فوائد مجهولة وسنن مهجورة عن المطر ـ الجزء الثاني

فوائد مجهولة وسنن مهجورة عن المطر ـ الجزء الثاني

مشاهدات: 469

فوائد مجهولة وسنن مهجورة عن المطر ـ الجزء الثاني

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

( أما بعد : فيا عباد الله  )

هذه الخطبة تتمة للخطبة السابقة ، وهي فوائد مجهولة وسنن مهجورة عن المطر .

( من الفوائد )

لو قال قائل :

لماذا لا ينادى لصلاة الاستسقاء ؟ ولماذا لا يؤذَّن لها ؟

فالجواب عن هذا : أن بعض العلماء قاس صلاة الاستسقاء وقاس صلاة العيد على صلاة الكسوف فقال ينادى لها .

والصواب : أن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم ، وبالتالي فإنه لا ينادى لصلاة الاستسقاء ، لم ؟

لأن شهرتها بإعلان ولي الأمر الناس بأن يخرجوا يوما يكفي عن هذا ، والعيد باشتهاره بدخول الشهر يغني عن أن ينادى لصلاة العيد ( الصلاة جامعة )

ومن فعل هذا من هذه النداءات فإنه يكون قد أحدث في دين الله عز وجل ما ليس منه  .

( ومن الفوائد )

أن السنة إذا رأيت المطر أن تقول هذه الأدعية ، منها :

ما جاء عند البخاري ( اللهم صيِّباً نافعاً )

 

ما معنى ” الصيب ” ؟

الصيب : هو الماء المتدفق المنهمر .

وتقول أيضا : ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه :

( اللهم صيِّباً هنيئاً )

وتقول كما في صحيح مسلم ، تقول في أثناء نزول المطر

( رحمة )

يعني هذا المطر رحمة .

لو قال قائل : هل قول  :

( مُطرنا بفضل الله ورحمته )

أثناء هطول المطر أو بعد توقف المطر ؟

تبويب ابن القيم رحمه الله في ” الوابل الصيب ” يدل على أنك تقول ( مطرنا بفضل الله ورحمته ) أثناء هطول الأمطار ، لكن تبويب النووي رحمه الله في كتاب ” الأذكار ” تبويب واضح من أن قول ( مطرنا بفضل الله ورحمته ) إنما يقال بعد هطول المطر وليس في ثنايا المطر .

والأمر في هذا واسع ، لأن الحديث الوارد هو حديث زيد بن خالد رضي الله عنه كما في الصحيحين أنه قال  :

( صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحدييبة صلاة الصبح على إثر سماء ، فقال صلى الله عليه وسلم هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ فقالوا الله ورسوله أعلم .

فقال صلى الله عليه وسلم : إن الله جل وعلا قال :

” أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال مطرنا بنوء كذا ) يعني بنجم كذا ( فهذا مؤمن بالكواكب كافر بي ، ومن قال مطرنا بفضل الله ورحمته ، فهذا مؤمن بي كافر بالكواكب )

ومن هنا تأتي فائدة :

أن بعضا من الناس قد تمر به سنة ويمر النجم الوسمي فيقول ” مر النجم الوسمي ولم يأتنا مطر “

فليتنبه لمثل هذا اللفظ وما يصحبه من اعتقاد لدى بعض الناس – انتبه – نسبة المطر إلى النجم – سواء النجم الوسمي أم غيره – على ثلاثة أحوال :

الحالة الأولى :

نسبة إيجاد ، بمعنى أنه يقول إذا أتى الوسمي مطرنا ، أن نمطر بالوسمي ، يعني جعل الوسمي موجدا لهذا المطر ، فهذا شرك أكبر بالله عز وجل ، لأنه اعتقد مع الله خالقاً آخر .

الحالة الثانية :

نسبة سبب ، كأن يقول مطرنا بالوسمي باعتبار أن الوسمي سبب في نزول المطر ، وهذا شرك أصغر ، لم ؟

لأنه جعل الوسمي سبباً من أسباب المطر والشرع لم يجعله سبباً .

الحالة الثالثة :

أن يقول ” مطرنا بالوسمي ” ويجب أن يقول ” مطرنا في الوسمي ” فينسب المطر إلى الوسمي باعتبار أنه وقت فقط ، فهذا لا إشكال فيه ، لأنه وقت فقط ولا يلزم من ذلك أن يكون موجدا للمطر ولا يلزم أن يكون الوسمي ينزل فيه المطر بكل حال من الأحوال ، ومرت بنا سنون أتى الوسمي ولم ينزل مطر .

( ومن الفوائد )

أن السنة إذا نزل المطر وهي سنة فعلية :

” أن يخرج شيئا من جسمه ليصبه المطر أول ما ينزل هذا المطر “

لفعله صلى الله عليه وسلم كما في حديث أنس رضي الله عنه ، قال :

( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأصابنا مطر فحسر عن ثوبه )

قال النووي رحمه الله :

” السنة له أن يخرج شيئا من جسده سوى عورته ليصيبه هذا المطر “

وأما حديث :

( إذا سال الوادي قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر به )

فإنه حديث منقطع  .

لكن من حيث الفعل يجوز للإنسان أن يخرج بعد هطول المطر إلى الصحراء ، لما جاء عند أبي  داود من حديث عائشة رضي الله عنها :

( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدو إلى هذه التلاع )

والتلاع هي : مصاب المياه بعد هطول المطر لما تنزل من علو إلى سفل ، فهذه أيضا سنة فعلية .

لو قال قائل :

أيقاس على ذلك غير المطر ، بمعنى أنه لو زادت مياه الأنهار والعيون فهل يتعمد أن يصيب جسمه شيء من هذا الماء الذي زاد من نهر النيل مثلا أو نهر الفرات أو أي عين من العيون ؟

قال بهذا بعض العلماء .

والصواب / أنه لم يرد بذلك سنة ولا أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنقتصر على المطر ، لم ؟

لأن النبي صلى الله عليه وسلم علَّل كما عند مسلم ، قال

( إنه حديث عهد بربه )

( ومن الفوائد )

لو قال قائل : لو كثرت الأمطار وخيف منها فهل نقول ” يا رب أمسك المطر ” ؟

الجواب : لا ، وإنما لنا سنة تسمى بسنة ” الاستصحاء ” ما هي ؟

في الصحيحين لما خيف من المطر  :

( رفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه فقال : اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على الظراب وعلى الآكام وعلى بطون الأودية ومنابت الشجر  )

الظراب : هي الأماكن المرتفعة .

الآكام : الجبال الصغيرة .

لأن تلك المواطن ينفع فيها المطر ، ولا يجوز أن نقول ” احبس يا ربنا المطر ”  أو ” أوقف المطر “

( ومن الفوائد )

هل يقول  هذه الزيادة وهي :

 ” ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به “

قال بذلك بعض العلماء ، والصواب أنه لم يرد في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وما استحسنه بعض العلماء من أنها لو قيلت أحيانا فلا بأس .

فنقول : بل بها بأس ، فيجب أن تقتصر على ما وردت به السنة ، وما في السنة غنية وكفاية عما يأتي به البشر ولو كانوا علماء ، فليس العلماء بمشرعين .

( ومن الفوائد )

لو قال قائل :

 نسمع كثيرا أن الدعاء حال المطر مستجاب ، لكن حال نزول المطر أم يشترط أن أكون تحت المطر ، أي يتساقط علي المطر وأنا أدعو ؟ أم يكفي أن أدعو وأنا في غرفتي والمطر ينزل ؟

نقول : ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند أبي داود :

( ثلاث دعوات قلَّما تُرد ، عند التحام الجيوش ) يعني في المعارك ( وعند النداء ) يعني الأذان ، موضع الشاهد ( ووقت المطر )

أما رواية : ( تحت المطر ) فضعيفة ، فلا يلزم أن تكون تحت المطر ، فلو نزل المطر يسن لي أن أدعو الله عز وجل ولا يلزم أن يصيبني شيء منه .

 

( ومن الفوائد )

أن ابن القيم رحمه الله قال :

” إن المطر كما هو عند السلف والخلف معلوم أن الله جل وعلا يخلقه جل وعلا من الهواء ومن الأبخرة المتصاعدة بإذن الله جل وعلا “

كما خلق الله جل وعلا الإنسان من مادة وهي ” النطفة ” وكما خلق الحب والشجر من مادة النوى .

