خطبة
خمس وعشرون فائدة مختصرة
عن فضائل يوم النحر ( عيد الأضحى )
وأيّام التشريق
ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتحدّث في هذا اليوم عن فضائل يوم النّحر وأيّام التشريق ، عن الفضائل وليس عن الأحكام
يوم النحر :
ـــــــــــــــــــــــــــ
هو أفضل يوم في السنة ، قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما عند أحمدَ وأبي داوود بإسناد صحيح : ( أفضل الأيّام عند الله يوم النحر ) فهو أفضل من يوم عرفة كما بيّن ذلك شيخ الإسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى
وهل يوم النحر أفضل من يوم الجمُعة أم العكس ؟
لاشكّ أنّ يوم الجمعة جاءت الأحاديث ببيان أنّ :
(( خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة ))
ولذا :
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى ، قال :
” يوم الجمعة هو أفضل يوم في الأسبوع ، أمّا أفضل يوم في السنة فهو يوم النحر “
وبذلك تجتمع الأدلّة
ومِن ثَمّ :
فإنّه في مثل هذا اليوم اجتمع عيدان في يوم واحد ، أحدهما أفضل أيّام السنة وفي نفس الحال هو أفضل يوم في الأسبوع
ولذلك :
إذا اجتمع هذان العيدان فإنّ للمسلم أن يقتصر على صلاة العيد ولا يلزمُه الحضور لصلاة الجمعة ، وإن حضر فهو أفضل
لكن لا تسقط عنه صلاة الظهر على الصحيح .
لمَ ؟
لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال كما في الصحيحين :
(( وأَعلِمهم بأنّ الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كلّ يوم وليلة ))
ومِن بينها : الظهر ، الظهر لا تسقط
ولذلك :
قال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في سنن أبي داوود ، قال :
(( اجتمعَ عيدان في يومكم هذا ، فمَن شاء أَجزَأَهُ مِن الجمُعة ، وإنّا مجمِّعون ))
زاد ابن ماجه :
إن شاء الله (( وإنّا مجمِّعون إن شاء الله ))
ومن ثَمّ :
فإنّ السنّة في حقّ الإمام الذي يصلّي بالناس العيد ويصلّي بالناس الجمعة السنّة في حقّه :
إذا قرأ بـ [ سبّح ] و [ الغاشية ] في يوم العيد أن يقرأ بهما في يوم الجمعة في نفس اليوم ، لِما ثبت عند أحمد وأبي داوود عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال :
(( كان النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبّح وبالغاشية ، فإذا اجتمع عيدان قرأ بهما صلّى الله عليه وآله وسلّم ))
يوم النحر :
هو يوم الحجّ الأكبر كما بيّن صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك في صحيح البخاريّ
وهو أفضل أيّام السنة كما سبق لأنّ فيه عبادات يفعلها المسلمون الحجّاج وغير الحجّاج
ولذلك يَقِلّ – وهذا خطأ محض – يَقِلُّ في نفْسِ بعض المسلمين يقلّ هذا العيد في نفوسهم ، فيجعلونه في المرتبة أَقَلّ من عيد الفطر ، وهذا خطأ
قال ابن رجب رحمه الله :
” وعيد الأضحى هو أفضل العيدين ، وهو العيد الأكبر ”
قال رحمه الله كما في لطائف المعارف :
قال : ” وصلاة يوم العيد يوم النحر مع الذبح أفضل من صلاة العيد مع زكاة الفطر في عيد الفطر ”
مع أنّها ولله الحمد هي أعياد للمسلمين ، ونحن نتقرّب إلى الله عزّ وجلّ بما شرعه الله في هذه الأعياد ، فالأعياد – عيد الفطر وعيد الأضحى – عبادة ، نتقرّب فيهما بما شرع الله عزّ وجلّ
ولذلك :
بعض الناس يقِلّ في نفسه هذا العيد ، بل ربما يأتي بعضهم – وهذا خطأ محض- يأتي بعضهم في صلاة العيد في المصلّى بثياب رثّة وَسِخة ، أو ربّما يأتي بقميص البيت
لا ، هذا خطأ ، عليك أن تتنظّف وأن تتطيّب وأن تفعل كما تفعل في عيد الفطر ، إلّا إن كنت ستضحّي فتمتنع عن الشعور والأظافر كما جاءت بذلك السنّة حتّى تذبح أضحيتك
أمّا أن يأتي الإنسان :
باعتبار أنّه عيد أضحى وأنّه سيَذبح ، هذا خطأ
يأتي متجمّلًا ،
ولذلك :
بعض الناس وخصوصًا عند بعض الشباب لمّا يقال له : غدًا يوم عيد الأضحى ، قال – بنبرة – يقول : ” هذا عيد لحم إنّما هو عيد لحم “
وهذا خطأ
ولذلك :
لم أَرَ حسْبَ البحث أنّ هناك حديثًا ينصّ على أنّ هذا اليوم – عيد الأضحى – على أنّه عيد لحم
