ما حكم استعمال العطور التي بها نسبة من الكحول وهل تصح صلاته إذا صلى بها ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالنسبة إلى استخدام هذه العطورات المعاصرة يقولون بها نسبة كحول والكحول خمر ، والله جل وعلا قال عن الخمر { يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ٩٠ }
ومن ثم فقد ذهبت طائفة من أهل العلم تقول إن الخمر نجسة وإذا كانت نجسة على هذا القول فإن ما يستخدمه الإنسان من هذه العطورات قد تلطخ بالنجاسة ، ومن ثم فلا تصح له صلاة ولا يصح له طواف على قول من أقوال العلماء لأنه تلطخ بنجاسة ، ولاشك أن هذا الأمر لو قيل به لما صحت صلاة كثير من المسلمين والمسلمات
ولذلك يستدلون أيضا بقوله تعالى في سورة الإنسان {وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا٢١ }
إذن الشراب الذي في الدنيا ليس بطهور وإنما هو نجس وقد استدل بهذه الآية الشنقيطي في كتابه أضواء البيان
فالصحيح : أن الخمر ليست نجسة ولا يجوز شربها ، محرم شربها كما هو معلوم لكن هل هي نجسة العين أم طاهرة ؟
طاهرة العين لو وقعت على الثوب وصلى به الإنسان فصلاته صحيحة والدليل على هذا :
أن النبي صلى الله عليه وسلم أراق الخمر في طرق المدينة
ولو كانت نجسة لما أمر بذلك ، لم ؟
لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن إلقاء الأذى في الطرقات وقال كما عند مسلم ( اتقوا اللاعنين قالوا وما اللاعنان يا رسول الله ؟ قال الذي يتخلى في طريق الناس أو في ظلهم )
لكن أصحاب القول الآخر يقولون : إنما فعل ذلك لمصلحة من أجل أن يظهر للناس ماذا ؟ حرمة الخمر
ولكن يجاب عن هذا القول من أنه عليه الصلاة والسلام يكفي في ذلك في تحريم الخمر يكفي في ذلك أن ينشر قوله
وأيضا : سكب هذه الخمور بهذه الكثرة قد يحصل الانتشار والإظهار بإراقتها بقلة في مواطن معينة وفي أماكن معينة فدل هذا على أنها لو كانت نجسة لما أمر بأن تراق في طرق المدينة
وأما قوله تعالى { يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ }
هنا : الرجسية المعنوية ليست الحسية ، ولذلك قرن معها وإن كان دليل الاقتران ليس دليلا مطردا على أنه يستدل به قرن معها ماذا ؟
الميسر والأنصاب ومع ذلك هذه ليست بنجسة الحس وليست بنجسة العين
وأما قوله { وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا } فأين الدليل على أن المقصود فقط الخمر ؟
ليس المقصود ، فلا يدل على تخصيص الشراب من أنه هو الخمر ، فكل شراب أهل الحنة طهور
ولذلك : هذه الآية تبينها الآية الأخرى قوله تعالى :
{ مَّثَلُ ٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلۡمُتَّقُونَۖ فِيهَآ أَنۡهَٰرٞ مِّن مَّآءٍ غَيۡرِ ءَاسِنٖ } هذه طهورية أيضا { وَأَنۡهَٰرٞ مِّن لَّبَنٖ لَّمۡ يَتَغَيَّرۡ طَعۡمُهُۥ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ خَمۡرٖ لَّذَّةٖ لِّلشَّٰرِبِينَ وَأَنۡهَٰرٞ مِّنۡ عَسَلٖ مُّصَفّٗىۖ }
ولا يستدل بهذه الآية لأنه ليس فيها دليل صريح بأن الخمر نجسة العين
ومن ثم فإن من تعطر بهذه العطورات إن كان لم يبق فيها شيء أبدا ، يعني استحالت نسبة انتهت ليس فيها شيء وضع فيها شيء لكنها انتهت فكما سلف النجاسة استحالت وذهبت فلا إشكال في ذلك لكن إن بقيت بها نسبة نسبة من الكحول موجودة فيها فالصحيح أن الصلاة صحيحة
لكن من أراد أن يتورع فله ذلك ، فله ذلك لكن أن يمنع الناس ولاسيما لو قيل بهذا لو قيل بهذا فاللعنة لمن شرى هذا العطر ستكون على غالبية أفراد المجتمع
النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عنه ( لعن في الخمر عشرة شاربها وحاملها والمحمولة إليه … ) حاملها يعني من يشتري كزوج أو ابن
والمحمولة إليه مثل المرأة مثل الأب يدخلون في هذه اللعنة
فالشاهد من هذا :
أن من اراد أن يتورع فله ذلك لكن أن يضيق على الناس من غير دليل صريح صحيح فلا
أما بالنسبة إلى حديث أبي ثعلبة لما سألوا النبي عليه الصلاة والسلام من أنهم بدار قوم يشربون الخمور في أوانيهم أفيستخدمونها ؟
فقال عليه الصلاة والسلام : ( لا ، إلا ألا تجدوا غيرها فاغسلوها )
ليس معنى ذلك لكونها نجسة ، لا ، لأنه لو أكلوا فيها أو شربوا فيها سيأكلون ويشربون ما خلط به خمر ، فالنهي هنا من أجل التعاطي لا من أجل النجاسة ، من أجل حرمة الخمر وما يأكلونه من خنزير
ولذلك : كما سبق لا يجوز شربها سواء كانت هذه الخمر مستقلة أو أنها مضافة إلى شيء آخر كعجين ونحو ذلك أو طعام فلا يجوز .