بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة (27)
أصول مهمة يحتاجها العامي وطالب العلم ليعصم من الزلل
(الدين له ثلاث مراتب)
لفضيلة الشيخ/ زيد بن مسفر البحري
elbahre.com/zaid
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحدّثنا في جُمَعٍ سابِقَة عن اثْنَيْنِ وثَمانِينَ أصْلًا بَعْدَ المِئَةِ مِنَ الأُصولِ المهمّةِ التي يَحتاجُها العامّيّ وطالبُ العِلمِ في هذا الزّمنِ حَتَّىٰ يُعصَمَ بِإِذْنِ اللهِ عزّ وجلّ مِنَ الزَّلَل
◼الأصل الثالث والثمانون بعدَ المِئَةِ:
مَراتِبُ الدِّينِ ثلاثة: ( الإسلام والإيمان والإحسان )
أعظمُها: الإحسان ثُمَّ الإيمان ثُمَّ الإسلام
هذه المَراتِب واجبٌ على كلّ مُسلمٍ أن يَعرِفَها وأن يُطَبِّقَها؛ وذلكَ لأنّ مَدارَ سعادةِ العَبْد عليها إن طَبَّقَها
ــــــــــــــــــــــــــــ
أَتَحَدَّثُ عَنْ هَذِهِ المَراتِب بِشَيْءٍ مِنَ الِاخْتِصار
الإسلام والإيمان والإحسان:
جَاءَ ذِكْرُ هَذِهِ المَراتب في الحديثِ الصّحيحِ في حديثِ جِبْرِيل، لـمَّا سَأَلَ جِبْرِيلُ النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عَنْ هَذِهِ المَراتِب
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[الإسلامُ]
أركانُهُ خَمْسَة كما جَاءَ في حديثِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما في الصَّحيحَينِ:
( بُنِيَ الإسلامُ على خَمْسٍ) الحديث، ما هِيَ أركانُه؟
في الحديث: ” شهادةِ أن لا إِلَـٰهَ إلّا الله وأنّ محمّدًا رَسُولُ الله، وإقامِ الصلاة، وإيتاءِ الزَّكاة، وصَوْمِ رَمضان، وحجِّ بَيْتِ اللهِ لِـمَنِ استطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا “
– ” شهادةِ أن لا إِلَـٰهَ إلّا الله ” بِمعنى: أن تُؤمِنَ بِأَنَّهُ لا أَحَد يَسْتَحِقُّ العُبودِيّةَ إلّا هوَ سبحانَه وتعالىٰ.
{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} الآية؛ ثُمَّ كرَّرَ فقال: { لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }
ما يُعبَدُ مِن دونِ الله باطِلٌ، قال تعالى { ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }
– معنى ( شهادة أنّ مُحَمَّدًا – صلّى الله عليه وآله وسلّم – رَسُولُ اللهِ ):
أنْ تُصَدِّقَهُ في كُلّ ما أَخْبَرَ بهِ مِنَ الأحاديث التي صَحَّت عنه، اسْتَوْعَبَها عقلُك أو لَمْ يَسْتَوْعِبْها عَقلُك.
فَفِي الصَّحِيحَيْن مِن حديثِ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها (( مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنا هذا ما لَيسَ مِنهُ فَهُوَ رَدٌّ )). يَعْنِي: أنّه مردودٌ على صاحِبهِ.
ــــــــــــــــــــ
– إقام الصلاة: أن تَأْتِيَ بِأركانِها وبِواجِباتِها وبِشُروطِها
– إيتاء الزَّكاة: إذا وَجَبَتْ عليكَ الزَّكاة [ ولها تَفصيلٌ في كُتُبِ الفِقْه ]
– صَوْم رمضان [ كذلك ]
– حجّ بَيْتِ الله لِـمَنْ استطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.
هذه ما هِيَ؟
أركانُ الإسْـلامِ الخمسة
شَهادَةُ أن لا إِلَـٰهَ إلّا الله وأنّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وإقامُ الصلاة وإيتاءُ الزّكاة وصَوْمُ رمضان وحَجُّ بَيْتِ اللهِ لِـمَنْ استطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا
هذا ماذا؟
مَرتَبَة الإسلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
◽المرتبة التي أعلىٰ منها [ مَرتَبَة الإيمان ]
والإيمان ستّةُ أركان.
مَن أَنكَرَ رُكنًا، أو أَنكَرَ جُزْءًا مِن رُكنٍ مِن هَذِهِ الأركان فَقَدْ كَفَرَ
ولذلك في صحيح مُسلم لمّا سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهما أنّ هُناك مَن يُنكِرُ قَدَرَ الله عزّ وجلّ.
