خطبة ( 1 ) فوائد ( إيمانية وعقدية وتربوية ) من آية ( إياك نعبد وإياك نستعين )

خطبة ( 1 ) فوائد ( إيمانية وعقدية وتربوية ) من آية ( إياك نعبد وإياك نستعين )

مشاهدات: 518

خطبة ( 1 )

فوائد (  إيمانية وعقدية وتربوية ) من آية ( إياك نعبد وإياك نستعين )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال بعض السلف: علوم الكتب التي أنزلها الله عز وجل على الأنبياء جميع ما فيها من علوم موجودة في القرآن والتوراة والإنجيل والزبور، وما في هذه الكتب الأربعة موجودة في المفصل في القرآن والمفصل من سورة ق إلى الناس، ومعاني المفصل موجود ذلك في سورة الفاتحة، ومعاني سورة الفاتحة موجود كله في قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، ذكر هذا الأثر شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى لما ذكر شيئا من العلم حول قوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، سبحان الله! لم؟ لأنك أنت عبد الله ما خلقت إلا لعبادة الله، والله أنزل الكتب على الأنبياء لعبادة الله، فأنت مأمور بعبادة الله، ولا قدرة لك، ولا حول لك، ولا قوة لك على القيام بهذه العبادة إلا أن تستعين بالله، ولذلك قال {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} ما الذي بعدها؟ {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، لا أحد يغتر بزيادة عبادة، أو بزيادة علم، أو ما شابه ذلك مما فضله الله على غيره في أمور الدين، لا يغتر أحد، هذا بعون من الله، لو وكل الإنسان إلى نفسه وكل إلى هلاك وهلكة، ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله كما في مدارج الساكين يقول شيخنا يعني شيخ الإسلام ابن تييمة يقول: تأملت أنفع الدعاء،  فوجدت أنفع الدعاء أن يسأل العبد ربه أن يعينه على مرضاته وعبادته، قال: وتأملت هذا فوجدت ذلك في قوله {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

ولذلك تأمل معي مع أن الاستعانة من العبادة من جملة العبادة، الاستعانة بالله، لكنه أفرد الاسعانة لأنها وسيلة وسبب إلى أن تقوم بهذه العبادة، ولذا تأمل معي إذا قرأت القرآن ذكر الله عز وجل في عدة مواضع أنه يجمع بين العبادة وبين الاستعانة والتي هي التوكل، تأمل ماذا قال شعيب {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ} ماذا؟ {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} الاستعانة {وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} العبادة، {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} الاستعانة {وَإِلَيْهِ مَتَابِ} مرجعي في عبادتي وفي أحوالي، {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ}، لم؟ وتأمل هذه قاعدة ذكرتها لك لتتأمل  القرآن إذا مررت بذلك فتأمل سبحان الله، لم؟ لأنك عبد الله ضعيف، ولاسيما ونحن في مثل هذا الزمن، زمن الفتن اسأل ربك الإعانة على طاعته عز وجل، واسأله ألا يزيغ قلبك.

ولذلك ماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ رضي الله عنه؟ قال: (أوصيك) كما عند أحمد والنسائي وأبي داود قال: (أوصيك أن تقول في دبر كل صلاة) ماذا؟ (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) سبحان الله! لم؟ يقول ابن القيم كما في مدارج السالكين: ليتأمل العبد هذا في نفسه وفي غيره، تأمل في الواقع، وتأمل في نفسك، إذا سألت الله شيئا فأعطاك هذا الشيء، ولم يكن هذا الشيء معينا لك على طاعته، أو معينا لغيرك ممن حصل على هذا الشيء لم يكن معينا له على طاعته ما حاله؟ ينقطع عن الله، تضعف عبادته.

تأمل من نال منصبا، من نال مالا، سبحان الله! كان على حسن ما يكون، لكن لما لم يكن هذا الشيء الذي حصل له معينا له على طاعة الله كان قاطعا له عن الله، ولذلك يقول احذر أن تسأل الله شيئا معينا ما تعرف ما فيه من مصلحة أو مفسدة، ما تدري، قال: وإن كان ولابد وإن كان ولابد أن تسأل فعلق ذلك على علمه عز وجل بالخيرة، مقدما للاستخارة، ليس باللسان، لا، قال بل بالقلب بالمعرفة، تقدم الاستخارة؛ لأنك تعرف ضعفك، وتعرف أنك لا تعرف مصالحك، ولذلك، سبحان الله! كما قال رحمه الله: علق الأمر بعلمه تعالى على الخيرة، أو قل يارب أسألك هذا الشيء، وأن تجعله معينا لي على طاعتك، وليس قاطعا لي عنك وعن عبادتك.

