خطبة(17)(تسعة أصول) يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل (ذم طلب الدنيا بالدين)

خطبة(17)(تسعة أصول) يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل (ذم طلب الدنيا بالدين)

مشاهدات: 628

خطبة رقم (17)

( تسعة أصول )

مهمة يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم بإذن الله من الزلل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

elbahre.com/zaid

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ذَكَرنا في جُمَعٍ سالِفة أربعةً وأربعين أصلًا بعدَ المِئة مِن الأُصول المهمّة التي يحتاجها الـعـامّـيّ وطالبُ العِلم في هذا الزّمن حَتَّىٰ يُعصَمَ بإذن الله عزّ وجلّ مِن الزّلل

الأصلُ الخامِسُ والأَرْبَعُونَ بعدَ المِئة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

العملُ الصَّالِحُ لا يَكُونُ مَقبولًا عند الله إلّا بِشَرطَين :

 الشرط الأول :

 الإخلاصُ لله .

قال تعالى :

 { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }

 

الشرطُ الثاني :

 أن يكون على طريقةِ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وإلّا وَقَعَ العَبْدُ في البِـــــدَع

 في الصَّحيحَين قال صلّى الله عليه وآله وسلّم :

(( مَن أحدَثَ في أَمْرِنا هذا ما ليسَ مِنه فَهُوَ ردّ ))

 

الأصلُ السادس والأَرْبَعُونَ بعدَ المِئة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

    مَن جَعَلَ دِينَهُ وَسيلةً لِتَحصيلِ غَرَضٍ مِن أغراضِ الدُّنيا لِجَلبِ ثَناءٍ أو تحصيلِ وَظيفةٍ أو جاهٍ أو ما شابَهَ ذلك ، فإنّ ما أَتَىٰ بهِ مِن عَمَلٍ جَعلَهُ وسيلةً لِهذه الدُّنيا يَكُونُ باطِلًا

 

   قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في صحيح مسلم :

(( قال الله : أنا أغنى الشُّرَكاء عن الشِّرك ، مَن عَمِلَ عَمَلًا أشركَ فيه مَعِيَ غَيري تَرَكْتُه وشِركَه ))

 

  وعند أحمد يقول الله عزّ وجلّ لِلمُرَائِين :

(( اذهبوا إلى مَن كُنتُم تُراؤون عندهم في الدُّنيا فهل تَجِدون عندهم جزاءً ))

 

الأصلُ السابع والأَرْبَعُونَ بعدَ المِئة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 مَن جَعَلَ دِينَهُ وسيلةً لِتحصيلِ غَرَضٍ مِن أغراضِ الدُّنيا فإنّه لَمْ يَسْتحضِر لِقاءَ الله الذي هو لِقاءُ التكريم الخاصّ بأهلِ الإخلاص

 

   قال تعالى :

 { فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ }

ماذا ؟

{ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا }

الخِتام :

{ وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }

 

الأصلُ الثامن والأَرْبَعُونَ بعدَ المِئة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

    مَن جَعَلَ الدِّينَ وَسيلَةً لِتَحصيلِ أغراضِه الدُّنيَويَّة فإنّه لَمْ يـَعـرِف حَقارةَ الدُّنيا التي قال عنها النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الحديث الحَسَن عند التِّرمِذيّ :

(( الدُّنيا مَلْعُونَةٌ ، مَلعونٌ ما فِيها إلّا ذِكْـرَ اللهِ وما والاهُ ، وعالِمًا أو مُتَعَلِّمًا ))

 

الأصلُ التاسع والأَرْبَعُونَ بعدَ المِئة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

    مَن قَدَّمَ دُنياه على دِينِه على مَحابِّ الله فَهُوَ عَبْدٌ لها

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما عند البُخاريّ :

 (( تَعِسَ عَبْدُ الدِّرهَم تَعِسَ عَبْدُ الدِّينار ))

 

   فإن قَدَّمَ الدُّنيا مُطْلَقًا ، إن قَدَّمَ الدُّنيا مُطْلَقًا على كلّ ما يُحِبُّه الله فقد أَشركَ مع الله في شِرْكِ المَحَبَّة بِحَيْث يُقَدِّم كلَّ مَحْبوباتِه على مَحبوباتِ الله عزّ وجلّ (( تَعِسَ عَبْدُ الدِّرهَم )) جَعَلهُ عَبْدًا (( تَعِسَ عَبْدُ الدِّرهَم تَعِسَ عَبْدُ الدِّينار ))

 

الأصلُ الخمسون بعدَ المِئة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

    مَن قَدَّمَ هذه الدُّنيا على الدِّين فقد دَعا عليه النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بِأن تَختَلِطَ عَلَيْهِ أُمورُه وأن تَتَعَسَّرَ وتَتَنَكَّسَ عَلَيْهِ الأُمور ، حَتَّىٰ لَوْ رُئِيَت المَلايين والدُّنيا عِنْدَهُ فإنـَّه في تَعاسَةٍ وانْتِكاسةٍ .

 

   قال صلّى الله عليه وآله وسلّم :

(( تَعِسَ وانْتَكَسَ ، وإذا شِيكَ فلا انْتَقَش ))

 كما عند البُخاريّ .