ماذا قال؟
قال: ( والذي نفسُ ابنِ عُمَرَ بِيَدِه لَوْ أنْفَقَ أَحَدُهُم مِثْلَ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا ما قَبِلَهُ اللهُ منه حَتَّىٰ يُؤمِنَ بِالقَدَر )
ثُمَّ استَدَلَّ بِحَدِيثِ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم (( الإيمان -ثُمَّ ذَكَرَ الأركانَ السِّتَّة- أن تُؤمِنَ بِاللهِ ومَلائكتِه وكُتُبهِ ورُسُلِه واليَومِ الآخِرِ وتُؤمِنَ بِالقَدَر خَيرِهِ وشَرِّهِ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
– معنى [ الإيمان بِاللهِ ]:
قال تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}، { وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
– [ الإيمان بالملائكة ]:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
– [ والإيمان بِالكُتُب ]:
فَمِمَّا ذُكِرَ لنا:
التوراة التي أُنزِلَت على موسى، الإنجيل الذي أُنزِلَ على عيسى، الزَّبور الذي أُنزِلَ على دَاوُدَ، صُحُف إبراهيم.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
– [ والإيمان بِالرُّسُل ]:
قال تعالى وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ}
ممّا ذَكَرَه عزّ وجلّ لنا:
كَـ( نوح وهود وصالح ولوط وإبراهيم ) وغير هؤلاء الأنبياء ممّا ذَكَرَهُم الله عزّ وجلّ؛ أو ذَكَرَهُم النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في سُنَّتِه.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
– [ والإيمان بِاليوم الآخِرِ ]:
ولِذلك ثَبَتَ قَولُه صلّى الله عليه وآله وسلّم (( القَبْرُ أَوَّلُ مَنزِلٍ مِن مَنازِل الآخِرَةِ ))
ـــــــــــــــــــــــــــــ
– [ الإيمانُ بِالقَدَرِ خَيرِهِ وشَرِّهِ ]:
ولِذَلِك أَتَى في الحديث لَمَّا ذَكَرَ (( أَن تُؤمِنَ بِاللّهِ وملائكتِه وكُتُبِه ورُسُلِه واليوم الآخِر .. ))
كَرَّرَ الفِعلَ مَرّةً أخرى فيما يَتَعَلَّقُ بِالقَدَر ((.. وتُؤمِنَ بِالقَدَر خَيرِه وشَرِّه )) لِأنّ هناك مَن يُنكِرُ قَدَرَ الله، أو أنّه يَجهَلُ قَدَرَ اللّه
وَمِن ثَمَّ/ فإنّ هذا أَصلٌ أَصِيلٌ
[ الإيمان بِالقضاء وبالقَدَرِ خَيرِه وشَرِّه ]:
ولِذَلِك في سُنَنِ أبي دَاوُدَ كما ثَبَتَ:
قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ لِابْنِهِ وهو يَعِظُه: ” يَا بُنَيَّ، إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ الْإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ “
” أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ “: يَعْنِي لَم يَكُن لِيَذهَبَ إلى غَيرِك لِأنّ اللّهَ عزّ وجلّ قَدَّرَهُ عليك.
” وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ “: مَا أَخْطَأَكَ مِمّا تَطمَحُ إليه مِن تجارةٍ أو مِن رِبحٍ أو ما شابه ذلك ” لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ “: لِأنّه لَم يُقَدِّرْهُ اللهُ عزّ وجلّ لك
ثُمَّ قال عُبادَة رضي اللهُ عنه:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمُ، فقالَ اللهُ عزّ وجلّ لِلقَلَمِ: اكْتُبْ. قَالَ القلمُ: رَبِّ، وَمَاذَا أَكْتُبُ؟ قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ “
يَا بُنَيَّ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ” مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّي “
وفِي رِواية ابنِ وَهْب: ” أَحْرَقَهُ اللهُ بِالنّار “.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإيمان بِالقَضاءِ وبالقَدَر :
القَدَرُ لَهُ أَربَعُ مَراتِبَ يَجِبُ أن تَفهَمَها، ويَجِبُ أن تُؤمِنَ بِهَا، ويَجِبُ أن تَعمَلَ بِمُقتَضاها
⚪[[ القَدَرُ لَهُ أَربَعُ مَراتِبَ ]]:
* المَرتَبَة الأُولى:
أن تُؤمِنَ بِأنّ الله عزّ وجلّ عالِمٌ بِكُلّ شيء ( ما كان وما يكون وما سيكون )
عالِمٌ بِكُلّ شيء ( الدقيق والصغير، الظاهِر والباطِن )
ولِذا قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }
{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ} الآية؛ ثُمَّ بَعْدَ هذا التفصيل قال مُبَيِّنًا على وَجه العُموم { وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ } أَيّ رَطْبٍ أو يابِسٍ { إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } وهو اللَّوح المحفوظ.
ــــــــــــــــــــــــ
* المَرتَبَة الثَّانية مِن مَراتِب القَدَر:
أن تُؤمِنَ بِأنّ الله عزّ وجلّ كَتَبَ كُلَّ شَيْءٍ في اللَّوح المحفوظ.
ما قَدَّرَهُ اللهُ عزّ وجلّ في هذا الْكَوْن إلى قِيام الساعة قَد كُتِبَ وانتُهِيَ منه.
في سُنَنِ أبي دَاوُدَ كما ثَبَتَ قَولُه صلّى الله عليه وآله وسلّم: ” أَوَّل ما خَلَقَ اللهُ القَلَمَ، فقالَ له: ” اكتُب “، قالَ: وماذا أَكتُب؟، قال ” اكتُب مَقاديرَ كُلِّ شَيْءٍ حتَّى تَقُومَ الساعة ” حتّى تَقوُمَ الساعة.
في صحيح مُسلَّم، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: (( كَتَبَ اللهُ مَقاديرَ الخَلائِق قَبْلَ أن يَخلُقَ السماواتِ والأرضَ بِخَمسينَ أَلْفَ سَنَة، وعَرشُهُ على الماء ))
ما يَقَعُ مِن أيّ شَيْءٍ يَقَعُ في هذا الْكَوْنِ – إلَّا وَقَدْ كُتِبَ – إلى قِيام الساعةِ
ما سيكون إلى قِيام الساعة قَدْ كُتِبَ، وما كُتِبَ لا يَتَغَيَّرُ ولا يَتَبَدَّلُ في اللَّوح المحفوظ
قال تعالى { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } أَصْلُ الْكِتَاب. اللَّوح المحفوظ لا يَتَغَيَّرُ ولا يَتَبَدَّلُ
ولِذا في الأحَادِيْث الصّحيحة:
مِنْهَا: (( لا يَرُدُّ القَدَرَ إلَّا الدُّعاء ))
ومِنها: (( صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ في العُمُر ))
فَالّذي يَتَغَيَّرُ، يَتَغَيَّرُ ما يَكُونُ عِنْدَ عِلمِ الملائكة وما في أَيدِيهِم مِن الصُّحُف
أَمَّا في هذا اللَّوح المحفوظ، فَلا.
ولِذَلِك قَدْ يَكتُبُ اللهُ عزّ وجلّ لِلعَبدِ بِأَنّ بَلِيَّةً ومُصِيبَةً سَتُصِيبُهُ، لَكِنّه عزّ وجلّ لِعِلمِهِ الشامِل عَلِمَ أنّ فُلانًا سَيَدعُو اللهَ عزّ وجلّ، فَلا تَنزِلُ به تِلْكَ البَلِيّة
اللهُ عزّ وجلّ كَتَبَ أنّ عُمُر هذا الإنسان مَثَلًا يَكُونُ عُمُرُهُ سَبعينَ سَنَةً، وعَلِمَ عزّ وجلّ أنّه سَيَصِلُ رَحِمَهُ وَمِن ثَمّ فإنّ عُمُرَهُ يزيد حَسبَما قَدَّرَه الله، مَثَلًا إلى ثمانين أو إلى مئة سَنَة.
الذي يَتَغَيَّر ويَتَبَدَّل ما يكونُ عند الملائكة، أمّا ما في اللَّوح المحفوظ قَد كُتِبَ وانتُهِيَ مِنْه
ولِذَلِك على العَبد أن يَحرِصَ على عِبادة الله مِن دُعاءٍ ونَحوِ ذلك، فإنّها – بإذن الله – تُنَجّي العَبدَ مِمَّا لا يُلائِمُه. (( لا يَرُدُّ القَدَرَ إلَّا الدُّعاء )) لا يَرُدُّ القَدَرَ إِلَّا الدُّعاء
ولِذَلِك هذا الذي في اللَّوح المحفوظ لا يَتَغَيَّر.
يُؤخَذُ مِنْه ماذا؟ يُؤخَذُ مِنْه ما كُتِبَ لِكُلِّ إنسان إذا نُفِخَت فيه الرُّوح
في الصّحيحَين، المَلَكُ ماذا يَكتُب فيما يَتَعَلَّقُ بِالجَنين؟ (( أَجَلُه وعَمَلُه ورِزقُه وشَقِيٌّ أو سعيد ))
▪يُؤخَذُ مِن اللَّوح المحفوظ: هذا تَقديرٌ عُمُرِيّ.
