بسم الله الرحمن الرحيم
[فضل صيام شهر الله المحرم وصوم يوم عاشوراء]
لفضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
الشهر المحرم هو أحد الشهور الأربعة التي حرمها الله عز وجل- وعظمها { إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ …} [ التوبة : 36 ] .
تلك الأربعة : ثلاثةٌ سرد، وواحدٌ فرد
الثلاثة:- ذو القَعدة، وذو الحِجة، ومحرم هذه سرد.
وأما الوحيد وهو الفرد:- شهر رجب.
وهذا الشهر الذي نحن فيه بيّن النبي ﷺ فضيلة الصيام فيه فَقالَ ﷺ : ” أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ “
أخرجهُ مسلمٌ (1163) .
فيُستحب للمسلم أن يصوم في هذا الشهر، فإن عجَزَ عن ذلك فليصُم اليوم العاشر والتاسع فقد قال النبي ﷺ عن يوم عاشوراء : “وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ” رواه مسلم 1162.
وليُضِف من باب الاستحباب صيام يوم التاسع؛ لأن النبي ﷺ كان يصومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فقيلَ لهُ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ ﷺ : ” لئن بقيتُ إلى قابل لأصومنَّ التاسِع” . رواه مسلم 1916
جاء في الصحيحين قولُ ابن عباس رضي الله عنهما َما رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى سائر الأيام من يومِ عاشوراء.
(مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ إِلَّا هَذَا اليَوْمَ ، يَوْمَ عَاشُورَاءَ)
وقال ابنُ حجر رحمه الله : وهذا حسْبَ علمِ ابنَ عباس رضي الله عنهما وإلا فصيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء، معَ بقاء الفضل لصيام يوم عاشوراء، لأن صيام يوم عرفة يُكَفرُ سنتين ، أما صيام يوم عاشوراء فإنه يُكَفِّرُ سنةً واحدة.
ولكن لو قيل: لماذا صيام يوم عرفة يُكَفرُ سنتين ، و صيام يوم عاشوراء يُكَفِّرُ سنةً واحدة؟ فالجوابُ عن ذلك: كما ذكر ابنُ حجر رحمه الله في الفتح قال:
لأن صيامَ يومِ عرفة منسوبٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأما صيام يومِ عاشوراء فمنسوبٌ إلى موسى صلى الله عليه وسلم، فكان اليهودُ يصومونه، ولذلك فُضِّلَ صيامُ يومِ عرفة على يومِ عاشوراء، وذلك لِعِظَمِ فضيلةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.