ولذلك سبحان الله! تذكرت، بعض العجائز عندنا إذا رأوا أحد الأبناء، أو إحدى البنات، وهم يريدون أمرا لم يحصل، وإذا بهم هلع، بعض العجائز عندنا، ولا أدري عن غيرنا، لكن إذا رأوا، انظروا إلى الفطرة، يقول إن كان فيه خير، فالله يكتبه، وإن كان فيه شر فالله يسد معينه، أو أبوابه، أو يقولون كلمة نحو ذلك.

سبحان الله، نعم، قال رحمه الله: وإذا أعطاك الله شيئا، فاسأل الله أن يكون هذا الشيء معينا لك على طاعته، وليس قاطعا لك عنه جل وعلا، نعم، لا تفرح، بعض الناس يفرح لما يأتيه مال، أو يأتيه منصب، أو يأتيه حظ من حظوظ الدنيا، بل إن البعض أنا أعتبر أن هذا سبحان الله العظيم فيه ما فيه مما لا يليق بالعبد، بل ربما تعمل حفلات، أو ما شابه ذلك، اسأل ربك أن يعينك على طاعته لما تحقق لك هذا الأمر، وكما قال ابن القيم تأمل هذا إذا لم يكن هذا الأمر معينا لك على طاعته، تأمل هذا في نفسك، وفي غيرك، الواقع يشهد بهذا، ولذلك يقول رحمه الله: كل الأدعية مدارها على ماذا؟ على أن تسأل الله على طاعته، يقول: انظر كل الأدعية على هذا الأمر، لم؟ لأنك ما خلقت إلا للعبادة، قال: تؤكد هذا الأصل، أو تنفي ما يضاده، أو أدعية تتمم أسبابه، ولذلك ذكر حديث النبي عليه الصلاة والسلام حديث  معاذ: (يا معاذ لا تدعنَّ في دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) هذا من أنفع الأدعية، سبحان الله!

هو قال هذا الكلام، لكن تأملت في هذه الأحاديث، وفي روايتها، سبحان الله! انظروا إلى العظمة، في المسند قال معاذ لقيني رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: (يا معاذ إني أحبك، فقال معاذ: والله وأنا أحبك يا رسول الله)

انظر، في سنن أبي داود، مما يؤكد على أهمية هذا الدعاء، قال معاذ: (أخذ النبي عليه الصلاة والسلام بيدي) هذا يدل على الاهتمام، ثم ماذا قال: (والله) وحلف مرتين على أنه يحب معاذا، وهذا هو الأمر الثالث، بين أنه يحبه، ومن أعظم المحبة أن تحب لأخيك المسلم ما تكون فيه مصلحة لدينه، قال: (والله إني لأحبك، والله إني لأحبك).

 الأمر الرابع ماذا قال؟ قال: (أوصيك) انظر قال: (أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عابدتك)

الأمر الخامس: معاذ أوصى به من رواه عنه من التابعين، وكل راو روى عنه يوصي به من قبله مما يدل على أهمية هذا الدعاء، ولذا في رواية أحمد تقول: (كلمات في كل صلاة) هذا يقرر ويؤكد رجحان من يقول إن قول (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك) الأفضل أن يقال قبل السلام، وليس بعد السلام؛ لأنه هنا بين في رواية أحمد.

قلت: سبحان الله! وجدت حديثا عند الحاكم، حديث أبي هريرة، انظروا إلى أهمية أن تدعو الله أن يعينك على طاعته، قال عليه الصلاة والسلام: (أتحبون أيها الناس أن تجتهدوا في الدعاء) الاجتهاد في الدعاء، ماذا؟ قال: (قولوا اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك)

يقول ابن القيم: فالله عز وجل إذا سأله العبد سواء كان صالحا أو غير صالح من أولياء الله، أو من أعداء الله أعطاه الله، لكن إن لم يكن له معينا له على الطاعة كان سببا في شقوته وهلاكه.

يقول: انظر إلى إبليس حتى إبليس سأل الله أن يمهله أعطاه الله عز وجل أعطى إبليس ما يحبه إبليس من أنه يمهل، لكن لما كانت هذه العطية، وهذا السؤال لما لم يكن معينا له على طاعة الله كان سببا في شقاء إبليس كان سببا في هلاكه.

فمحصلة الأمر عبد الله: أنت بحاجة إلى عبادة الله، ولا تكمل لك سعادة،  ولذا يقول شيخ الإسلام كما في كتابه العبودية يقول: لا تتم للعبد سعادة إلا بعبادة الله، ولا عبادة لله إلا بعون من الله عز وجل.

والحديث عن {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} حديث عظيم؛ لأن علوم الكتب السابقة وعلوم القرآن موجودة في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)} فاحرص عبد الله كما سلف؛ لأن الهلع والحرص على هذه الدنيا عظم في مثل هذه الأيام، إذا سألت الله أمرا لابد لك منه من أمور الدنيا فاسأل الله أن يكون هذا الشيء معينا لك على طاعة الله، ولا أن يكون قاطعا لك عن الله عز وجل، لم؟ لأن الإكرام كما قال ابن القيم ليس مداره على أن يوسع الله لك في الرزق وفي الدنيا يقول، لا.

