خطبة(26) أصول يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل (التفصيل في حكم كلمة [ لو ])

خطبة(26) أصول يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل (التفصيل في حكم كلمة [ لو ])

مشاهدات: 672

خطبة (26)

 أصول يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل

(التفصيل في حكم كلمة [ لو ])

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

elbahre.com/zaid

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

‏تحدّثنا في جُمَعٍ سالِفة عن واحدٍ وثَمانِينَ أصلًا بعد المِئة مِنَ الأُصول المهمّة التي يحتاجُ إليها العامّيّ وطالبُ العِلم في هذا الزّمن حَتَّىٰ يُعصَمَ بإذن اللهِ عزّ وجلّ مِنَ الزَّلَل

   الأصل الثاني والثمانون بعدَ المِئة :

– هَلْ قَوْل كَلِمَة [ لَوْ ] تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ مُطْلَقًا أَمْ أنَّ لَها تَفْصيلًا ؟

– فَالجواب أنّ لَها تفصيلًا :

▪مَن قالَ كَلِمَة [ لَوْ ] على سبيلِ الاعْتِراضِ على شَرْعِ اللهِ . فهذا مُحَرَّمٌ .

 

ولذا قال المنافقون لمّا حَصَلَ مِن هَزِيمَةٍ في غَزْوَةِ أُحُد { .. لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا .. }

قالوا كَلِمَة [ لَوْ ] على سبيلِ الاعْتِراضِ على شَرْعِ الله وتَضَمَّنَت الاعتِراضَ على قَدَرِ الله .

▪إذا قِيلَتْ كَلِمَة [ لَوْ ] على سبيل الاعتِراض على قَدَرِ الله لِنُزول مُصِيبَةٍ بِالإنسان فَهذا مُحَرَّمٌ

في صحيحِ مُـسْـلِمٍ مِن حديثِ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال :

    ( احْرِصْ على ما يَنفَعُكَ واسْتَعِنْ بِاللهِ ولا تَعْجِزْ وَإِنْ أصابكَ شَيْءٌ فَلا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذا وَكذَا ، وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللهُ وما شاءَ فَعَلَ فإنّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشيطان )

 

▪إذا قِيلَتْ كَلِمَة [ لَوْ ] على سَبيلِ تَمَنِّي الشَّرّ فإنّها تَكونُ مُحَرَّمَةً .

▫وإن كانَتْ كلمة [ لَوْ ] قِيلَتْ على سبيلِ تمنِّي الخَيْر فهي جائزة بَلْ مُسْتَحَبَّة

النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثبتَ عِنْدَ التِّرمِذيّ قال :

 (( إنّما الدُّنيا لأربعةِ نَفَر : عَبْدٌ رَزَقَهُ اللهُ مالًا وعِلمًا ، فَهُوَ يَتَّقِي فيه رَبَّه ويَصِلُ فِيهِ رَحِمَه ، ويَعلَمُ أنَّ للهِ فِيهِ حَقَّهُ ، فَهذا بِأَفْضَلِ المَنازِل .

وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مالًا فَيَقول لَوْ أنَّ لِي مالًا [ هُنا تَمَنَّى ، تَمَنَّى خَيْرًا ] يقول : لَوْ أنّ لي مالًا لَعَمِلْتُ بهِ كَعَمَلِ فُلان . فَهُما في الأجْرِ سواء .

وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللهُ مالًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ عِلمًا ، فَهُوَ يَخْبِطُ في مالِه بِغَيْرِ عِلْم ولا يَتَّقِي فِيهِ رَبَّه ولا يَصِلُ فِيهِ رَحِمَه ، ولا يَعْلَمُ أنَّ للهِ فِيهِ حَقَّهُ ، فَهذا بِأَخْبَثِ المَنازِل

وَعَبْدٌ ..- وهذا مَوْضِع الشاهِد – [ إن قالَ كَلِمَة [ لَوْ ] مُتَمَنِّيًا الشَّرّ ] وَعَبْدٌ لَمْ يَرْزُقْهُ اللهُ مالًا ولا عِلْمًا ، فَهُوَ يقول : لَوْ أنَّ لي مالًا لَعَمِلْتُ بهِ كَعَمَلِ فُلان . فَهُوَ بِنِيَّتِهِ ، فَهُما في الإثمِ سَوَاء ))

▫وإذا قِيلَتْ هذه الكَلِمةُ على سَبيلِ الإخبار : كما لَوْ قُلتَ لِشَخصٍ مَثَلًا ( لَوْ أتَيْتَني لَذَهَبْتُ معكَ ، لَوْ أتَيْتَني لَأَعَنْتُكَ على قَضاءِ حَاجَتِك ، لَوْ أَتَيْتَنِي لَأَكْرَمْتُكَ )

هذا إخْبارٌ فقط . يُرِيدُ أن يُخْبِر . فَلا إشكالَ في ذلك . جائز .

