خطبة
خمسة أحكام فِقهِيّة بِأَدِلَّتِها عن
( مَن يَلزَمُه الصَّوم ومَن لا يَلزَمُه )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
elbahre.com/zaid
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هَذِهِ أحكامٌ مُختَصَرةٌ بِأَدِلَّتِها الشرعِيّة عَمَّن يَلزَمُه الصَّوم وعَمَّن لا يَلزَمُه
▪أوّلًا :
مِن سُنَّة الصحابة رَضِيَ الله عنهم أَنّهم يُصَوِّمُون أَبناءَهم إذا بَلَغُوا سَبعَ سِنِين فأَكثَرَ كما ثَبَتَ بذلك الخَبَرُ في صحيح البخاريّ
فإذا بَكَى أَحَدُهم أَعطَوهُ اللُّعبَة مِن العِهن ( يعني مِن الصُّوف ) يَتَلَهَّى بِها
هذا إذا بَلَغَ سَبعَ سنين
فإذا كان أَقَلَّ مِن سَبعِ سِنين فإنّه لا يُؤْمَر ،
لَكِن لَو صامَ بِاختِياره لا يُنهَى
▪ثانيًا :
مَن ذَهَبَ عَقلُه ( وهو المُهَذرِي أو المُخَرِّف ) فإنّه لا يَلزَمُه صَومٌ ولا إِطعام ؛ لِأَنّ القَلَمَ رُفِعَ عنه .
كما ثَبَتَ في المُسنَد والسُّنَن ، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم (( رُفِعَ القَلَمُ عَن ثَلاثَةٍ .. )) ذَكَرَ منهم : (( .. المَجنُون حَتَّى يَفِيقَ )) ، وفي رِواية (( حَتَّى يَعْقِلَ )).
فإن كان يُهَذرِي تارةً ويَعُودُ إليه عَقلُه تارةً ، ولا يَدري أهلُ البيت فإنّهم يأمُرونَه كُلَّ يَوم قَبْلَ الفَجر بِالصِّيام :🔻
فإن صام دلّ على أنَّ عَقلَه مَعَهُ . وتَبرَأ ذِمَّتُه
وإن أَفطَرَ دلّ على أنّ عَقلَه لَيسَ مَعَهُ ،
وبِالتالي لا إطعامَ عليه ولا شيءَ عليه .
▪ثالثًا :
– مَن كان مَريضًا مَرَضًا خَفيفًا لا يؤثِّر عَلَيْهِ :
[[ فَلا يَحِقُّ له أن يُفطِر ]] ؛ لأنّه بِمَثابة الإرهاق والتَّعَب الذي يَجري لِأَيِّ إنسان
– لَكِن إن كان يَشُقُّ عَلَيه أو يَترتّب عَلَيه طُول المرض أو زيادة المرض :
[[ فإنّ له أن يُفطِر ، ويَقضِي فيما بعد ذلك ]]
قال الله عزّ وجلّ { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ } يَعني فأفْطَرَ { فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ }
لَكِنْ إن كان [[ مريضًا لا يُرجَى بُرؤُه ]] :
كأمثال مَن به – عافانا الله وإيّاكم وشَفَى اللهُ عزّ وجلّ مَرضانا ومَرضاكم – كَمَن به مرض السرطان وقَرَّر الأطِبّاء أنّه لا يَصلُحُ له أن يَصوم :
( هُنا ) به مرض مُستَمِرّ فإنّه :
[[ يُطعِم عن كلّ يَوم مِسكينًا، ولا يَلزَمُه الصوم ]]
{ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ }
ويَدخل في ذلك أيضًا ، الرَّجُل الكَبير في السِّنّ الذي لا يَقدِر :
[[ عَقلُه معه لكنّه لا يَقدِر عَلِى الصِّيام لِكِبَر سِنِّه ، فهذا يُطعِم ]] ؛ لأنّ عَقلَه مَعَه ولَيسَ كَالمُهَذري في المسألة السابقة .
