خطبة رقم (6) ( سبعة أصول ) مهمة يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم بإذن الله من الزلل

خطبة رقم (6) ( سبعة أصول ) مهمة يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم بإذن الله من الزلل

مشاهدات: 42

*خطبة رقم (6)*

 ( سبعة أصول )

مهمّة يحتاجها العامّيّ وطالب العلم ليُعصم بإذن الله من الزلل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

elbahre.com/zaid

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تحدّثنا في جُمَعٍ سالِفة عن خمسين أصلًا من الأصول التي يحتاج إليها العامّيّ وطالب العلم في هذا الزمن ؛ حتّى يُعصَمَ بإذن الله عزّ وجلّ من الزلل

  الأصل الحادي والخمسون :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحذر من البدع التي تقع في الحجّ أو في العمرة

ومنها :

بعضُهم إذا أراد أن يودّع الكعبة بعد الطواف ، رجع من الخلف ؛ لِيستقبلَ الكعبة حتّى لا يستدبرها تعظيمًا لها في ظنّه ، بل ربّما أَصْحبَ ذلك بالبكاء  بل ربّما ظنّ بعضٌ من الناس أنّ هذا الفعل حميد .

وهذا كما نَصّ أهل العلم : من البدع .

لِمَ ؟

 لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وصحابتَه رضي الله عنهم ما كانوا يفعلون ذلك ، إنّما كانوا يطوفون طواف الوداع ثمّ ينصرفون على هيئتهم المعتادة .

 

وقد قال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصحيحين :

من حديث عائشة رضي الله عنها :

(( مَن أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منه فهوَ ردّ ))

 أي مردود على صاحبه .

 

  الأصل الثاني والخمسون :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  الله جلّ وعلا ذَكَرَ عن بعض الكتب السابقة ــ ذكرَ في القرآن ــ بأنّها هُدى ، ورحمة ، ونور .

فلو أتى شخص فقال : القرآن ذَكَرَ عن التوراة وعن الإنجيل هذه الأوصاف ، لِمَ لا تعملون بها لو أتينا لكم بتوراة أو بإنجيل غير محرّفة ؟!

فالجواب عن هذا :

أنّ تلك الكتب السابقة هي نور وهُدى لأولئك الذين كانوا في أزمان أولئك الأنبياء ، أمّا في هذا الزمن فالقرآن نَسَخَ كلّ الكتب السابقة

  

ومِن ثَمّ :

فيجب على الجميع من اليهود ، والنصارى ، ومِن غيرهم أن يتّبعوا هذا القرآن

قال الله عزّ وجلّ :

 { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ }

 

  الأصل الثالث والخمسون :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  هذا القرآن عظيم كريم عزيز حكيم مُبين هُدى رحمة بُشرى

قال عزّ وجلّ :

{ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ }

 { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ }

{ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ }

 { هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ }

 إلى غير ذلك مِن هذه الأوصاف العظيمة

ومِن ثَمّ :

فإنّ بعضًا مِن الناس قد يسيء إلى هذا القرآن مِن حيث لا يَشعر :

وذلك كما يَصنع بعضُهم من رسم لوحة ، أو ينقُش على الجدار أو على أيّ مكان ، ينقش عليها بعضَ السُّوَر أو بعضَ الآيات بحيث لا تُفهَم ، أو بحيث تكون كَصُورة تُشابه صورةَ مخلوق أو ما شابه ذلك ، وهذا من الخطر العظيم

وكذلك الشأن فيمن يرسُم رسومات عن أسماء الله عزّ وجلّ التي هي حُسنى { وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }

فيُتنبّه لمثل هذا الأمر .

 

  الأصل الرابع  والخمسون :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  الله جلّ وعلا وَصَف مَن كان في الأُمم السابقة ـــــ في القرآن ـــ وَصَفَهم بأنّهم مسلمون

فلو أتى شخص مِن تلك الديانات وقال : نحن مسلمون ، فيقال له : وُصِف مَن وُصِف فيما مضى بالإسلام ، ذلكم هو الإسلام العامّ .

وهذا الإسلام العامّ نَسَخَهُ الإسلامُ الخاصّ .

ما هو الإسلام الخاصّ ؟

هو الذي أتى به محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ،

ولذلك قال تعالى :

{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ }

الإسلام هنا هو إسلامٌ خاصٌّ ، و هو الذي أتى به النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم

 

بل صرّح كما عند مسلم فقال :

(( والذي نفسُ محمّدٍ بِيَدِه ، لا يَسمعُ بي أحدٌ مِن هذه الأُمّة يهوديّ أو نصرانيّ ثمّ لَمْ يؤمِن بالذي أُرسِلتُ به إلّا كان مِن أهل النار )) .

  الأصل الخامس والخمسون :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  الله جلّ وعلا ذَكَرَ في كتابه بأنّ الشرك به ـــ بحيث تُصرَف العبادة لِغَيره ــــ الشرك وَصَفَه بأنّه جَهْل .

ولذا :

 قال موسى عليه السلام لمّا قالوا :

{اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}

– الشرك ظُلم :

{ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ }

– الشرك سَفَه ، قال تعالى :

 { وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ }

– الشرك افتراء عظيم :

{ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا }

– الشرك ضلال مبين :

{ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا }

– الشرك هلاك لصاحبه في دنياه وفي أُخراه :

 قال تعالى :

{ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }

هذا هو حالُه كَحال مَن سقطَ مِن عُلُوّ ، فالطيرُ إمّا أن تَخطَفَه قبل أن يقعَ في الأرض ، وإمّا أن يَهوِيَ في مكانٍ بعيد

 

وذلك هو هالكٌ لا محالة لأنّه بَعُدَ عن الحقّ الذي هو التوحيد

بل لو أتى بما يأتي به مِن أعمالٍ ، يومَ القيامة تكون هالكة :

{ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا }

  الأصل السادس والخمسون :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  الله جلّ وعلا ذَكَرَ في كتابه أدلّة وبراهين كثيرة .

على ماذا ؟

على بُطلان تلك الآلهة ، وعلى بطلان تلك العبادة التي يصرفها بعضُ الناس لغير الله عزّ وجلّ .

أدلّة وبراهين لو تمعّن فيها العاقل لَمَا كان سفيهًا ، ولَمَا صَرَفَ شيئًا مِن هذه العبادة لغير الله .

مِن تلك البراهين :

– الذي يُعبَد مِن دون الله هل يَخلُق شيئًا ؟!

الجواب : لا 

– هل يدفع عن نفسه الضُّرّ ؟ الجواب : لا

– هل يدفع عن عابِدِيه الذين عبدوه الضُّرّ ؟ لا .

– هل يملِكون مثقال ذرّة في مُلك الله ؟ لا .

– هل هُم شركاءُ الله في خَلق السموات والأرض وفي مُلكه ؟ لا .

– هل أعانوا الله على خلق السموات والأرض ؟ لا.

– هل يملِكون الشفاعة ؟ لا ، إلّا مَن أَذِن الله عزّ وجلّ له .

والأدلّة كثيرة :

 قال عزّ وجلّ :

– { أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (192) }

 

– { لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ  } يعني من شراكة

{ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ }

ما أحد أعانه

{ وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ }

– بل إنّ تلك المعبودات التي تُعبَد من دون الله عزّ وجلّ لو اجتمعتْ كلُّها على أن تخلُق ذبابًا ما استطاعت ، بل لو أنّ ذلكم الذباب أخذ منها شيئًا ما استطاعت أن تستخلِص ذلك الشيء منه .

وهذا إن دلّ يدلّ على ضَعف تلك الآلهة .

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ  إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ  وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ  ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ }

ضَعُف الطالب : الذي هو المعبود

 ضَعُف الطالب : المعبود الذي أُخِذ منه .

