خطبة رقم (10) (ثمانية أصول)مهمة يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم بإذن الله من الزلل

خطبة رقم (10) (ثمانية أصول)مهمة يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم بإذن الله من الزلل

مشاهدات: 30

خطبة رقم (10)

( ثمانية أصول )

مهمة يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم بإذن الله من الزلل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

elbahre.com/zaid

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تحدّثنا فيما مضى من خُطَب عن أربعةٍ وثمانين أصلًا من الأصول المهمّة التي يحتاجها العامّيّ وطالب العلم في هذا الزمن حتّى يُعصَم بإذن الله عزّ وجلّ من الزَّلل

 

الأصل الخامس والثمانون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التحذير مِن الإتيان إلى السَّحَرة والكهَنة حتّى ولو كان ذلك مُهاتَفة عبر وسائل الاتّصال أو عبر وسائل التواصل

 

فإن أتى أو هاتَفَ السّاحر أو الكاهن فسأله مجرّد سؤالٍ فقد قال صلّى الله عليه وآله وسلّم  (( مَن أتى عرّافًا .. ))

والعرّاف :

 يَشمَل كُلّ مَن يَدّعي معرفة الأشياء في الماضي أو في المستقبل بِطُرُقٍ عنده ، هذا شامل 

 

(( مَن أتى عرّافًا فسألَهُ عَن شيءٍ لَم تُقْبَل له صلاةٌ أربعين يومًا ))

 يَلزَمُه أن يُصَلّي لكِنّ الثواب ، لا ثواب له

 

فإن صَدَّقَه فقد كَفَر كُفرًا يُخرِجُه عن مِلّة الإسلام

قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثَبَتَ عنه عند أبي داود والترمذيّ وابن ماجه : (( مَن أتى كاهِنًا .. ))

والكاهِن :

يَصدُقُ عليه – كما قال ابن حجر – إمّا يستعين بِالشياطين أو تكون الكِهانة بِالتجرُبة مِن عُقَدٍ وما شابه ذلك أو تكون بالتخمين والظنّ

 

(( مَن أتى كاهنًا فصَدَّقَه بما يقول فقد كَفَرَ بِما أُنزل على محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم ))

 والذي أُنزِل عليه : القرآن ، وفي القرآن :

{  قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ }

فإنْ صَدّقَه صَدّقَهُ بِأنّه يَعرِفُ عِلمَ الغَيب ، ومَن صَدَّقَ أحدًا بِأنّه يَعرِفُ عِلمَ الغَيب فقد كَفَر .

 

لو قيل النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أتى إلى ابن صَيّاد وسألَهُ لِيَختَبِر حالَه فهو دجّال مِن الدَّجاجِلَة ، وخبَّأَ له النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في قلبه آية الدُّخان { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ }

 فقال ابن صيّاد : الدُّخّ

فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم (( اخْسَأْ فَلَن تَعْدُوَ قَدْرَك ))  قَدْرُك أنّك كاهِن لاتَهْتَدي إلى كُلّ معلومات وإنّما هو اهتدى إلى كلمة

( الدُّخّ ) ولَم يُكمِل كلِمة ( الدُّخان ) ولَم يأتِ بِما في أوّل الآية ولا في آخرها

 وهذا هو حال هؤلاء ، تأتي إليهم الجنّ فتُلقِي في أُذُنِه الكَلِمةَ يَسمَعُها ممّا استَرَقَه مِن السماء ، فيَكذِب معها الساحر مِئةَ كَذبة .

هذا في حقّ مَن ؟

في حقّ مَن لَدَيه عِلمٌ راسخٌ وثابتٌ ولَدَيهِ دِينٌ قويّ ، يأتي إلى هؤلاء لِيَختبرَهم لِيتبيَّن حالُهُم حتّى يَفتَضِحوا ، وليس لِكُلّ أحد .

 

الأصل السادس والثمانون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثَبَتَ عنه عند الطبَرانيّ قال :

 ((  ليس مِنّا – وعيد شديد ، ليس على طريقتنا- مَن سَحَرَ أو سُحِرَ له ، أو تَكَهَّنَ أو تُكُهِّنَ له ))

– مَن سَحَرَ : مَن يَفعَلُ السِّحر ، تَكَهَّنَ : مَن يَفعلُ الكِهانة .

– مَن سُحِرَ له : أن يأتي أحدٌ إلى الساحر فيقول اسحَر فلانًا أو اسحَر فلانة .

تُكُهِّنَ له : أن يأتي إلى الكاهن ويقول تكَهَّن لي كذا وكذا ، فَيَصدُقُ عليه هذا الوعيد الشديد.