المهذري لا إطعام ولا صيام عليه .
وَهُنَا تأتي مسألة مَن بِه الفَشَل الكلويّ :
في اليَوم الذي يُغسِّل فيه – حتَّى لو أراد الصيام – [[ الصيام لا يصحّ ]]
لأنّهم يَضَعون مَوادَّ مع الدَّم ، وهذه مُفَطِّرَة مُؤثِّرَة
نسأل اللهَ عزّ وجلّ أن يَرفَع ما نَزَلَ بِهِم .
في يوم التَّغسِيل :
[[ يُفطِر ويَقضِي فيما بَعدَ رمضان ]] .
اليوم الثاني الذي لا يُغَسِّل فيه :
– [[ إن استطاعَ الصيام فَليَصُم ]]
– إن لم يَستَطِع ، بِأَن قَرَّر الأطبّاء نهائيًّا ، قالوا ( لا في رمضان ولا في غَيرِه ) :
هُنا يكون حالُه كَحالِ مَن بِه مرض لا يُرجَى بُرؤُه [[ فَهُنا يُطعِمُ عن كُلِّ يَومٍ مِسكينًا ]]
▪رابعًا :
مَن كان صائمًا وأرادَ السَّفَرَ بِالنَّهار ..
على سَبيلِ المِثال : مَن يريد مَثَلًا بَعدَ الجُمُعة أن يُسافِر
وهذه يُتَنَبَّه لها . لَيسَت أَفضَلِيّة وإنّما يَتَحَتَّمُ عَلَيه :
[[ لا يَجوزُ لِأَحَدٍ أن يُفطِر أو أن يَقصُر الصلاةَ قَبْلَ أن يَخرُجَ مِن بَلدَتِه ]] .
– لَكِنْ إذا خَرَج وتَرَكَ البُنيانَ خَلْفَه وصارَ في الصحراء :
ولو بَعُدَ عن بلدته عشرة كيلو أو كيلوين أو ثلاثة ، المُهِمّ أنّه فارقَ البُنيان والبُيوت : [[ هُنا له أن يُفطِر ]] ، [[ وله أن يَقصُر الصلاة إذا كان مُتَوَجِّهًا لِمَكانٍ هُوَ سَفَر ]]
– لَكِنْ لو أراد أن يَخرُجَ مَثَلًا
نَقول :
إذا خَرَجتَ فأَكمِل صِيامَك ، وَفِي أَثناءِ السَّفَرِ لَوْ أنّك أرَدتَ أن تُفطِر فَلَكَ ذَلِكَ .
فَالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما عِنْدَ مُسلمٍ خَرَجَ عامَ الفَتحِ وهُوَ صائم فَلَمّا كان في أثناءِ الطريقِ ورَأَى أنّ الناسَ يُتابِعونَه أَفْطَرَ صلّى الله عليه وآله وسلّم
[[ فلا حَرَجَ أن يَخرُجَ الإنسانُ مسافِرًا وهو صائم ، ويُفطِر في أَثناء سَفَرِه ]] .
والأَفضَل على وَجْهِ العُموم :
[[ أنّ مَن كان مُسافِرًا أنّه يَبقَى عَلَى صَومه ]]
بَل لَو بَقِيَ أيّامًا نَقُولُ له : [[ صُم في أيّام السفر ]] ؛ لأنّ هذا صَنيع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في حديث أَبِي الدَّرداء في الصَّحِيحَين
[[ لَكِن لَو كان يَشُقُّ عليه أو يَضُرُّ بِه ، فَلا ]] .
ولذلك النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال كما في الصَّحِيحَين (( لَيْسَ مِنَ البِرِّ الصَّومُ فِي السَّفَرِ ))
– إذا أَضَرَّ بِكَ أو شَقَّ عَلَيكَ فَلَيسَ بِرًّا .
