خطبة ( ثمانية ) أحكام فقهية مختصرة بالدليل عن ( أحكام الأواني وآداب الخلاء )

خطبة ( ثمانية ) أحكام فقهية مختصرة بالدليل عن ( أحكام الأواني وآداب الخلاء )

مشاهدات: 848

خطبة

( ثمانية ) أحكام فقهيّة مختصَرة بالدليل عن

[ أحكام الأواني وآداب الخلاء ]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

elbahre.com/zaid

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

     حديثُنا في هذا اليوم عن أحكامٍ فِقهِيَّةٍ مُختَصَرة بِأَدِلَّتِها الشَّرعِيَّة عن بعضِ مسائل الأواني وآدابِ الخَلاء

   ▪أوّلًا :

النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصَّحِيحَينِ قال (( لا تَشرَبوا في آنِيَةِ الذَّهَبِ والفِضَّةِ ولا تَأكُلوا في صِحافِها فإنّها لَهُم في الدُّنيا وهِيَ لَكُم في الآخِرَةِ ))

   وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصَّحيحَينِ (( الذي يَشرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ إنّما يُجَرجِرُ في بَطْنِه نارَ جَهَنَّم ))

   ومِن ثَمَّ فإنّه《 يَحرُمُ على الإنسانِ 》أن يَأكُلَ أو أن يَشرَبَ في :

 – آنِيَةِ الذَّهَبِ والْفِضَّة

 – أو المُمَوَّهِ بِهِمَا ( أيِ المَطلِيّ بِهِمَا ) حتّى لَو كان شيئًا مَطليًّا بهذهِ الأواني .

《 فإنّ مِثْل هذا لا يجوز 》

   ▪ ثانيًا :

النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في صَحيحِ مُسلِم قال (( غَطُّوا الإِناءَ وَأَوْكُوا السِّقاءَ فَإِنَّ في السَّنَةِ لَيلَةً يَنزِلُ فيها وَباءٌ .. )) وهوَ المَرَضُ العامّ الذي يُهْلِكُ في الغالِب ، يَكُونُ هَلاكُهُ لِلنّاسِ عامًّا

  قالَ (( .. فَإِنَّ في السَّنَةِ لَيلَةً يَنزِلُ فيها وَباءٌ لا يَمُرُّ بِإِناءٍ لَيسَ عَلَيْهِ غِطاءٌ ولا سِقاءٌ لَيسَ عَلَيْهِ وِكاءٌ إلّا نَزَلَ فيهِ مِن ذَلِكَ الوَباءِ ))

   ومِن ثَمَّ فإنّ على المسلم إذا كانت لهُ قِرَب ، وهذا قد يَكُونُ لِبَعْض الناسِ إذا خرجَ إلى الصحراء فإنّه في الليل يُوكِي هذه القِرَب ، وكذلك الأواني التي بها شَراب وتكونُ مَكشوفَةً بِالليل فَعَلَيهِ أن يُغَطِّيَها《 فَعَلَيهِ أن يُغَطِّيَها 》.

     ▪ثالِثًا :

النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصَّحِيحَينِ :

أُخبِرَ عن أَهْلِ بيتٍ في المدينةِ احتُرِقَ عَلَيهم ، احتُرِقَ عَلَيهم بِاللَّيل . فَأُخبِرَ بِشَأنِهم صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال :

  (( إِنَّ هَذِهِ النَّارَ عَدُوٌّ لَكُمْ فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِؤُوهَا عَنْكُمْ ))

مِن ثَمَّ فإنّ عَلَى المسلم إذا أرادَ أن ينامَ وعِندَهُ نارٌ ، سَواءٌ كان في الصحراء أو في المُدُن أو في البُيوت《 فَعَلَيهِ أن يُطفِئَها 》 .

  فإنّ الإنسانَ مأمورٌ بِأن يُحافِظَ على نَفْسِه .

 ويَدخُلُ في هذا《 أَجهِزةُ التدفِئة 》التي يُستفادُ منها في الشتاء إذا كانت مِثل النار ، كَأَنْ لَو سَقَطَت مثلًا على البُسُط فأَحرَقَتِ البُسُط《 فإنّها تأخُذُ نَفْسَ هذا الحُكْم 》

     ▪رابِعًا :

مِنَ المُستَحَبّ لِلمُسلمِ إذا دَخَلَ بيتَ الخَلاء لِيَقضِيَ حاجَتَهُ فَلْيُقَدِّمْ رِجْلَهُ اليُسرى ، وإذا خَرَجَ يُقدِّم رِجْلَهُ اليُمنى .

وذلكَ مِن باب التّكريم لِليَمِين لِأنّ اليَمِين تُقَدَّمُ لِما هُوَ مِن بابَ التكريم ، أمّا الشِّمال فَلِمَا سِوَى ذلك

  والدّليلُ على هذه القاعِدة :

حديثُ حَفصَةَ رَضِيَ الله عنها كما عِنْدَ أحمدَ وأبي دَاوُدَ قالت (( كانت يَمِينُ النبيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لِأَكلِهِ وشُربِهِ وأَخذِهِ وعَطائِهِ ، وكانَت شِمالُهُ لِمَا سِوَى ذلك ))

     ▪خامِسًا :

يُستَحبُّ لِلإنسان إذا أرادَ أن يَدخُلَ بيتَ الخَلاء فإنّه يَقول ( بِسْمِ الله )

وهذهِ لها فائدة :