قلت: كما قال عز وجل {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ} يعطي أولياءه، ويعطي أعداءه.

فيقول: ليس الإكرام من الله ليس مداره على الرزق وعلى سعته، لا، الإكرام من الله للعبد بالتوفيق لمحبته وطاعته ورضوانه والخذلان والإهانة من الله للعبد أن يضله، وأن يعرض العبد عن ربه عز وجل، ولذا ماذا قال عز وجل {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ} بالنعمة {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15)وهذا إكرام من الله، {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} يعني ضيق عليه رزقه {فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا} يعني ليس الأمر كما يتوقع الناس أن توسعة الرزق فيها إكرام من الله، وأن تضييق الرزق فيه إهانة، لا، قال {كَلَّا}، ولذلك يقول رحمه الله: يعطي الله الكافر النعمة لا لكرامته، ويضيق على العبد التقي رزقه لا لإهانته، لكن هذا ابتلاء بالنعمة، وهذا ابتلاء بالمحنة، فمن صبر فله الأجر، وله العاقبة الحسنة، فدل هذا عبد الله على أننا بحاجة إلى عون من الله، وتوفيق من الله عز وجل بأن يعيننا على طاعته وعبادته {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)كيف تحقق {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}؟ العبادة كيف تحققها؟ نعم، أنت بحاجة إلى عون من الله قبل العبادة، وبعدها كما قال ابن القيم في مدارج السالكين، أنت بحاجة إلى أن يعينك الله على أن تفعل هذه العبادة، ثم أنت بحاج إلى أن يعينك الله على عبودية أخرى، وهكذا، وهكذا حتى يقضي العبد نحبه، يعني حتى يموت، فأنت بحاجة إلى عون من الله.

تحقيق هذه العبادة بأصلين:

ــ الإخلاص لله في هذه العبادة، تعمل هذا العمل، وهذه العبادة ابتغاء الأجر من الله.

ــ وأيضا أن يكون هذا العمل صوابا موافقا لشرع الله وشرع رسول الله عليه الصلاة والسلام.

ولذك يقول ابن القيم رحمه الله: الصنف الموفق هو من جعل عبادته لله عز وجل على وفق شرع الله، يقول تأمل هذا الصنف، سبحان الله! يقول: أقوالهم لله، أفعالهم لله، حركاتهم لله، عطاؤهم لله، منعهم لله، محبتهم لله، كرههم لله وفي الله، يقول: ما ينظرون إلى الخلق، ما ينظرون إلى الناس هم يعدون الناس أمثال أهل القبور، أهل القبور لا يملكون للأحياء لا نفعا ولا ضرا ولا حياة ولا نشورا.

فيقول: من عرف الناس أنزلهم منازلهم، ومن عرف الله لم يقدم رضا أحد من المخلوق على رضاه عز وجل.

وكل هذه الأعمال الصالحة التي يقوم بها هؤلاء المؤمنون إنما على وفق شرع الله، لا بدع، ولا آراء، ولا فلسفيات، ولا منطقيات.

ثم قال محذرا الصنف الآخر:

وإني لأخشى أن يقع بعض الناس عبر القنوات الفضائية، وعبر وسائل التواصل أخشى أن يقعوا في ما وصفهم به ابن القيم يقول: صنف من المنتسبين للعلم والدعوة والعبادة ممن انحرف عن الصراط المستقيم لهم نصيب أوفر من قوله تعالى {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)}، قال: فهؤلاء يعملون الأعمال، ويظهرون للناس أنهم يعملونها لله، وتلك الأعمال ليست على شرع الله، ومع تلك الأعمال التي بها رياء، وليست على وفق شرع رسول الله عليه الصلاة والسلام يحبون عند الملأ أن يحمدوا، سبحان الله! يحبون أن يحمدوا أنهم متبعون للسنة وأنهم مخلصون لله، يقول: هم أبعد الناس عن ذلك، قال: فهؤلاء أهل الزيغ، وأهل الضلال، نعم، انتبه، وليتنبه أولئك، وليتعاهد كل شخص نيته وحاله، ما يعرضه من أمور باسم الدعوة إلى الله في قنوات فضائية، أو في وسائل التواصل، وإذا بتلك الأعمال، أو بتلك الحلقات، أو بتلك الأمور الإعلامية إذا بها ما يخالف شرع الله، فيملح للناس أن هذا من الشرع، رقص، أو غناء، أو ما شابه ذلك، أو كلمات بذيئة، وإذا بهم يقولون هذا من الدعوة إلى الله، يظهرون للناس أن هذا من الدعوة إلى الله، ثم الأعظم من ذلك أنهم يظهرون الباطل على أنه حق، بل المصيبة أنهم يدافعون فيما لو أخطئوا في شرع الله عز وجل، وليتأمل هؤلاء، ونسأل الله الثبات، وليتأملوا كلام ابن القيم من أهل العبادة، وأهل الإخلاص، ومن عمل العمل الصالح على وفق شرع رسول الله عليه الصلاة والسلام أقوالهم وأفعالهم وحركاتهم لله.