– لَكِنْ لو كان مُعتادًا لا يَتَرَتَّب عليك شيء ، فَالأفضَل لك أن تَقتَدِيَ بِالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم
ولذلك كما في الصَّحيحَين كان مِن بَينِ مَن يَصُوم مع النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في السَّفَر ،
كان يَصُوم معه ابْنُ رَواحةَ رَضِيَ الله عنه .
▪خامسًا :
المرأةُ إذا كانت حائضًا
فإنّه لا يَصِحّ منها الصَّوم [[ بل يَحرُم عليها أن تَصوم ]]
بل أنّ الدَّمَ ( دَمَ الحَيضِ أو دَمَ النِّفاسِ )
كَأَن وَضَعَت حَملَها في النَّهار [[ فإنّه لا يَجوزُ لها أن تُكمِلَ صَومَها ]]
ولا يَصِحُّ منها الصوم . والدّليل ما جاء في الصّحيحَين :
لمّا سُئِل النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عن نُقصان دِين المَرأة قال : (( أَلَيسَت إذا حاضَت لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُم ))
ومِن ثَمَّ فإنّ المَرأةَ الحائض : لَو أنّها أَحَسَّتْ بِأعراضِ الحَيض ..
ومِثل هذه الأحكام تُنقَل لِلنِّساء ؛ لِأَنّ النِّساء يُكثِرنَ مِن السؤال ، وَهُنَّ قليلات الحُضور إلى المساجد .
والذي يَنبَغي على مَن تَعَلَّمَ عِلْمًا أن يَنقُلَه إلى أَهلِه فيما يَخُصّ أَحكام النِّساء .
– فالشاهِد مِن هذا مِن أنّ المرأةَ ، لو أنّها :
( أَحسَّت بِأعراض الحَيض ) بِأنّ الدَّم سَيَنزِل معها ، لَكِنْ لمْ يَنزَلَ إلّا بَعْدَ الأذان ، يَعني بعدَ ما غَربَتِ الشمس [[ إنّ صَومَها صَحيح ، ولا عَلاقةَ لَنا بِالأَعراض ]] .
قاعِدة اُنقُلها لِلنِّساء :
المُعَوَّل عليه نُزول الدَّم .
إذا نَزَلَ الدم ( دَم الحَيض ) هُنا نقول :
– إن كان قَبْلَ الغُروب [[ فَصومُكِ غير صحيح ، ويَلزَمُكِ القَضاء ]]
– وإن كان بَعدَ الغُروب وَلَوْ بِثانِيَة [[ فَصَومكِ صحيح ]] .
ومِن ثَمّ فإنّ المَرأةَ لَوْ كانت حائضًا ثُمّ( طَهُرَت قَبْلَ أذان الفَجر ) يعني قَبْلَ طُلوع الفَجر الثاني بِثَوانٍ أو بِدَقائق ، فنَقولُ لها :
[[ اِنوِي الصِّيامَ وتَسَحَّري ، والغُسلُ يُؤَخَّرُ إلى بَعدَ الأَذان ]] .
فَلَا عَلاقةَ بينَ التَّطَهُّر مِنَ الحَدَث الأصغر أوِ الحَدَث الأكبر وبَيْنَ الصِّيام ( لا عَلاقَةَ له بالصِّيام )
ولذلك النَّبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصَّحِيحَين مِن حَديث عائشةَ رَضِيَ الله عنها (( كان يُصبِحُ جُنُبًا مِن جِماعٍ مِن غَيْرِ احتِلامٍ )) فكان يَصُوم صلّى الله عليه وآله وسلّم
مع أنّه جُنُب كانَ يَغتَسِلُ بَعدَ طُلوعِ الفَجرِ الثاني ( يَعني بَعدَ الأذان ) ويَصومُ صلّى الله عليه وآله وسلّم .
هذه أحكامٌ مُختَصَرَةٌ بِأَدِلَّتِها الفِقهِيَّة في شَأن مَن يَلزَمُه الصوم ومَن لا يَلزَمُه