خطبة(20)
( سبعة أصول)
يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل
( أحكام سب الدهر)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
elbahre.com/zaid
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تَحدّثنا في جُمَعٍ سالِفة عن تِسْعَةٍ وَسِتِّينَ أصلًا بعدَ المئة مِن الأصول المهمّة التي يحتاجها العامّيُّ وطالِبُ العِلم في هذا الزَّمَن
: الأصل السَّبعون بعدَ المِئة
سَبُّ الدَّهر مُحَرَّم ، وسَبُّهُ ليس معنى ذَلِكَ أن يُشتَمَ وأن يُلعَنَ بَلْ إنَّ تَنَقُّصَهُ وعَيبَهُ يُعَدُّ سَبًّا لهُ
والدَّهْرُ يَشمَل الأيّام والسنوات والدقائق والثواني والساعات والأزمان
فَسَبُّه مُحَرَّم حتّى لَو لَم يَكُن على سَبيل اللَّعن ، بِدَليل أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال كما في الصحيحَين قال : ” لا تقولوا خَيبَةَ الدَّهْر فإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْر “
بِمجرّد أن يقولَ الإنسانُ خابَ الدَّهرُ أو خابَ هذا اليوم أو خابَ هذا الزَّمَن فإنّه يُعَدُّ سَبًّا له .
الأصل الحادي والسَّبعون بعدَ المِئة :
في الصحيحَين قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : ” قال الله : يُؤذيني ابنُ آدم يَسُبُّ الدَّهرَ وأنا الدَّهر “
سبُّ الدَّهر مِن حيثُ الحُكم له ثلاثُ حالات ، وذلك لِأنّ الإنسانَ رُبَّما يَعرِضُ له في يَومِه أو في سَنَته أو في زَمَنه ما لا يُناسِبُه مِن مصائب مِن هُموم مِن فَقْر مِن فاقَة ، مِمَّا لا يُلائِمُه
فَهُنا يَحصُلُ سَبُّ وعَيْبُ الزَّمَن كما هو حالُ بعضِ الناس ، رُبّما يَلعنُ ويَسُبُّ اليومَ الذي عَرَفَ فِيهِ ذَلِكَ الرَّجُل أَوْ ما شابَهَ ذَلِكَ
: فَمِن حيثُ الحُكم لهُ ثلاثُ حالاتٍ
أوّلًا : إذا اعتقدَ أنّ هذا الــزَّمَــن هو الذي خَلَقَ هذا البلاء والشرّ ، فهذا مُشركٌ باللهِ شِركًا أكبر . لماذا ؟
لأنّه اعتقدَ أنّ مع الله خالِقًا آخر يُدَبِّرُ هذا الْكَوْن . فَيَكُونُ شِركًا أكبر بهذا الاعتِبار ؛ لأنّ الدَّهْرَ خَلْقٌ مُسَخَّرٌ خَلَقَهُ اللهُ عزّ وجلّ
الحالةُ الثانية : ألّا يَعتقدَ أنّ الدَّهْرَ هُوَ الذي خَلَقَ هذا البلاءَ أو هذا الـشَّــرَّ ، وَلَكِنْ يَسُبُّ الدَّهْرَ والزَّمَن لأنّ البلاءَ وقعَ فِيهِ . فهذا مُحَرَّم . لِمَ ؟
لأنّ الدَّهْرَ خَلْقٌ مُدَبَّر مُسَخَّر ، إنّما هُوَ مَحَلّ وزَمَن ، والذي أوْقَعَ فيه ما لا يُلائِم الإنسان هُوَ ربُّ هذا الدَّهر . فَإذَن لَوْ سَبَّهُ على أنّه فقط مُجَرّد أنّ البلاءَ وقعَ فيه فَيَكُونُ مُحَرَّمًا .