▪في لَيْلَة القَدْر: تَقدِيرٌ سَنَوِيّ ( يَعْنِي ما يَجري في تِلْك السَّنَة إلى السَّنَة الآتِيَة قَد كُتِبَ ).
أُخِذَ مِن ماذا؟ مِن اللَّوح المحفوظ
{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ ۚ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4)} سورة الدخان
▪في كُلِّ يَوْمٍ: تَقدِيرٌ يَومِيّ.
قال تعالى { يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ }
فما قَدَّرَه اللهُ عزّ وجلّ فَقَد كُتِبَ.
ــــــــــــــــــــــــ
* المَرتَبَة الثَّالِثة مِن مَراتِب القَدَر:
مَشِيئَةُ الله: أن تُؤمِنَ بِأنّ ما شاء اللهُ كان، وما لَم يَشَأْ لَم يَكُن.
ولا يستطيع أَحَدٌ أن يَفعَلَ شَيْئًا إلَّا بِمَشِيئةِ الله
قال تعالى { وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }
وَلَو كَانَت لنا مَشِيئَة إلَّا أنَّ مَشِيئَتَنا خاضِعَةٌ لِمَشِيئةِ الله.
مِثْلُ هذا.. ( هنا رَفَعَ الشَّيخُ جِهازًا )
وقال: مِثلُ هذا لا أستطيعُ أن أَرفَعَهُ، إِلَّا بِمَشيئة الله عزّ وجلّ
لِي مَشيئَة، رَفَعتُه لَكِن لا يُمْكِن أن أرفَعَهُ إلَّا بِمَشِيئةٍ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ
ولذلك في صحيح مُسْلِم:
لَمَّا كان ذلك الرَّجُل يَأكُلُ بِشِماله، قال صلّى الله عليه وآله وسلّم (( كُلْ بِيَمِينك ))، قال: لا أستطيع – مِن الْكِبْر -، قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: (( لا استَطَعتَ )) فما رَفَعَها إلى فِيهِ.
أرادَ أن يَرفَعَ، ما استَطاع.
فَمَشِئَتُكَ خاضِعَةٌ لِمَشِيئةِ اللهِ عزّ وجلّ.
ــــــــــــــــــــــــ
* المَرتَبَة الرابِعة مِن مَرَاتِب القَدَر :
الخَلْقُ والإِيجادُ. يَعْنِي لا يَقَعُ شَيْءٌ في هذا الْكَوْن إِلَّا بِتَقديرٍ مِنْه
{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }
انتَبِه. ما يَقَعُ مِن شَيْءٍ في هذا الْكَوْن إلَّا بِخَلْقِهِ عزّ وجلّ وبِإيجادِه
ولذلك، ما يَقَعُ مِن خَيراتٍ وَمِن نِعَمٍ؛ مِن خَلْقِهِ عزّ وجلّ، قَدَّرَهُ عزّ وجلّ
ما يَقَعُ مِمَّا لا يُلائِمُ الْبَشَر: مِن الفَيَضاناتِ وَمِنَ الْمَوْتِ وَمِنَ الأَوبِئَةِ وما شابَهَ ذَلِكَ فَهِيَ بِتَقدِيرٍ مِن الله.
ما يَقَعُ شَيْءٍ في هذا الْكَوْنِ إلَّا بِأَمْرِ الله وبِتَقديرٍ مِن الله
لَكِنْ، اللهُ عزّ وجلّ لمّا يُعطي العِبادَ الْخَيْرَ والنَّفعَ يُعطِيهِم لِذاتِ النَّفع والخَير
وإذا قَدَّرَ عليهم الشَّرَّ فإنّ هذا الشَّرَّ ما خَلَقَهُ اللهُ لِذاتِ الشَّرّ. لا
سبحانه وتعالى. تعالى الله
ما خَلَقَهُ لِذاتِ الشَّرِّ، لَكِن خَلَقَ الشَّرَّ لِحِكَمٍ ولِخَيرات بِاعتِباراتٍ أُخرى
أَنزَلَ بِك المَرَض؛ شَرٌّ بِالنِّسبَة إلَيْك؛ لَكِنْ لِتَعُودَ إلى الله
أنزَلَ اللهُ المرض بِـ( فُلان) ذلكم الطاغِيَة، يَعتَبِرُ غَيْرُه مِن الناس، هذا خَيْر
ما يَقَعُ مِن شيءٍ مِن هذا الشَّرِّ إلَّا بِماذا؟
إلَّا بِتَقدِيرٍ مِن الله عزّ وجلّ. فَلَهُ خَيرات.
