ضابط مهم
(متى تكون الكلمة من كلمات القذف فيقام على قائلها الحد )
وألفاظ يجب الحذر منها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من قذف شخصا محصنا ، وهو المسلم الحر العفيف الذي مثله يقع منه الجماع ، يعني الذي يجامع ، مثله فإن من قذف من توفرت فيه هذه الصفات فيكون قد قذف محصنا سواء كان هذا المقذوف رجلا أو امرأة فإنه يحد حد القذف ، كم حد القذف ؟ ثمانون جلدة
قال تعالى { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا }
فحد القذف لا يسقط عنه بتوبته إلا إذا تنازل المقذوف
وألفاظ القذف : منها ما هو صريح ، ومنها ما هو كنائي
فالصريح : كأن يقول يا زاني أو يا زانية أو يا لوطي
فهذا لو قال أردت شيئا آخر غير الرمي له أو لها بالزنا فإنه لا يقبل منه لأنه صريح
بينما اللفظ الكنائي : يحتمل أنه أراد أنه زنى أو زنت ، وقد يحتمل ما ليس كذلك ، فإنه إن قال لم أرد أنه زنا أو أنها زنت فإنه لا يحد حد القذف
ولكن من تلفظ بمثل هذه الألفاظ سواء كانت كنائية أو لم تكن لا صريحة ولا كنائية ، كمن يقول لإنسان ” يا تيس ، يا كلب ، يا حمار ” فإن مثل هذا يعزر حتى يتردع عن مثل هذا القول البذيء
ولذلك بعض الناس لما يقول لشخص ” يا كلب ، يا حمار ” يقول النووي يقول: ” هذا وقع في محظورين ، المحظور الأول : أنه كذاب فإن هذا آدمي ، ليس بتيس ولا بكلب ولا بحمار ، المحظور الثاني : أنه حقر أخاه المسلم ، وقلل من شأنه ، وجعله بمنزلة هذه الحيوانات
ولكن ليعلم :
أنه بالنسبة للألفاظ الكنائية تختلف باختلاف الزمن
فمثلا كلمة ” يا قحبة ” فيما مضى ما كانت صريحة في القذف ، يقولون هذه كنائية ، لكن يختلف باختلاف الزمن ، باختلاف المجتمعات
قد يكون الناس في زمن واحد ، ولكن المجتمع هنا مثلا عنده ألفاظ صريحة في الزنا ، وفي أماكن أخرى ليست صريحة أو العكس
ولذلك في بعض المجتمعات ، في هذا الزمن إذا قيل لشخص ” يا ابن اللبوة ” فيعد قذفا صريحا ، فهو يختلف باختلاف الأزمان ، باختلاف المجتمعات
وعلى كل حال :
سواء قيل بأنه لفظ صريح في القذف أو لفظ كنائي أو لم يكن فالمسلم ليس بالفاحش البذيء ، والأحاديث كثيرة جدا في ذم من هو فاحش في قوله ، وفي فعله
ويدخل هذا في ضمن سباب المسلم ( سباب المسلم فسوق ) كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام
اللفظ الصريح : كأن يقول يا زانية ، فإن قال به فإنه يعد قذفا صريحا
أما احتجاجه بحديث النبي صلى الله عليه وسلم كأن يقول أنا أقصد أنه يزني من حيث النظر ، أو من حيث اليد وما شابه ذلك ، فإنه لا يقبل ، استدلالا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ( العين تزني وزناها النظر ، واللسان يزني وزناه الكلام ، والرجل تزني وزناها المشي ، ويصدق ذلك أو يكذبه الفرج ) فإنه من المعهود إذا قال : يا زاني ، يا زانية ، فالمعهود هو الزنى الصريح وهو زنى الفرج
كذلك الشأن ، المهم ما تعارف الناس عليه
ولذلك : لو أن شخصا تلفظ على شخص بلفظ هو بذيء ، لكنه أتاه بلغته بلغة إنجليزية أو فرنسية أو ما شابه ذلك فإنه يدخل بما أنه ذم وعيب
حتى بعض الألفاظ التي قد تكون طيبة في مجتمع قد تكون غير طيبة في مجمع آخر ، فكل مجتمع بحسبه لو مثلا بعض الكلمات قد تكون في مجتمع ليس بها عيب ، لكن في مجمتع بها عيب فأتى إنسان إلى بيئة ، فوصف شخصا بهذا الوصف الذي هو في مجتمعه مباح من المباحات ، وإذا به في هذا المجتمع يكون كلمة عار وعيب بل قد تصل إلى حد القذف في المجتمع الآخر ، فهنا لا يقام عليه الحد إذا تبين أنه غريب عن البلد ، وأنه يعني هذا اللفظ يطلق على حسب ما يسأل عنه أهل تلك البلدة ، هذا الوصف يطلق عند أهل بدلته على أنه وصف مباح ؟
كلمة بعض الناس يقول لشخص آخر ” يا ابن الذين ” هذه ينظر فيها إلى حسب عرف كل مجتمع
وينظر فيها إلى القرينة ، قرينة القول قد تكون قرينة غضب ونزاع وشجار ، فهذه الكلمة لا يمكن أن تحمل إلا على محل سوء لأنه غاضب عليه
لكن لو كانت في حال بها فرح وسرور ، وما شابه ذلك فهي تحمل على المحمل الحسن
إلا إن وجدت قرينة ، أو قاعدة عرفية في مجتمع من المجتمعات من أن كلمة ” يا ابن الذين ” يقصد منها السوء إن كان المقصود منها القذف الصريح بالزنى وباللواط يحد حد القذف
وإن لم يقصد منها إلا الذم والإساءة للآخر فإنه يعزر تعزيرا يمنعه
لأنه قد يقول ما أردت إلا قول ” يا ابن الذين آمنوا ” فهي تختلف
سبحان الله !
يعني الشرع أباح وأجاز ألفاظا ، يعني كثيرة جدا ، وألفاظ يمدح قائلها والمقول له ، وهؤلاء يأتون بمثل هذه الألفاظ
فالشاهد من هذا : أن هذا هو الحكم على حسب الحال والقرينة وعرف المجتمع
والإنسان يعود لسانه على ما هو طيب ، وكلام صريح واضح ليس به تورية ، ولا خفاء ، ولا يحمل محامل سيئة ، كن صريحا حتى تسلم ، يسلم لك دينك ، ويسلم لك عرضك ، وتسلم لك مروءتك
وهناك حديث يذكر هو عند الطبراني والبزار ( قذف محصنة يهدم عمل مائة سنة ) هذا الحديث ضعيف ، ولا يصح عنه عليه الصلاة والسلام ، وقد أشار البوصيري إلى ضعفه ، وأشار الهيثمي في مجمع الزوائد إلى ضعفه ، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة ، وضعفه أيضا الألباني في ضعيف الجامع ، فليس بحديث صحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام.