خطبة
( أربعون شيئا لا تفسد الصوم ) خلافا لما يتوهمه الكثير من الناس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سبق فيما مضى من سنوات، وقد بينا ما يتعلق من أحكام الصيام، وفصلنا ذلك تفصيلا بالأدلة، وفي هذا اليوم أعرض سردا ما يتوهم أنه مفسد للصوم وليس بمفسد، الله جل وعلا نهى، ونهى رسوله صلى الله عليه وسلم عن أشياء مفطرات {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} ، وقال صلى الله عليه وسلم: (من استقاء فليقض، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه)، وقال صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم)، وقال صلى الله عليه وسلم لمن جامع زوجته في نهار رمضان لما قال ذلك الرجل قال: هلكت يا رسول الله، فأمكره صلى الله عليه وسلم بالكفارة.
ما يتوهم أنه مفطر، وليس بمفطر أسرد ذلك سردا:
ـ ما يوضع على الرأس من صبغة، أو من حناء، أو من علاج يوضع على الرأس حتى لو كانت إبرا؛ لأن البعض ربما أنه يضع الإبر حتى لا يتساقط شعره، أي شيء يوضع على الرأس من علاج أو من غيره فلا يفطر، والقاعدة: ” هي أن أي شيء دخل إلى الفم أو عن طريق الأنف فقط هذان المدخلان، فوصل هذا الشيء المأكول أو المشروب حتى لو كان ضارا، فوصل إلى الجوف، وليس معنى ذلك أن يصل إلى الفم، لا، فوصل إلى الجوف، هنا يكون مفطرا.
فالرأس وسائر أعضاء بدن الإنسان ليست مجرى للطعام، ولا للشراب إلا إن كانت إبرا مغذية، وهذا يشمل الإبر في الرأس في الوجه في اليد في الفخذ سواء كانت إبرا فيتامينات، أو مقوية، أو للعلاج فإبر الأنسولوين لمرضى السكر، أو لأي مرض كان فلا تؤثر بتاتا على صوم الإنسان إلا الإبر المغذية التي يستغنى بها عن الطعام والشراب، فهي مؤثرة ما عدا ذلك قاعدة ” لا تؤثر”.
ـ ما يوضع في العين: من غسول، من قطرة، من مرهم، من أي شيء ما يؤثر حتى لو أحس بطعم ذلك الشيء في حلقه، فلا يؤثر؛ لأنه كما سلف مجرى الطعام والشراب، والمدخل الفم والأنف.
ـ الأذن: وضعت فيها قطرة غسول، مرهم، نظفها صاحبها كل هذا لا يؤثر.
ـ استنشاق الأشياء الذكية الطيبة، أو الأشياء القذرة الخبيثة ما تؤثر؛ لأنها مجرد هواء، لكن لو قيل فقطرة الأنف، الأنف مجرى تؤثر إذا نزلت لكن إن كانت في محيط الأنف فقط، لكن لا شك أنها ستنزل، لكن تنزلا إن كانت باقية في محيط الأنف فلا إشكال لأن استنشاق الماء لا إشكال، والماء أعظم من ذلك، ومع ذلك لا يفطر؛ لأنه في مجرى الأنف فقط، لم ينزل.
ـ إنسان وضع في أنفه مرهما، أو وضع ما يسمى بالفكس، وهو الدهون الذي له رائحة شديدة هذا لا يؤثر؛ لأننا نضع الماء في الأنف، ولما كان الماء في الأنف فقط، ولم ينزل لم يؤثر، نستنشق نحن.
ـ بخاخ الأنف إذا كان هواء وليس شيئا سائلا، فلا إشكال في ذلك.
ـ بخاخ الربو الذي يؤخذ عن طريق الفم لا إشكال في ذلك، إلا إذا استجدت أدوية لها جرم بحيث تنزل إلى جوف الإنسان، وهي جرم، لكن قد تكون لما تحركها لها جرم، لكن يقول الأطباء من حين ما تخرج تصبح هواء، هذه لا إشكال فيها، الإشكال في الجرم، ولذلك العطور كما سلف لا تؤثر.
ـ البخور لا يؤثر إلا إذا استنشق؛ لأنه إذا استنشق له جرم، ولذلك كان الأجداد فيما مضى كانوا يستنشقونه، فهذا يؤثر؛ لأن له جرما، فليس الأمر أن الشيء يوضع في الفم، لا..
ـ معجون الأسنان لا يؤثر، يحتزر الإنسان حتى لا ينزل، لا يؤثر معجون الأسنان؛ لأنه في دائرة الفم، نحن نتمضمض، ومع ذلك لم نفطر.
ـ تذوق الطعام بحيث يوضع على اللسان في دائرة الفم، ثم يلفظ لا إشكال في ذلك، جاء في صحيح البخاري أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا بأس للصائم أن يتطعم القدر عين أن يتطعم الشيء الذي في القدر من مرق ونحوه؛ ليعرف ملوحته من غير ذلك.