الحالةُ الثالثة : لا يَقصُدُ بِذلكَ سَبًّا ولا اعْتِقادًا أنّه يَتَصَرَّف الدَّهْر في الكَون لا ، هو يَقصُدُ بذلكَ الإخبار . يُخبِر فقط ، يُخبِر أنّ هذا اليومَ يومٌ ليسَ بِحَسَن
لا يَقصُدُ مِن ذَلِكَ أنّ هذا الزّمن هو الذي خَلَقَ هذا الشيء ولا يَقصُدُ أنّ الزّمنَ مَحَلٌّ لهُ . فقط مُجرّد إخبار . فهذا لا بأسَ بهِ
ولِـذلِـكَ لوط عليه السلام لمّا أتَتْهُ الملائكة في صورة آدَمِيِّين وظنَّ أنّهم ضيوف ، وهوَ يَعلَمُ أنّ قَومَه يأتونَ الرِّجالَ شَهوةً مِن دونِ النِّساء ماذا قالَ ؟
قالَ { هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } مُجرّد إخبار
وأيضًا جاء في صحيح مُسلم لمّا افتَقَدَ الصحابةُ رضي الله عنهم رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذاتَ ليلةٍ فَبَحَثوا عنه فَلَمْ يَجِدوه فقالوا ( بِتْنا بِشَرِّ لَيْلَةٍ ) وَصَفوا الليلة ، قالوا هنا : ( بِتْنا بِشَرِّ ليلة باتَ بِها قَوم ) )
مُجَرَّد إخبار ، لا حَــرَجَ في ذلك
: الأصل الثاني والسَّبْعون بعدَ المِئة
قَولُه صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصّحيحَيْن ” قالَ اللهُ : يؤذيني ابْنُ آدَم ، يَسُبُّ الدَّهْرَ ، وأنا الدّهر “
ليسَ معنى ذلك أنّ الله هُوَ الدّهر . لا ، فالدَّهرُ ليسَ اسمًا للهِ عزّ وجلّ ؛ لأنّ أسماءَ الله حُسنى يُشتَقُّ مِنها صِفات
الرَّحمٰن : يُشتَقُّ مِنه صِفة الرَّحمة ، التَّوَّاب : التَّوْبَة . وهكذا
لكنّ الدَّهْرَ اسمٌ جامِد ليسَ اسمًا لله . وإنّما قَوْلُه ( وأنا الدَّهْر ) يُبَيِّنُه ما بعدَه ( أُقَلِّبُ اللَّيلَ والنَّهارَ )
أُقَلِّبُ اللَّيلَ والنَّهارَ : يعني هُوَ المُتَصَرِّف فيه ، وليس معنى ذلك أنّ الدَّهْرَ هو الله أو أنّه اسمٌ مِن أسماء الله
بِدَليل ما جَاءَ في الصَّحيحَين ” قال الله : بِيَدِي اللَّيلُ والنَّهارُ”
وعندَ أحمد كما ثبتَ ” قال : اللَّيالي والأيّام لي “
فَدلّ هذا على أنّه هو الذي يُقَلِّبُ الدَّهْرَ وليـسَ هُوَ الدّهر عزّ وجلّ
الأصل الثَّالِثُ والسَّبْعونَ بعدَ المِئة :
النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قالَ كما في الصَّحيحَين :
” إنَّ أخْنَعَ … ” يعني أَوْضَع وأَحْقَر
” إنَّ أخْنَعَ اسمٍ عِنْدَ الله رَجُلٌ تَسَمَّىٰ بِمَلِك الأمْلاك ، لا مَالِكَ إلّا الله “
هذه الأوصاف التي لا تَكونُ إلّا لِلّهِ عزّ وجلّ كَـ ( مـالِـك المُلْك ) هذه لا يجوزُ أن يُتَسَمَّىٰ بِها
ولِـذلِـكَ مِثل ما قال سُفيان : مِثل شاهان شاه
يعني هذه اللفظة تُطْلَق على بعض الناس لأنّ معناها مَلِك المُلُوك ، وما يُشابِهُها مِثل ( مَلِك القُلُوب ) وما شابَهَ ذلك
