بسم الله الرحمن الرحيم
[ قاعدة تداخل العبادات]
(حكم الحث على صيام الست في تاريخ محدد ليوافق الاثنين وأيام البيض؟ وهل تتداخل العبادات؟)
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
الجواب/ هل يمكن أن تدخل بعض العبادات في بعض؟ مثالُ ذلك:
لو أن الانسان مثلا في شوال وسيصوم الست وصامها في يوم الاثنين وفي يوم الخميس أو في أيام البيض: فهل يُحسَب له صيام الست مع صيام الاثنين والخميس وأيام البيض؟
وكذلك: لو أن الانسان أدرك عرفة في يوم الاثنين فهل يدخُل بعضها في بعض؟
قبل الجواب عن هذا/ لابد أن نعرف قاعدة تداخُل العبادات:
” هناك عبادات ما يدخل بعضها في بعض أبداً لأن كل عبادة مستقلة بنفسها” مثالُ ذلك:
لو أن إنساناً فاتته سنة الفجر فتذكَّرَها في الضحى فهل تُجزئ إحداهما عن الأخرى؟
الجواب: لا، فلا تجزئ سنة الضحى عن سنة الفجر ولا العكس، لأن كل واحدة سنة مستقلة.
أما إذا كانت إحدى العبادتين غير مقصودة لذاتها وإنما المقصود فِعل هذا النوع من هذه العبادة:
فإنه يُكتفى بإحداهما عن الأخرى
لكن ليُتَنَبَّه: لابد من أن ينوي الأصل ويدخل الفرع فيه، والأكمل أن ينويَ الاثنتين معاً. مثالُ ذلك: إنسان سيستخير وسيُصلي ركعتين، فأراد أن يصلي سنة الراتبة وأن يدخل من ضمنها سنة الاستخارة ويدعو بعد ذلك؟
أفاد ابنُ حجر رحمه الله كما في الفتح: أن ذلك جائز، لان المقصود هو فِعلُ هاتين الركعتين.
مثال آخَر: هناك من يؤخر طواف الإفاضة إلى طواف الوداع؟
فنقول: إذا نوى الاصل وهو طواف الإفاضة دخل تبعاً طواف الوداع، وإن نواهما جميعاً فهو أفضل وأكمل، لأن المقصود هو طواف سبعة أشواط، فاتفقا في وقتٍ واحد فجاز أن يَدخُلَ أحدُهما في الآخَر، فيدخُل الفرع في الأصل.
كذلك: لو دخل إلى المسجد فيصلي تحية المسجد، فأراد أن يكتفيَ بالسنة الراتبة عن تحية المسجد؟ دخلت، لكن تنوي أنها السنة الراتبة، تنوي الأصل.
كذلك: لو أدرك يوم الاثنين أو يوم الخميس في الست من شوال؟
فيدخُل هذا في هذا ولا جُناح في ذلك، وقد أفاد في مثلِ هذا شيخُنا ابن عثيمين رحمه الله، لأن المقصود فِعل هذا النوع من العبادة فتوافَقَ مَعَ عبادة أخرى ليست مستقلة، توافقت تلك العبادة مع هذه العبادة في وقتٍ واحد، فيحصُل له الأجر إن شاء الله تعالى، لكن لِيُعلَم: أن حث الناس على صيام أيام معينة، مثلاً في شوال أو في أي موسم من المواسم من أجل أنه إذا صام في ذلك الوقت أو في هذا التاريخ أنه سيحصل على هذه الأجور العظيمة من الصيام، هنا أريد أن أنبه:
أولا: لا شك أن من صام الست مستقلةً وبادرً بالإسراع بها بعد العيد، لا شك أنه أفضل دون أن ينتظرَ أمراً آخر وكذلك الشأن في أي صوم آخر لا يلزم في الست من شوال، وهذا الكلام عام.
ثانياً: أنه ليس هناك نص قطعي وصريح في دخول أجر هذه العبادة في هذه العبادة، وإنما هي قواعد عامة ذكرها العلماء، وفضلُ الله عز وجل واسع، ولا شك أنه فرقٌ بين من صام الست من شوال في وقتٍ، ويوم الاثنين ويوم الخميس وأيام البيض في وقتٍ آخَر، لا شك أنهما لا يستويان.
ثالثاً: لم يكن النبي ﷺ يحث الصحابة ويحث الأمة على فعل هذا الأمر، من أنهم يخصصون أياماً للصيام من أجل أن يدركوا فضائل هذه الأيام الفاضلة! ليوم الاثنين ويوم الخميس وأيام البيض!
لم يكن يفعل ذلك، ولم يكن الصحابة يحرصون على ذلك، وإنما متى ما سنَحت لهم فرصة عمل الخير عمِلُوها.
رابعا: إنما نقول بمثل هذا القول الذي قلناه في أول حديثنا – إنما هو في خاصة الإنسان مع نفسِه
أما أن تكون هناك منشورات وتوصيات بين الناس على اغتنام هذا الوقت وألا يفوت!
لأن اجتماع المسلمين أو اجتماع معظمهم على صيام أيام معينة محددة بهذا التاريخ ليس له أصلٌ في شرعِ الله، وإنما هذا في خاصة الانسان مع نفسه إن شاء ذلك، ولكنَّ الافضل لا شك أنه:
ما كان عليه فِعلُ النبي ﷺ وفِعل الصحابة رضي الله عنهم، وأن يبادر الإنسان إلى عمل الخير دون أن يجمع هذه العبادات. ا.هـ