خطبة ستة أحكام فقهية مهمة بأدلتها عن ( بعض مفطرات الصيام )

خطبة ستة أحكام فقهية مهمة بأدلتها عن ( بعض مفطرات الصيام )

مشاهدات: 708

خطبة

ستّة أحكام فِقهِيّة مهمّة بأدلّتها الشرعيّة عن ( بعض مفطّرات الصّيام )

‏ ‏‏‏ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

elbahre.com/zaid

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حَديثُنا في هذا اليَوم عن أَحكامٍ فِقهِيّةٍ مُختَصَرَةٍ بِأدِلَّتِها الشَّرعِيّةِ عن بَعضِ مُفطِّراتِ الصَّوم

  ▪أوّلًا :

  الجِماع : وهُوَ أَعْظَمُها .

[[ فَمَن جامَعَ في نَهارِ رمضانَ فإنّه مِن أَعظَمِ المُفَطِّراتِ وعَلِيهِ الكَفَّارَةُ المُغَلَّظَة  ]]

 والجِماعُ يَحْصُل ( بِتَغيِيبِ حَشَفَةِ الذَّكَر – يَعني بِمُقَدِّمَةِ الذَّكَر – وَلَوْ لَمْ يُنزِل ) فإنّه إن فَعَلَ ذَلِكَ فَإنّهُ يَكونُ جِماعًا

 فَالنَّبِيُّ  ﷺ كما في الصَّحِيحَينِ  :

((  لَمّا أتاهُ رَجُلٌ فَقالَ : يا رسولَ اللهِ ، هَلَكتُ .

قالَ : ” وما ذاكَ ؟  “

قالَ : وَقَعْتُ على امْرَأتِي في نَهارِ رَمضان .

فَقالَ : ﷺ ”  أَعتِق رَقَبَة  “.

 – فأَمَرَهُ أن يُعتِقَ رَقَبَة -.

قالَ : لا أَجِدُ .

قالَ : ”  فَصُم شَهرَينِ مُتَتابِعَينِ  “.

قالَ : لا أستَطيعُ .

فَقالَ  ﷺ  : ”  فَأَطعِم سِتِّينَ مِسكينًا  ” ))

  والمَقصُودُ مِن عَدَمِ الِاستِطاعة ، لَيسَتِ المَشَقَّةَ ؛ لِأنَّ الصَّومَ في الغالبِ يَكُونُ شاقًّا

   – وإنّما المَقصودُ : مَن لَمْ يَستَطِعِ الصَّومَ فَيَنتَقِل إلى الإطعامِ إذا كانَ الإنسانُ كبيرًا في السِّنِّ أو كانَ بهِ مَرَضٌ لا يُرجَى بُرؤُهُ ، أو ما شابَهَ هذه الأَعذار .

  [[ فَتَغيِيبُ الحَشَفَة يَكُونُ مُفَطِّرًا وعَلَيهِ هذه الكَفّارَة المُغَلَّظَة ]]

  ▪ثانيًا :

   تَقبيلُ الإِنسانِ لِزَوجَتِهِ ومُباشَرةِ هذه الزّوجة بِضَمٍّ وما شابَهَ ذَلِكَ إذا كان صائمًا [[ فَلا إشكالَ في ذَلِكَ ]]

  فقد جَاءَ في الصَّحِيحَينِ :

أنّ النَّبِيَّ  ﷺ كان يُقِبِّلُ وهو صائمٌ .

  [[ شَرِيطَةَ ]] :

أن يَعرِفَ الإنسانُ مِن نَفْسِهِ أنّ هذا الضَّمّ وهذا التَّقبيل وهذه المُباشرة [[ شَريطةَ ألَّا تَجُرَّهُ إلى الجِماع أو حتّى لا يَنزِلَ مِنهُ مَنِيّ ]].

 فإن خافَ أن يُوقِعَهُ هذا التَّقبيل وتِلكَ المُباشَرة في الجِماع أو يَتَرَتَّب على ذلك نُزول المَنِيّ [[ فإنّه لا يَجُوزُ لَهُ هذا التَّقبيل ولا هذه المُباشَرة ]] .

ثالِثًا :

   إنزالُ المَنِيّ [[ باختيار الإنسان باختيار الإنسان ]]

وذَلِكَ لأنّ الإنسان رُبّما أنّه يَستَيقِظُ مِن نَومِهِ فَيَجِدُ مَنِيًّا ، [[ فَهُنَا : لا إشكالَ في ذلك وصِيامُه صحيح ؛ لأنّه مِن غَير اختِيارِه ]].

      –  لَكِنّ الحديث :

  لَوْ أنّ الإنسانَ أَمْنَى مُتَعَمِّدًا

  أو كانَ مُتَسَبِّبًا : بِمَعنى أنّه قَبَّلَ فَأَمْنَى أو باشَرَ بِضَمِّ زَوجَتِه فَأَمْنَى

     [[  فإنّه يَكُونُ مُفَطِّرًا مِن مُفَطِّراتِ الصّيام ]]

  أمّا المَذي : وهو أنّ الإنسان يُقبِّل أو يُباشِر فَيَحصُلُ مِنه مَذي [[ فإنّه لا يُفَطِّر  ]].