تَحفَظُ عَورَةَ الإنسان وتَستُر عَورَةَ الإنسان عن أَعْيُنِ الجِنِّ

  جَاءَ عِنْدَ التِّرمِذيِّ كما ثَبَتَ عَنْهُ قَوْلُه صلّى الله عليه وآله وسلّم :

(( سَتْرُ … )) ويَصِحُّ نُطقُها عِندَ البعضِ : سِتْرُ

(( سَتْرُ مَا بَيْنَ الجِنِّ وَبَيْنَ عَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلُوا الْخَلَاءَ أَنْ يَقُولُوا : بِسْمِ اللهِ )) كما ثَبَتَ عِندَ التِّرمِذِيِّ

فَهِيَ غِطاءٌ وحِجابٌ عن أَعْيُنِ الجِنِّ حتّى لا تَنظُرَ إلى عَورَتِك

  ويُستَحَبُّ أيضًا أن يَقولَ كما في الصّحيحين ِ (( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ ))

 تفسيرُها على الأَشْهَرِ والأَعَمِّ :

 – الخُبث : ( الشَّرّ )

 – الخَبَائِث ( الشَّياطين ) مِن ذُكورِ الشياطين ومِن إناثِهم

 

  ثُمَّ أنّ هذا الذِّكْر( أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الخُبثِ وَالخَبَائِث ) لا يُحصَرُ عِنْدَ قضاءِ الحاجةِ في البُيوت ، بل لَوْ أنّ الإنسان أراد أن يقضِيَ حاجتَهُ في الصحراء فَلْيَقُل هذا .

لِمَا ثَبَتَ عِنْدَ البُخاريِّ في الأَدَبِ المُفرَد : (( إذا أرادَ الخَلاء )) وهذا يَشمَل الصحراء والمُدُن .

   ▪سادِسًا :

يُستَحَبُّ إذا خَرَجَ مِن بَيْتِ الخَلاء أن يقولَ كما ثَبَتَ عِنْدَ التِّرمِذِيِّ (( غُفْرَانَكَ ))

  هل وقعَ في ذَنبٍ حتَّى يَقولَ ( غُفرانَك )

    – فالجوابُ عَنْ هذا عَلَى الصَّحيح مِن أنّه يَقُولُ غُفرانَك《 طَبعًا الفِعلُ والامتِثالُ لأنّ هذا وَرَدَت بهِ السُّنَّةُ 》

《 لَكِنْ مِنَ الحِكَم 》ممّا هُوَ أَصَحُّ :

مِن أنّ الإنسانَ لَمّا خَرَجَ مِن بَيْتِ الخَلاءِ وتَخَلَّصَ مِنَ الأَذى الذي يُؤْذِيه في الدُّنيا تَذَكَّرَ الأَذَى الأَعظَمَ في يَوْمِ القيامةِ وهو الذُّنوب فَقالَ ( غُفرانَك )

  ▪سابِعًا :

الإنسانُ إذا بالَ في مَكانٍ 《 فلا يَتَوَضَّأُ فِيهِ ولا يَغتَسِلُ فِيهِ 》

حتَّى لا يُدخِلَ على نَفْسِهِ بابَ الوَساوِس [ رُبَّما أصابَني شَيْءٌ مِن هذا البَولِ لَمَّا تَوَضَّأتُ في هذا المَكان أَوِ اغتَسَلْتُ فِيهِ ]

 ولذلكَ ثَبَتَ قَولُه صلّى الله عليه وآله وسلّم كَمَا عِنْدَ أحمدَ وأبي دَاوُدَ (( لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ – يَعني في مُغْتَسَلِه – ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فيه )) وفي رِواية (( ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ ))

   ▪ثامِنًا :

مَن شاءَ أن يَبُولَ واقِفًا فلا حَرَجَ .

الأفضل أن يبولَ قاعِدًا .

لَكِنْ لَوْ أرادَ أن يبولَ قائمًا فلا إشكالَ بِشَرطَينِ :

   – أن يَأْمَنَ مِن أنّ عَورَتَهُ لا تَظهَرُ لِلآخَرِين

  – وأن يَأْمَنَ مِن أنّ رَشَاشَ البَولِ لا يَعُودُ إليهِ

《 بِهَذَينِ الشَّرطَينِ يَجُوزُ 》

وقد جَاءَ في الصَّحِيحَينِ مِن حَديثِ حُذَيفةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ  :

(( أنّ النَّبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أَتَى سُباطَةَ قَومٍ – وهوَ مَجمَع النِّفايات – فَبَالَ صلّى الله عليه وآله وسلّم قائمًا )) .

 أمّا ما جَاءَ عِنْدَ النَّسائيّ وابنِ مَاجَهْ مِن قَوْلِ عائشةَ رَضِيَ الله عنها قالت (( مَن حَدَّثَكُم أنَّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وآله وسلّم بالَ قائمًا فَلا تُصَدِّقوهُ ، إنّما رَأيتُهُ يَبولُ قاعِدًا ))

فَهَذا مُنتَهَى عِلمِها رَضِيَ الله عنها .

عِلمُها : رَأَتْ في الْبَيْتِ مِن أنّه كان يَبولُ قاعِدًا .

لَكِنّ حُذَيفةَ رَضِيَ الله عنه رأى النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصَّحِيحَينِ خَارِجَ البَيتِ يَبُولُ قائمًا لَكِنْ بِهَذَينِ الشَّرطَينِ السَّابِقَينِ

   هَذِهِ جُملَةٌ مِنَ المسائلِ والأحكامِ المُتَعلِّقَة بِهذا الموضوع

   أسألُ اللهَ لِي ولَكُم العِلمَ النَّافِعَ والعَمَلَ الصَّالِحَ