خُطبة
اثنا عشر حُكمًا فِقهِيًّا عن ( زكاة الفِطر و عِيد الفِطر )
مع أربعة تنبيهات مهمّة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
elbahre.com/zaid
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذه أحكامٌ فِقهِيّةٌ مختصَرة بِأَدِلَّتِها الشَّرعِيَّة عَن زكاة الفِطر وصلاة العِيد
▪أوّلًا :
زكاةُ الفِطر [[ أَوجَبَها ]] النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم [[ عَلَى كُـلِّ مُسْلِم حَتَّى لَو لَم يَصُم ]]
كما في حديث ابن عمر رَضِيَ الله عنهما في الصَّحِيحَين
فَرَضَها رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، كما قال (( فَرَضَ صاعًا عَلَى الذَّكَرِ والأُنثى والحُرِّ والعَبدِ والكبيرِ والصَّغير مِن المُسلِمِين )) مِن جميع المُسلِمِين
▪ثانيًا :
زكاةُ الفِطر [[ مِقدارُها صاعٌ عن كُلِّ شخص ]] كما جاءت بذلك السُّنَّةُ في الصَّحِيحَين
وهذا الصّاعُ مُطلَقٌ :
– إن قَسَّمتَه على [[ فُقَراء ]] ،
– أو أَعطَيتَ جُملَةً مِن هذه الزَكَوات ( أَكثَرَ مِن صاعٍ ) أَعطَيتَها [[ لِفقيرٍ واحدٍ ]] :
فلا إشكالَ في ذلك لِإِطلاق الحديث
▪ثالثًا :
زكاةُ الفِطر كما نَصَّ عَلَيها عَلَيه الصَّلاةُ والسَّلامُ :
– مِن أَنّها صاعٌ
– وَمِن ماذا ؟ [[ مِن طَعَام ]]
إذًا : الصَّحِيح أنّ [[ النُّقُود لا تُجزِئ ]]
فَلَم يَفعَلها صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا أَحَدٌ مِن صَحابَتِه رَضِيَ الله عنهم
▪رابِعًا :
زكاةُ الفِطر [[ الأَفضَل أن تُؤَدِّيَها قَبْلَ خُروجِك لِصلاة عِيد الفِطر ]] كما جاءت بذلك السُّنَّة في الصَّحِيحَين
إن أَخرَجتَها [[ قَبْلَ العِيد بِيَوم أو بِيَومَين ]] :
فلا إشكالَ لِثُبُوتِ ذلك عِنْدَ البخاريّ عن الصحابة رَضِيَ الله عنهم
أمّا [[ بَعْدَ صلاة العِيد ]] :
– مِن غَير عُذر فلا تُقْبَل .
– أمّا إن كان لِعُذرٍ لِنِسيان أو ما شابَهَ ذلك فلا حَرَجَ في ذلك ؛ لِأَنّه معذور
لَكِن إِنْ لَم يَكُن مَعذُورًا ، فَكَما في حديث ابن عبّاس عند أَبِي داوُد كما ثَبَتَ :
(( مَن أَدَّاها قَبْلَ الصَّلاة فَهِيَ صَدَقَةٌ مَقبُولة ، ومَن أَدَّاها بَعْدَ الصَّلاة فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقات ))
▪خامِسًا :
يُشرَع لِلمُسلِم إذا أُخبِرَ بِأنّ يَوْمَ غَدِهِ هُوَ عيدُ الفِطر ، أو أَتمَمَ النّاسُ ثلاثينَ يَوْمًا بِغُرُوب الشمس :
يُشرَعُ لَهُم [[ التَّكبِيرُ المُطلَق ]] في جميع الأحوال إلى صلاة العيد
{ .. وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ .. } [ البقرة : 185 ]
▪سادِسًا :
السُّنَّة [[ التَّجَمُّل لِلأعياد ]] كما هي سُنَّتُه صلّى الله عليه وآله وسلّم في الصَّحِيحَين
▪سابِعًا :
السُّنَّةُ إذا أرَدتَ أن تَخْرُجَ لِصلاةِ العيد :
[[ أن تأكُلَ قَبْلَ خُروجِك تَمَراتٍ وِترًا ]]
كما جاء مِن حديث أَنَس مِن فِعلِهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم في صحيح البخاريّ .