قال ابن القيم رحمه الله ” ولم يخلق الله شيئا إلا من مادة ” ا.هـ

قلت : يدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كما قالت عائشة رضي الله عنها في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه :

( إذا رأى ناشئاً ) فسماه ( ناشئاً ) لأنه ينشأ من مادة ، والأحاديث في نشوء السحاب والمطر كثيرة جداً .

( ومن الفوائد )

أن هذا السحاب ينطق ونطقه حسن ، ويضحك وضحكه حسن “

قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في المسند ، قال :

( إن الله ينشئ السحاب فينطق أحسن النطق ويضحك أحسن الضحك )

لكن ما نطقه وما ضحكه ؟

قال بعض العلماء :

إن نطقه : ” الرعد “

وإن ضحكه : ” البرق “

 ( ومن الفوائد )

أن الريح إذا أثَّرت فيك وسببت لك أضرارا يحرم عليك أن تسبها ، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما عند الترمذي ( لا تسبوا الريح )

( ومن الفوائد )

أن السنة إذا هبت الرياح أن تقول بعض الأدعية منها :

ما جاء في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها ، أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال :

( اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به )

وفي رواية الترمذي :

( وخير ما أمرت به )

( وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به ) وعند الترمذي ( وشر ما أمرت به )

ومن الأدعية :

أن يقول كما جاء عند ابن السني :

( اللهم لقحاً لا عقيما )

يعني تلقح السحب وتلقح الأشجار ، قال تعالى :

{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ }الحجر22

أما إذا كانت عقيما ، قال تعالى :

{وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ }الذاريات41

ومن الأدعية :

والناس يتناقلونه ويقولونه  ، وهو حديث عند الطبراني :

أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا هبت الريح  :

( ما هبّت الريح إلا جثا على ركبتيه وقال اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا )

هذا الحديث لا يصح ، لأن الريح ليس على سبيل الإطلاق تكون للشر – لا – ولذلك إذا عصفت الريح ماذا يقول ؟

( اللهم إني أسألك خيرها ) وفي المقابل ( وأعوذ بك من شرها ) فدل على أن فيها خيرا وأن فيها شراً ، والله جل علا ذكر ذلك في كتابه ، قال تعالى :

{هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ }يونس22

فوصفها بأنها  { بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ } فدل هذا على أن الريح قد تكون للخير وقد تكون للشر .

ودل على ذلك ما جاء عند البخاري في الأدب المفرد :

( الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب )

إذاً / جملة ( اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا )

هذه لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

 

 

 

 

( ومن الفوائد )

هل سب الريح يسبب الفقر ؟

ورد حديث وفيه :

( أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو إليه الفقر ، فقال صلى الله عليه وسلم لعلك تسب الريح ؟ )

لكن هذا الحديث معضل ، كما قال ابن حجر رحمه الله

والمعضل : هو ما سقط من سنده اثنان من الرواة على وجه التتابع فأكثر  .

بخلاف ” المنقطع ” يمكن أن يسقط منه اثنان أو ثلاثة لكن ليسوا على وجه التتابع .

 

 

( ومن الفوائد )

هل التكبير يطرد الرياح ولاسيما الرياح السوداء ؟

جاء حديث عند ابن السني أن النبي صلى الله عليه وسلم :

( أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة رضي الله عنهم بالتكبير عند العجاج الأسود )

لكنه حديث ضعيف كما قال ابن حجر رحمه الله .

( ومن الفوائد )

أن الريح الشرقية أفضل من الريح الغربية بأمر الله جل وعلا  “

لما جاء في الصحيحين ، قوله صلى الله عليه وسلم :

( نصرت بالصَّبا وأهلكت عاد بالدبور )

الصبا : هي الريح الشرقية ، كان النبي صلى الله عليه وسلم ينصر بها ، إذا أراد أن يغزو فهبت الريح عند الزوال ، كان صلى الله عليه وسلم ينصره الله بها ، فهي سبب .

الدبور : وهي الريح الغربية .

( ومن الفوائد )

ماذا نقول إذا سمعنا صوت الرعد ؟

نقول :

” سبحان من سبَّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته “

كما ثبت ذلك عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في الأدب المفرد عند البخاري .

