خطبة(19) (ثمانية أصول) يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل (الحلف بغير الله)

خطبة(19) (ثمانية أصول) يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل (الحلف بغير الله)

مشاهدات: 624

خطبة رقم (19)

 (ثمانية أصول)

يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل

 (الحلف بغير الله)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

elbahre.com/zaid

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تَحَدّثنا في جُمَعٍ سالِفة عن واحدٍ وَسِتّين أصلًا بعدَ المِئة مِن الأصول المهمّة التي يحتاج إليها العامّيّ وطالب العِلم في مِثلِ هذا الزَّمَن حتّى يُعصَم بإذن الله عزّ وجلّ مِن الزَّلَل

      : الأصل الثَّاني والسِّتُّون بعدَ المئة

لا يجوزُ أن يُحلَفَ إلَّا بِالله عزّ وجلّ أو بِاسمٍ مِن أسمائِه أو بِصِفَةٍ مِن صِفاتِه

فيجوز : وَالرّحمنِ لَأَفعَلَنّ ، وَالعزيزِ لَأَفعَلَنّ أو لَأَذهَبَنّ

وكذلك القَسَم بِصِفات الله عزّ وجلّ جائز ، مِثالُ ذلك : وَعِزَّةِ الله ، وَقُدرَةِ الله أنَّني سأذهبُ إلى ذلك المكان

فالقَسَمُ لا يَكُونُ إلَّا بِالله أو بِاسمٍ مِن أسمائِه أو بِصِفَةٍ مِن صِفاتِه

 

    : الأصلُ الثّالث والسِّتُّون بعدَ المئة

الله جلّ وعَلا أقسَمَ في كِتابِه بِمخلوقات

كالشمس { وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا } ، والليل { وَالّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } … إلى غَيرِ ذلك مِمّا أقسَمَ به عزّ وجلّ في كتابِه

فالله عزّ وجلّ له أن يُقسِمَ بِمَا شاءَ مِن مَخلوقاتِه

أمّا المَخلوق فلا يجوز له أن يُقسِمَ إلَّا بِالله أو بِاسمٍ مِن أسمائِه أو بِصِفَةٍ مِن صِفاتِه

وَاللهُ عزّ وجلّ يُقسِمُ بِبَعض مخلوقاته لِلدَّلالة على عَظَمَتِها ، والذي خَلَقَها هو أعظَمُ منها

 

    : الأصل الرابع والسِّتُّون بعدَ المئة

ثَبَتَ عند الترمذيّ قَولُه صلّى الله عليه وآله وسلّم ” مَن حَلَفَ بِغَيرِ الله فَقَدْ كَفَرَ أو أشرَكَ “

فَمَن حَلَف بِغَير الله حتّى لَوْ كان بِالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أو بِأيِّ مَلَكٍ مِن الملائكة ، فقَولُ بعضِ الناس ( وَالنّبيّ لَأَفعَلَنَّ كذا ) وقَول بعض الناس ( وَحَياتي ) أو ( وَحَياتك ) أو ( وَحَياة عَينَيك ) أو ماشابَه ذلك فإنّ هذا شِركٌ بِالله عزّ وجلّ ، هو شِركٌ أصغر

هو شِركٌ أصغر

لِمَ ؟ لِأنّ الحَلِفَ تعظيمٌ ، والتعظيم لا يكون إلَّا لِلّه عزّ وجلّ وَمِن ثَمَّ فَهُوَ شِركٌ أصغر

لَكِن لو حَلَف بِالنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أو حَلَف بِحَياته أو بِحَياة فُلان مُعتَقِدًا أنّ هذا المَحلوفَ به مِن هؤلاء المَخلوقين لَه مِن التَّعظيم كَالتَّعظيمِ لِلّهِ هو شِركٌ أكبَر

فدَلّ هذا على خطورة الحَلِف بِغَيرِ الله عزّ وجلّ

 

    : الأصل الخامس والسِّتُّون بعدَ المئة

ثَبَتَ عند الطبرانيّ قَولُ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه : لَأَن أَحلِفَ بِاللّهِ كاذِبًا أَحَبُّ إلَيَّ مِن أن أَحلِفَ بِغَيرِه صادِقًا

الحَلِفُ بِاللّه على وَجْهِ الكَذِب هذا إثمُه عظيم وذَنبُه كبير ، لَكِن أَعْظَم منه أن يُحلَفَ بِغَير الله وَلَو كان الإنسانُ صادقًا

سبحان الله !