▪ثامِنًا :
السُّنَّةُ إن تَيَسَّرَ لك [[ أن تَمشِيَ إلى صلاة العِيد ]]
لِما جاء عند الترمِذيّ وغَيرِه مِن أنّ ذلك مِن السُّنَّة ، إن تَيَسَّرَ لك ذلك .
▪تاسِعًا :
احرص على صلاة العيد [[ فإنّ جُمْلَة مِن العُلَماء أَوجَبُوها ]] وُجُوبًا عَينِيًّا على كُـلِّ شَخص
ويُقَوِّي الوُجُوبَ ما جاء في الصَّحِيحَين :
أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أَمَرَ حَتَّى النِّساء أن يَخرُجنَ
لَكِن إن خَرَجنَ فَلْيَكُن ذلك بِسِتْرٍ وحِشْمَةٍ
▪عاشِرًا :
إِنِ اجتَمَعَت صلاةُ العيد مع صلاة الجُمُعة ( يَعْنِي في يَوم الجُمُعة ) :
فَقَدْ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما عند أَبِي داوُد كما ثَبَتَ عنه ، قال (( اجتَمَعَ في يَومِكُم هذا عِيدان ، فَمَن شاءَ أَجزَأَهُ مِنَ الجُمُعَةِ ))
يَعْنِي : لَو صَلَّى صلاةَ العيد لا يَلزَمُه أن يَحضُر صلاة الجمعة
لَكِن تَجِبُ عَلَيهِ صلاةُ الظُّهرِ
لِمَا في الصَّحِيحَين :
قال صلّى الله عليه وآله وسلّم (( فَأَعلِمهُم أَنَّ اللهَ قَدِ افتَرَضَ عَلَيهِم خَمسَ صَلَواتٍ في كُـلِّ يَومٍ وَلَيلَةٍ ))
▪الحادِي عَشَر :
إذا رَجَعتَ مِن المُصَلَّى [[ فَلْيَكُن مِن طَريقٍ غَيرِ الطريق الذي ذَهَبتَ إلى المُصَلَّى ]]
اتِّباعًا لِسُنَّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما جاء في صحِيح البخاريّ
▪الثاني عَشَر :
مِنَ السُّنَّة إذا رَجَعتَ مِن صلاة العيد [[ أن تُصَلِّيَ في بَيتِك رَكعَتَين ]]
لِلحديث الذي حَسَّنَهُ ابْنُ حَجَر وغَيرُه .
كما وَرَدَت بِذلك السُّنَّةُ .
▪ هذه مَسائِلُ مُختَصَرَةٌ فيما يَتَعَلَّق بِزكاة الفِطر وبِصلاة العيد
__________________________
هناك بَعضُ التَّنبيهات :
التّنبِيه الأوّل :
لا يُشرَع أن يُقال ويُنشَر ( هذا دُعاء … ) وأُلِّفَ مِن قِبَلِ الإنسان
( هذا دُعاء يَخُصّ لَيلَة القَدْر ، .. ) أو أيّ مَوسِم مِن المواسِم
[[ إلّا ما جاءت به السُّنَّة ]]
بل إنّ بعضهم يَزِيد فيقول : ( قُل هذا الدُّعاء فإنّه يُرِيحُ قَلبَك )
أين الدَّليل ؟
اُدعُ اللهَ عزّ وجلّ بِمَا تشاء ، لَكِن :
– لا تُخَصِّصْ شيئًا
– ولا تَحُثَّ الناس على هذه الأدعِيَة المُصَفصَفَة ، بل وتَبني عَلَيها ثِمارًا وأَحكامًا مِن عِندِك
قال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصَّحِيحَين (( مَن أَحدَثَ في أَمرِنا هذا ما لَيْسَ مِنْه فَهُوَ رَدٌّ ))
التّنبِيه الثاني :
قُنُوتُ الوِتر :
– الدُّعاءُ فيه إنّما هُوَ لِعُموم المُسلِمِين
لا لِأَشخاصٍ يُذكَرُون ويُعَدَّدُون فيه سَواءٌ كانوا أَحياءً أو أمواتًا
[[ إلَّا ما كان مِن مَصلَحَة تَعُودُ على الأُمَّة ]] كَالدُّعاءِ لِوَلِيِّ الأَمْر في القُنُوت فلا إشكالَ في ذلك
ولِذَلِك قال الإمام أحمد وغَيرُه مِن عُلَماء السُّنَّة :
( لَو كانَ لِي دَعوَة مُستَجابَة لَصَرَفتُها إلى الإِمَام ) لِمَا في صَلاحِه صلاحٌ لِلرَّعِيَّة .
