خطبة ( صفة الصلاة ) [ 1]

خطبة ( صفة الصلاة ) [ 1]

مشاهدات: 1652

بسم الله الرحمن الرحيم

خُطبة صفة الصلاة (1)

لفضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحريّ

 

نتحدث في هذا اليوم عن صفة الصلاة وسأذكرها بإذن الله عز وجل مختصرة..

وَلْيُعلَم أن تعليمَ الصلاة قد فعله النبي ﷺ على المنبر كما في الصحيحين، ولذلك قال البخاري رحمه الله في صحيحه

-وأذكر هذا من باب بيان أنَّ الخُطبةَ يكون المقصود منها كما دلت على ذلك الأدلة والآثار تكون لتفقيه الناس فيما يتعلق في مسائل الأصول من التوحيد وما يتعلق بعباداتهم وبأخلاقهم، ولذا ليس فيها شيء محصور كما يظنه البعض-

 قال ابن القيم رحمه الله كما في زاد المعاد: ( ومدارُ خُطَبه ﷺ على ثناءِ الله وعلى حَمْدِ الله عز وجل بما له من صفات الكمال، وكان ﷺ – كما قال – يُبين قواعد الإسلام ويذكر عليه الصلاة والسلام في ضمن خطبه الجنة والنار والمعاد، وقال رحمه الله قال إنه صلى الله عليه وأله وسلم يخطُبُ في كل وقتٍ بما تقتضيه حاجةُ المخاطبين )

فدل هذا على أنه ليس هناك شيءٌ يخصص به الخطبة، بل إن الخطبة لتعليم الناس

ولذلك البخاري رحمه الله ذكر في صحيحه فقال: الخُطبة على المنبر، قال الشُرَّاح كالعيني وابنِ حجر قالوا:

قال الشُرَّاح رحمهم الله: إنما لم يخصِص في تبويبه الجمعة لكي يشمل كلَّ خطبة في يوم الجمعة أو في غير ذلك.

فالنبي ﷺ صلَّى وعلَّمَ أصحابَه الصلاة وهو على المنبر، قال ابنُ حجر رحمه الله في الفتح:

( لأن المنبرَ يكونُ عاليا وليتمكن الناسُ من رؤيته صلى الله عليه وسلم ).

ولذلك لما صلى بهم عليه الصلاة والسلام قال: ( إنَّما فعلتُ ذلك لِتَأتمُّوا بي ولِتَعلَّموا صلاتي )  ولِتَعلَّموا/ أصلُها: تتعلموا

ولذا حتى ما يتعلق بالأحكام الفقهية وما شابه ذلك هذا من أعظم ما يُطرَحُ في خُطب الجمعة حتى يتفقه الناس، ولذلك النبي ﷺ قال كما في الصحيحين:

( مَن يُرِدِ اللَّهُ به خَيْرًا يُفَقِّهْهُ في الدِّينِ ) وهذا يشمل الفقه في التوحيد وفي الأحكام وفيما شابه ذلك.

ولذلك البخاري رحمه الله بوَّبَ فقال: [باب ذِكْرُ البيع والشراء على المنبر] وذَكَرَ حديث النبي ﷺ لما خَطب على المنبر فقال: ( ما بالُ أقوامٍ يشترطون شروطًا ليست في كتابِ اللهِ ) وهذا يتعلق بأحكام الناس فيما يتعلق بمعاملاتهم.

 

ولذا النبي ﷺ كما جاء في صحيح البخاري وأصلُه في الصحيحين كان يخطُب فجاء رجلٌ فقال:

( يا رسول الله ما صلاةُ الليل قال ﷺ: ( مثنى مثنى ).

النبي ﷺ في خُطَبه بيَّنَ ما يتعلق بالأحكام الفقهية والعقيدة وما شابه ذلك والآثار في مثل هذا كثيرة.

 ولذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في صحيح البخاري: خَطَب بسورة النحل على المنبر فلما بلغ السجدة سجد فسجد الناسُ معه، فلما جاءت الجمعة الآتية قرأ بسورة النحل فلما أتى السجدة فلم يسجد رضي الله عنه.

عمر رضي الله عنه كما عند البخاري وهو على المنبر قال: ( إنَّ تحريمَ الخمر نزل وهي من خمسة ) إذاً بيَّنَ للناس ما يحتاجُه الناس فيما يتعلق بأحكام دينهم.

ولذلك النبي ﷺ كما في صحيح مسلم: ( لمَّا أتى أبو رِفاعة قال: أتيت النبي ﷺ وهو يخطُب فقلت:

 يا رسول الله رجل لا يعرِفُ دينه ” فنزل ﷺ وأُتِيَ إليه بكرسي فجلس فقال أبو رِفاعة:

” فجعل ﷺ يعلمني مما علَّمَهُ الله ” ثم أتى وأكمل خُطبَتَه).

ولذلك ابن خزيمة رحمه الله كما في صحيحه بوّب فقال: [ باب قَطعِ الخُطبة لمصلحةِ تعليمِ بعض الرعيَّة] وذكر هذا الحديث.

فإذا كان ﷺ قد قطَعَ خُطبته من أجل أن يُعلم فرداً واحداً بما يتعلق بأمور دينه ثم أتمها صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا يدل على أن الخطبة ينبغي على الخطيب أن يكون واعياً لحاجة الناس ولا سيّما في هذا الزمن ذكر المسائل المتعلقة بالتوحيد من الضرورة بمكان.

أيضاً ما يتعلق بأحكام الناس في وضوئهم في صلاتهم في جميع عباداتهم في معاملاتهم، تُطرح للناس وتُوضح توضيحاً مختصراً بالأدلة الشرعية حتى يتفقه الناسُ في دينهم، ولا سيما في مثل هذا الزمن الذي أخبر النبي ﷺ كما في الأحاديث الصحيحة الكثيرة قال: (يَقِلُّ العلم ويَظهَرُ الجَهْل).

 

إذا: النبيُّ ﷺ صلَّى على المنبر وبيَّنَ للناس صلاتَه ﷺ وقال: ( إنَّما فعلتُ ذلك لِتَأتمُّوا بي ولِتَعلَّموا صلاتي) 

بل إن عَزْوَ الأحاديث في خطبة الجمعة من الدين، ولا يكونُ الخطيب محققاً في خطبته إلا إذا عزا الأحاديث إلى البخاري إلى مسلم إلى بن داود إلى الترمذي، وبيان هل هذا الحديث صحيح أم أنه ضعيف حتى لا يتسلقَ الجُهَّال  – وقد كثُروا في وسائل التواصل – حتى لا يتسلق الجهال فيأتوا بأحاديثَ موضوعة مكذوبة على النبي ﷺ.

ولذلك الإسنادُ من دينِ الله عز وجل، قال ابنُ المبارك كما في مقدمة صحيح مسلم قال: (الإسنادُ من الدين ولولا الإسناد لقال في الدين من شاء ما شاء)

ولذلك كان يقولُ كما في مقدمة صحيح مسلم قال: (بيننا وبين القوم القوائم) يعني: الأسانيد.

وسُنَّةُ السلف رحمهم الله مِنَ القِدَم إلى ما في عصرِنا هذا من علمائنا المحققين يذكرون ما يتعلق بالسند وبعزوِ الأحاديث وخُطبهم واضحة وبَيِّنَه والأدلة كثيرة:

في صحيح البخاري قال أبو إسحاق قال: ( أنبأنا عبدُالله بنُ يزيد – قال عبدالله بن يزيد وهو على المنبر- قال: حدثنا البراء وهو غيرُ كذوب) (هذا موضع الشاهد) وأيضاً الحديث في صحيح مسلم.

ولذلك ابنُ حجر رحمه الله بيّن في خُطبته على المنبر بُطلان حديث حفيظة رمضان كما نقل ذلك تلميذُه السخاوي في المقاصد الحسنة.

فدل هذا على: أن ما يتعلق بأمور الناس وفيما يحتاجون إليه وبتوثيق العلم في مثل هذا الزمن يكون من دين الله عز وجل.