مَلِك القُلوب : هو الله ، الذي يَملِك القلوب والذي يَتَصرَّف فيها هو الله جلّ وعلا
: الأصلُ الرَّابِعُ والسَّبعون بعدَ المِئة
أفْضَلُ الأسماء وأحَبُّ الأسماء عِنْدَ الله هو الِاسم الذي بهِ يَكُونُ التَّواضُع لِلّه والعُبوديّة لِلّه
ولِذا في سُنَنِ أبي دَاوُدَ والتِّرمذِيّ كما ثَبَتَ : قال صلّى الله عليه وآله وسلّم ” أَحَبُّ الأسماءِ إلى الله عبدُالله وعبدُالرحمٰن “
وعندَ البُخَارِيّ أمَرَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعضَ الصحابة أن يُسَمِّيَ ابْنَهُ عبدَالرحمن
لماذا عبدُالله وعبدُالرحمن ؟
لأنّ بِها تواضُعًا ، لأنّ بِها افتِقارًا إلى الله عزّ وجلّ ، وتَعَبُّدًا لِلّه عزّ وجلّ
الأصلُ الخامِسُ والسَّبعون بعدَ المِئة :
النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ غَيَّرَ بعضَ أسماء الصحابة رضي الله عنهم ، لَكِنْ لا يُعلَمُ فيما نَعلَم أنّه ثَبَتَ عن النَّبِيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا غَيَّرَ اسمًا أنّه يَذبحُ ذَبيحة ويَجمع الناس مِن بابِ أنّه غَيَّرَ اسمَ فُلان
فَلِلْأَبِ إذا أرادَ أن يُغَيِّرَ اسمَ ابنِهِ فَلْيُغَيِّرْهُ ، ولا يُلزَم أن يَذبحَ ذبيحةً وأن يَجمعَ الناسَ على ذلك
فَكَم غيَّرَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أسماء لِبَعْض الصحابة وَلَمْ يَذبحْ ذبيحةً لِجَمعِ الناسِ على ذَلِكَ
: الأصلُ السَّادِسُ والسَّبعون بعدَ المِئة
مِن الـسُّـنَّـة أن يُكْنَى الإنسانُ بِأَكْبَرِ أبنائه ، بعضُ الناس ربّما يقولُ لِشَخصٍ يا أبا فُلان ولا يَذكُرُ ابنَه الأوّل ( الأكبر ) يَذكُرُ ابنَه الأوسط أو الأصغر
السُّنَّة : السُّنَّة أن يُكْنَىٰ الرَّجُل بِأكبر أبنائه ، وَكَذَلِكَ الشأن بِالنسبة إلى المرأة أُمُّ فُلان ، قد تُكْنىٰ بِأَوسَط أو بِأَصغر أبنائها ويُترَك الابن الأكبر
ولِـذلِـكَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثَبَتَ عِنْدَ النَّسائيّ وأبي دَاوُدَ لمّا غَيَّرَ اسمَ الحَكَم . قال صلّى الله عليه وآله وسلّم ” إنّ اللهَ هُوَ الحَكَمُ وإليهِ الحُكْمُ “
لمّا أرادَ أن يُغَيِّر اسمَه قال : ” ما أسماءُ أبنائك ؟ ” فَقالَ هذا الرَّجُل : شُرَيْح وعبدُالله ومُسلم . فَقالَ صلّى الله عليه وآله وسلّم : ” مَن أكبَرُهُم ؟ ” قال : شُرَيْح . قال : ” أنتَ أبو شُرَيْح ” كنّاه بِأَكبَرِ أبنائِه
هذا مِن باب الأَفضَلِيَّة والسُّنِّيَّة
ولِهذه الأصول تَتِمَّة -لأنّها مُــهِـــــمّــــة- بإذن الله عزّ وجلّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خطبة(20)
( سبعة أصول)
يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل
( أحكام سب الدهر)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
elbahre.com/zaid
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تَحدّثنا في جُمَعٍ سالِفة عن تِسْعَةٍ وَسِتِّينَ أصلًا بعدَ المئة مِن الأصول المهمّة التي يحتاجها العامّيُّ وطالِبُ العِلم في هذا الزَّمَن
: الأصل السَّبعون بعدَ المِئة
سَبُّ الدَّهر مُحَرَّم ، وسَبُّهُ ليس معنى ذَلِكَ أن يُشتَمَ وأن يُلعَنَ بَلْ إنَّ تَنَقُّصَهُ وعَيبَهُ يُعَدُّ سَبًّا لهُ
والدَّهْرُ يَشمَل الأيّام والسنوات والدقائق والثواني والساعات والأزمان
فَسَبُّه مُحَرَّم حتّى لَو لَم يَكُن على سَبيل اللَّعن ، بِدَليل أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال كما في الصحيحَين قال : ” لا تقولوا خَيبَةَ الدَّهْر فإِنَّ اللهَ هُوَ الدَّهْر “
بِمجرّد أن يقولَ الإنسانُ خابَ الدَّهرُ أو خابَ هذا اليوم أو خابَ هذا الزَّمَن فإنّه يُعَدُّ سَبًّا له .
الأصل الحادي والسَّبعون بعدَ المِئة :
في الصحيحَين قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : ” قال الله : يُؤذيني ابنُ آدم يَسُبُّ الدَّهرَ وأنا الدَّهر “
سبُّ الدَّهر مِن حيثُ الحُكم له ثلاثُ حالات ، وذلك لِأنّ الإنسانَ رُبَّما يَعرِضُ له في يَومِه أو في سَنَته أو في زَمَنه ما لا يُناسِبُه مِن مصائب مِن هُموم مِن فَقْر مِن فاقَة ، مِمَّا لا يُلائِمُه
فَهُنا يَحصُلُ سَبُّ وعَيْبُ الزَّمَن كما هو حالُ بعضِ الناس ، رُبّما يَلعنُ ويَسُبُّ اليومَ الذي عَرَفَ فِيهِ ذَلِكَ الرَّجُل أَوْ ما شابَهَ ذَلِكَ
: فَمِن حيثُ الحُكم لهُ ثلاثُ حالاتٍ
أوّلًا : إذا اعتقدَ أنّ هذا الــزَّمَــن هو الذي خَلَقَ هذا البلاء والشرّ ، فهذا مُشركٌ باللهِ شِركًا أكبر . لماذا ؟
لأنّه اعتقدَ أنّ مع الله خالِقًا آخر يُدَبِّرُ هذا الْكَوْن . فَيَكُونُ شِركًا أكبر بهذا الاعتِبار ؛ لأنّ الدَّهْرَ خَلْقٌ مُسَخَّرٌ خَلَقَهُ اللهُ عزّ وجلّ
الحالةُ الثانية : ألّا يَعتقدَ أنّ الدَّهْرَ هُوَ الذي خَلَقَ هذا البلاءَ أو هذا الـشَّــرَّ ، وَلَكِنْ يَسُبُّ الدَّهْرَ والزَّمَن لأنّ البلاءَ وقعَ فِيهِ . فهذا مُحَرَّم . لِمَ ؟
لأنّ الدَّهْرَ خَلْقٌ مُدَبَّر مُسَخَّر ، إنّما هُوَ مَحَلّ وزَمَن ، والذي أوْقَعَ فيه ما لا يُلائِم الإنسان هُوَ ربُّ هذا الدَّهر . فَإذَن لَوْ سَبَّهُ على أنّه فقط مُجَرّد أنّ البلاءَ وقعَ فيه فَيَكُونُ مُحَرَّمًا .