أمّا أَن يُخَصَّصَ أشخاصٌ ويُذكَرُون [ كَأنَّه قُنُوتُ نَوازِل ]
– وأيضًا هُوَ عامٌّ لِجَمِيع المُسلِمِين
ولِذَلِك الصحابةُ رَضِيَ الله عنهم كما ثَبَتَ عند ابن خُزَيمَة في دُعاء القُنُوت :
مِن سُنَّةِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنه بِاتِّفاقِ الصحابة ( ثُمَّ يَدْعُو لِلمُسلِمِين بِكُلِّ خَيرٍ ما استطاع.. ) ( لِلمُسلِمِين ) وبَعدَها : ( ثَمَّ يَستَغفِر لِلمُسلِمِين ) .
أمّا أن يُذْكَر أشخاص ويُعَدَّدُون سَواءٌ كانوا أَحياءً أو أمواتًا [[ فهذا لَيْسَ مِن هَديِ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا مِن هَديِ الصحابة رَضِيَ الله عنهم ]]
ولِذَلِك النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عَلَّمَ الحَسَنَ كما في السُّنَن كما ثَبَت ، عَلَّمَه دُعاء قُنُوت الوِتر (( اللّهمّ اهدِني فيمَن هَدَيت .. )) إلى آخِرِه ، ولَيسَ قُنُوتُ نازِلة حَلَّت بِالمسلِمِين لِأشخاصٍ مُعَيَّنِين حتّى يُذْكَر أسماءٌ فيه . وهو عامٌّ لِجميع المُسلِمِين .
التّنبِيه الثالث :
صلاةُ التّراويح وقُنوتُ الوِتر لَيسَت رُقْيَة
فإنّه إِنْ قَرَأَ الإمام – كما يَفعَلُه بَعضُ الأَئِمّة – إن قَرَأَ الإمام فَصاحَ شَخصٌ مِن سِحرٍ أَو ماشابَه ذلك في صَلاتِهِ أَو في قُنُوتِه :
[[ إذا بِه يَجْعَل هذا القُنوتَ كُلَّه ، أو يَجْعَل هذه الصلاة كُلَّها أو مُعظَمَها يَجعَلُها كأنّها رُقيَة، لَمّا رَأَى تَفاعُل بَعض الأشخاص ]] فإنّ هذا لَيْسَ مِن هَدْيِ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا مِن هَدْيِ الصحابة رَضِيَ الله عنهم .
قُنُوتُ الوِتر كما قُلْنَا هُوَ عامٌّ لِجَمِيع المُسلِمِين
كَمَا ثَبَتَ عند ابنِ خُزَيمَة مِن سُنِّيَّة عُمَرَ رَضِيَ الله عنه باتِّفاق الصَّحابة : ( وَيَدْعُو لِلمُسلِمِين بِكُلِّ خَيرٍ ما استطاع ، ثَمَّ يَستَغفِر لِلمُسلِمِين )
– ولَيسَ القنوت رُقيَة
– وحتَّى في القراءة ، النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ما كان يَجعَلُ ذلك رُقيَة
وإنّما هُوَ – عليه الصلاة والسلام – :
– إذا مَرَّ بِآيَةٍ فيها سؤالٌ سَأَلَ كما عند مُسْلِم ، أو آيَةَ تَعَوُّذٍ استَعاذَ
– وكان يُكَرِّرُ بَعضَ الآيات مِن باب الخُشُوع والتَّذَكُّر
لَكِن أن يَكُونَ رُقيَة فَلَيسَ هذا مِن هَدْيِ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم .
التّنبِيه الرابع :
جاءت السُّنَّة ..
ولِذَلِك بَوَّبَ البُخارِيّ [ باب تَعلِيق القِنْوِ في المَسْجِد ]
( القِنْو ) هو : عِذْق التَّمْر
جَاءَت السُّنَّةُ : ثَبَتَ أنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم أَمَرَ أَهْلَ البساتين أن يَجعَلوا عِذقًا مِن تُمُورِهم في المسجد [[ صَدَقَةً ]]
إذًا وَضْعُ بَعض الأطعِمة في المسجد وخُصُوصًا التَّمر [[ لا إشكالَ في ذَلِكَ ]]
[[ لَكِن لَيْسَ على وَجْه التَّوَسُّع ]] كما يُفعَل .
بَعضُهُم قَد يَضَع بما يُسَمَّى بِـ ( البوفِيه المَفتوح )
ولِذَلِك ابْنُ حَجَر -رحمه الله- في الفَتح لَمّا عَلَّقَ قال : يُوضَع التَّمر [[ شَرِيطَةَ ]] أَلَّا يَكُونَ هناك ضَرَر على المُصَلِّين بِضِيق المسجد أو بِاتِّساخ المسجد .
أيضًا مِن الضَّرَر : أنّ الناس يُقدِمُون على المسجد وكأنّهم قادِمون إلى وَلِيمة ، فإذا بِمَن يُصَلِّي يَنشَغِل بِمَا يُتَحَدَّث أَو بِمَا يُصدَر مِن أصوات مِن هذه الأَواني أَو ما شابَهَ ذلك .
أين الخُشوع ؟!
– وَضعُ التُّمور مِن باب ماذا ؟
مِن باب الصَّدَقَة
– وما هو حالُ الصحابة رَضِيَ الله عنهم ؟
كان أبو هُريرة رَضِيَ الله عنه يَسقُط ، يَسقُط على الأرض مِن الْجُوع .
يأتي الأعرابيّ فيَظُنّ أنّ به جُنونًا .
وما به جُنون ، إنّما هُوَ الجُوع .
فَالتَّوَسُّع في هذا الأَمْر فيه ضَرَر
وأيضًا .. الإمام يَقْرَأ والنّاس يأكُلون ويَتَحَدَّثون ويُصَوِّرُون
فهذا يُذهِب الخشوعَ وهَيبةَ الأماكن الفاضِلة كَالمساجد
يقول تعالى { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } [ الأعراف : 204 ]
فَليُتَنَبَّه [[ فهذا مِن التَّوَسُّع الذي لا تُؤَيِّدُهُ السُّنَّة ]]
ولِذَلِك أَسلَفتُ لَكُم ما قاله ابْنُ حَجَر رحمه الله
ولَرُبَّما يَتَّسِع الأَمْرُ أَكثَرَ وَأَكثَرَ فَأَرَدتُ التَّنبِيهَ
فَنَسألُ الله عزّ وجلّ أن يرزقَنا وإيّاكُم العِلمَ النَّافِعَ والعَمَلَ الصَّالِح
هُم يُرِيدُونَ الخَيرَ ، لَكِن إن أَرَدتَ الخَيرَ فَاسأل :
هَـل هذا خَيرٌ مُوافِقٌ لِلسُّنَّة أَم لا ؟
ولِذَلِك ثَبَتَ عن ابنِ مَسعودٍ رَضِيَ الله عنه قال : ( كَم مِن مُرِيدٍ لِلخَيرِ لَم يُصِبهُ )
تُرِيد أن تُصِيبَ الخَيرَ
في ظاهِرِه قَد يَكُونُ خَيرًا بِالنِّسبَةِ إلَيْك ، لَكِن سَلْ : هل هُوَ مُوافِقٌ لِلسُّنَّة أَم لا
أنتَ تُرِيدُ الأَجرَ
ونُحسِنُ الظَّنَّ بِهؤلاء ، هُم يُرِيدُون الأَجْرَ والتَّقَرُّبَ إلى الله عزّ وجلّ
لَكِن ..
تُرِيدُ الخَيرَ : لِتَربِطْ ما تُريدُه بِهَدْيِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم حَتَّى تُفلِحَ في دُنياكَ وفِي آخِرَتِك
أسألُ اللَّـهَ لِي وَلَكُم العِلمَ النافِع والعَمَلَ الصالح