شرح حديث ( قد أفلح من أسلم و رزق كفافا و قنّعه الله بما أتاه )

شرح حديث ( قد أفلح من أسلم و رزق كفافا و قنّعه الله بما أتاه )

مشاهدات: 1809

كلمات فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

شرح حديث :

( قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنّعه الله بما أتاه)

 أما بعد : ..

أخرج الإمام مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال 🙁 قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنّعه الله بما أتاه) لو تأملنا هذا الحديث لوجدنا أنه احتوى على ثلاث جمل من اتسم بها فقد حصل على الخير و الفلاح  ما هي ؟ نعمة الإسلام ،و نعمة الرزق الكفاف و نعمة القناعة ، فقوله عليه الصلاة و السلام (قد أفلح) قد:تفيد التحقيق يعني أن هؤلاء في مثل هذه الحال قد تحقق فلاحهم ، من اتصف بهذه الصفات فإن فلاحه قد تحقق بل إن (قد) إذا أتت قبل الفعل الماضي دلت على الحال بمعنى أن هؤلاء قد تحقق فلاحهم  ما هو الفلاح ؟ الفلاح  : هو  الفوز بالمطلوب و النجاة من المرهوب  ) يمكن أن يظفر الإنسان بخير  و يصاب بضر ، و هذا ليس بفلاح حقيقي،قد يُمنع عن الإنسان الضرر و لا يُصاب بخير و هذا ليس بفلاح حقيقي،و إنما الفلاح الحقيقي الذي يسعد به الإنسان  أن يظفر بمطلوبه و يُنجّى من مرهوبه،

(قد أفلح من أسلم)أعظم نعمة هي نعمة الدين و لذا ندعو الله سبحانه و تعالى في كل ركعة من صلاتنا أن يهدينا صراط الذين أنعم عليهم ،فهي أعظم النعم ، فإذا وُفّق الإنسان إلى نعمة الإسلام فأعظم بها و أكرم بها من نعمة ،ما أتى معها فهو خيرعلى خير

 ( و رزق كفافا ) لا له و لا عليه ، و لذلك النبي صلى الله عليه و سلم من دعائه ( اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا ) و في رواية (اللهم اجعل رزق آل محمد كفافا ) لا يحتاج و لا يزيد ، و ليس معنى هذا أن الإنسان ممنوع من أن يطلب الدنيا ، كلا : حتى لو أكثر منها شريطة  ألا تشغله عن طاعة الله عز و جل و لكن ليكن نصب عينيه العبادة ، و لذلك كبار الصحابة رضوان الله عليهم أبو بكر ،عمر بن الخطاب،عثمان بن عفان، عبدالرحمن بن عوف ، ثلة من الصحابة الكبار بل من العشرة المبشرين بالجنة كلهم كانوا من الأثرياء،ابن المبارك من أزهد علماء عصره  و مع ذلك كان أثرى الناس في هذا العصر، فلا يمنع أن يجمع الإنسان بين خيري الدنيا و الآخرة ، و لكن ما يرى في هذا العصر من كثير من الناس إذا دخلت الدنيا عليه أشغلته عن طاعة الله عز و جل 0

(و قنّعه الله بما آتاه) من أعظم نعم الدنيا القناعة بما آتاك الله ،و لذلك يقول النبي صلى الله عليه و سلم في بعض السنن (ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس)بما قسم الله لك من مال من صحة من  وظيفة من أولاد تعيش بين الناس و أنت سعيد ،و لذلك في المثل السائد و يروى أنه حديث و لكنه لا يصح ( القناعة كنز لا يفنى )الكنز الحقيقي هي القناعة،و لذلك يقول النبي صلى الله عليه و سلم في الصحيح(لو كان لابن أدك واديان من ذهب لابتغى ثالثا ،و لا يملأ فاه إلا التراب) أي بمعنى أن لا يمكن أن يشبع إذا لم يقنّع نفسه إلا إذا وضع في القبر و أُهيل التراب عليه  و لكن ما الذي بعدها ؟ (و يتوب الله على من تاب ) كأن فيه إشارة إلى أن الإنسان يتنبه ، و أنا أقول (و الله من كان حائزا على نعمة الدين و عنده الصحة و العافية فإنه حائز على خير كثير ) النبي صلى الله عليه و سلم يقول كما في السنن (ما أُعطي أحدٌ بعد اليقين خيرا من العافية ) إذا آتاك الدين فبعد نعمة الدين العافية ، و أعرف أناسا عندهم الملايين لكنهم لا يتلذذون بمأكل و لا مشرب لأنهم مرضى ، و لذلك النبي صلى الله عليه و سلم ماذا قال في سنن الترمذي ؟ قال ( من أصبح آمنا في سربه معافى في بدنه ،عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ) كم عندنا من قوت ؟ يمكن أن يكفينا سنة أو يزيد ،فالقضية قضية قناعة فمن قنعه الله عز و جل فقد بلغ خيرا عظيما  ، هذا الحديث سمعته من أحد الأئمة يقرأ في رياض الصالحين فاستوقفني هذا الحديث ،وتأملت هذه الجمل كيف يكون له الفلاح أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما أتاه

نسأل الله تعالى القناعة في هذه الدنيا ويعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم