لماذا قتل العمد فيه الدية وليس فيه كفارة ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الناس في القتل لا يفرقون بين الدية ، وبين الكفارة ، الدية متى ما عفا عنها أولياء المقتول سقطت ؛ لأنها حق للمخلوق ، أما الكفارة فلا تسقط أبدا ؛ لأنها حق لله قال تعالى { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا }
لما ذكر الدية قال { إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا } ثم قال بعد ذلك { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ }
فهذه لا تسقط ، الأم لو أسقطت جنينها وهي أمه ، أو أنها نامت على طفلها فمات ، فعليها الدية والكفارة ، الدية إن أسقطها الورثة ورثة هذا الطفل فالدية تسقط لكن الكفارة لا تسقط ؛ لأنها حق لله ، ولذلك الناس لا يفرقون بين قضية الكفارة وبين قضية الدية في القتل
والقتل : هنا المقصود في الكفارة قتل الخطأ وشبه العمد ؛ لوجود الدليل أما العمد فلم يأت دليل ، وهذا هو الصحيح خلافا لمن قال الكفارة تلزم قاتل العمد فلا تلزمه كفارة ، ولذا لو عفا عنه أولياء المقتول ولم ينفذوا فيه حكم القصاص فإنه لا كفارة عليه ؛ لأن ما أتى به من ذنب عمدا لا تكفره الكفارة ، عليه التوبة مثل اليمين الغموس الذي يحلف بالله وهو كاذب هذا ما فيه كفارة ، وخصوصا إذا اقتطع بها حق مال اقتطع بها حق ومال مسلم ولذلك قال تعالى { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً } يعني ما يصدق القتل من مؤمن لمؤمن إلا خطأ عمد هذا شيء شنيع وعظيم
المؤمن الذي يحمل الإيمان الكامل لا يقدم على قتل المؤمن إلا عن طريق الخطا ، ولذلك لما ذكر { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً } ذكر بعدها الآية التي تدل على قتل العمد وما بها من العقوبة الشديدة قال { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } ولم يذكر كفارة
فدل هذا على خطورة زهق الأنفس ، والتي أصبحت في مثل هذا الزمن أصبحت رخصية
نسأل الله السلامة والعافية