، وهناك صنم لخثعم اسمه ذو الخلصة ، والمقصود في الحديث صنم دوس يقع جنوب الطائف ، الشاهد من هذا أنه وقع فهدمه المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه ، ولما زال حكم آل سعود عن الحجاز أُعيد هذا الصنم مرة أخرى فعُبد من دون الله فلما استرد الملك عبد العزيز رحمة الله عليه بلاد الحجاز هدم هذا الصنم رحمة الله عليه .
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يظهر الفحش في القول والعمل ) وهذا شيء مشاهد ، نرى كلمات كثيرة من شبابنا ومن أفعالهم تدل على الفُحش ، حتى إن بعضهم إذا كلَّم صاحبه لا يكلمه بداية بالسلام ، وإنما تسمع الشتم والسب واللعن على أنها تحية ، يلعنه على أنه يحييه ، وهذا من المصاب .
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن تكثر قطيعة الرحم ) ولذا نرى كثيرا من الأقرباء ، وقد يكون هذا الأمر بين أخوين شقيقين من رحم واحد يتقاطعان ، على أي شيء ؟ على أسباب تافهة ، بل لو كانت أسبابا عظيمة فإنها متعلقة بالدنيا ، والدنيا زائلة لا تستحق مثل هذا التقاطع .
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يُسيء الجار إلى جاره ) ومعلوم أن الشرع حث على الإحسان إلى الجار ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام كما في المسند ( لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفاحش وقطيعة الرحم وسوء المجاورة )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يتشبب المشيخة ) يعني كبار السن يتشببون فيصبغون بالسواد ، لما عند أبي داود ( يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الطير لا يريحون رائحة الجنة )
قال بعض العلماء : إن وصفهم بأنهم ( كحواصل الطير ) قد تصدق على صورة معينة وهي أن يحلق عارضيه ويبقي ذقنه يسبغه بالسواد ، فهذا أشبه ما يكون بحواصل الطير ، ومعلوم أن السواد الخالص لا يجوز الخضاب به ، لما جاء عند مسلم ( أن أبا قحافة لما أتي به يوم فتح مكة وكان رأسه ولحيته كالثَغامة ) وهو نبت أبيض ( قال عليه الصلاة والسلام غيروا هذا وجنبوه السواد )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يُلقى الشُح ) كما جاء عند البخاري ، وإلقاؤه أن يظهر ويتفشى ، كما جاء عند الطبراني ( من أشراط الساعة أن يظهر الشح ) والشح أشد من البخل ، وقيل إنه البخل مع الحرص، ويمكن أن نفرق بين البخل والشح : أن البخل يمنع البخيل ما أوجب الله عز وجل في ماله من حقوق لله عز وجل أو للمخلوقين ، وأما الشُح : هو أن يمنع الحق ويطمع إلى ما في يد غيره .
وهذا الشح كلما تأخر الزمن كلما زاد في نفوس الناس ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام كما عند الطبراني ( لا يزداد الأمر إلا شدة ولا يزاد الناس إلا شحا )
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم ( اتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن تكثر الزلازل ) كما جاء عند البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( لا تقوم الساعة حتى تكثر الزلازل )
ويسبق الزلازل أن يحصل موت كثير ، وهذا مشاهد في واقعنا ، فالموت كثير ، والزلازل بدأت تظهر ، ولذا قال ابن حجر رحمه الله ” ليس المراد خروجها – لأنها ظاهرة – ولكن المقصود أنها تكثر وتعم ” يعني لا تكون في بقعة معينة من الأرض – لا – وإنما تستمر وفي معظم بقاء الأرض ، ويسبق كثرة الزلازل الموت، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند أحمد ( بين يدي الساعة مَوَتَان ) يعني كثرة موت (مَوَتَان شديد وبعده سنوات الزلازل ) وتكثر الزلازل إذا أصبح بيت المقدس مكانا لخلافة المسلمين في آخر الزمان ، كما جاء عند أحمد من حديث عبد الله بن حوالَة رضي الله عنه أنه قال ( وضع الرسول صلى الله عليه وسلم يدي على رأسي أو على هامتي ثم قال يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت في الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدي هذه إلى رأسك )
الخطبة الثانية
أما بعد : فيا عباد الله :
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يكثر الخسف والقذف والمسخ ) كما أسلفنا ذلك لما ذكرنا ظهور المعازف .
والمسخ : يكون حقيقيا ، يُمسخ أناس قردة وخنازير ، واحتمل بعض العلماء أن يكون هناك مسخ معنوي ، وهو أن القلب يُمسخ فلا يعرف الناس معروفا ولا ينكرون منكرا ، ولذلك في سنن الترمذي لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( يكون في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ ، قالت عائشة يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم إذا ظهر الخبث ) ولا شك أن من الخبث ظهور المعازف كما ذكرنا ذلك .