لِمَ ؟ لِأنّ سيِّئةَ الكَذِب أهوَن مِن سيِّئة الشِّرك ، ولِأنّ حَسَنَة التَّوحيد أَعْظَم مِن حَسَنَة الصِّدق

فدَلّ هذا على ماذا ؟

على أنّ الحَلِفَ بِالله كاذبًا هو شَرٌّ عند ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه ، لَكِن أَشَرّ مِنه أن يُحلَفَ بِغَير الله وَلَو كان الإنسان صادقًا

 

  :  الأصل السّادس والسِّتُّون بعدَ المِئة

النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال كما في الصّحيحَين ، قال : ” مَن قَالَ في حَلِفِهِ وَاللاتِ وَالعُزَّى ، فَلْيَقُل لا إِلَهَ إلَّا الله “

دَلَّ هذا على أنّ ذلك الحَلِف شِركٌ بِالله عزّ وجلّ ، فَأَمَرَهُ صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يقول ” لا إِلَهَ إلَّا الله ” لِأنّها كَلِمَةُ التَّوحيد

 

    : الأصل السّابع والسِّتُّون بعدَ المئة

الحَلِف بِالله عزّ وجلّ على وَجْه الكَذِب إِنْ كان يَقصُدُ مِنها -مَن حَلَف- مِن أجْلِ أن يَقتَطِع حقَّ مسلمٍ كما ثَبَتَت بذلك الأحاديث ، فإنّها يَمينٌ غَموس.

 لِمَ ؟ لِأنّها تَغمِسُ صاحِبَها في الإثم ثُمّ تَغمِسُه في نار جهنّم

لَكِن لَو حَلَفَ بِالله على وَجْه الكَذِب هكذا مِن غَيرِ أن يأخُذَ حقَّ مسلمٍ ، فهنا اختَلَفَ العُلَماء

هل هي يمين غَموس أَو أنّها غَيرُ ذلك

فدَلّ هذا على أنّ اختِلاف العُلَماء في مِثلِ هذه المسألة يَدُلّ على خطورة الحَلِف بِالله على وَجْه الكَذِب

ولذا ثَبَتَ عند ابن ماجه قَولُه صلّى الله عليه وآله وسلّم ” مَنْ حَلَفَ فَلْيَصْدُقْ “

مَن حَلَفَ في أيّ شيء ، حَلَفَ بِالله واجِبٌ عليه أن يَصدُقَ في يَمِينه

 

      :الأصل الثّامن والسِّتُّون بعد المئة

إذا حَلَفَ لك شخصٌ بِالله مُؤَكِّدًا لِشَيءٍ أو نافيًا لِشَيءٍ فَيَجِب عليك أن تَرْضَى بِيَمينه ، يَجِب عليك أن تَرْضَى بِيَمينه

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثَبَتَ عند ابن ماجه ” وَمَن حُلِفَ له بِالله فَلْيَرضَ “

واجبٌ أن تَرْضَى ، حُلِفَ لك بِالله يَجِبُ أن تَرْضَى ، لا تعظيمًا لِهَذَا الحالِف  لا

وإنّما تعظيمٌ لِلّهِ لـمَّا حَلَفَ به هذا الشخص

لَكِن هل يَلزَم على وَجْه الإطلاق أن أرضى بِيَمين أيِّ شخص ؟

الجواب عن هذا : مِن أنّه إذا تَيَقَّن الإنسان مِن أنّ هذا الذي حَلَف مِن أَهْلِ الكَذِب ، أو غَلَبَ على ظَنِّه أنّه مِن أهل الكَذِب فلا يُلزَم بِالرِّضَى بِاليَمين

الدليل :

في صحيح مسلم : قتيلٌ في عَهْد النبيّ -صلّى الله عليه وآله وسلّم- وَوُجِد هذا القتيلُ عند مكانٍ لِليهود ، فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم ” تُبرِئُكُم يهود بِخَمسينَ يَمينًا ” ، قالوا : لا يا رسولَ الله . فَأَقَرَّهم صلّى الله عليه وآله وسلّم

لِمَ ؟ لِأنّ اليهود لَيسوا بِأَهْلِ صِدقٍ ، وَمِن ثَمَّ لَمْ يَقبَل بعضُ الصحابة بِأَيمانِهم

 

      :الأصل التّاسع والسِّتُّون بعدَ المئة

كما ثَبَتَ عند ابن ماجه فيما مضى ” وَمَن حُلِفَ لهُ بِالله فَلْيَرضَ “

ثمّ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم ” وَمَن لَمْ يَرضَ ، فَلَيسَ مِنَ الله “

وَعِيدٌ شديدٌ لِمَن لَم يَرضَ بِيَمين الحالِف ، إلَّا إذا كان ذلك الحالِفُ تُيُقِّنَ أنّه كاذب أو أنّه غُلِبَ على الظَّنِّ مِن أنّه كاذب ، وإلّا فَلَهُ وَعيدٌ شديدٌ – الذي لا يَرضَى بِاليَمين –

” وَمَن لَمْ يَرضَ فَلَيسَ مِن الله ” معناها : مِن أنّ الله عزّ وجلّ تَبَرَّأَ مِنْهُ ، فهو وعيدٌ شديدٌ

وليس معناها كما تَذهَب الخَوارج مِن أنّه خَرَجَ مِن الدِّين ، لِأنّهم يُكَفِّرون صاحبَ الكبيرة

هذا وعيدٌ شديدٌ وتهديدٌ له ، لَكِنّه ما زال في دائرة الإسلام لكنّه آثِمٌ بِهذا الصَّنيع .

 

هذه أصولٌ مهمّة ولها بإذن الله تَتِمّة لأنّها مُهِمّة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