والمطلوب : الذباب .

 

{ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ } ما عظّموا الله عزّ وجلّ حقّ تعظيمه .

 

– بل إنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم مع علوّ مكانته ومنزلته لا يملِكُ شيئًا ، لا يملِك شيئًا

وفي هذا ردّ على الصوفيّة الذين يستغيثون به ، وكذلك الشأن في الرافضة ، وكذلك الاستغاثة بالأولياء لهؤلاء الطوائف ولغيرهم . لايملِكُ شيئًا 

 ولذلك :

النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصحيح لمّا شُجَّ في غزوة أُحد ماذا قال ؟ ( كيف يُفلِح قومٌ شَجُّوا نبيّهم ) فأنزل الله عزّ وجلّ -مع أنّه أُوذِي- قال جلّ وعلا :

{ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }

 

هو صلّى الله عليه وآله وسلّم أُمِر حتّى يَعرف مَن يستغيثُ به ومَن يدعوه ومَن يلتجئ إليه عند الشدائد ويأتي إلى قبره ويسألُه :

 { قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا }

 بل لا يملِكُ لنفسه شيئًا

{ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ }

وفي الآية الأخرى قَدّمَ الضُّرّ

{ قُل لَّا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ }

– بل حتّى الملائكة تفزع وتخاف من عظمة الله عزّ وجلّ ، فكيف تُصرَف العبادةُ لهُم أو لِمن دونَهم ؟!

 { حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }

 عند البخاريّ تفسيرٌ لهذه الآية :

( إذا قضى الله الأمرَ في السماء ، ضَرَبَت الملائكة بأجنحتها خُضعانًا لقوله )

  الأصل السابع والخمسون :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  في صحيح البخاريّ :

عن عِمران بن حِطّان أنّ عائشة رضي الله عنها حدّثتهُ :

( لَم يكن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يتركُ شيئًا في بيته فيه تصاليب إلّا نَقَضَه ) تصاليب إلّا نَقَضَه .

في رواية : ( تصاوير ) .

 قال ابن حجر رحمه الله في الفتح : ” ورواية الجماعة أثبَتَ تصاليب ـــــ جمع صليب ـــ “

كان صلّى الله عليه وآله وسلّم يزيل هذا الصليب إذا وُجِد في بيته مِن جرّاء أن يكون في ثوب أو فيما شابه ذلك ، كان ينقُضُه ويزيله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأنّه رمزٌ لِما عُبِد مِن دون الله عزّ وجلّ .

ومِن ثَمّ :

فإنّ على المسلمين أن يَحذَروا في مِثل هذا الزمن من شراء ملابس فيها تصاليب ، أو أدوات مدرسيّة أو مفارش أو أواني أو ما شابه ذلك.

(( فالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كان ينقُضُها وكان يزيلها ))

وهذا إن دلّ يدلّ على تحريم شراء هذه الأشياء التي فيها صليب .

وكذلك :

يجب على التجّار أن يَحذَروا وأن يخافوا عقاب الله عزّ وجلّ .

– وهنا قبل الانتهاء :

 فيه فائدة عَرَضيّة حديثيّة :

عِمران بن حِطّان مِن قوله أنّ عائشة حدّثَتهُ ، دلّ على أنّه سمع منها رضي الله عنها ، خلافًا لِما قاله ابن عبدالبرّ

بل وَرَدَت أحاديث غير هذا الحديث مِن أنّه قال : سمِعتُ عائشة

 وقال : قالت لي عائشة .

فعلى كلّ حال :

 هذه أصول نحتاج إليها في مثل هذا الزمن .

 يحتاج إليها المتحدّث قبل المستمع

نحتاج إليها جميعًا ، فنحن في عصر وزمن الفتن

فنسأل الله عزّ وجلّ أن يعصمنا وإيّاكم من الزلل

وهذه الأصول لها تتمّة بإذن الله عزّ وجلّ لأهمّيّتها .