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يذهب الصالحون وأن يكثر الأشرار ) كما جاء في المسند من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ( لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض ) الشرطية هنا هما الأخيار ( وتبقى عَجَاجَة ) يعني أراذل الناس ( وتبقى عَجَاجَة لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يرتفع الأراذل على الأخيار وعلى صفوة المجتمع ) كما جاء في المسند من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( أنها ستأتي على الناس سنون خداعة يُصَدَّق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق ويؤمَّن فيها الخائن ويخوّن فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة ، قيل ما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال الرجل التافه يتكلم في أمر العامة ) وهذا واضح وصادق على بعض الصحفيين حينما يكتبون بعض المقالات – هداهم الله – ولذلك عند الطبراني قوله عليه الصلاة والسلام ( من أشراط الساعة أن يعلو التُحوتُ الوعولَ ) قيل لابن مسعود رضي الله عنه ( ما التُحوت ؟ قال البيوت السافلة ) يعني التي فيها الأسافل ( قيل ما الوعول ؟ قال أصحاب البيوت العالية ) يعني أهل الخير ، ولذلك في المسند ( لا تذهب الدنيا حتى تصير للكع بن لكع ) وهو الرذيل الرديء من الناس ) وفي المسند أيضا ( حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن بعض الناس لا يُسلم على بعض إلا إذا كان يعرفه )
وهذا شيء واضح ، إذا مر إنسان بإنسان وهو لا يعرفه لا يُسلم عليه بحجة أنه لا يعرفه ، وهذا خطأ عظيم ، ولذا في المسند قال عليه الصلاة والسلام ( بين يدي الساعة تسليم الخاصة ) وقال صلى الله عليه وسلم ( إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه لا للمعرفة )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يُلتمس العلم عند الأصاغر ) كما ذكر ذلك بن المبارك رحمه الله ( من أشراط الساعة ثلاث ) منها ( أن يُلتمس العلم عند الأصاغر ) قيل لابن المبارك ( من هم الأصاغر ؟ قال هم أصحاب الرأي ) أما صغير يروي عن كبير فليس بصغير ، فليس المقصود صغير السن ، إنما المقصود أن يلتمس العلم عند أصاغر العلم ، يعني عند مدعي العلم ،ولذا صح عن ابن مسعود رضي الله عنه قوله ( لا يزال الناس بخير ما أتاهم هذا العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن أكابرهم ، فإذا أتاهم العلم من قِبل أصاغرهم وتفرقت أهواؤهم فقد هلكوا )
ولذا ترون بعض الفتاوى التي تعج بالآراء وهي خالية من الدليل ، وهذا يدل على أن التماس هذا العلم من الأصاغر فيه هلاك للناس .
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يتهاون الناس بالسنن ) فعند ابن خزيمة من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ( إن من أشراط الساعة أن يمر الرجل بالمسجد لا يصلي فيه ركعتين )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( انتفاخ الأهلة ) كما جاء عند الطبراني ( من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة ) وهو أن يُرى لليلة فيقال هو ابن ليلتين ، يعني أنه يكبر في أول الشهر ، وهذا شيء نلاحظه .
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن تكثر الطباعة ) وهذا شيء مشاهد في الأجهزة الحاسوبية ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام كما في المسند ( بين يدي الساعة ظهور القلم ) وعند النسائي ( إن من أشراط الساعة أن تكثر التجارة وأن يظهر العلم ) سبحان الله ، مر معنا أن نقصان العلم من العلامات الصغرى ، فكيف يظهر العلم ؟
نقصان العلم هو نقصان العلم الديني ، وأما ظهور العلم هو العلم الدنيوي ، ولذا قرن بينه وبين ذكر التجارة .
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن تُكتم شهادة الحق ، وأن يُشهد بشهادة الزور ) وهذا بسبب قلة الدين ، جاء في المسند من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ( إن بين يدي الساعة شهادة الزور وكتمان شهادة الحق )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( أن يظهر موت الفجأة ) وهذا شيء واضح ، وهي السكتة القلبية ، وهي منتشرة في هذا العصر ، جاء عند الطبراني من حديث أنس رضي الله عنه ( إن من أمارات الساعة أن يظهر موت الفجأة )
ومن العلامات الصغرى للساعة :
( التناكر بين الناس ) ينكر الناس بعضهم بعضا ، وهذا شيء ملاحظ ومشاهد ، جاء عند أحمد من حديث حذيفة رضي الله عنه ( ويُلقى التناكر بين الناس فلا يكاد يعرف أحدٌ أحدا ) إما بسبب الفتن التي تكثر ، وإما بسبب انغماس الناس في الدنيا .
هذه جملة من العلامات الصغرى للساعة ، والحدث يتواصل في ذكرها في الجمعة القادمة إن شاء الله تعالى .
الخاتمة : ……………….