” وكان رضي الله عنه إذا رعدت فإنه كان يترك الحديث لو كان يحدث الناس “

وأما حديث :

( اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك )

يقول الألباني رحمه الله : هو عند الترمذي وصححه جماعة ، لكن به راويا مجهولا .

إذاً السنة عند سماع قول الرعد أن تقول :

” سبحان من سبَّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته “

( ومن الفوائد )

ما هو الرعد ؟

جاء عند أحمد والترمذي :

( أنه ملك موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب إلى حيث أمره الله )

وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما :

( أن الرعد ملك يسوق السحاب كما يسوق الحادي الإبل بحدائه )

هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفا ، لكن به ” شهر بن حوشب ” وهو رجل ضعيف لسوء حفظه .

( ومن الفوائد )

إذا كان الرعد ملكاً فما هو  الصوت وما هو البرق وما هو الصعق ؟

ذكر الألباني رحمه الله – كما في الصحيحة – وقال ” وهي زيادة حسنة ” قال :

( الصوت الذي يسمع عند زجره السحاب إذا زجر حيث ينتهي إلى حيث أمره الله )

عند الطبراني وهو شاهد – وهو مفصل لهذه الفائدة :

( ملك بيده مخراق إذا رفع برقت ، وإذا زجر رعدت ، وإذا ضرب صعقت )

( ومن الفوائد )

كنت وأنا صغير أسمع كبار السن إذا رأوا السحاب قالوا ” هذه مخيلة ” أو ” مخاييل ” وبعض الناس يقول ” خيال ” على حسب ما كانوا ينطقون به ، كل بلدة لها لهجتها

هل هذا له امتداد بالسنة ؟

نقول : نعم ، ولذلك  عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم ، قالت :

( إن النبي صلى الله عليه وسلم إذا تخيَّلت السماء تغير لونه وأقبل وأدبر )

( تخيلت السماء ) يعني أنشأت سحابا بإذن الله جل وعلا

إذاً لهم في ذلك أصل .

( ومن الفوائد )

أن السحاب ليس في السماء المبنية – لا – السحاب بين السماء والأرض ، كما قال جل وعلا في سورة البقرة .

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }البقرة164

( ومن الفوائد )

أننا تعلما أو عُلمنا أو سمعنا أنك إذا رأيت البرق لا تتبعه بصرك ، يعني لا تنظر إليه ، فهل لذلك أثر ؟ وإذا كان هناك أثر هل فيه قول أو دعاء ؟

جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :

( أُمرنا ألا نتبع أبصارنا الكواكب إذا انقضت  ، وأمرنا أن نقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله )

لكنها آثار ضعيفة ، فليس هناك دليل ، لكن لو أن الإنسان باعتبار أن هذا البرق أو الضوء ربما يؤثر عليه ، فهذا شيء آخر ، لكن كون هذا نبني عليه أنه سنة وأثر ، فإنها آثار ضعيفة لا تصح عنه صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضي الله عنهم .

( ومن الفوائد )

هل يجوز أن نشير إلى المطر ؟ أو هل نهينا عن الإشارة إلى المطر ؟

جاء عند البيقهي مرفوعا :

( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يشار إلى المطر )

ولكنه حديث لا يصح .

وأنا أذكر بعض هذه الأشياء لأن جل الناس الآن معهم هذه الهواتف الذكية ، وهي في الحقيقة ذكية ، لكن نحن اللهم أعلم بحالنا معها ، هل نحن أذكياء أم لا ؟ وكل يصنف نفسه مع هذه الأجهزة ، لما كثرت وكثر ما يبثه أعداء الدين من الداخل والخارج ذكرت هذه التفاصيل .

 

 

( الخطبة الثانية )

أما بعد : فيا عباد الله /

( ومن الفوائد )

هذا المطر إذا تساقط بقوة وبغزارة من أين يتساقط ؟

يتساقط من مكان في السماء يسمى بـ [ المجرة ]

تلك المجرة هي ” شرج السماء ” أو ” باب السماء ” مثل شرج الوادي ، وهو المكان المتسع في الوادي إذا هطلت الأمطار كيف تكون سرعته ، ولذلك هذه المجرة هطول الأمطار التي نزلت بماء متدفق منهمر على قوم نوح نزل منها بإذن  الله جل وعلا ، فهذه المجرة في السماء ،ما الذي ورد فيها ؟

جاء في الأدب المفرد :

( أن عليا رضي الله عنه سئل عن المجرة ؟ فقال هي شرج السماء )

لأن في الأرض شرجاً وهو المكان المتسع من الوادي

قال رضي الله عنه :

( منها فتِّحت السماء بماء منهمر )

وجاء عند البخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح :

( المجرة هي باب السماء الذي تنشق منه )

أما ما جاء من حديث :

( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسل معاذاً إلى اليمن فقال إن سألوك عن المجرة ؟ فقال هي لعاب حية تحت العرش )

فهو حديث منكر ، بل هو موضوع كما قال ابن كثير رحمه الله .

( ومن الفوائد )

” ما يسمى بقوس قزح ” كما يسميه الناس ، الذي به ألوان نراه في السماء .

هذا ما فائدته ؟ وهل يصح أن نسميه بقوس قزح ؟

فائدته : أنه بأمر الله عز وجل ” أمان لأهل الأرض من الغرق “

في الأدب المفرد :

( أن هرقل سأل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، قال : إن كانت النبوة قد بقيت فيكم فإني أسألكم ثلاثة أسئلة ، فأرسل معاوية إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، سأله عن القوس ؟

فقال ابن عباس : هو أمان لأهل الأرض من الغرق بعد نوح .

وسأله عن المجرة ؟

فقال : باب السماء الذي تنشق منه .

وسأله عن البقعة التي لم تصبها شمس ؟

فقال : هي البحر التي فرج لبني إسرائيل )

صححه ابن كثير رحمه الله ، لكن قال الألباني رحمه الله حديث ضعيف

لكن في الأدب المفرد :

( أنه أمان لأهل الأرض )

وصححه الألباني رحمه الله .

لكن لو قال قائل  :

أنقول قوس قزح أم لا ؟

جاء حديث عند أبي نعيم في الحلية ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( لا تقولوا قوس قزح فإن قزح شيطان ، وإنما قولوا قوس عز  ، فهو أمان لأهل الأرض )

هذا الحديث ضعفه جمع من المحققين كالسخاوي رحمه الله ، وكأن البخاري رحمه الله يومئ إلى تضعيفه ، إذاً / قلنا قوس قزح لا إشكال في ذلك ، فالأمر في ذلك واسع لأنه لم يرد حديث ينهى عنه منه صلى الله عليه وسلم .

( ومن الفوائد )

قال ابن قاسم  رحمه الله في حاشية الروض :

” هو من آيات الله جل وعلا ، لكن دعوى بعض العامة أن حمرته إذا غلبت جاءت الفتن ، وأن خضرته إذا غلبت جاء الرخاء ، قال هذا من الهذيان “

بل أقول  : إنه من البدع أن يعتقد الإنسان مثل هذا الاعتقاد .

( ومن الفوائد )

البرد الذي ينزل من أين ينزل ؟

ينزل من جبال من السماء ، قال تعالى :

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ } النور 43 .

إذاً هناك جبال – على أحد قولي المفسرين – أن هذا البرد ينزل من جبال في السماء .

وقال بعض المفسرين : الجبال هنا هي السحاب ، سمي السحب بالجبال لعظمتها .

هذه جملة من الفوائد ، ونحن لسنا بغنى ، لا أنا ولا أنت عن تعلم العلم الشرعي في مثل زمن الفتن الذي كثرت فيه فتن الشهوات وفتن الشبهات ، فلا يسلمك بإذن الله جل وعلا من الزلل إلا العلم الشرعي ، فاحرص عليه ، لا نلهو كثيرا ،القرآن لا يقرأ عند كثير من الناس،  فلنتق الله جل وعلا ، فلم نحصن أنفسنا لا بعبادة وإن أقيمت تلك العبادة لم نقمها على الوجه المطلوب ، ثم في المقابل تلك العبادة التي لا يقيمها بعض الناس هو قد فتح أبواب الشرور عليه عن طريق هذه الأجهزة .

الخاتمة : ……………….