والدّليل : أنّ النَّبِيَّ  ﷺ قال كما في الصَّحِيحَينِ

(( قال الله عزّ وجلّ : لِيَدَع طعامَه وشَرابَه وشَهوَتَه مِن أَجْلِي )) 

قال : ((.. وشَهوَتَه مِن أَجْلِي )) فيَدخُلُ فيها المَنِيّ

أمّا المَذي فَإنّه لا يَدخُلُ في ذلك ؛ لأنّه لا يُقاسُ على المَنِيّ مِن حيثُ الشَّهوَة وما شابَهَ ذلك .

  ▪رابِعًا :

  [[ أنّ مَنِ استَقاءَ عَمدًا فإنَّ صَومَهُ يَفسُد ]] .

    استَقاءَ عمدًا : يعني استَفرَغَ .

 – لَكِنْ لو أنّه حَصلَ مِنه بِدُون اختِياره : [[ فَصَومُه صحيح ولا حَرَجَ عليه في ذَلِكَ ؛ لأنّه مَن غَير اختِيارِه ]]

 – أمّا إذا كان مُتَعَمِّدًا : [[ فَيَفسُد الصَّوم ]]

لأنّ النبيَّ  ﷺ  كما ثَبَتَ عِنْدَ أحمدَ وأبي دَاوُدَ قال :

(( مَن ذَرَعَهُ القَيْءُ فَلا قَضاءَ عَلَيْهِ .. ))

 

  مَن ذَرَعَهُ : يَعْنِي غَلَبَهُ القَيْءُ فلا قضاء عليه

((  .. ومَنِ استقاءَ عَمدًا فَلْيَقضِ ))

  ▪خامِسًا :

   الإنسانُ واجِبٌ عليه أن يمتَنِع عن الطعامِ والشّرابِ إذا طَلَعَ الفَجرُ الثاني

قالَ اللهُ عزّ وجلّ { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ }

ومِن ثَمَّ فإنّ المُؤذِّنَ إذا كان يُؤَذِّنُ في نَفْسِ الوقتِ ( حينما يطلعُ الفجرُ الثاني ) :

[[ فَيَتَعَيَّن  على المُسلم أن يَمتَنِعَ عَنِ الأكلِ وعنِ الشّرابِ وَعَن سائرِ المُفَطِّرات ]].

ولِذا لَوْ أنّه أَكَلَ أو شَرِبَ حينما أَذَّنَ المؤذِّنُ الذي يؤذِّنُ في الوقتِ [[ فإنّ صومَه لا يصحّ ]] ؛ لأنّه لَم يَتَقَيّد بِالزَّمَن الشَّرعِيّ .

ومِن ثَمَّ فإنّه لا يَجُوزُ له الشُّرب إلّا في حالةٍ واحدةٍ :

وهي كما ثَبَتَ بِشَواهِد كثيرة مِن أنّ النبيَّ ﷺ كما عند أبي دَاوُدَ قال :

(( إِذا سَمِعَ أَحَدُكُم النِّداءَ .. )) يَعني الأَذان

(( إِذا سَمِعَ أحَدُكُمُ النِّداءَ وَالإِناءُ فِي يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقضِيَ مِنهُ حاجَتَهُ ))

مِثالُ ذلك :

 – لَو أنّ الإنسان كان مثلًا الكَأْسُ في يَدِه فأَرادَ أن يَشرَب فإذا بالمؤذَّن يُؤَذِّن [[ فَهُنَا : يَشرَب حَتّى يَقضِيَ مِنه حاجَتَه ]]

 – لَكِنْ لَوْ أنَّ الكأسَ مثلًا أو الإناءَ كانَ في الأرض ، فَلَمّا أَذَّنَ أَخَذَهُ [[ هذا لا يَدخُلُ ضِمْنَ هذه الرُّخصَة ]]

لذلكَ يُتَنَبَّه إلى هذا الأَمْر .

  ▪سادِسًا :

   النبيُّ  ﷺ  كما ثبتَ عنه عند أبي دَاوُدَ :

[[ وهو حَديثٌ صحيحٌ ولَيسَ بِمَنسوخٍ  ]]

بل بَيَّنْتُ ذَلِكَ في مَوطِنٍ وتَوَسَّعتُ في ذَلِكَ أكْثَرَ مِن هذا الموطِن

قال  ﷺ  (( أَفطَرَ الحاجِمُ والمَحجُومُ )) 

ويَدخُلُ ضِمنَ ذَلِكَ : [[ التَّبَرُّعُ بِالدَّم أو إخراجُ الدَّمِ الكثير بِاختِيار الإنسان ]]

 لَكِنْ لَوْ أنّ الإنسان مثلًا خَرَجَ مِنهُ دمٌ مِن غَير اختياره :

 – كَأَن يَحضُرَ  مَثَلًا فَيَسقُط فَتَسِيل منه دِماء .  [[ هذا مِن غير اختياره . وَلَوْ كانت كثيرة ]]

 – إنسان مثلًا خَرَجَ منه مثلًا دم بَواسير أو ناصور  [[ لَو كانَ كثيرًا . هذا مِن غير اختياره . صِيامُه صحيح ]]

وعلى هذا فَقِس ..

الدَّم الذي يخرُجُ منك ولو عَظُمَ وكَثُرَ مِن غَير اختِيارِك [[ فَهُنا : لا قضاءَ عليكَ ، وصَومُك صحيح ]]

لَكِنْ إِنْ كانَ بِاختيارِك وكان كثيرًا [[ وكانَ كثيرًا فإنّه يَأخُذُ حُكمَ الحِجامَة ]]

أَسأَل اللهَ عزّوجلّ لِي ولَكُم العِلمَ النَّافِعَ والعَمَلَ الصَّالِحَ