فضل ليلة القدر وعلامتها ووقتها وحكم تداول الرؤى في تحديدها وأنواع تقدير الله في الكون

فضل ليلة القدر وعلامتها ووقتها وحكم تداول الرؤى في تحديدها وأنواع تقدير الله في الكون

مشاهدات: 392

فضل ليلة القدر وعلامتها ووقتها

وحكم تداول الرؤى في تحديدها

وأنواع تقدير الله في الكون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال :

يرد كثيرا خاصة في بداية هذه العشر أن القرآن الكريم نزل في ليلة أربع وعشرين وأنها تعتبر ليلة القدر

ما صحة ذلك ؟

الجواب :

هذا حديث عند الطبراني :

ونصه :

أن النبي عليه الصلاة والسلام قال وهو حديث حسن لا بأس به

(( إن صحف إبراهيم نزلت أول ليلة من رمضان ، وإن التوراة نزلت لست خلت من رمضان ، وإن الإنجيل نزل في ثلاث عشرة خلت من رمضان ، وإن الزبور نزل في ثماني عشرة خلت من رمضان ، وإن القرآن نزل ليلة أربع وعشرين ))

وبالتالي :

فإن مثل هذا الحديث نقف عنده وقفة وندخل من خلاله لبيان فضل ليلة القدر :

ليلة القدر كما أسلفت أنزل الله فيها سورة كاملة

والنبي عليه الصلاة والسلام ما اجتهد في العشر الأواخرإلا طلبا لهذه الليلة

وهذه الليلة قال عز وجل فيها : { إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ }

إذاً :

نزل القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر

 وهذه الآية مع ما ذكر من حديث من أن القرآن نزل ليلة أربع وعشرين

يعني :

نزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا

لأن القرآن ما نزل جملة واحدة ، إنما نزل مفرقا منجما على حسب الوقائع والأحداث

فنزل ليلة أربع وعشرين إلى السماء الدنيا ثم بعد ذلك توالى نزوله حسب الوقائع وحسب الأحداث

فقال جل وعلا :

{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) }

فخَّمها بالسؤال

ثم أجاب :

{ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) }

وسميت هذه الليلة بهذا الاسم :

ــ لعظم وشرف العمل فيها

ولذلك في الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام :

(( من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ))

وسميت أيضا بهذا الاسم :

ــ لأن الله يقدر ما يكون فيها في السنة التي أراد الله أن يكون فيها ما يكون

لأن التقدير :

ــ تقدير عام

ــ وتقدير عمري

ــ وتقدير سنوي

ــ وتقدير يومي

 

التقدير العام :

ـــــــــــــــــــــــــــــ

هو ما كتبه الله في اللوح المحفوظ لا يتغير ولا يتبدل : { يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }

ولذلك :

قال عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم :

(( قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين الف سنة وكان عرشه على الماء ))

هذا التقدير العام الذي لايتغير ولا يتبدل

 

هناك تقدير عمري :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كما جاء في الصحيحين :

(( أن الجنين حينما تتم له أربعة أشهر يأتي الملك فينفخ فيه الروح فيكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد ))

 

هناك تقدير سنوي :

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهو ما يكون في ليلة القدر :

كما أشار عز وجل هنا

ولذلك في الآية الأخرى قال :

{ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) }

 

هناك تقدير يومي :

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال عز وجل : { يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) }

 

يعني :

 كما جاءت بذلك الأحاديث والآثار أنه جل وعلا في كل يوم يفرج هما وينفس كربا ويعطي سائلا ويجيب داعيا جل وعلا

فقال عز وجل :

{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) }

يعني :

أن من وفق في العبادة فيها تفوق عبادة شخص عمر ثلاثا وثماينن سنة وأربعة أشهر ليس فيها ليلة القدر

فانظر إلى عظيم ثوابه عز وجل

ثم قال عز وجل بعد ذلك :

{ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا }

يعني :

أن الملائكة تتنزل بالرحمة

ولذلك في المسند كما ثبت في الحديث الحسن :

(( أن الملائكة أكثر من الحصى في ليلة القدر ))

وهذه الليلة لا يرمى فيها بنجم لأن لها علامات مصاحبة في أثناء الليل لا يرمى فيها بنجم

والجو كما أخبر عليه الصلاة والسلام في المسند في الحديث الحسن :

(( أن الجو ساكن  ))

يعني :

ليست هناك غبرة  ، وليست هناك ريح شديدة ، ولا ساكنة ، بين بين ، والإضاءة واضحة

فيها إضاءة وفيها نور تختلف

وهذا يكون في الصحراء
أما من يكون في المدن فإن الكهرباء قد تحول بينه وبين معرفة ذلك

{ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا }

الروح هو جبريل

{ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) }

يعني من كل أمر قضاه الله عز وجل يتنزلون بذلك

{ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) }

يعني سلام هي

 يعني :

هي ليلة السلامة ، السلامة من الآفات ، من الشرور ، ومن الذنوب ، من الشياطين  ، من النار

 { سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5) }

يعني :

من غروب الشمس من أذان المغرب إلى أن يؤذن للفجر هذا الوقت وهو ليلة القدر سلام

ولذلك :

ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أن لها علامة لاحقة يعني بعد ما تذهب

قال عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم : (( تطلع الشمس لا شعاع لها ))

كيف لا شعاع لها ؟

جاءت رواية أحمد تبين

قال : (( تكون الشمس كالقمر ليلة البدر ))

القمر مضيء لكنه لا يصدر أشعة

 

وبالتالي :

على المسلم أن يتقي الله ، ويحرص على أن يقوم العشر كلها

 

وهنا أنبه :

أنه قد ترى بعض الرؤى أن تلك الليلة هي ليلة القدر ثم تفسر

فيحرم الناس

أولا :

أقول : لاشك أن الصحابة كما في الصحيحين رأوا في إحدى السنوات أنها ليلة سبع وعشرين ، فقال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين :

(( أرى رؤياكم قد توطأت على سبع وعشرين فمن كان متحريها فليتحراها في ليلة سبع وعشرين ))

ثم :

إنه لا يدرى : هل تحقق تعبير هذا المفسر أم لا ؟

لا تدري ربما يخطئ ، والخطأ في التعبير وارد كما ورد عن أبي بكر  رضي الله عنه أخطأ في التعبير

 

ومن ثم :

فإن ليلة القدر لا تثبت في ليلة واحدة

بل النبي عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري قال : (( التمسوها في العشر ))

 

ومعنى الحديث الذي ذكر آنفا :

(( أن القرآن نزل ليلة أربع وعشرين  ))

(( والنبي عليه الصلاة والسلام بيَّن أن أرجا ليالي العشر الأوتار ليلة إحدى وعشرين ، ثلاث وعشرين ، خمس وعشرين ، سبع وعشرين ، تسع وعشرين ))

 

ولذلك :

 قال عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري قال :

(( التمسوها في كل وتر ))

وأحرى وأرجا هذه الليالي الوترية ليلة سبع وعشرين كما مر معنا في هذا الحديث

ربما تكون ليلة اثنتين وعشرين أو ليلة أربع وعشرين  ، أو ليلة ست وعشرين

فعلى المسلم أن يجتهد

ومما يدل على أنها لا تثبت وأنها تنتقل من سنة لأخرى الله أعلم بها  :

ما جاء في الصحيحين :

وهو حديث أبي سعيد أنه قال :

(( قال النبي عليه الصلاة والسلام أريت ليلتها أني أسجد صبيحتها في ماء وطين ، فيقول أبو سعيد فأمطرت ليلة إحدى وعشرين فيقول : صليت مع النبي عليه الصلاة والسلام الصبح فلما انصرف من صلاته إذا بأثر الطين والماء في أنفه وجبهته عليه الصلاة والسلام ))

وهو حديث يفصل في الموضوع من أنها ليست محددة تحديدا واضحا

 

ولذلك :

كان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على التماسها

جاء في المسند وفي السنن :

(( قالت عائشة يارسول الله أرأيت يا رسول الله إن أدركت ليلة القدر ماذا أقول ؟ قال : قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ))

 

وبالتالي :

فإن المسلم في هذه الليالي يحرص على أن يكثر من هذا الدعاء :

(( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ))

 

سؤال :

 ورد في السنة أن النبي عليه الصلاة والسلام كان سيخبر أصحابه ولكن حدث بعض المشاجرة ؟

ما صحة ذلك ؟

هذا الحديث ثابت :

وفي الصحيحين :

(( من أن النبي عليه الصلاة والسلام خرج ليخبر أصحابه بليلة القدر فلما خرج إذا برجلين يتشاحان )) يعني يتخاصمان

(( فقال النبي عليه الصلاة والسلام تلاحا فلان وفلان ــ يعني : تباغضا وتشاجرا ــ فرفعت ))

يعني : رفعت علامتها تلك السنة

 

وبالتالي :

هذا يؤكد على أمر :

وهو أن على المسلم أن  يحفظ لسانه من الجدال والخصام في سائر حياته

فالنبي عليه الصلاة والسلام كما في المسند قال : (( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا جدلا ))

وبالأخص يحرص على أن يدع الجدال والخصام في هذه الليالي الفاضلة