ـ معطر الفم في بعض الصيدليات لا إشكال في ذلك، لكن لا ينزل إلى الجوف، الإنسان لو عطر فمه، ثم تمضمض ونثره لا إشكال في ذلك.
ـ الحبوب التي توضع للعلاج تحت اللسان هذه ينظر فيها: إن كانت فقط في محيط الفم وتتغذى الشرايين تحت اللسان بها من غير ما تنزل لا إشكال في ذلك، إن كانت تنزل هذا يسأل عنه الأطباء؛ لأني لا أدري عن وضع هذه الحبوب من حيث الأطباء، فإن كانت تنزل فإنها مفطرة؛ لأنها تنزل إلى الجوف، فليس المدار أن يصل الشيء إلى الفم، لا….
ـ التحليلات التي توضع في فتحة الشرج، أو في فرج المرأة، أي شيء يوضع في الشرج في دبر الإنسان في فتحة الشرج، أو في فرج المرأة، أو في ذكره من أي شيء لا يؤثر إلا إن كان مغذيا كما سلف، فلا يؤثر تحليلات، غسولات إدخال مثلا منظار في فتحة الشرج، أو في فرج المرأة لأمر ما، فلا إشكال في ذلك.
ـ السباحة للصائم لا إشكال في ذلك، كان أنس رض الله عنه كما في صحيح البخاري يقول: كان لي أبزن كما في صحيح قال كان لي أبزن وهو حجر منقوش مثل الحوض يضع فيه الماء يقول: فأقتحم فيه وأنا صائم. لا إشكال في السباحة للصائم.
ـ لا إشكال ولا يؤثر على الصائم أن يصب على رأسه الماء من شدة الحر أو العطش، النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه كما عند أحمد وأبي داود أنه صب على رأسه الماء في مكان يقال له العرج حول المدينة، صب على رأسه الماء، وهو صائم من شدة العطش أو الحر.
ـ بل الثياب بالماء، هذا يمكن يكون في بعض القرى أو الأماكن التي لا كهرباء عندها لا ينظر إلى حالنا هنا، لكن قديما كان الأجداد يفعلون ذلك، يضع الثوب، أو يضع لحافا في الماء، ويلتحف به لكي يتبرد به لا إشكال في ذلك، ابن عمر رضي الله عنهما كما في صحيح البخاري بلَّ ثوبا بالماء فألقاه عليه، وهو صائم.
ـ الادهان للصائم لا إشكال في ذلك، ادهن بأي نوع من أنواع الدهون لا يؤثر على الصوم، بل قال ابن مسعود رضي الله عنه كما في صحيح البخاري: ” إذا أصبح أحدكم صائما، فليكن دهينا” أي مدهنا مترجلا، ولو كانت دهون يرطب البدن فلا إشكال في ذلك.
ـ من أخر الغسل سواء كان قد احتلم في نومه، أو جامع زوجته قبل الفجر، أو كانت المرأة حائضا فطهرت قبل أذان الفجر تأخر هؤلاء في الاغتسال بعد أذان الفجر لا إشكال في ذلك، بل ثبتت السنة بذلك كما في الصحيحين من فعله صلى الله عليه وسلم فمن حديث عائشة رضي الله عنها، ومن حديث أم سلمة رضي الله عنها كان يصبح صلى الله عليه وسلم من جماع من غير احتلام، فيغتسل ويصوم صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل أيضا على أن الاغتسال، وأن تكرار الاغتسال للصائم لا إشكال في ذلك، ولذك قد يتوهم والتوهم من بعض الناس من أنه إذا أخر الغسل أنه يؤثر، هذا الوهم أو التوهم حاصل من القدم أبو هريرة رضي الله عنه كما في صحيح مسلم كان يفتي فيقول: ” من أصبح جنبا فلا يصم” فأخبرت عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما بهذا، فأخبرتا من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح من جماع من غير احتلام، فيصوم، فقال أبو هريرة لما بلغه الخبر أقالتا؟ قيل له: نعم، فقال: هما أعلم مني، ورجع أبو هريرة رضي الله عنه عن ذلك، بل جاء التصريح من أم سلمة رضي الله عنها في صحيح مسلم لترفع الوهم كان يصبح صلى الله عليه وسلم من جماع، ثم نفت نفيا مفصلا، قالت ليس من احتلام ولا يفطر ولا يقضي.
ـ عمليات القسطرة التي نعرفها، هل لها أنواع ما لها أنواع، وهي أنبوب يوضع في الشرايين من أجل النظر إلى الشرايين من حيث التوسعة والضيق والغالب يضعونها في الفخذ أو في الساق، هذه لا إشكال فيها، ولو وضع معها صبغة، أو شيئا ليدخل هذا الأنبوب لا إشكال في ذلك، ولا يؤثر إلا إن كان مغذيا، وسبق ما كان يغني عن الطعام والشراب فهذا مفطر.
