بسم الله الرحمن الرحيم
خُطبة [ فوائد وأحكام متنوعة عن بعض خصال الفطرة ]
لفضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حديثنا في هذا اليوم عن بعض خِصال الفطرة،
وسُميت بهذا الاسم: لأن مقتضى فطرة الإنسان لو لم تأتِ الأدلة الشرعية على الحث على فعلها لكان مُقتضى فطرة الإنسان أن يفعلَ هذه الخصال.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه الخصال نتحدثُ عن بعضٍ منها وما يتعلق بأجزاء هذا البعض على وجه الاختصار.
وقد أوصلها بعضُ العلماء إلى ثلاثين خَصلة،
قال ابن حجر رحمه الله: يمكن عند التتبع أن تكون أكثر من ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
من خصال الفطرة: السواك
والسواكُ مسنون في كل وقت، سواء كان الإنسان صائمًا أم كان مفطرًا،
أما ما جاء من حديث عند الدار قطني فيما يتعلق بالصائم من أنه لا يستاك بعد الزوال يعني بعد الظهر، فإنه حديثٌ ضعيف وهو قوله: ” إِذَا صُمْتُمْ فَاسْتَاكُوا بِالْغَدَاةِ وَلاَ تَسْتَاكُوا بِالْعَشِىِّ “
إذًا السواك مسنونٌ في كل وقت، ولكن يُتأكد في مواطن:
تلك المواطن أذكُرُ بعضًا منها، يتأكد السواك عند الصلاة:
لقوله ﷺ كما في الصحيحين:
” لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلاَةٍ “
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ويُتأكد السواك عند القيام من النوم
لما في الصحيحين من حديث حذيفةَ -رضي الله عنه-
” كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَشُوصُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ “
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يُتأكد السواك عند دخولك للمنزل
لما في صحيح مسلم من فعله ﷺ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويتأكد السواك عندما تخرج من بيتك إلى المسجد للصلاة
لما جاء عند الطبراني: ” مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يَخْرُجُ مِنْ شَيْءٍ لِشَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ حَتَّى يَسْتَاكَ “
وهناك مواطن أخرى للسواك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومِن ثَم/ فإن أفضل السواك أن يكون مِن عود الأراك
لما ثبت في المسند من أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يجتنيه لرسول الله ﷺ،
فإن لم يتيسر: فبأي عودٍ ينظف الأسنان،
وإذا لم يوجد لدى الإنسان عود: فإنه يستاكُ بما يسمى بمعجون الأسنان وبفرشاة الأسنان، لكن لِيُعلَم مِن أن هذا المعجون وهذه الفرشاة لا يُستغنى بها عن السواك،
فالسواكُ وردت به السنة عنه صلى الله عليه وآله وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولا أعلمُ دليلًا على أن الإنسان إذا استاك أن يقول شيئًا:
لا أعلم دليل في ذلك، وما ذكره بعض الفقهاء من أنه يقول: ” اللهم طهِّر قلبي ومَحِّص ذنوبي ” فإنه لا دليلَ على ما ذكروه رحمهم الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن خصال الفطرة: قص الشارب
والأفضل إحفاؤه، وذلك بالمبالغة في قَصِّه، قص الشارب.
ونتفُ الإبط، وقص الأظافر،
وحَلْقُ العانة وهو: الشعر الخشن الذي ينبُتُ عند قُبُل المرأة أو عند ذَكَر الرجل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وهذه الخصال المذكورة هنا: قص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر وحَلْق العانة لا يجوز أن ُتترك أكثر من أربعين يومًا:
لما في صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه قال:
” وُقِّتَ لَنَا فِى قَصِّ الشَّارِبِ وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ وَنَتْفِ الإِبْطِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ أَنْ لاَ نَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً “
وجاء بيان المؤقِّت في السنن بلفظ: ” وَقَّتَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ “
وإن طالت قبل الأربعين: فالأفضل أن يزيلَها الإنسان فهذا أفضلُ له، لكن لا يجوز له على الصحيح أنه يتجاوز هذه المدة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تنبيه للشباب
ومِن ثَم فإنه مِن خلال ما ذُكِر مِن هذه الشعور أدخُلُ إلى أمْرٍ ينبغي بل يجب على بعض الشباب أن يتنبه له، فالنبي ﷺ كما ثبت عن أبي داود قال:
” مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ “
بالإكرام الشرعي وبالإكرام المباح وذلك من تنظيفه والاعتناء به، فقال ﷺ
” مَنْ كَانَ لَهُ شَعْرٌ فَلْيُكْرِمْهُ ” لكن دون المبالغة.
ولذلك ثبت عند أبي داود ” نهى النبي ﷺ عن كثير الإرفاه ” يعني: عن كثير الترفه، ما هو أن يكون شغل الإنسان في شعره أو في هندامه يعني: في ملابسه! لا، فأنت لم تُخلَق لهذا،
لكن الأعظم والأطم في مثل هذا الأمر أن بعضَ الشباب يتجاوز إلى أمْر وهو ما يسمى بـ (القزع)
النبي ﷺ كما في الصحيحين: ” نهى عن القزع “
وهو أن يُحلَقَ بعضُ الشعر وأن يُترَك بعضُه، وهذا شامل للكبار وللصغار حتى للأطفال، لا تُمَكِّن أطفالَك في فِعل هذا القزع، بدليل ماذا؟
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ شَعْرِهِ وَتُرِكَ بَعْضُهُ، فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ:
” احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ “
لكن لا يُمَكَّن هؤلاء.
النهي عن التشبه بالكفار:
وأعظم من ذلك في هذه المسماة بالقصّات أن تُفعَل بِحَلْقِ بعضِ الشعر أو يتَرْكِ بعضِه أعظم وأطم،
ما سَبق محرم، أشدُّ تحريمًا أن يتشبه بالكفار من لاعبين أو من غير هؤلاء،
وذلك لو قَصَد حُبَّ ذلك كان التحريم أشد وأشد، وذلك بأن يَفعل ما يُسمّى بِقَصّة في شَعرِه تُشبه ذلك اللاعب أو ذلك الممثل، وإذا بهؤلاء الشباب -البعض منهم هداهم الله- وإن كان هذا الموضوع قد استفحل وازداد أكثر وأكثر للأسف في هذه الأزمان بسبب الانفتاح، فإن مثل هذا الأمر يكونُ خطيرًا، لمَ؟
لأن النبي ﷺ كما ثبت في المسند وسنن أبي داود قال: ” مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ” فالحذر الحذر.
فنسأل الله عز وجل أن يصلح أحوال شبابنا وبناتنا.