ورد عند البخاريّ :
من حديث أبي بُردة رضي الله عنه قال : (( يا رسول الله نَسَكْتُ شاتي قبل أن أصلّي – يعني ذبحتها – لأنّ هذا اليوم يوم أكل وشرب ))
قال : يوم أكل وشرب ، ولم يقل يوم لحم
ولذلك :
في صحيح مسلم قال : يا رسول الله إنّ هذا اليومَ يومٌ اللحمُ فيه مَقروم – لمْ يقل عن اليوم أنّه يوم لحم . لا
قال : هذا يومٌ اللحمُ فيه مقروم
مقروم : مِن قرِمتُ اللحم يعني أكلته
ولذلك : يقال قَرَمَ فلان الطعام يعني : أَكَلَه أكلًا
ويقال : قرَم الطفل الطعام يعني : أنّه أكَل أكلًا ضعيفًا، أكل أكلًا ضعيفًا بعد الفِطام
ولذلك :
بعض الألفاظ عندنا – يقول لفلان : اقْرِمْ ، أو قرَمَ هذا الشيء أو قرَم هذا الطعام – فهي ثابتة من حيث اللغة العربيّة
وفي رواية مسلم قال : (( هذا يوم اللحم فيه مكروه ))
الرواية الأولى :
قال : ( اللحم فيه مقروم ) ، يعني اللحم فيه يُشتهى لأنّه في أوّل يوم يُشتهى فيه ، في أوّل الأمر لمّا يؤكل يُشتهى فيه
لكن لمّا يُكثَر من الأكل فيه تِباعًا و تِباعًا ويُنظَر إلى اللحم بكثرة ، جاءَت رواية : (( اللحم فيه مكروه ))
يعني :
تَعافُه النفس إذا شبِعَت منه وإذا أدمنت الأكل منه والنظر إليه
فهذا يومٌ عظيم ، يوم النحر
وهنا أمر يجب أن يُتنبّه إليه :
سواءٌ كان في عيد الفطر أو عيد الأضحى في المصلّى : بعض الناس أشغل نفسه وأشغل المصلِّين
في المُصلّى قبل الصلاة موطن على المسلم أن يفعل كما فعل الصحابة رضي الله عنهم يأتون و يكبّرون الله ، ويذكرون الله
والناس ــــــ وزادت نسبة ذلك ــــــ بجوّالاتهم يصوّرون ، يصوّرون فيُشغِل نفسه ويُشغل الناس
هذه ليست – مع أنّ التصوير محرّم ، إلّا مواطن معيّنة يجوز فيها ، بيّنْتُ ذلك في غير هذا الموطن لمن أراد أن يستمع إليه – مع ذلك كلّه يُشغِل الناس
هل هذه العبادات مجرّد ذكرى ، أو إظهار للناس أنَّني في المصلّى ؟!
فهذا خطأ محض ، وهؤلاء جَنَوا على أنفسهم بتفريطهم في مثل هذه الشعيرة وجَنَوا على غيرهم
غيرُهم يريد أن يذكر الله أن يكبّر الله ، وهذا من الأمام وهذا من الخلف وهذا عن اليمين و هذا عن اليسار ، وبأعداد كبيرة . حتى لو كانت أعدادًا قليلة . فيجب أن يُتنبَّه لمثل هذا الأمر
إِذًا هذا اليوم يوم النحر ، يوم عظيم
أيّام التشريق لها فضل :
النبيّ صلّى الله عليه وآله و سلّم كما في صحيح مسلم قال : (( أيّام مِنى أيّام أكل وشُرب وذِكر لله عزّ وجلّ ))
وجاءت رواية عند النسائيّ في الكبرى لكن بها ضعف ( أيّام صلاة ) وجاء عند أبي يَعلَى والطبرانيّ ( أيّام بِعال ونكاح ) يعني جماع ومداعبة للزوجة ، لكنّ هذه الزيادة ضعيفة
لكن ليس معنى ذلك أنّ الإنسان لا يتلذّذ بما أباح الله عزّ وجلّ له من نسائه ، بمداعبة أو بجماع
لكنّ الثابت :
(( أيّام مِنى – كما عند مسلم – أيّام أكل وشرب وذكر لله ))
وأفضل أيّام التشريق : هو يوم الحادي عشر
وأيّام التشريق ثلاثة ( اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر ) أفضلها :
اليوم الحادي عشر لقول النبي صلّى الله عليه و آله وسلّم كما ثبت عند أحمدَ وأبي داوود (( أفضل الأيّام عند الله ، يوم النحر ثمّ يوم القرّ ))
سُمِّي بيوم القرّ :
لأنّ الناس – يعني الحجَّاج – يستقرّون بمِنى ، وهو أفضل أيّام التشريق
ويسمَّى بيوم الرؤوس ؛ لأنّ الحجَّاج لمّا أفْنَوا لحوم الهدي ، بدؤوا يشتغلون بأكل لحم الرأس ، ولذلك يسمّى بيوم الرؤوس
وهذه الأيّام أيّام عيد ، أيّام التشريق أيّام عيد ، كما أنّ يوم عرفة يوم عيد ، كما أنّ يوم النحر يوم عيد
قال صلّى الله عليه وآله و سلّم كما ثبت في السُّنن :
( يوم عرفة ويوم النحر وأيّام التشريق عيدُنا أهلَ الإسلام )
يعني يا أهل الإسلام
ومعنى كَون أيّام التشريق ، ومعنى كَون يوم عرفة بأنّها أيّام عيد ، المقصود من ذلك :
أنّنا نتقرّب إلى الله عزّ وجلّ بما شرع فيها ، دون أن نُحْدِث عبادات من تِلقاء أنفسِنا
هذه بعض الفضائل المتعلِّقة بيوم النحر وبأيّام التشريق