 قال ﷺ: ( إنَّما فعلتُ ذلك لِتَأتمُّوا بي ولِتَعلَّموا صلاتي) 

صفةُ الصلاة:

يستقبلُ المسلمُ القبلةَ ويكبر -وهذه هي تكبيرةُ الإحرام- قائلاً:

( الله أكبر ) ولا يُجزئ غيرُها.

 لو قال: (الله الأكبر أو الله أعظم أو الله الكبير) فإن الصلاة على الصحيح لا تصح ، لأن هذا هو الوارد من فعله صلى الله عليه وسلم وجاءت أحاديث في بيان ذلك، فيقول: (الله أكبر)

وهذه التكبيرة تكبيرة الإحرام أعظم ركن من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا بها لا تصح الصلاة إلا بها،

ولذلك ثبت في المسند وسنن أبي داود وغيرهما قال ﷺ عن الصلاة: ( وتحريمُها التكبير )

ولذا لو أن إنسانا لم يُكبر فجعل يركع أو يسجُد فإنه ليس في صلاة، لا نقول إنها تبطل، نقول:

 هو أصلاً ليس في صلاة، لم؟ لأن تكبيرة الإحرام أعظم ركن لا تنعقد الصلاة إلا بتكبيرة الإحرام.

 

وهذه التكبيرةُ لا تُمطط: فإن مططها وزاد في المد فأحال المعنى كما هو حال بعضِ الناس يقول: (الله أكبار!) هنا أكبار معناها الطبل، إذاً غيَّرَ المعنى لا تنعقد صلاتُه لأنه لم يأتِ بتكبيرة الإحرام.

 

وتكبيرةُ الإحرام لابد أن يأتيَ بها قائماً لمن يستطيع القيام: وإلا لو أتى بها وهو جالس ثم قام كحال بعض الناس،

 أو/ بعض الناس حتى لو كان من كبار السن هو يستطيع أن يقوم لكنه يستعجل فيُكبر وهو جالس -وهو يستطيع أن يقوم ثم لا يتمكن من الاستمرار في القيام فيجلس – لكن لديه وقت يستطيع أن يقوم فيكبر تكبيرة الإحرام:

بعضُهم يكبر هو جالس ثم يقوم، وبعضُهم يُكبر أثناء النهوض! هنا لا تكون صلاتُه صلاةَ فرض تنقلب إلى نفل،

 ولذلك لو كان في جماعة: يُبطِل صلاتَه ويُكبر وهو قائم، فيكونُ التكبير وهو قائم.

ولذلك بعض الناس إذا أتى والإمام راكع ليُدركَ الركعة كَبَّرَ وهو مُنحني!:

 هذا لا تكون له صلاة فرض وإنما هي نفل، فهنا عليه ماذا؟

عليه أن يُبطلَ الصلاة

وبطلان الصلاة: بعض الناس يظن أن بطلان الصلاة أنه لابد أن يُسلم وهو قائم! لا، بل بمجرد ما تقطع الصلاة بنيتك انقطعت الصلاة، أما فِعل بعض الناس من أنه يُسلم على اليمين أو على الشمال ناويا قَطع الصلاة فهذا لا أعرفُ له أصلاً في سنة النبي ﷺ.

فإذاً لو كنت تعجَز عن القيام: بعض الناس يعجَز لكنه يستطيع أن يقوم، نقول له:

 قُمْ فكبر تكبيرة الإحرام ثم بعد ذلك اجلس، لكن تُكبر وأنت جالس ثم تقوم أو تُكبر وأنت حال النهوض قبل أن تستتم قائماً فإن صلاتَك تنقلبُ نفلاً.

فإذا كان وحدَهُ – قد لا يكون مع جماعة –: فإذا كان وحدَه تنقلب إلى نفل فيُكمِلُها نفلاً ثم يصلي صلاة الفرض بعدها وإن شاء قطعها.

 لكن لما يكون في جماعة نقول: اقطَعها حتى تُدركَ الجماعة.

بعض الناس يقول أنا أفعلُ هذا وقد فعلتُ ذلك فما هو الحل؟

 فنقول: ما مضى من صلواتك فإنَّ صلاتَك صحيحة لجهلِك، وذلك لأنَّ المُسيء في صلاته كان قد ترك أركانا، والنبي ﷺ لم يأمره بإعادةِ ما سبق من صلواتٍ سابقة.

