خطبة عشرة أسباب ينشرح بها صدرك ويسعد بها قلبك ويزول بها همك نحتاجها في هذا الزمن

خطبة عشرة أسباب ينشرح بها صدرك ويسعد بها قلبك ويزول بها همك نحتاجها في هذا الزمن

مشاهدات: 544

خطبة عشرة أسباب

ينشرح بها صدرك ويسعد بها قلبك ويزول بها همك نحتاجها في هذا الزمن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أضائق صدرك؟ أتريد أن ينشرح صدرك، وأن يسعد فؤادك؟

استمع معي رعاك الله إلى ما ذكره ابن القيم في زاد المعاد عن أسباب انشراح الصدر، ذكرها رحمه الله باختصار، وأصيغها بأسلوبي مع بعض الإضافات مني، يقول رحمه الله: ” الصدر له أسباب ينشرح بها:

الأمر الأول الذي به تنشرح الصدور: التوحيد  قال رحمه الله: كلما عظم توحيدك، وكمل وزاد انشرح صدرك، واتسع قلبك، فبالتوحيد تنشرح الصدور، وبالشرك وبالبدع تضيق الصدور {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ}

الأمر الثاني الذي به تنشرح الصدور وتسعد القلوب: النور الذي يقذفه الله جل وعلا في قلب العبد، قال رحمه الله: وهو نور الإيمان.

ما علامة هذا النور؟

جاء في حديث، وإن كان هذا الحديث ضعيفا لكن المعنى تدل عليه النصوص الأخرى، علامة هذا النور: الإنابة إلى دار الخلود، يعني إلى الآخرة، والتجافي عن دار الغرور” يعني هذه الدنيا “وتذكر الموت قبل نزوله”

فكلما قوي هذا النور انشرح صدرك، وتلذذت روحك، وكلما ضعف هذا النور كلما أصاب قلبك الهم والغم، قال: وتأمل النور الحسي بمعنى إذا كنت في ظلمة في دار مظلمة انظر كيف يضيق صدرك، بينما إذا كنت في دار مضيئة بها نور ينشرح صدرك، فتأمل رعاك الله إذا كانت الصدور تنشرح بالنور الحسي، فما ظنكم بنور الإيمان؟!

الأمر الثالث الذي به ينشرح صدرك ويسعد فؤادك:

الإقبال على الله، وعلى محبته، ولهذه المحبة كما قال رحمه الله تأثير على انشراح الصدر حتى إن الواحد كما قال رحمه الله إذا أقبل على الله محبة في الله، فإنه يقول في تلك اللحظة إن كنت في الجنة في مثل هذا النعيم إني  لفي عيش طيب.

قال: وأعظم ما تضيق به الصدور أن يعرض العبد عن الله، وأن يتعلق قلبه بغير الله، فمن تعلق قلبه بغير الله، وأحب ما سوى الله فإنه يتعذب،  وينحبس قلبه بذلك المحبوب، فما في الأرض أتعب قلبا منه، ولا أنكد عيشا، ولا أضيق صدرا.

الأمر الرابع الذي به تنشرح الصدور:  ذكر الله {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُذكر الله أي في كل موطن، وفي كل حال، فللذكر تأثير عجيب على قلب العبد حتى ينشرح صدره ويتلذذ فؤاده.

قلت: ومن بين الذكر أن تدعو الله أن يشرح صدرك، وأن يوسع قلبك، ونحن في مثل هذا الزمن أحوج ما نحتاج إليه إلى أن تنشرح صدورنا وأن تسعد قلوبنا.

سبحان الله! مع توفرالأشياء وسعة المدنية إلا أنك لا ترى إلا السمة البارزة من ضيق الصدر، وانقباض القلب مع توفر وسائل الراحة والمعيشة والمدنية، فدل هذا على أن سعادة قلبك لا تكون بأمور الدنيا إنما بالإقبال على الله عز وجل وعلى ذكره. 

الأمر الخامس الذي به تنشرح الصدور وتسعد القلوب به: العلم

قال رحمه الله: فإنه إذا تعلم العلم كان قلبه أوسع من الدنيا انشراحا، قال: وليس هذا لكل علم، إنما هو العلم الموروث عن النبي عليه الصلاة والسلام بين قوسين قال (هو العلم النافع) لأن بعضا من الناس ربما يأخذ من نصوص الكتاب والسنة ما يروق لهواه ولشهوته، أو أن هناك من يأخذ النصوص الشرعية، وإذا به يأخذ منها ما يأخذ منها فقط إلا الشواذ، وقد قال السلف رحمهم الله: ” من حمل شواذ العلم فقد حمل شرا كبيرا”

قال رحمه الله: وليس لكل علم إنما هو للعلم الموروث عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهو العلم النافع، قال: فليس هناك أوسع صدرا، ولا أشرح قلبا من العلماء، لم؟ لأنهم في علمهم، لا قال فلان، ولا قال فلان،  إنما قال الله جل وعلا، وقال رسوله عليه الصلاة والسلام، كما فهم ذلك سلف هذه الأمة.

الأمر السادس الذي به تنشرح الصدور وتسعد القلوب: الإحسان إلى الخلق، بالمال إن استطعت ببدنك كأن تذهب معه لقضاء حاجة يريدها، إحسان العبد للغير أن تنفعهم بالجاه، وبسائر كما قال وبسائر أنواع الإحسان أن تنفعهم بجاهك بشفاعتك بوساطتك دون ن تطلب منهم حظا دنيويا، أو أجرا، إنما تبتغي الأجر من الله؛ لأن بعضا من الناس قد تكون له معارف، وإذا به يأخذ على تلك المعارف من المال، وهذا سحت كما بينا في غيرهذا الموطن، أو أن بعض الناس لديه ما لديه من المعارف، لكنه يقول أدخر هذه المعرفة لحاجتي، أو لحاجة أولادي، أو لقريبي، سبحان الله! قدم هذا الجاه ابتغاء الأجر من الله، وما يدريك أن يغنيك عن هؤلاء البشر، فلا تحتاج إليهم، فإذا به جل وعلا يقضي لك الجاجات دون أن تذهب إلى هؤلاء، فقدم ما استطعت بجاهك بشفاعتك بوساطتك، قدم ما تستطيع لإخوانك المسلمين.

قال رحمه الله: ومن أعظم ما ينشرح به الصدر الإحسان إلى الغير بالمال بالبدن بالجاه، بسائر أنواع الإحسان، قال: فتأمل ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام، والحديث في الصحيحين آتي عليه على عجالة هو ذكره فقط مجرد ذكر، قال: فانظر إلى ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام فقد ضرب مثلا للمتصدق يعني المحسن وللبخيل، البخل يا إخوان ليس  محصورا في المال، بعض الناس قد يكون بخيلا بجاهه، بوساطته، بشفاعته، فيقول: ضرب النبي عليه الصلاة والسلام مثلا للمتصدق ومثلا للبخيل، (عليهما جنتان) وفي رواية (جبتان) (فأما المتصدق كلما تصدق اتسعت عليه حتى تسبغ ثوبه، وتغطي أنامله) يعني أصابعه، وأما البخيل فكلما أراد أن يتصدق ضاقت عليه كل حلقة، فلا يستطيع أن يتصدق، قال لأن معنى هذا الحديث:

أن أول ما يلبس من الدروع، أو ما يلبس يلبسه الرجل فأول ما يقع يقع على ثدييه، يعني الثدي، وعلى صدره فإذا كان الثوب متسعا فإنه يغطي بدنه، لكن إن وهذا مثل المنفق، وأما إن كان ضيقا، فإنه يريد أن يوسعه لكي يغطي بدنه، فإنه لا يستطيع، فكذلك هذا هو شأن البخيل.

قال رحمه الله: ذلكم الضيق الذي وقع على هذا البخيل هو مثل ضيق صدره حينما يبخل، وذلك الاتساع لثوب قال كما في الحديث حتى يجره يعني أنه غطى جميع بدنه، وغطى جميع أنامله يعني أصابعه قال: فهذا الاتساع الذي يغطي البدن والأصابع هو مثل لانشراح صدر المنفق والمحسن والباذل.

الأمر السابع الذي به تنشرح الصدور: الشجاعة

فيقول رحمه الله: فليس هناك من هو أسعد من قلب الشجاع، ليس معناه المتهور، لا، والشجاعة أنواع: الشجاعة أن تكون شجاعا في مفارقة رفقاء السوء، هذه شجاعة يسعد بها قلبك، وينشرح بها صدرك.

الشجاعة إذا رأيت حدود الله تقتحم، ورأيت أعداء الله يأتون، وهم أهل الأهواء والبدع يأتون بالخرافات، ولديك علم شرعي، الشجاعة هنا ألا تنظر إلى أحد, أن تصدع بالحق، شجاعة؛ لأن بعضا من الناس قد يكون لديه علم، لكنه ليس بشجاع في نشره وصدعه للحق، وتلك الشجاعة تكون بالضوابط الشرعية ليس تهورا، وإنما بالضوابط الشرعية، فالشجاعة حينما يحتاج إليها بضوابطها الشرعية سواء فيما يتعلق بمفارقة أصدقاء السوء، أو مدافعة أعداء الدين، أو الصمود بنشر الحق أمام أهل الأهواء  والمبتدعة حتى يسلم دين الله هذه الشجاعة المحمودة إذا كانت بضوابطها الشرعية، وبالتالي فإن هؤلاء من أسعد الناس قلوبا، قال رحمه الله: وأما الجبان فهو من أعظم الناس ضيقا في الصدر.

الأمر الثامن الذي به تنشرح الصدور:

أن تقلل من فضول يعني من زيادات المباحات؛ لأن المحرمات يجب أن تنتهي عنها، الزيادة الإكثار منها، اترك الإكثار من المباحات، قال: ترك فضول الكلام والمعاشرة والمحادثة كالمحادثات التي تكون في وسائل التواصل الإكثار منها إن كانت مباحة، إن كانت محرمة فبالاتفاق المحرم محرم، قال ترك فضول الكلام والمخالطة والاستماع إلى الغير والنوم، ترك كثرة النوم وكثرة الأكل.

قال رحمه الله: فإن هذه إذا كثرت تستحيل يعني تتحول تستحيل هموما وغموما على صدر العبد، قال: وأعظم هموم الدنيا والآخرة من هذه الأمور.

الأمر التاسع الذي به تنشرح الصدور:

أن ينظف الإنسان قلبه من الصفات الذميمة، فقد قال رحمه الله: فإن الإنسان قد يأتي بما يشرح صدره من تلك الأسباب لكنه لا يتنطف قلبه من الصفات الذممية، قال: فإنه لا ينال بحظ وافر من انشراح الصدر، قال وإنما يعتريه أمران تلك الصفات الطيبة وتلك الصفات السيئة، والغلبة إنما تكون لمن غلب منهما.

الأمر العاشر الذي به تنشرح الصدور وتسعد القلوب:

قال رحمه الله: النبي عليه الصلاة والسلام أعظم الخلق انشراحا للصدر

أكملهم في هذا قال مع أن الله شرح صدره شرحا حسيا، قال فهو أعظم الناس انشراحا للصدر قال رحمه الله ولمن تابعه له نصيب من هذا الانشراح، قال وبقدر متابعتك للنبي عليه الصلاة والسلام تنال من انشراح الصدر ما تنال من تلك المتابعة.

قال رحمه الله: كما أن المتابع للنبي عليه الصلاة والسلام ينشرح صدره كذلك يقول: من تابع النبي عليه الصلاة والسلام وحرص على متابعته يقول: فإنه يكون في حفظ الله، وفي صون الله، وفي حماية الله.

قال رحمه الله: ومن يتابع النبي عليه الصلاة والسلام فمستقل ومستكثر، فمن وجد خيرا، فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك، فلا يلومن إلا نفسه، قال رحمه الله: لا إله إلا الله، فما أنكد عيش من ضرب في تلك الآفات بسهم، وما أنغص حياته، وما أسعد قلب من ضرب في تلك الأسباب التي ينشرح بها الصدر، ما أسعد قلب من ضرب في تلك الصفات الطيبة بسهم، قال: ولا عبرة، ولا عبرة بانشراح صدر هذا الشخص لعارض، ولا بضيق صدر هذا الشخص لعارض، فإن العوارض تزول بأسبابها، نعم، بعض الناس قد لا يأتي بتلك الأشياء، لكن ينشرح صدره لعارض ما لكن هذا الانشراح لا يبقى.

بعض الناس قد يأتي بتلك الصفات الطيبة، ويأتي بها، ولكنه قد يأتيه عارض من فقدان حبيب، أو فقدان شيء من أمور الدنيا، أو ما شابه ذلك من هم وكذا، فإنه لا يدل على عدم انشراح صدره، قال: ولا عبرة بانشراح صدر هذا لعارض، ولا بضيق صدر هذا لعارض؛ لأن العوارض تزول بزوال أسبابها، وإنما بتلك الصفة التي بها ينشرح الصدر،  أو بتلك الصفة التي بها يضيق الصدر، قال: وهذا هو الميزان الميزان في تلك الصفات التي تكون في القلب، لا بتلك العوارض التي تزول بزوال أسبابها.

قال رحمه الله: والله المستعان.

نسأل الله أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.

ترد أن ينشرح صدرك، ونحن كما أسلفت بحاجة في هذا الزمن إلى أن يشرح الله صدورنا، وأن يسعد قلوبنا، والموفق من وفقه الله.

تلك الخطبة التي ذكرتها، وهي الخطبة الأولى تعطينا دلالة على أن في كتب السلف فيها الغنية، لم آتي بمزيد كلام على كلام ابن القيم إلا من باب التوضيح أو بعض الإضافات، فسبحان الله! كيف يغفل كثير من الناس عن هذا العلم الذي يغذي القلب، ويسعده ويذهب يمنة ويسرة إلى ما قاله فلان وما قاله فلان.

السعادة فيما قاله الله عز وجل، وانشراح الصدر فيما قاله الله عز وجل، وقاله رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكيف نفهم ذلك حتى تسعد قلوبنا، وحتى يسلم لنا ديننا من الأفكار المنحرفة، والآراء الباطلة، كيف يسلم؟

بالدين.

كيف نفهم الدين؟

نفهم الدين على ما فهمه هؤلاء السلف رحمة الله عليهم، رحمة الله عليهم رحمة الله عليهم.