ولذلكَ في الصَّحِيحَين على أحَدِ وَجْهَي الْقَوْلَيْن :

 قال النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم : (( لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِن أَمْرِي ما اسْتَدْبَرْتُ ما سُقْتُ الهَدْيَ ))

فَهُنا يُخْبِر صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وقيلَ هِيَ للتَّمَنِّي . لَكِنَّ الإخْبارَ لا إشكالَ فِي ذلك .

▫وإذا قِيلَتْ كَلِمَة [ لَوْ ] على سَبيل النَّدَم ( إذا فَعَلَ مَعْصِيَة أو تَرَكَ طاعة ) فهذا جائز بَلْ مُستَحَبّ .

لَكِنْ في ماذا ؟

فيما يَتعلّق بِالنَّدَم المُتعلِّق بِتَرْكِ طاعَة أَوْ بِفِعْل مَعْصِيَة .

كَأَن يقول ( لَوْ أنَّني أدَّيْتُ الصَّلَوَات كفَّرَ اللهُ عَنِّي سَيِّئاتي وفَتَحَ اللهُ لي أبوابَ الرِّزق )

– هُنا قال كَلِمَة [ لَوْ ] على سَبيلِ النَّدَم لِفِعْلِ مَعْصِيَة أَوْ تَرْكِ طاعة . فهذا جائز بَلْ مُسْتَحَبّ .

ولذلك النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ثبتَ عِنْدَ أَحْمَدَ قال : (( النَّدَمُ تَوْبَةٌ ))

 ▪لَكِنْ لَوْ أنّه نَدِمَ مِن أَجْلِ حُصولِ مُصِيبَة لهُ .

هُنا ، لا .  لا يجوزُ ذلك .

خُلاصَة الْقَوْل :

🚫 إذا قِيلَتْ كلمةُ [ لَوْ ] على سَبيلِ :

الاعْتِراضِ على شَرْعِ الله أَوْ على سَبيلِ الاعْتِراضِ على قَدَرِ الله أَوْ على سَبيلِ التَّمَنِّي لِفِعْل الشَّرّ :

– فهذا مُحَرَّمٌ

لَكِنْ لَوْ قِيلَتْ على سَبيلِ :

تَمَنِّي الخَيْر ، أَوْ على سَبيل الإخْبار أَوْ على سَبيلِ النَّدَم ( لمّا فَعَلَ مَعْصِيَة أَوْ تَرَكَ طاعَة ) :

– فَلا إشكالَ في ذلك ، بَلْ في بَعْضِ هذه الأحوال كما مرّ ، بعضُها مُسْتَحَبّ .

فَهذا خُلاصَة القَوْل .

لأنّ بعضًا مِنَ الناس إذا قالَ كلمة [ لَوْ ] على سبيلِ الإخبار ( لَوْ أَتَيْتَنِي لَقُمْتُ معك أَوْ لَذَهَبْتُ معك ) يقول : لا تَقُلْ [ لَوْ ]

يَختَلِف حالُها مِن حالٍ إلى حالٍ

ومرَّ معنا هُنا حديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه في صحيح مسلم . أشرَحُه على سبيل الإيجازِ لِأهمّيّته

قال صلّى الله عليه وآله وسلّم كما في صحيحِ مسلم مِن حديث أبي هُريرة رضي الله عنه :

 (( احْرِصْ على ما يَنْفَعُكَ واسْتَعِنْ بِاللهِ )) سبحان الله !

(( احْرِصْ على ما يَنْفَعُكَ )) افْعَلِ السَّبَب مَعَ التَّوَكُّلِ على الله . ولذلك ماذا قال بَعدَها ؟ (( واسْتَعِنْ بِاللهِ ))

ويَصِحُّ أن تُنْطَقَ [ حُكِيَ : (( احْرَصْ )) ]

 لَكِنَّ الأشْهَر (( احْرِصْ ))

(( احْرِصْ على ما يَنْفَعُكَ واسْتَعِنْ بِاللهِ )) ما الذي بعدها ؟

(( ولا تَعْجِزْ  )) ويصحّ نطقها (( ولا تَعْجَزْ  ))

(( ولا تَعْجِزْ  )) لأنّ بعضًا مِنَ الناس رُبّما يَفْعَلُ السَّبَب ويَتَوَكَّل على الله وإذا بهِ يمضي في أمرٍ خَيِّرٍ ، وإذا بهِ يَتَكاسَل ويَقِف .