الحالةُ الثالثة : لا يَقصُدُ بِذلكَ سَبًّا ولا اعْتِقادًا أنّه يَتَصَرَّف الدَّهْر في الكَون لا ، هو يَقصُدُ بذلكَ الإخبار . يُخبِر فقط ، يُخبِر أنّ هذا اليومَ يومٌ ليسَ بِحَسَن
لا يَقصُدُ مِن ذَلِكَ أنّ هذا الزّمن هو الذي خَلَقَ هذا الشيء ولا يَقصُدُ أنّ الزّمنَ مَحَلٌّ لهُ . فقط مُجرّد إخبار . فهذا لا بأسَ بهِ
ولِـذلِـكَ لوط عليه السلام لمّا أتَتْهُ الملائكة في صورة آدَمِيِّين وظنَّ أنّهم ضيوف ، وهوَ يَعلَمُ أنّ قَومَه يأتونَ الرِّجالَ شَهوةً مِن دونِ النِّساء ماذا قالَ ؟
قالَ { هَٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } مُجرّد إخبار
وأيضًا جاء في صحيح مُسلم لمّا افتَقَدَ الصحابةُ رضي الله عنهم رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذاتَ ليلةٍ فَبَحَثوا عنه فَلَمْ يَجِدوه فقالوا ( بِتْنا بِشَرِّ لَيْلَةٍ ) وَصَفوا الليلة ، قالوا هنا : ( بِتْنا بِشَرِّ ليلة باتَ بِها قَوم ) )
مُجَرَّد إخبار ، لا حَــرَجَ في ذلك
: الأصل الثاني والسَّبْعون بعدَ المِئة
قَولُه صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في الصّحيحَيْن ” قالَ اللهُ : يؤذيني ابْنُ آدَم ، يَسُبُّ الدَّهْرَ ، وأنا الدّهر “
ليسَ معنى ذلك أنّ الله هُوَ الدّهر . لا ، فالدَّهرُ ليسَ اسمًا للهِ عزّ وجلّ ؛ لأنّ أسماءَ الله حُسنى يُشتَقُّ مِنها صِفات
الرَّحمٰن : يُشتَقُّ مِنه صِفة الرَّحمة ، التَّوَّاب : التَّوْبَة . وهكذا
لكنّ الدَّهْرَ اسمٌ جامِد ليسَ اسمًا لله . وإنّما قَوْلُه ( وأنا الدَّهْر ) يُبَيِّنُه ما بعدَه ( أُقَلِّبُ اللَّيلَ والنَّهارَ )
أُقَلِّبُ اللَّيلَ والنَّهارَ : يعني هُوَ المُتَصَرِّف فيه ، وليس معنى ذلك أنّ الدَّهْرَ هو الله أو أنّه اسمٌ مِن أسماء الله
بِدَليل ما جَاءَ في الصَّحيحَين ” قال الله : بِيَدِي اللَّيلُ والنَّهارُ”
وعندَ أحمد كما ثبتَ ” قال : اللَّيالي والأيّام لي “
فَدلّ هذا على أنّه هو الذي يُقَلِّبُ الدَّهْرَ وليـسَ هُوَ الدّهر عزّ وجلّ
الأصل الثَّالِثُ والسَّبْعونَ بعدَ المِئة :
النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قالَ كما في الصَّحيحَين :
” إنَّ أخْنَعَ … ” يعني أَوْضَع وأَحْقَر
” إنَّ أخْنَعَ اسمٍ عِنْدَ الله رَجُلٌ تَسَمَّىٰ بِمَلِك الأمْلاك ، لا مَالِكَ إلّا الله “
هذه الأوصاف التي لا تَكونُ إلّا لِلّهِ عزّ وجلّ كَـ ( مـالِـك المُلْك ) هذه لا يجوزُ أن يُتَسَمَّىٰ بِها
ولِـذلِـكَ مِثل ما قال سُفيان : مِثل شاهان شاه
يعني هذه اللفظة تُطْلَق على بعض الناس لأنّ معناها مَلِك المُلُوك ، وما يُشابِهُها مِثل ( مَلِك القُلُوب ) وما شابَهَ ذلك