ـ خروج دم البواسير وما شابه ذلك ولو خرج كثيرا لا يؤثر، وهذه قاعدة: الدم إذا خرج منك خروجا كثيرا من غير اختيارك، ومن غير سبب منك لا يؤثر؛ لأنه ليس باختيارك، بعض الناس قد ينزف الدم من البواسير نزفا عميقا، بعض الناس قد يعثر وتتصبب منه الدماء هذا ليس باختياره لا شيء عليه، ولو كثر، لكن إن كان باختياره، وكثر، فيؤثر، لكن لو كان باختياره وكان قليلا فلا إشكال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أفطر الحاجم والمحجوم) لأن الدم الذي يخرج من الحجامة دم يؤثر، ولذلك لو أن الإنسان أخذ تحليلا بمقدار أصبع اليد في التحليل برواز واحد لا حرج في ذلك، لكن إذا زاد، فإنه يؤثر على البدن، فيضعف خروج الدم يضعف بدن الإنسان، وبالتالي يكون مؤثرا يكون شبيها بالحجامة، يعني دليل تأثير الدم على الصائم إذا كثر باختياره دليل الحجامة فقط، ولذلك التبرع بالدم يلحق بالحجامة؛ لأنه يؤثر إذا خرج هذا الدم يؤثر على قوة ابن آدم، لكن لو كان قليلا فلا إشكال في ذلك، يعني إنسان مثلا خلع سنه لا إشكال في ذلك، إنسان عنده دمامل، وأجريت له عملية؛ ليزيل هذه الدمامل أو البثورات أو أي شيء في البدن ويزال، فهذا الدم اليسير لا يؤثر.
ـ التخدير: إن كان موضعيا لا يؤثر، يخدر مثلا السن ليخلع لا إشكال في هذا، التخدير الكلي قد يخدر إنسان تخديرا كليا لأمر ما؛ لأنه لو خدر تخديرا كليا، وأجريت له عملية، وفيها دماء تنزف هنا يؤثر عليه، لكن لو خدر تخديرا كليا هنا لو خدر من أذان الفجر يعني هو نوى الصوم من الليل، لكن خدر لأمر عارض، وكان قد نوى الصوم بالليل، وخدر قبل أذان الفجر، ولم يستيقظ إلا عند الغروب يعني بعد الغروب بعد الأذان، فصومه لا يصح، لابد أن يستيقظ من النهار، ولو لحظة ولو ثواني ، إن استيقظ ولو ثواني فلا إشكال، فصومه صحيح؛ لأنه إن لم يستيقظ فهو في مثل هذه الحال لا يصدق عليه أنه صائم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( رفع القلم عن ثلاث) وذكر منهم هذا باختياره لأنه خدر باختياره وذكر منهم ( المجنون حتى يفيق) ولذلك لو أن الإنسان أصيب بغيبوبة في نفس اليوم فلا يؤثر عليه، يعني إنسان مثلا في النهار أصيب بغيبوبة أو أغمي عليه ساعة أو ساعتين أو ثلاث ساعات، فهذا لا يؤثر، متى يؤثر؟ يؤثر إذا كان هذا التخدير الكلي يؤثر إذا كان استوعب النهار كله.
يأتي التخدير عن طريق الأنف والفم التخدير هذا قد يخدر إنسان ساعة أو ساعتين أو ثلاث ساعات، هذا التخدير إن كانت مجرد أبخرة تصل إلى جوفه، وإلى رئته فلا إشكال في ذلك، لكن إن كانت لها جرم، أو كانت بها أشياء مغذية فإنها تؤثر لكن مجرد أنها هواء، طبعا هذا إذا أقدم الإنسان يسأل الأطباء في ذلك، إذا كانت مجرد أبخرة التي تؤخذ عن طريق الفم أو الأنف مجرد هواء فلا إشكال في ذلك، هذا سرد لما استحضرته الآن حول ما يتوهم أنه يفطر، وليس بمفطر.
خلاصة القاعدة:
قضية ما يفطر من الأكل والشرب، القاعدة:
أي شيء دخل إلى فمك أو إلى أنفك وباختيارك؛ لأنه قد يدخل وينزل إلى الجوف من غير اختيار الإنسان كأن يتمضمض، فينزل الماء إلى جوفه من غير اختياره هذا لا يفطر، لكن إذا أدخل المأكول والمشروب سواء كان نافعا أو ضار يدخل في ذلك الدخان المحرم الذي هو التبغ إذا أدخل المأكول والمشروب سواء كان نافعا أو ضارا عن طريق الفم أو عن طريق الأنف، فوصل لابد من هذا التقييد ما هو مجرد وجود الشيء في الفم أو الأنف، لا، فنزل فوصل إلى الجوف، فيكون مؤثرا.
أما ما عدا ذلك إدخال الشيء عن طريق العين الأذن المداخل التي في الإنسان فتحة الشرج فرج المرأة هذا كله لا يؤثر، لا يؤثر أي شيء أدخل فيه إلا إن كان مغذيا.