وهذا هو حديث المُسيء في صلاته وهو مشهور حتى عند العلماء القُدامى:

 ولذلك رأيتُ الدارَ قطنيّ رحمه الله في كتابه: [الإلزامات والتتبُع] ذكر ذلك ووصفَ بأنَّ هذا الحديث:

 ( هو حديث المُسيء في صلاته) والدارَ قطني قد توفيَ،- وهو: أبو الحسن علي بن عمر البغدادي، جبل من أئمة الحديث، وهو متوفَّى سنة 385 للهجرة-

وصف الحديث: بأنه (حديث المُسيء في صلاته)

 ثم جاء من بعدَه كالنووي وشيخ الإسلام وذكروا ذلك، وذكر ذلك ابُن القيم وابنُ حجر وكثير وصفوا هذا الحديث.

 

 المهم نقول: ما مضى من صلواتٍ فإن ذمتَك قد برئت، لكن تنبَّه فيما يُستقبل، تتنبه فيما يُستقبل، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: (وتحريمها التكبير).

أسأل الله لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح وبإذن الله تعالى يكون لهذه الخُطبة بإذن الله يكون لها تتمة بإذن الله تعالى.

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وارضَ اللهم عن الخلفاءِ الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر الصحابة أجمعين وعنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذِل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين.

اللهم كُن لإخواننا المرابطين على الحدود اللهم كن لهم ناصراً ومعيناً اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم وانصرهم على الرافضة الحاقدين.

اللهم اجعل هذا البلد أمناً مطمئناً رخاءً سخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبه وترضاه يا كريم اللهم هيء له البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه على الخير وتدله عليه، اللهم وفق جميع ولاة المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم سنة نبيك محمدٍ ﷺ.

اللهم من أراد بهذه البلاد في دينها وفي عقيدتها وفي أمنها وفي رخائها سوءاً وشراً وبلاءً وفتنة اللهم فأشغله في نفسه اللهم فأشغله في نفسه ورُدَّ كيده في نحره وجعل تدبيره تدميراً عليه يا قوي يا عزيز.

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين.

وهنا تنبيه/ وهو أننا نقول: (نعوذ بالله من سوء الفتن ما ظهر منها وما بطن)

قد يُظن من أن التعبير الأفضل في الدعاء أن نقول: اللهم إنا نعوذ بك من الفتن، فالفتن كلُّها شر فلماذا تقولون سوء الفتن؟

فالجواب عن هذا: ( أن هذا ورد في سُنةِ النبي ﷺ، ولذلك في الصحيحين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال أمام النبي ﷺ عائذاً بالله من سوء الفتن، وورد عند البخاري أيضاً عائذاً بالله من شر الفتن، والنبي ﷺ كما عند مسلم قال لأصحابه من غير ذِكر كلمة سوء وشر قال:

( تعوَّذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن)

 إذاً/ قولُنا: (نعوذ بالله من سوء الفتن) المقصود:

 وَصف الفتن بأنها سوء وبأنها شر لا أننا نقول نعوذ بالله من سوء الفتن مع حضورها، لا، وإنما المقصود من ذكر سوء الفتن أو شر الفتن: لأن المقصود الاستعاذة من الفتنة من أصلها، لكن قيل (سوء الفتن وشر الفتن) لأن الفتن بها السوء وبها الشر مثل ما جاء في حديث النبي ﷺ: في دعواته في الصحيحين ماذا كان يقول ﷺ: (أعوذ بالله من شرِّ فتنةِ المسيح الدجال)

عند البخاري: (أعوذ بك من فتنة المسيح الدجال) إذاً: ورد هذا وورد هذا،

فالمقصود الاستعاذة من الفتن لكن وُصفت بهذا الوصف لأن بها الشر وبها السوء لبيان حقيقتها وواقعها) .

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والزنا والزلازل والمحن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة وعن سائر بلاد المسلمين عامةً يا رب العالمين.

ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.