 

   يعني لَوْ أصابَته شوكةٌ دَعا عَلَيْهِ أن يكونَ عاجِزًا . بِحَيْث لوْ أصابَته شوكةٌ لا يستطيعُ أن يُخرِجَها مِن بَدَنِه

 

الأصلُ الحادي والخمسون بعدَ المِئة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

    عَلامَةُ مَن تَوَغَّلتِ الدُّنيا في قَلْبِه كما قال صلّى الله عليه وآله وسلّم عِنْدَ البُخارِيّ :

(( إن أُعْطِيَ – يعني مِن الدُّنيا – إن أُعْطِيَ رَضِيَ ، وإن لَمْ يُعْطَ سَخِط ))

   وهذا به شَبَهٌ بِالمُنافِقين :

 { وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ }

 

الأصلُ الثاني والخمسون بعدَ المِئة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    أنّ عَلامَةَ مَن يُقَدِّمُ الدِّينَ على الدُّنيا ، عَلامَةُ حالِه أنّه أَهمُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ هُوَ الدِّين . لَوْ وُضِعَ في أيّ مَكَانٍ أَوْ أيّ عَمَلٍ لا يَهُمُّه . مادامَ أنَّ الدِّينَ عِنْدَهُ ظَهَر فإنّهُ لا يُبالي .

 

   ولِـذلِـكَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما عِنْدَ البُخَارِيّ لمّا ذَكَرَ ذَلِكُمُ الرَّجُل الذي يُجاهِدُ في سبيلِ الله لإعلاءِ كَلِمَة الله عزّ وجلّ . ماذا قال :

 

   (( إن كانَ في الحِراسَةِ كانَ في الحِراسَة ، وإن كانَ في السَّاقَةِ كانَ في السَّاقَةِ ))

 يعني لا يَهُمُّهُ  : إن كانَ في الحِراسَةِ بِأن يَحرُس ، يَكُونُ حارِسًا لا يَهُمُّهُ . إن كانَ في السَّاقَةِ يعني في مُؤَخِّرةِ الجَيش ليسَ مِن المُتَقَدِّمِين لا يَهُمُّه . لِمَ ؟

 

لِأَنَّ مَقْصَدَهُ ماذا ؟

أن يَعْلُوَ دِينُ الله عزّ وجلّ

 فَـمـا ظَنُّكُم بِمَن يَبيع دِينَه مِن أجْلِ تَحصيلِ غَرَضٍ مِن أغراضِ الدُّنيا ؟! مِن أجْلِ مَنصِبٍ ، مِن أجْلِ وظيفَةٍ ، مِن أجْلِ مالٍ ، مِن أجْلِ تِجَارَةٍ ، مِن أجْلِ شُهرَةٍ . وما شابَهَ ذلك مِن هذه الرَّذائل التي لا تَليقُ بِالمُسلِم .

 

الأصلُ الثالث والخمسون بعدَ المِئة :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    عَلامَةُ مَن قَدَّمَ الدِّينَ على الدُّنيا عَلامَتُه – لأنّـه لَمْ يُضَحِّ بِدِينِه مِن أجْلِ دُنْيَاه – تَجِدُ أنّه غَيْرُ مَعروف ، ولا يُؤْبَهُ لهُ .

 

   ولذلك النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال عن ذَلِكُم الذي أخلَصَ للهِ عزّ وجلّ كما عِنْدَ البُخَارِيّ قال :

 

(( إنِ اسْتَأْذَنَ لمْ يُؤْذَن له )) إن استَأْذَنَ على صَاحِب وَجَاهَةٍ أو على صَاحِب مَنصِب أو ما شابَهَ ذلك أو علىٰ غَنِيٍّ لَمْ يُؤْذَن له لأنّه ليسَ بِمَعروف

(( إنِ استأذَنَ لَمْ يُؤْذَن له ، وإن شَفَعَ لَمْ يُشَفَّع )) يعني لَوْ تَوسَّطَ لِأَحَد لِكَي يَقْبَلَ شفاعته ووساطَتَه فإنّه لا تُـقْـبَــل .

 

  وهذا لا يَدُلّ على حَقارَتِه بل هُوَ مَرفوعٌ عِنْدَ الله . إن قَدَّمَ دِينَ الله على مَحابِّ نَفْسِه وعلى أغراضِه الـدُّنْـيَـوِيّـة ، وصانَ دِينَه وصانَ دِينَه

 

   وخُصوصًا في هذا الـزَّمَـن الذي أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما عند مُـســلِـم قال عن الـفِـتَـن (( يَبيعُ دِينَه بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنيا ))

 

   فَعَدَمُ مَعرِفةِ الناس لهُ لا تُنقِصُ قَدْرَهُ عِنْدَ الله .

 

   ولِذا في صحيح مُـســلـم قال صلّى الله عليه وآله وسلّم:

 (( رُبَّ أَشْعَث مَدفوعٍ بِالأبواب لَوْ أقسَمَ على الله لَأَبَرَّهُ ))

 

 ( أَشْعَث ) يعني ما عِنْدَهُ دُهْن يدهنُ بهِ رأْسَه

 

( مَدفوعٍ بِالأبواب ) يعني لَوْ أرادَ أن يَدْخُلَ على صاحبِ وَجاهَةٍ أو تِجَارَةٍ ما يَقبلونَ أن يَدخُل عليهم

 

( لَوْ أقسَمَ على الله لَأَبَرَّهُ )

لو قال : يا الله أقسَمتُ عليكَ يا الله أن تُحَقِّقَ لي كذا ، لَأَبَرَّ اللهُ قَسَمَه ولَأَجابَ دَعْوَتَهُ ؛ لِحُسْنِ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ عزّ وجلّ

 

    اللَّهُمَّ لا تَجعلِ الدُّنيا أكبَرَ هَمِّنا ولا مَبلَغَ عِلمنا . اللَّهُمَّ لا تَجعلْ مُصيبَتَنا في دِينِنا . اللَّهُمَّ اكْفِنا بِحَلالِك عن حَرامِك وأغْنِنا بِفَضلِكَ عَمَّن سِواكَ . رَبَّنَا آتِنا في الدُّنيا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عذابَ النّـار .

 

ولِهذه الأصول تَتِمّة بإذنِ الله ؛ لأنّها مُـــهِــــمَّـــة