بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة (عشرون حديثا برواياتها مع بعض الآثار
عن خطورة ترك الصلاة أو التهاون فيها)
للشيخ زيد البحري حفظه الله
26/10/1443 هـ
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين
أما بعد:
فيا عباد الله تحدثنا مرارًا عن خطورة ترك الصلاة، وسأذكر في هذا اليوم بعض الأحاديث، ومن ضمنها بعض الآثار لعل حديثًا يوقظ قلبًا غافلًا، فيتنبه لخطورة ترك الصلاة.
في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه أنه رسول الله ﷺ قال: « بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ»، وجاء التأكيد في رواية لمسلم « إنَّ بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ والْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ »، وجاء في المسند وسنن الترمذي « بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْكُفْرِ – أَوِ الشِّرْكِ – تَرْكُ الصَّلَاةِ » قال: « أَوِ » لأن من وقع في شرك أو كفر، فهو الهلاك المبين.
وجاء عند النسائي: « ليس بيْنَ العبدِ وبيْنَ الكفرِ إلَّا تركُ الصَّلاةِ » وجاء عند الترمذي: «بين الكفرِ والإيمانِ تركُ الصَّلاةِ »، جاء عند الترمذي قوله عليه الصلاة والسلام:
« العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاةُ فمن تركها فقد كفرَ »، وجاء التأكيد في رواية النسائي « إنَّ العهدَ الذي بيننا وبينهم الصلاةُ. فمن تركها فقد كفر ».
يقول عبد الله بن شقيق التابعي كما عند الترمذي: ” كَانَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ “.
وهذا أثر ثابت، ثبت في الموطأ أن المسور بن مخرمة أتى لعمر في اللَّيْلَةِ الَّتِي طُعِنَ فِيهَا ” فَأَيْقَظَ عُمَرَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَالَ عُمَرُ : نَعَمْ، وَلَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ. فَصَلَّى عُمَرُ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ دَمًا.” يثعب: يعني يسيل.
___________________
جاء عند ابن ماجه بإسناد لا بأس به من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: « وَلَا تَتْرُكْ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا، فَمَنْ تَرَكَهَا مُتَعَمِّدًا فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ » لعل ما جاء في حديث أم أيمن عند أحمد، وإن كان منقطعًا لكن يعضده: «فقد بَرِئَت منه ذمةُ اللهِ ورسولِه».
___________________
عند أحمد أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ذكر النبي ﷺ يومًا الصلاة فقال وهذا الحديث يحسنه بعض العلماء، ويضعفه آخرون، ومدار التحسين والتضعيف على عيسى بن هلال الصدفي، وثَّقَهُ بعض العلماء هو من ثقات أهل مصر من التابعين.
ولذلك قال الذهبي: وُثِّق، وقال ابن حجر: صدوق، فمن جعله موثَّقًا قال: الحديث حسن، حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله ﷺ «ذكر الصلاةَ يومًا فقال: من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يومَ القيامةِ» وفي رواية الدارمي: «نجاةً من النَّارِ»،
«ومن لم يحافظْ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهانٌ ولا نجاةٌ، وكان يومَ القيامةِ مع قارونَ وفرعونَ وهامانَ وأُبيِّ بنِ خلفٍ» فإن ثبت هذا الحديث، فالحديث خطير.
___________________
النبي ﷺ قال كما ثبت عند أبي داود: « ما مِن ثلاثةٍ في قريةٍ ولا بدوٍ لا تُقامُ فيهِمُ الصلاةُ» ما النتيجة؟! « إلا قدِ استَحوَذَ عليهمُ الشيطانُ»
ومن استحوذ عليه الشيطان، فقد خاب وخسر.
___________________
النبي ﷺ الصلاة هي محبوبته عند النسائي:
« وجُعِلَت قُرَّةُ عَيني في الصَّلاةِ »
___________________
ولذا عند أبي داود بإسناد لا بأس به:
« يَا بِلَالُ، أَقِمِ الصَّلَاةَ أَرِحْنَا بِهَا » راحة، طمأنينة.
___________________
الصلاة كما جاء في صحيح مسلم «الصَّلاةُ نُورٌ» نور في الحياة، نور في القبر، نور في يوم القيامة.
___________________
الصلاة هي تجمع لك خصال الخير، عند ابن ماجه: « استَقيموا ولَن تُحصوا» العبادات كثيرة
« استَقيموا ولَن تُحصوا، واعلَموا أنَّ خيرَ أعمالِكُمُ الصَّلاةَ».
___________________
الصلاة في آخر أنفاسه عليه الصلاة والسلام كما في حديث علي في الأدب المفرد، وأصله عند الإمام أحمد قال علي رضي الله عنه: ” كان آخر كلام النبى ﷺ الصلاة الصلاة “
___________________
الصلاة من مات وهو تارك لها، نائم عنها عذاب في القبر، في الحديث الطويل في الصحيحين لما رأى النبي عليه الصلاة والسلام رؤيا قال: « أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ عَلَى قَفَاهُ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِهِ بِفِهْرٍ أَوْ صَخْرَةٍ فَيَشْدَخُ بِهِ رَأْسَهُ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الْحَجَرُ فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ، فَلَا يَرْجِعُ إِلَى هَذَا حَتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ وَعَادَ رَأْسُهُ كَمَا هُوَ، فَعَادَ إِلَيْهِ فَضَرَبَهُ» إلى أن قال: «وَالَّذِي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَنَامَ عَنْهُ بِاللَّيْلِ، وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ، يُفْعَلُ بِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».
___________________
السرور في يوم القيامة، ابن مسعود رضي الله عنه كما جاء في صحيح مسلم قال: «مَن سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا»
ماذا أصنع حتى أكون مسرورا عند لقيا الله؟
«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ؛ فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى» كيف يُهدى الإنسان في حياته؟ كيف يُهدى الإنسان في شئونه كلها الدينية والدنيوية وهو لا يصلي؟ «إنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ سُنَنَ الهُدَى، وإنَّهُنَّ مَن سُنَنَ الهُدَى»
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
___________________
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ﷺ وآله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
الأحاديث كثيرة، لكن سأكتفي بما جاء عند حبان، إذا أُتي الملكان إلى الإنسان في قبره « فتَقولُ الصَّلاةُ: ما قِبَلي مَدخَلٌ» والحديث عن الصلاة تحدثت كثيرًا عنه، وذكرت الآيات والأحاديث والآثار، لكن لما رأيت أن الأمر قد تفشى حتى بعد رمضان للأسف الشديد، قلت أذكر بعض الأحاديث وبعض الآثار، لعلها تفيد في هذا المقام، ولعل الله ينفع حتى ولو بحديث واحد، فالأمر جد خطير، البيوت ملأى ولا نغالط أنفسنا، البيوت ملأى وللأسف ممن لا يصلي.
أسأل الله –عز وجل-أن يحبب إلينا وإليهم الإيمان، وأن يزينه في قلوبنا، وأن يكره إلينا وإليهم الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلنا من الراشدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود، اللهم كن لهم ناصرا ومعينًا، اللهم ثبت أقدامهم وسدد رميهم، وانصرهم على الرافضة الحاقدين، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا رخاء سخاء، وسائر بلاد المسلمين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفقهم بتوفيقك وأيدهم بتأييدك، اللهم من أراد بهذه البلاد شرا، فاشغله في نفسه، ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرا عليه يا قوي يا عزيز، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وصلي اللهم وسلم وبارك على نبينا محمد.