وهذا لهُ أمْثِلَةٌ كثيرةٌ :

بعضُ الناس يستعينُ بِاللهِ عزّ وجلّ لِحِفْظِ القُرآنِ أو لِطَلَبِ العِلْمِ الشَّرْعِيّ – هذا كَمِثال والأمثِلةُ كثيرة – وإذا بهِ ماذا ؟

وإذا بهِ إذا بَدَأ تَعِبَ أو ما شابَهَ ذلك ، فإذا بهِ ينتَهي .

ولذلك ماذا قال ؟

(( احْرِصْ على ما يَنْفَعُكَ )) يَعني على النافع . ما هُوَ أنفَع وأعظَم نفعًا مِن باب أَعظَم (( واسْتَعِنْ بِاللهِ ولا تَعْجِزْ ))

وهذا حَتَّىٰ في الأمور الدُّنيويّة : بعض الناس رُبّما يَكُونُ لهُ أمرٌ في أمرٍ دُنيَوِيّ وهوَ نافع ويستعين بالله عزّ وجلّ وإذا بهِ يَتَكاسَل

هذا ، نَهَى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عن ذلك

(( وَإِنْ أصابكَ شَيْءٌ ..)) يَعني ممّا لا يُلائمك ، فاتَ خَيْرٌ كُنتَ تَرجُوه ، أَوْ نَزَلَتْ بِكَ بَلِيَّةٌ لا تُرِيدُها

 (( وَإِنْ أصابكَ شَيْءٌ فَلا تَقُلْ لَوْ أنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذا وَكذَا ))

نَعَمْ ، بعضُ الناس رُبّما يذهبُ مثلًا مع طريق ، وهوَ مُتَرَدِّد مع ذلك الطريق أو مع ذلك الطريق ، وإذا بهِ يقول : سأذْهبُ مع هذا الطريق ، فَيَحْصُل لهُ حادِث . فيقول : لَوْ أنّي ذهبتُ مع الطريق الآخر لَمْ يَحْصُلْ لي هذا .

 

هذا اعتِراض على قَدَرِ الله

(( وَإِنْ أصابكَ شَيْءٌ فَلا تَقُلْ لَوْ أنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذا وَكذَا ، وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللهُ وما شاءَ فَعَلَ ))

الإيمان بِالقضاء والقَدَر . أنتَ في حُكمِ الله . في حُكمِهِ القَدَرِيّ .

فَوِّض أَمْرَكَ إلى الله . الإيمان بِالقضاء وبالقَدَر .

(( وَلَكِنْ قُلْ قَدَّرَ اللهُ وما شاءَ فَعَلَ )) ويَصِحّ أن تُخَفَّف : (( وَلَكِنْ قُلْ : قَدَرُ الله وما شاءَ فَعَلَ ))

(( فإنّ لَوْ .. ))  [ لَوْ ] التي على سبيل الاعْتِراضِ على قَدَرِ اللهِ لمّا تَنزِلُ بِالْإِنْسَانِ مُصِيبَة .

بعض الناس رُبّما  يدخل في تِجَارَة فيقول : يا لَيْتَنِي ، لَوْ أنّي لَمْ أَدخُلْ ، لَوْ أنّي لَمْ أَدخُلْ .

انتهى الأمر . قُلْ:(قَدَّرَ اللهُ وما شاءَ فَعَلَ )

(( فإنّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشيطان )) لأنّ الشيطان يُحِبُّ مِثْلَ هذا الأمر . يحبّ ماذا ؟

يُحِبُّ أن يُحزِنَ ابْنَ آدم . أن يَجْعَلَهُ في هَمٍّ مُستَمِرّ .

ولذلك ماذا قال تعالى { إِنَّمَا النَّجْوَىٰ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ }

(( فإنّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشيطان )) فإذا بهِ يَتَحَسَّر وَيَندَم وَيَندَم وَيَندَم

أسأل اللهَ عزّ وجلّ أن يَجعلني وإيّاكم مِنَ السُّعداء في دُنيانا وفي أُخرانا

وهذه الأصول لها تَتِمَّة لأنّها مُهِمّة . ولِلحديث تَتِمّة إن شاء الله في الجمعة القادمة