( أخطاء الصيام )(1 )
( أما بعد : فيا عباد الله )
أعرض على أسماعكم بعض أخطاء الصائمين في شهر رمضان المبارك أعرضها على وجه الاختصار :
( من الأخطاء في الصيام )
أن الناس ليسوا كالأمس ، فإنه فيما مضى فيما أعرف في سالف السنين كان الناس يحرصون على رؤية الهلال ، فأصبح بعض الناس يتقاعس عن ذلك ، وهذا ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند أبي داود قال :
( تراءى الناس الهلال )
يعني أن الناس هبوا جميعا لرؤية الهلال
( تراءى الناس الهلال في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فرأيته فأخبرته )
(و من الأخطاء في الصيام )
أنه قبل أن يدخل هذا الشهر تأتينا رسائل عبر وسائل التواصل هي في الحقيقة رسائل بدعية ، وتلك الرسائل تتنوع كل سنة من بينها :
أنهم يقولون إن هذا الشهر قد أتى فإني نويت يا الله أن أصوم هذا الشهر احتساب الأجر “
والتلفظ بالنية بدعة سواء كان سرا أو جهرا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله ولم تفعله صحابته رضي الله عنهم ، ثم هو جل وعلا عالم بحقيقة ما في نفسك ، وبالتالي فإنه لا يجوز في أي عبادة مهما كانت العبادة أن يتلفظ بالنية فيها لا سرا ولا جهرا ، لأن النية معناها ” الإرادة “ متى ما أردت الشيء فقد نويته .
( ومن الأخطاء في الصيام )
أنه هناك أدعية أيضا بدعية في وسائل التواصل يقولون ” هذا دعاء رمضان ” سبحان الله ، وإذا بشخص يرسل لنا دعاءً مرتبا مجملا على حسب رأيه وإلا فليس فيه جمال ، من لم يبن قوله وعمله على شرع الله فإنه لا جمال فيه ، ويقول ” قل هذا الدعاء ، هذا هو دعاء رمضان “
وآخر يأتي فيقول ” هذا هو دعاء رمضان ” بصيغة أخرى وبلفظ آخر .
وهذا كله من البدع ، فلم يرد دعاء خاص بشهر رمضان ، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها :
( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )
فليس كل ما يقال يكون صحيحا ، وليس كل ما يصل إليك في جوالك تنشره ، فيجب أن تتثبت فإن أهل البدع بدءوا يدخلون في صفوف أهل السنة لكي يفسدوا عليهم عقيدتهم ، ومن أحب ما يكون للشيطان بعد وقوع العبد في الشرك إن عجز عن أن يوقعه في الشرك أحب ما لدى الشيطان أن يوقع العبد في البدع ، لأن البدع بوابة الشرك ، بل بوابة الزندقة بحيث يخرج الإنسان من دينه فيستعيض عن دينه بعبادات قولية وفعلية ما أنزل الله بها من سلطان .
( ومن الأخطاء في الصيام )
البدع يتبع بعضها بعضا ، وقد صدق ابن القيم رحمه الله لما قال في إعلام الموقعين يقول :
” إن النفوس إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن ”
وبالفعل نأتي إلى بعض الناس وإذا به قبل أن يطلع الفجر يصرِّح بالنية تصريحا واضحا ، مع أن هذا الوقت هو وقت فاضل ، في السحر ينزل الله عز وجل في الثلث الأخير وفيه من النفحات الرحمانية الشيء العظيم ، ومع ذلك يشتغل بهذه الألفاظ وبهذه الأذكار البدعية عما هو أنفع له .
( ومن الأخطاء في الصيام )
أن بعض المسلمين قد يأمر أولاده الصغار الذين لم يبلغوا سبع سنين بالصيام ،
وهؤلاء لا يتوجه إليهم أمر لا من الشرع ولا من ولي الأمر ، فمن ليس بمميز فإنه لا يصوم ، ولكن إن صام لا يمنع ، لكنه لا يؤمر ، متى يؤمر ؟
إذا بلغ سبع سنين .
وهنا يأتي الخطأ الآخر بعض الآباء وبعض الأمهات قد يشفق على أولاده المميزين ممن بلغ سبع سنين فأكثر ويقولون لا تصوم أو يعوَّق عن الصيام وهذا من الخطأ ، فالصحابة رضي الله عنهم كما جاء عند البخاري :
( كانوا يصوِّمون أبناءهم ، وكان إذا بكى أحدهم أعطوه اللعبة من العهن لكي يتلهى بها حتى تغرب الشمس )
( ومن الأخطاء في الصيام )
أن بعض الدول الإسلامية تعتمد في رؤية الهلال على الحساب ، قال شيخ الإسلام رحمه الله :
” من حثَّ الناس على العمل بالحساب وترك رؤية الهلال فإنه مبتدع “
لم هو مبتدع ؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم وسلف هذه الأمة ما كانوا يعتمدون على الحساب ، بل كانوا يعتمدون على رؤية الهلال ، ولذا لا يغتر ببعض الفتاوى التي يروج لها في هذا الباب ، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين :
( إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب ، الشهر هكذا )
وأشار صلى الله عليه وسلم إلى أن الشهر ثلاثون يوما أو تسعة وعشرون يوما ، فدل هذا على أن الشهر الهلالي لا يمكن أن يزيد عن ثلاثين ولا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يوما .
( ومن الأخطاء في الصيام )
أن الناس في بعض الدول قد غفلوا في بعض الدول عن أن تتحرى هلال شبعان ، مع أن الأمة مأمورة بذلك من أجل رمضان ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي :
( أحصوا هلال شعبان لرمضان )
( ومن الأخطاء في الصيام )
أن بعضا من الناس يظن أن من غاب عقله وهو المهذري والمخرف يظن أن عليه إطعاما لأنه لم يصم ، وهذا ليس بصحيح ، فمن غاب عقله كالمهذري أو من به جنون فإنه لا إطعام عليه ، متى يكون عليه الإطعام ؟
يكون الإطعام إذا كان عقله حاضرا ولو كان كبيرا لا يستطيع الصوم .
( ومن الأخطاء في الصيام )
أن بعض الناس إذا أفطر لعذر وهو قادر وسيقضيه فيما بعد فإنه يسأل كثيرا أأطعم عن هذا اليوم ؟
نقول لا إطعام عليك ، لأنك ستقضي ، لكن متى يكون الإطعام ؟
يكون الإطعام فيما لو أنه أفطر لعذر ثم أتى رمضان القادم وهو لم يصم من غير عذر فهنا يلزم مع القضاء بالإطعام ، لأن بعضا من الناس يقول بما أنه فاتني الصيام في تلك السنة لا يلزمني إلا الإطعام ، وهذا خطأ يلزمك مع الإطعام القضاء .
( ومن الأخطاء في الصيام )
أن من به مرض غسيل الكلى – نسأل الله عز وجل أن يشفي مرضانا ومرضى المسلمين – يظنون أنه مع الغسيل أنه لا يتأثر الصوم – وهذا خطأ – فإن من يغسِّل لكلاه عليه أن يقضي هذا اليوم فيما يستقبل من سنته ، لكن لو أثبت الأطباء أنه لا يستطيع الصوم بتاتا في حياته فهنا يكون في حكم من هو عاجز عجزا مستمرا عن الصيام فيطعم عن كل يوم مسكينا .
( ومن الأخطاء في الصيام )
بعض الناس لا يعرف ما هو الإطعام ولمن يُصرف ، وكذلك الشأن في كفارة اليمين ، يأتي بعضهم ويقول عندي والدي كبير في السن سنطعم عنه ما رأيك لو أن نضع هذا الإطعام إفطارا للصائمين ، وكذلك في كفارة اليمين .
هذا خطأ ، لأن هذه تصرف للفقراء ، ومن يفطر في المساجد قد يكون منهم من ليس بفقير ، وبالتالي تقع تلك الكفارة في غير موقعها ويأكلها من لا يستحقها ، فيجب أن تصرف للفقراء .
( ومن الأخطاء في الصيام )
أن بعضا من الناس يتوهم أنه لابد في الإطعام أن يطعم عن كل يوم في يومه – ولا يلزم – فله أن يجمع إطعام الشهر ثم يصرفه دفعة واحدة ولكن في آخر الشهر ، فمن لديه كبير في السن وأراد أن يطعم عنه الشهر فإنه في مثل هذه الحال يخرج كيسا كبيرا من الأرز وحبذا لو وضع مع إدام كدجاج أو تونة أو نحوها ثم إذا أتت زكاة الفطر يخرجها مع زكاة الفطر .
ولا يلزم عددا معينا ، بل لو أنه لو أعطى فقيرا واحدا ذلكم الكيس فإنه مجزئ بإذن الله عز وجل .
( ومن الأخطاء في الصيام )
أن الناس يعرفون أن الدعوة عند الإفطار مستجابة ، فنرى بعض الناس وينبه هؤلاء فإنه إذا أذن المؤذن لا يفطر مباشرة وإنما يستمر في الدعاء – وهذا خطأ – أفطر وفي ثنايا الفطر لتدع ، ولا يلزم من الإفطار أن تأكل تمرات ، بل تمرة واحدة ، أهم شيء أنه يتحقق معك الفطر وفي ثنايا الأكل عليك أن تدعو .
والنبي صلى الله عليه وسلم قال كما عند ابن ماجه :
( للصائم دعوة عند فطره لا ترد )
والعندية تدل على القرب ، يعني قبل الأذان بخمس دقائق وما شابه ذلك فهذا وقت مستجاب .
بل جاء أن وقت الصائم من أذان الفجر إلى أذان المغرب كله وقت مستجاب فيه الدعاء ، جاء عند البيهقي :
( ثلاثة لا ترد دعوتهم الصائم حتى يفطر )
( ومن الأخطاء في الصيام )
أننا ننسى في الحقيقة وربما أن كثيرا منا لم يتعود على هذا لما جرت عليه عادات الناس فيما مضى ، ولكن ينبغي أن نعوِّد أنفسنا في مثل هذا الباب ، لنتذكر أن هناك من في المطبخ من بعد صلاة الظهر هناك إما زوجة أو أم أو بنت تحرص على أن تقدم لك فنون الطعام ، مع أن المرأة ينبغي لها ألا تشغل وقتها في هذا الطعام ، لكن الناس جروا على هذا ولو نبهت ما نبهت فالمرأة حريصة على أن تقدم لذوي بيتها ما لذَّ وطاب من الأطعمة ، وهذا فضل من الله عز وجل وكرم ، لكن لتتذكر أن من في المطبخ تسعى سعيا حثيثا لإرضائك بالتفنن في هذا الطعام ، فأقل ما يقدم أن تظهر كلمة مدح ، كلمة إعجاب بهذا الأكل ، المرأة ضعيفة ورقيقة ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين :
( يا أنجشة رفقا بالقوارير )
هي مثل القارورة ما أسهل كسرها ، فهي تحتاج إلى من يعطيها من الكلمات التي تدخل على قلبها السرور ، ولو بكلمة بارك الله فيك ، الله يعطيك العافية ، حتى في ظهر الغيب ، لأن هذه المرأة إما زوجة لك أو بنتا لك أو أما لك وإذا كانت أما فأعظم به من حق لها ، لكن من الأسوء أيضا أن بعض الناس لما تقدم له زوجته أو ابنته طعاما عند الإفطار لا يرتضيه إذا به يتكلم ويظهر كلمات الانزعاج ، بل ربما تصدر منه كلمات نابية لا تليق بالإنسان كمسلم ، فلنتق الله عز وجل ، والكلام المعسول وإن كان كثير منا يفتقده ، لكن من رأى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجد العظمة كلها في هذا الأمر .
( ومن الأخطاء في الصيام )
للأسف أننا لم نستخدم وسائل التواصل الاستخدام الصحيح مع أنها نافعة لو استفيد منها ، بعض الرسائل للأسف لا تناسب هذا المقام ، ربما تؤلف رسالة يبين فيها أن الرجال والذكور من السعوديين بهذا الصفة
( أبو سروال وفانيلة ) تذكر دائما وترسل في الرسائل وخصوصا من الشباب ، فلنتق الله عز وجل ، أيضا في المقابل هناك قول بذيء فيما يخص المرأة السعودية ، وهذا من الخطورة بمكان أن نروج لأشياء هي في الحقيقة تهدم كيان الأسرة ، وكل مجتمع فيه الخير وفيه الشر ، فلنتق الله عز وجل وليس كل رسالة ترسل ، يعني لا أكون مميزا إلا إذا ذكرت رسالة مميزة لتضحك الآخرين ، لا يا أخي ، عليك أن تكون حكيما فيما تنشر ، فيما تقول ، فيما تكتب ، ولذلك نجد أن بعض الشباب قد نفر من خلال هذه الرسائل عن الزواج بالسعوديات ، فلنتق الله عز وجل ، ولنتق الله في بناتنا ، وللأسف لما يقدح في سعودي ، يقدح فيمن ؟ يقدح في أبيك ، في أخيك ، في ابنك ، لما يقدح في سعودية يقدح في من ؟ يقدح في ابنتك ، في أختك ، في زوجتك ، في أمك ، فنسأل الله عز وجل أن يرشدنا إلى الصواب إنه ولي ذلك والقادر عليه .
الخاتمة . …………………..