مَلِك القُلوب : هو الله ، الذي يَملِك القلوب والذي يَتَصرَّف فيها هو الله جلّ وعلا
: الأصلُ الرَّابِعُ والسَّبعون بعدَ المِئة
أفْضَلُ الأسماء وأحَبُّ الأسماء عِنْدَ الله هو الِاسم الذي بهِ يَكُونُ التَّواضُع لِلّه والعُبوديّة لِلّه
ولِذا في سُنَنِ أبي دَاوُدَ والتِّرمذِيّ كما ثَبَتَ : قال صلّى الله عليه وآله وسلّم ” أَحَبُّ الأسماءِ إلى الله عبدُالله وعبدُالرحمٰن “
وعندَ البُخَارِيّ أمَرَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعضَ الصحابة أن يُسَمِّيَ ابْنَهُ عبدَالرحمن
لماذا عبدُالله وعبدُالرحمن ؟
لأنّ بِها تواضُعًا ، لأنّ بِها افتِقارًا إلى الله عزّ وجلّ ، وتَعَبُّدًا لِلّه عزّ وجلّ
الأصلُ الخامِسُ والسَّبعون بعدَ المِئة :
النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ غَيَّرَ بعضَ أسماء الصحابة رضي الله عنهم ، لَكِنْ لا يُعلَمُ فيما نَعلَم أنّه ثَبَتَ عن النَّبِيِّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا غَيَّرَ اسمًا أنّه يَذبحُ ذَبيحة ويَجمع الناس مِن بابِ أنّه غَيَّرَ اسمَ فُلان
فَلِلْأَبِ إذا أرادَ أن يُغَيِّرَ اسمَ ابنِهِ فَلْيُغَيِّرْهُ ، ولا يُلزَم أن يَذبحَ ذبيحةً وأن يَجمعَ الناسَ على ذلك
فَكَم غيَّرَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أسماء لِبَعْض الصحابة وَلَمْ يَذبحْ ذبيحةً لِجَمعِ الناسِ على ذَلِكَ
: الأصلُ السَّادِسُ والسَّبعون بعدَ المِئة
مِن الـسُّـنَّـة أن يُكْنَى الإنسانُ بِأَكْبَرِ أبنائه ، بعضُ الناس ربّما يقولُ لِشَخصٍ يا أبا فُلان ولا يَذكُرُ ابنَه الأوّل ( الأكبر ) يَذكُرُ ابنَه الأوسط أو الأصغر
السُّنَّة : السُّنَّة أن يُكْنَىٰ الرَّجُل بِأكبر أبنائه ، وَكَذَلِكَ الشأن بِالنسبة إلى المرأة أُمُّ فُلان ، قد تُكْنىٰ بِأَوسَط أو بِأَصغر أبنائها ويُترَك الابن الأكبر
ولِـذلِـكَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثَبَتَ عِنْدَ النَّسائيّ وأبي دَاوُدَ لمّا غَيَّرَ اسمَ الحَكَم . قال صلّى الله عليه وآله وسلّم ” إنّ اللهَ هُوَ الحَكَمُ وإليهِ الحُكْمُ “
لمّا أرادَ أن يُغَيِّر اسمَه قال : ” ما أسماءُ أبنائك ؟ ” فَقالَ هذا الرَّجُل : شُرَيْح وعبدُالله ومُسلم . فَقالَ صلّى الله عليه وآله وسلّم : ” مَن أكبَرُهُم ؟ ” قال : شُرَيْح . قال : ” أنتَ أبو شُرَيْح ” كنّاه بِأَكبَرِ أبنائِه
هذا مِن باب الأَفضَلِيَّة والسُّنِّيَّة
ولِهذه الأصول تَتِمَّة -لأنّها مُــهِـــــمّــــة- بإذن الله عزّ وجلّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