 

الأصل السابع والثمانون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإخبار عن وقت الكسوف للشمس والخسوف للقمر ( بِدايةً وانتهاءً ) ليس مِن عِلم الكِهانة ، وإنّما هو خاضعٌ لِعِلمِ الحِساب ( حِساب الفَلَك )

 

ولذلك :

شيخ الإسلام رحمه الله،  قَبْل أكثر مِن سبعمِئة سَنَة بيَّنَ مِن أنّ للكسوف وللخسوف أسبابًا بحيث جَرَيان الشمس والقمر -لا يَتّسع هذا المقام لِذِكرِها ، وذَكَرتُها في موطنٍ آخر- فيقول : هو يَخضع لِمُجَرّد عمليّة حسابيّة .

 

قال تعالى : { الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ }

ولذا إذا أُخبِرَ الناس فَلْيَعلَموا أنّ هذا ليس مِن الكِهانة ، ومِن الأفضل ألّا يُخبَرَ الناس ، أن يُترَك الناس على ما هُم عليه .

 

لكِن ليس مِن عِلم الكِهانة في شيءٍ ، وإنّما على المسلم أن يَستَحضِر ما جاء في الصحيحَين ، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم :

(( إنّهُما آيَتان مِن آيات الله ، يُخَوِّفُ اللهُ بِهِما عبادَهُ ))

الأصل الثامن والثمانون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  الإخبار عن المَصادِر الجوّيّة والأحوال الجوّيّة هذا ليس مِن الكِهانة ، وإنّما هي تَوَقُّعات

تَوَقُّعات بِحصول شيءٍ مِمّا يكون في الجوّ مبنيّ على مصادرَ لِتَحَرُّكات الرِّيح وما شابه ذلك ، ولذلك في العِلم البِدائيّ ربّما أنّنا نرى الشمس قد تَلَبَّدَت بِالغُيوم ، نقول : ربّما يَنزِل مطر ، ربّما يَهطِل مطر

ولكِن على هؤلاء ممّن يُخبِر أن يقول : سيكون كذا وكذا ، بُرودة أو سيكون هناك أمطار – بإذن الله .

ولا يَقُل أحد ممّن يُخْبِر في المصادر ( هذه المصادر ) لا يَقُل تَكَهَّنَت المصادر

 

لفظة ( تَكَهَّنَت المصادر ) يَجِب أن تُترَك

 وإنّما يُخبَر ، وإذا أَخبَر عن الأحوال الجوّيّة يُعَلِّقُها بِمَشيئة الله عزّ وجلّ.

 

الأصل التاسع والثمانون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثَبَتَ عند أحمدَ وأبي داود مِن حديث جابر :

( سُئِلَ عَن النُّشْرَة – وهي فكّ السِّحر بِسِحرٍ مِثلِه – فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : (( هي مِن عَمَل الشيطان )) 

وأَقبِحْ مِن عَمَل يُنسَبُ إلى الشيطان .

إذًا :

ما الحلّ فيمَن أُصيب ؟

عندنا – ولله الحمد – الأوراد الشرعيّة ( قراءة القرآن ، الأذكار ، الأدعِية )

 

لَو قِيل :

 لَو أنّ الشخص أوشَك على الهلاك وسَيَموت إن لَم يُفَكّ السِّحر إلّا بِسِحرٍ مِثلِه

فالجواب عن هذا :

أنّ مِثلَ هذا لا يجوز ، لِأنّ مَرَدّ الإنسان إلى الموت عاجلًا أم آجلًا

 

ثُمّ إنّ هذا القَول لَو قِيلَ به ( فَكُّ السِّحر بِسحرٍ مِثلِه ) لَو قِيلَ به ، فأين قَولُ الله عزّ وجلّ { وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ }

 كُلُّه شفاء ، والشفاء لِكُلّ مرض .

أين نحن مِن قَول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثَبَتَ عند ابن ماجه – وهو نَصٌّ عامّ –

(( ما أَنزلَ اللهُ داءً –أي مرضًا– إلّا أَنزلَ له دواء –أي علاج – ))

 

لِو قِيل بِهذا ، فإنّه يَترتّب على ذلك أن يُتَعلَّم السِّحر لأنّ به هذه المصلحة . ولا يُقال بِهذا

لِو قِيل بِهذا لَتُرِك بعضُ السَّحَرة مِن أَجْل لديهم ومِنهم مصلحة ، فكيف يكون ذلك والصحابة رضي الله عنهم أَمَروا بِقَتلِ كُلّ ساحرٍ وساحرة

وكَونُ الإنسان يموت على التوحيد، كَونُه يموت على التوحيدِ خَير مِن أن يموت على ما يُخالف التوحيد