قال ابن القيم رحمه الله: لا يرجون من الناس لا زيادة جاه، ولا منصب، ولا مدح، ولا عدد، ولا كثرة، لا، إنما قلوبهم معلقة بالله، فليتنبه هؤلاء  ولتتنبه أيها المسلم، شرع الله، الدعوة إلى الله واضحة بينة، واضحة بينة.

تأتي بعض القنوات، ويقال إنها محافظة، ويعرض فيها ما يعرض من المخالفات الشرعية التي والله إن مثل هذه الأشياء التي يعرضونها لا تخفى على أدنى من له ذرة من عقل، ومن له أدنى ذرة من إيمان؛ لأن الباطل باطل، وإن استعصى عليك الأمر اشتبه عليك الأمر انظر إلى دعوة النبي عليه الصلاة والسلام، إلى دعوة السلف.

انظر إلى حال من عاصرتموه، أو ما يذكر عنهم ممن سار على طريقة السلف كالشيخ ابن باز، وابن عثيمين، وغير هؤلاء من العلماء، وكذلك في الأمة من به خير ممن سار على منهج أهل السنة والجماعة، هل هذه الطرق طرقه؟! والله ما انتشر العلم ووصل دول الكفر إلا بطريقة النبي عليه الصلاة والسلام، لا بهذه الطرق، وهذه الطرق لها سنوات عظيمة، ولها انتشار ومع ذلك ماذا أفادت؟ قل لي بربك ماذا أفادت؟ ماذا أحدثت؟ أي خير يرجى من مثل هذه الطرق التي تخالف شرع الله؟

إضافة إلى أن البعض حتى أنت عبد الله على وجه الخصوص تأمل أنت وغيرك لنتأمل، بعض الناس إذا انتهى من العبادة قال: والله قرأت أنا وفلان مثلا من ختم القرآن، والله انتهينا مثلا من العمرة، والله مثلا ألقينا درسا، أو ألقينا محاضرة، أو فعلنا، أو صنعنا..، يا أخي هذه عبادات اجعلها في ستر.

بعض الناس يقول: من أجل أن يقتدي بي الناس، الأصل أن الأعمال الصالحة تستر إلا إذا كانت هناك مصلحة في إظهارها، من أجل أن يقتدي بك غيرك، لكن الآن في وسائل التواصل أصبحت العبادة تظهر كأنها الأصل، لا، انتبه، والله ما تنفعك هذه الدنيا، والله لما تعطى إعجابا مثلا على مقطع أو على أمر ما، أو يكثر متابعوك، أو الأعداد التي عليك، والله إذا لم تكن تلك الأمور مرضية عند الله وإلا والله فالسخط.

نعم، ثم يصبح الإنسان يقدم على ربه، وأين العمل الذي قدمه إذا كان يعرضه للناس صباح مساء.

والأعظم من ذلك أنه إذا عرض ما ليس على شرع الله يعرض على أنه من شرع الله، وشرع الله بريء من أفعال هؤلاء.

أسأل الله لي ولكم الثبات على الحق حتى الممات، وألا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، نحن ضعفاء، لكن الإنسان ينبه ويذكر {فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} لأن الإنسان إذا انغرق في مثل هذه الأمور، والناس لما انغرقوا في السنوات الماضية أصبحوا يظهرون كل شيء من عباداتهم، بل إنه لما رأوا أن الناس، أو أن بعضا من الناس يرى أن هؤلاء إنما يكثرون باسم الدعوة إلى الله في قنوات، أو في وسائل التواصل، لكن لابد أن تملح كما يقولون، وهذا والله ليس تمليحا له، وإنما هو عفن، بعضهم قد يأتي بما يخالف الشرع من أجل أن يكثر متابعوه، من أجل ماذا؟

سبحان الله! سبحان الله! النبي عليه الصلاة والسلام كمثال سريع حتى أختم هذه الخطبة كمثال سريع مر على جدي أسك مقطوع الأذنين ميت فقال  عليه الصلاة والسلام: (أيحب أحدكم أن يكون له هذا بدرهم؟ قالوا يا رسول الله، والله إنه أسك لو كان حيا فكيف وهو ميت؟! فقال للدنيا أهون عند الله من هذا عندكم)

حديث واضح ما يحتاج، فلا تتعب نفسك، والله إن الرزق ليس بكثرة المال.

أسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد.