خطبة فوائد ومواعظ ونصائح
من وصية النبي صلى الله عليه وسلم
( تعرف إلى الله- اسأل الله – استعن بالله)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة)
هذه من ضمن وصايا النبي عليه الصلاة والسلام لابن عباس رضي الله عنهما كما ثبت في المسند، وجاء مصرحا عند أبي القاسمي في أماليه (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)
من عرف الله في حال رخائه، في حال غناه، في حال يسره، في حال صحته، في كل حال من أحوال رخائه، عرفه الله عز وجل حال عسره، وحال شدته، وحل مرضه، وحال فقره، والجزاء من جنس العمل
{هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ}
لكن هنا معرفة خاصة تقتضي التأييد من الله عز وجل لهذا العبد في حال شدته، وفي حال بلائه، تقتضي التوفيق، تقتضي التسديد، الغنى، الإعانة، ولذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام قوله كما عند الترمذي: (من سره أن يستجيب الله دعوته عند الشدائد والكرب) ماذا يصنع؟ (فليكثر الدعاء في الرخاء)
الحجاج بن يوسف طلب الحسن البصري؛ ليقتله، فأوى الحسن إلى بيت حبيب أبي محمد، فلما وصل إلى بيته قال: يا أبا سعيد أليس لك دعوة عند الله حتى تتستر وتختفي عن هؤلاء؟! ادخل، فدخل الحسن، فدخلت الشرطة، فخرجوا، ولم يروه، فقيل للحجاج ذلك، فقال: ألا وإنه في البيت، لكن الله عز وجل أعمى بصائرهم.
(تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)
قال الضحاك بن قيس: أكثر من ذكر الله في الرخاء يذكرك الله عند البلاء، قال: وتأمل حال يونس {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ} لكن لما أتى البلاء {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}، بل جاء عن أنس رضي الله عنه، وقال ابن كثير يتقوى حديث أنس بحديث أبي هريرة بالطريق الثالثة، فيتقوى، ولما ذكر ابن حجر ما جرى ليونس قال: وروى ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران عن ابن مسعود رضي الله عنه بإسناد صحيح إليه يعني يرى هذان الحافظان أن هذا الأثر، وأن هذا الحديث ثابت باعتبار طرقه، وهو أن يونس لما أمر قومه بالإيمان، فلم يستجيبوا، ذكر لهم أن الله سينزل بهم العذاب، فخرج، فلما خرج خافوا وعادوا إلى الله، فرحمهم الله، فلما رأى يونس أن العذاب لم ينزل بهم ذهب مع أهل السفينة، فأدركهم الغرق فقال يونس: إن هناك عبدا قد أبق من ربه، قالوا لن نلقيك في الماء، فاقترعوا ثلاثا، فكانت القرعة عليه، فألقي في البحر، فأمر الله عز وجل الحوت ألا يخدش منه لحما، وألا يكسر منه عظما، فلما بلغ أعماق البحر سمع يونس صوتا، قال يونس: يارب ما هذا الصوت؟ قال: هذا تسبيح الدواب، فسبح يونس ربه، فهذا الصوت وهذا الدعاء لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، سمعت الملائكة، فقالت يارب صوت معروف ضعيف بأرض غريبة، فقال الله عز وجل: ألا تعرفون من هذا؟ قالوا: لا، فقال: هذا عبدي يونس عصاني، فأمرت الحوت أن يلتقمه، فقالوا يارب نشفع له، قالوا يارب أليس هذا هو يونس الذي يرفع له عمل ودعوة كل يوم وليلة؟ فقال الله عز وجل: هو، فقالوا يا ربنا ألا ترحمه بما كان يصنع في الرخاء، فنجاه الله عز وجل، فأمر الحوت أن يقذفه بالساحل.
(تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)
{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)}
ثم تتمة كلام الضحاك بن قيس لما قال: اذكر الله في الرخاء يذكرك في الشدة، قال وتأمل حال يونس {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144)}، وتأمل حال فرعون: لما أعرض عن الله، ونسي الله، وأدركه الغرق، فقال {قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ} فماذا قال الله له {آَلْآَنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91)}
(تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة)
وأعظم هذه الشدائد ما يكون للعبد عند موته، فإن من اشتغل بطاعة الله في سائر حياته، وأقبل على الله، فإن الله يكون معه، وينجيه من كرب الموت، قال قتادة في تفسير قوله تعالى {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} قال: من كرب الموت، ولاشك أن الآية عامة كما قال ابن عباس رضي الله عنهما {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} من كرب الدنيا ومن كرب الآخرة.
إذاً من اتقى الله من حافظ على حدود الله، من أقبل على الله فييسره في غناه، في صحته، فإن الله عز وجل يعرفه حال البلاء فيوفقه ويعينه ويسدده ويغنيه.
(وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)
هاتان وصيتان منه عليه الصلاة والسلام لابن عباس رضي الله عنهما كما ثبت في المسند، وعند الترمذي، قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم: هتان الجملتان منتزعة من قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}؛ لأن من سأل الله ودعا الله فقد عبد الله، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (الدعاء هو العبادة) كما ثبت في السنن، والاستعانة أن يعينه الله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)}.
(إذا سألت فاسأل الله) هذه عند أحمد والترمذي بإسناد صحيح لما أوصى ابن عباس
لم لا تسأل إلا الله ؟ لكمال غناه، واسع الفضل واسع العطاء، بل يحب من عباده أن يسألوه، بل يحب من العبد أن يلح عليه في السؤال وفي الدعاء {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} بل إن الله يغضب على العبد إذا لم يسأله، ثبت عند الترمذي قوله عليه الصلاة والسلام: (من لم يسأل الله يغضب عليه) لسعة فضله وغناه وكرمه وعظيم جوده جل وعلا، أما المخلوق فلفقره ولعجزه ولبخله لا يحب أن يسأل، وإذا أكثر عليه من السؤال ضجر وغضب، ولذك يقول الإمام أحمد: “اللهم كما صنت وجهي عن السجود لغيرك فصنه عن السؤال لغيرك”، بل بايع النبي عليه الصلاة والسلام بعض الصحابة ألا يسألوا الناس شيئا، حتى إن بعضهم ليسقط خطام ناقته، فلا يأمر أحدا أن يناوله إياه.
(وإذا سألت فاسأل الله)
يقول وهب بن منبه لما رأى رجلا يرتاد أبواب الأثرياء و الأغنياء وأهل السلطة، قال: سبحان الله يا هذا أتأتي إلى باب من يغلق عنك بابه، ويخفي عنك غناه، ويظهر لك فقره، وتدع باب من هو بابه مفتوح بالليل وبالنهار وقال لك {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}
وطاوس قال لعطاء: “إياك أن تأتي أبواب المخلوقين، فإنهم وضعوا عليها الحجاب، وأغلقوها، ولكن سل من بابه مفتوح إلى يوم القيامة، والذي أمرك أن تسأله، ووعدك أن يجيبك {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، فهذا إن دل يدل على كمال غنى الله عز وجل، بل لو أن العباد سألوا الله ما يريدون ما نقص ذلك من ملكه أي شيء، ولذلك في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام: (يد الله ملأى) وفي رواية: (يمين الله ملأى لا تغيضها نفقة) لا تنقصها نفقة (سحاء الليل والنهار) يعني عطاؤه متدفق متصبب بالليل وبالنهار، (الليل والنهار) منصوبة على الظرفية، (سحاء الليل والنهار) عطاؤه متدفق مدرارا بالليل وبالنهار (ألم تروا ماذا أنفق منذ أن خلق السموات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه)، لم ينقص شيء من ملكه عز وجل، فاسأل الله.
ولذلك ماذا قال عز وجل؟ {قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا (100)}
يقول ابن كثير في التفسير: يا محمد قل لهؤلاء لو أنكم تملكون التصرف في خزائن الله مع أن خزائن الله لا تفنى ولا تنقص أبدا، ومع ذلك { لَأَمْسَكْتُمْ } لمنعتم هذه الخزائن {خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ}، {رَبِّي إِذًا لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ} خيفة من الفقر {وَكَانَ الْإِنْسَانُ قَتُورًا} يعني بخيلا منوعا، وكما قال عز وجل {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53)}
يقول ابن كثير: لو أنهم أي المخلوقين كانوا يملكون ملك الله ما أعطوا من هذا الملك الواسع ما أعطوا ولو نقيرا {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53)} لا يعطونهم من هذا المال، ولو نقيرا، ما هو النقير؟ النقرة التي تكون في ظهر نواة التمر، وهذا إن دل يدل على عجز المخلوق وعلى بخله وعلى ضعفه.
قال ابن كثير: وهذا من حيث أصل بني آدم لكن إلا من أعانه الله.
إن أعطاك المخلوق شيئا، فالله هو الذي أعانه، ووفقه فأعطاك المعطي حقيقة هو الله، وإن منع المخلوق عنك شيئا، فالله لم يعنه على أن يعطيك، ولذلك ماذا قال عز وجل {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ} النفع جلب النفع من الله، دفع الضر من الله، الله هو النافع الضار{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} والله ما أحد يستطيع أن يرد فضل الله وغنى الله، قال عز وجل {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} يعني ما يفتح الله للناس من رحمة من رزق من غنى، فلا أحد يستطيع أن يمنع، وما يمسك من رحمة لا يمكن لأحد أن يخرج هذه الرحمة، أو أن يأمر الله أن يخرج هذه الرحمة وهذا الخير {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)}
وهذا مثل الدعاء الذي نقوله بعد الصلوات: (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت) كما جاء في الصحيحين (اللهم لا مانع لما أعطيت) يعني ما أعطيت والله لا أحد يستطيع أن يمنعه (ولا معطي لما منعت) يعني ما منعت من شي ء من عطاء والله لن يستطيع أحد من المخلوقين أن يعطيك إياه، فالذي يعطي هو الله (اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)
صاحب الجد فتح الجيم، الأولون والمتقدمون والمتأخرون على فتح الجيم من العلماء يعني لا ينفع صاحب الغنى والسلطان والجاه ولا ينفعه جاهه عند الله عز وجل، إنما ينفعه العمل الصالح مع رحمة الله عز وجل.
وضبطت (ولا نيفع ذا الجِد منك الجِد) بالكسر ولكنها ضعيفة كما قال ابن عبد البر، ونقل بكسر الجيم لكن الفتح هو الصحيح، وتفسيرها على كسر الجيم أي لا ينفع صاحب الاجتهاد اجتهاده إلا برحمة من الله، أو لا ينفع من اجتهد وسعى في هذه الدنيا لا ينفعه اجتهاده في هذه الدنيا عند الله، أو لا ينفع ذا الجد منك الجد، أي من سارع وهرب لا يستطيع هربه أن يخرجه من سلطان الله، ومن ملك الله عز وجل.
ولذلك قال ابن كثير: ابن آدم من حيث أصله منوع بخيل إلا من وفقه الله، إن أعطاك المخلوق فالمعطي هو الذي أعانه، إن منع عنك المخلوق فالله الذي منع لحكمة منه؛ لأنه لم يرد بهذا المخلوق أن يعطيك شيئا، قال إلا إن أعانه الله {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19)} هذا من حيث أصله {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22)} إلا من وفقه الله، فتعلق بالله، علق قلبك بالله، ابن كثير في البداية قال: أتى رجل إلى إبراهيم بن أدهم فقال وهو يشكو الفقر ويشكو كثرة عياله، فقال إبراهيم بن أدهم ابعث إلي من أولادك من ليس رزقه من الله، من ليس رزقه على الله، فسكت الرجل؛ لأنه يعرف، كلنا نعرف كلنا نؤمن {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ}، لكن مثل هذا أمر قد يغيبب عن بعض من الناس، فعلق قلبك بالله.
(إذا سألت فاسأل الله)
ولذلك لما قال إبراهيم بن أدهم ابعث إلي من أولادك من ليس رزقه على الله، وإذا بالرجل يسكت، لم؟ لأن رزقك مكتوب، واعلم كما قال عليه الصلاة والسلام: (لن تموت نفس) كما ثبت عنه (لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها) والله لو لقمة ستـأكلها، ماذا قال بعدها؟ (اتقوا الله وأجملوا في الطلب) خففوا من طلب الدنيا، وما يدريك، لا تحسد أحدا، ولا تغرنك مظاهر أحد، قد يكون عند ثراء، أو عنده غنى، ربما أخذ الله منه شيئا أنت لا تعلم به، إما لسوء حاله في أهله، أو مع أولاده، أو الأموال عنده، لكن ليست هناك راحة نفسية، ليس هناك استقرار نفسي.
واعلم بأن الله إذا ضيق عليك، فإن مع العسر يسرا، وبعد هذا العسر يأتي الفرج من الله؛ لأن الخير من صفاته عز وجل، والشر والبلاء ليس إلى الله ليس إلى الله، وإنما يأتي الله بالبلاء وبالألم من أجل أن يمتحن العبد.
(وإذا سألت فاسأل الله) الذي يدبر الأمر يدبر أمرك يدبر الأم، اسأل ربك أن يدبر أمورك فيما يتعلق بدينك، وفيما يتعلق بدنياك، والله ستسعد بعدها سعادة عظيمة، وهذا من ماذا؟ الإيمان بالقضاء والقدر.
أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد.
(وإذا استعنت فاستعن بالله)
هذه هي الوصية الأخيرة منه عليه الصلاة والسلام لابن عباس رضي الله عنهما كما ثبت عند أحمد والترمذي، لم؟ لأن العبد لا يعرف كيف يجلب النفع لنفسه، ولا يعرف كيف يدفع الضر عن نفسه، فتحقيق مصالحه الدينية والدنيوية لا يستطيعها
إذًا يستعين بالله، ومن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله الله فهو المخذول، ولهذا كما قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم هنا يتحقق معنى “لا حول ولا قوة إلا بالله” التي هي كنز من كنوز الجنة، يعني لا تحول لي يارب من شيء إلى شيء آخر إلا بك، فيما يتعلق بطاعتك، لا حول ولا قوة أن أعمل الطاعة إلا بك يا الله بقوة منك، فيما يتعلق بمعصية الله لا حول لي ولا قوة يارب فيما أقع فيه من ذنوب وأعتصم بك يا الله مما يعرض لي من فتن “لا حول ولا قوة إلا بالله” ولا حول ولا قوة إلا بالله فيما يعرض علي، وفيما يأتينا من شدائد وكرب، إما في هذه الدنيا، أو عند الموت، أو بعد الموت “لا حول ولا قوة إلا بالله” قال: فمن استعان بالله فهو المعان، والموفق، ومن استعان بغير الله فهو المخذول.
أسأل الله أن يوفقني وإياكم لكل خير وأن يجنبنا كل شر.