خَلَقَ اللهَ عزّ وجلّ إبليس وهو شَرٌّ مَحضٌ لَكِنْ لِحِكَم:
لِكَي يَظهَر الأَمْرُ بِالمعروف والنهي عن المنكر،
لِكَي يَظهَرَ دِينُ الله،
لِكَي يَعلَمَ اللهُ عزّ وجلّ عِلْمًا يَتَرَتّبُ عليه الجزاءُ والحِسابُ وإلّا فهُوَ عالِمٌ بَكُلِّ شَيْءٍ قَبْلَ أن يَخلُقَ الشّيْءَ
مِمَّا يترتّب عليه جزاء ومُحاسَبة: مَن يُؤْمِنُ، مَن يُعَرِضُ، مَن يُقبِلُ على الله.
ما يَقَعُ مِن ذُنوب (مِن زِنا مِن لِواط مِن سَرِقَة أو ما شابَهَ ذلك) هذا بِتَقديرٍ مِن الله
ما يَقَعُ شيءٌ إلَّا بِتَقديرٍ مِن الله، لَكِنْ لِحِكَمٍ أرادَها عزّ وجلّ.
وَقَعَ آدمُ في الذَّنْب بِتَقديرٍ مِن الله عزّ وجلّ، لَكِنْ صارَ ذلك الذَّنبُ بَعْدَ تَوبَتِه صارَ خَيرًا له:
{ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ}
فَـانْـتَـبِـهْ:
لا يُمْكِنُ أن يَقَعَ شيءٌ في هذا الْكَوْن إلَّا بِتَقديرٍ مِن الله، إن كان خَيرًا فَاللهُ عزّ وجلّ أرادَهُ لِذاتِ الْخَيْر،
وإن كان شَرًّا فَاللهُ عزّ وجلّ لا يَخلُقُ الشَّرَّ لِذَاتِ الشَّرِّ وإنّما يَخلُقُ الشَّرَّ لِحِكَمٍ وخَيراتٍ بِاعتِباراتٍ أُخرى.
ــــــــــــــــــــــــ
إِذَن هذه مَراتِب القَدَر، ومجموعةٌ في قَوْل القائل:
عِلمٌ كِتابَةُ مَوْلانا مَشِيئَتُهُ وخَلْقُهُ وهُوَ إِيجادٌ وتَكوِينُ
عِلمٌ وكِتابَةٌ ومَشِيئَةٌ وخَلْقٌ.
ــــــــــــــــــــــــ
◽المَرتَبَة الثَّالِثَة مِن مَراتِب الدِّين:
قُلْنَا: مَراتِبُ الدِّين:
– الإسلام
– والإيمان
– المَرتَبَة الثَّالِثَة: [ الإحسان ]
أَعْظَمُ ما يكون هو الإحسان، وهو رُكن واحد
ذَلِكُم الرُّكن مُكَوَّنٌ مِن مَرْتَبَتَين، إحداهُما أَعلى مِن الأُخرى:
[أَن تَعبُدَ اللهَ كَأَنّك تَراهُ] يَعْنِي إذا عَبَدتَ اللهَ كأنّك تَرَى الله؛ مَنزِلَةٌ عظيمةٌ أن تَعبُدَ اللهَ كأنّك تَرَى الله
إن لمْ تَستَطِع فَاعبُدِ اللهَ [لِأَنّ اللهَ عزّ وجلّ يَراك]
سبحان الله!
إذا عَبَدَ الإنسانُ رَبَّهُ على أنّهُ يَرَى اللهَ أو على المَرتَبَة الثانية على أنّ اللهَ يراهُ، كيف يَكُونُ عَمَلُه؟
يَكُونُ عَمَلًا حَسَنًا خالِصًا، يَكُونُ مُراقِبًا لِلّهِ عزّ وجلّ، لا يُقدِمُ إلَّا على ما يُرضِي اللهَ عزّ وجلّ، ويَترُكُ ما يُسخِطُ الله عزّ وجلّ.
ــــــــــــــــــــــــ
هذه مَراتِبُ الدِّين
افهَمْها وتَعَلَّمْها واحفَظْها، وتَعَبَّدْ لِلّهِ عزّ وجلّ بِمَا فيها وبِما تَقتَضِيه
مراتِبُ الدِّين [ الإسلام ثُمَّ الإيمان، والأعلَى: الإحسان ]