في الحديث السابق عند أبي داود والترمذيّ وابن ماجه  :

(( مَن أتى كاهنًا فصَدَّقَه بما يقول فقد كَفَرَ بِما أُنزل على محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم ))

 

الأصل التسعون  :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأوراد الشرعيّة حِصنٌ حصينٌ لِلإنسان ، كما هي شفاء بإذن الله عزّ وجلّ

 

كذلك مَن شاء أن يَتَوَقّى السِّحرَ فَلْيَأكُلْ مِن تَمَرات المدينة في أوّل يومه على الرِّيق يَتَصبَّح بِسبع تَمَرات ، إن كانت عَجوة فأفضل ، إن لَم يَكُن فبأيّ تَمرٍ مِن تمر المدينة ، شريطة أن تكون سبع تَمَرات

 

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم  كما في الصحيحَين :

(( مَن تَصَبَّحَ بِسَبعِ تَمَراتٍ عجوة ، لَمْ يَضُرَّه ذلك اليوم سُمٌّ ولا سِحر ))

في رواية مسلم  :

(( مَن تَصَبَّحَ بِسَبعِ تَمَراتٍ مِمّا بَين لابَتَيها –أي المدينة ، ما بين اللابتين : أي الحَرَّتين– لَم يَضُرَّهُ في ذلك اليوم سُمٌّ ولا سِحْر ))

 

الأصل الحادي  والتسعون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مَن وَجَد سِحرًا به عُقَد ، فقد يَعثُر بعض الناس على شَعَرات بها عُقَد وبها أشياء وبها طلاسم ، فعَلَيه أن يقرأ المُعوِّذتَين عليهم وأن يُفَكِّك هذه العُقَد

 

فالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا سُحِرَ ، وذَكَرنا  أنّ السِّحر وَقَعَ عليه -في الأصول السابقة- لِحِكَمٍ أرادها الله ، فإنّه صلّى الله عليه وآله وسلّم عُقِدَ له سِحرٌ في شَعره ، فقرأ المُعوِّذتَين فانحَلَّت كُلُّ عُقدة .

 

وإن شاء أن يُحرِقَه بعد أن قرأ المُعوِّذتَين فَلَهُ ذلك ، ولذلك قالت عائشة : يا رسول الله أَفَلا أَحرَقتَهُ . أَقَرَّها لكِنّه لَم يَفعلْ ذلك ، قال :

(( أمّا الله فقد شفاني ، فأخشى أن أُثِيرَ على الناس شرًّا ))

 يريد ألّا يَطَّلِع الناس على هذه الشُّعور ، وإنّما استَخرَجِها صلّى الله عليه وآله وسلّم مِن البئر ثُمّ بعد ذلك قرأ عليها المُعوِّذتَين .

 

الأصل الثاني  والتسعون :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مَن به مرض يُكرِّر العلاج يُكرِّر الرُّقية ، ويَرقَى على نفسه أو يَرقاه أحدُ أقربائه .

يقرأ على نفسه ويُكرِّر ، يَستمِرّ .

ومَن نُصِح بِعلاج مِن الأطبّاء ( مِن الأطبّاء ) فيَستمرّ عليه ولا يَستعجِل ، فإنّه قد يكون هذا العلاج علاجًا له لكِنّ الله عزّ وجلّ أراد أن يَختبر صبرَه ، هل يستمرّ على العلاج الشرعيّ أو الحِسِّيّ الذي أباحه الله أم أنّه لا يستمرّ فيذهب إلى السَّحَرة والكَهَنة ، قد يكون ذلك امتحانًا

 

والدليل على أنّ الإنسان يُكرِّر العلاج حسبما يَصِفُه له الطبيب أو يكرِّر الرُّقية :

في الصحيحَين  :

( أتى رجل إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : يا رسولَ الله إنّ في بَطن أخي وَجَعًا ، قال : (( اسقِهِ عَسَلًا )) فَسَقاهُ فَزادَهُ استِطلاقًا ، فقال : (( اسقِهِ عَسَلًا )) ، فَسَقاه ، حتّى أتى في الثالثة قال : يا رسولَ الله سَقَيتُه ، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم في الثالثة ، قال : (( صَدَقَ اللهُ وكَذَبَ بَطنُ أخيك ، اسقِهِ عَسَلًا )) ، فسَقاهُ فَبَرَأَ ) .

 

هذه أصولٌ مُهمّة تحتاجُها عامّةُ الأُمّة ، ولها تتمّة لأنّها مهمّة .

 

أسأل اللهِ عزّ وجلّ أن  يُنَجِّيَني وإيّاكم مِن أمراض القلوب والأبدان ، أعوذ بالله مِن سيِّء الأسقام .